الفصل الخامس عشر:

5.1K 103 6
                                    


كان يحتل مقود السيارة بغضب جامح يحتل كل أنش بجسده ضاعف من سرعته حتى كاد ان يرتكب عدة حوادث وسط ابواق السيارات من حوله وهى تراقبه باعصاب مشدودة احتدت ملامحه بشكل مخيف وهو يشعر بتلك الغصة المؤلمة بحلقه عندما لاحت بمخيلته تلك الفكرة القاسية بفقدانه فما يخشاه منذ امد الدهر قد حدث  فهو من اقنع نفسه ان بابعاده عن دربه المظلم سيضمن له شتى اشكال الحماية ولكن هيهات لذلك القدر لا هذا لن يحدث فهو لن يسمح بذلك هو لن يفقده ضرب المقود بقبضته بعنف بعد ان توقف اجبارياً نتيجة لذلك الزحام تخشب جسده لبرهة حينما انزلقت تلك الكلمات المطمئنة من بين شفاها وهى تحتضن كفه بيدها مرددة بنبرة حانية: متقلقش حيبقى     كويس                                                                                                                                             
رجفة قوية اصابت جسده عقب ان اخترقت بكلماتها البسيطة جدار قلبه وكأن لكلماتها طابع خاص بثت الطمئنية بداخله لتسلب عقله بجدارة زجره عقله بقسوة ان يتخطى تلك المشاعر الهوجاء التي باتت تغزو قلبه بلا رحمة بمجرد رؤيتها ليرغم نفسه على تجاهلها ادار مقود السياره وهو يمنى نفسه ان تصدق كلماتها
صف سيارته امام ذلك المبنى محدثا صوتاً مرتفع اثر احتكاك العجلات بالأرض ليترجل منها بسرعة ليندفع الى الداخل بخطوات غاضبة لتتبعه هي بوجه شاحب والزعر جلى على قسمات وجهها وطأ بقدميه الى المكتب الادارى بهيئته القاسية دون استئذان ليهب المدير من مقعده ينهره بانفعال طفيف احتدت نظراته بشكل مخيف قبل ان يندفع نحوه جاذباً اياه من تلاتيب حلته ذات اللون البنى صائحاً بانفعال غاضب: انا عايز اعرف اخويا فين يعنى ايه يختفى من وسطكم وانتم مش داريانين دانا حخرب بيتكم
كان يرتجف بين يديه يجدحه بتلك النظرات المذعورة عقب ان تفاجأ بفعلته تلك يحاول انتقاء كلماته بعناية خوفاً من بطش ذلك الهمجى الواقف قبالته استعاد رباطة جأشه ليستطرد قائلاً بحدة طفيفة وهو يحاول باستماته التخلص من قبضته تلك: ايه الجنان اللى بيحصل ده يا فندم عيب كدة انت في حضانة ليها سمعتها مش في الشارع وقبل متتخانق اسأل ايه اللى حصل بدل مانت داخل تتهجم عليا انا راجل ليا مركزى ومش ممكن اسكت عن التهريج اللى بيحصل ده نادر اطلب الامن
اشتعلت عيناه بتلك النيران المتأججة عقب ان صرح بهذا وكأن بكلماته تلك قد جذب فتيل براكين غضبه فهو داغر زيدان دون سواه لم ولن يغفر لمن يتجرأ على مهاتفته بهذا الشكل ليدفعه بقسوة نحو الحائط من خلفه وهو يصيح باهتياج: انت لسة شوفت جنان دانا حوديكم في ستين داهية انا اخويا لو مظهرش قدامى دلوقتى حالاً مش حيكفينى فيه عمركم والحضانة دى حتتقفل من بكرة وانا اللى حتكفل بالموضوع ده بنفسى وانت لو منطقتش دلوقتى بكل اللى حصل انا حقتلك انت فاهم
ارتعد جسده بزعر وقد اتسعت عيناه دون استيعاب بعدما استمع الى تلك الكلمات المهددة ابتلع ريقه بصعوبة مرددأ بنبرة مرتجفة: طب ممكن حضرتك تقعد عشان افهمك ايه اللى حصل ارجوك 
ارخى قبضته عنه وظل محدقاً به بملامح متهجمة والشرر ينبثق من عيناه ليستطرد قائلا بصرامة: اخلص
ابتلع المدير ريقه بتوتر في محاولة لاستجماع رباطة جأشه قبل ان يتشدق قائلا: الحكاية كلها ان اخو حضرتك اتخانق مع زمايله في الحضانه وضربهم ودى مش اول مرة تحصل حصلت قبل كدة كتير من الواضح ان تميم عنده مشاكل نفسيه هي اللى نتج عنها السلوك ده تصرفاته دايما عنيفه مع اللى حواليه مبيحبش يختلط بزمايله والمدرسين حاولو معاه كتير انهم يعرفو ايه السبب بس للأسف كان دايما بتيجى بنتيجة سلبية واحنا حاولنا نتواصل مع حضرتك كتير عن طريق الايميل والتليفونات وحضرتك اللى مكنتش بترد والنهاردة فجأه لقيناه ثارعلى زمايله وعلى الميس بتاعته بعد مضرب اغلب زمايله وطلع يجرى من الفصل حاولنا نلحقه بس للأسف معرفناش
تبلد جسده بصدمة بعدما أصغى الى كلماته التي كانت بمثابة الوتد الذى انغرس بداخل قلبه بلا شفقة فهو لم يدرك فداحه فعلته سوى الان وما اصعب تلك اللحظة تساؤلات عديده تجول بخاطره والاجابة واحدة فهو وحده من اوصله الى تلك الحالة معللاً بذلك ان بابعاده سيضمن له الحماية من براثن ذلك الثأر ليس الا ولكن عذراً فذلك ليس بسبب تضاعفت نبضات قلبه بعنف بعد ان ادرك لامحالة بأن كل شيء بات يتلاشى من حوله مسح على شعره بعنف وتلك الرغبة المتتأججة التي تدفع به الى الانهيار تتضاعف بداخله اجفله من شروده طرقات خافتة على باب المكتب يعقبه ولوج الحارس بانفاس لاهثة وهو يستطرد قائلا بلهفة: لقينا تميم ياحضرة المدير 
انتصب من مكانه بلهفة قبل ان يخطو بخطواته نحوه ليستطرد يسأله بانفعال: لقيتوه فين انطق
اجابه الحارس بنبرة متلعثمة بعد ان اصطدم بهيئته تلك: لقيناه في الجنينة المهجورة اللى ورا الحضانه مع الانسة اللى جت مع حضرتك
استرخت اعصابه بمجرد ان استطرد بذلك ومالبث ان اعتلى وجهه تلك الابتسامة الخافتة بعدما ادرك ماتفوه به فهو حقاً لم يلحظ اختفائها سوى الان مسح على وجهه ببطئ في محاولة يائسة منه لكى ينفض ذلك الشعورالذى يتأجج بداخله قبل ان يخطو بخطوات راكضة نحو الخارج
(على الجانب الاخر)
كانت جالسة بجانبه على ذلك المقعد الخشبى المثبت بالارضية ترمقه بتلك النظرات الخاطفة وهو منكس برأسه فهى بمجرد ان طأت بقدميها الى المكان وهى تطرح العديد من التساؤلات على الأطفال حتى أشار اليها احدى الأطفال في اتجاه تلك الحديقة المهجورة لتندفع دون تردد باتجاهها لتتنهد براحة بمجرد رؤيتها له تنحنحت بهدوء لتقطع ذلك الصمت مرددة بهدوء وهى تشير بسبباتها نحو تلك الكدمات التي تملئ وجهه: ايه اللى عمل في وشك كدة
رفع انظاره اليها يجدحها بسخرية قبل ان يتشدق قائلاً: اسمالله عليكى انتى مش شايفه نفسك ولا ايه
تنحنحت هي بحرج قبل ان تستطرد حديثها قائلة : ايه الاحراج ده على فكرة بقا انا اللى سألت الأول ها مين عمل في وشك كدة
صمت لوهلة في محاولة يائسة منه ان يسيطر على نبرته المختنقة مردداً بخفوت: اتخانقت مع زمايلى في الفصل
عقدت حاجبيها بحيرة قبل ان تستطرد تسأله بهدوء يشوبه الدهشة: طب ممكن اعرف اتخانقت ليه
ترقرقت الدموع بمقلتيه رغماً عنه وهو يسترسل قائلاً بألم: دايما بيضايقونى بكلامهم وبيفضلو يتكلمو قدامى عن بباهم ومامتهم عشان عارفين انى معنديش اب وام زيهم حتى داغر مبيحبنيش انتى بنفسك شوفتى معاملته ليا عاملة ازاى والنهاردة قعدوا يعايرونى ان اخويا مرضاش يجى معايا يوم الحفلة وبعت معايا عمار بداله هما قالولى انه بيكرهنى عشان انا وحش بس انا بحاول مبقاش وحش بقيت بلبس زيه عشان ابقى حلو شبهه وبتكلم بطريقة كلامه عشان اعجبه وميبقاش شايفنى وحش بس برضو محبنيش انتى عارفة انى بخاف اعيط عشان عارف انه لو شافنى حيزعقلى وحيحبسنى في الاوضة زى كل مرة انا مش زعلان منه على فكرة انا عارف ان ده طبعه بس انا نفسى العب ويبقى ليا صحاب واقضى يوم الاجازة مع اخويا ونتبسط سوا نفسى احس انى مش لوحدى تفتكرى في امل
بترت حديثه عندما جذبته اليها بقوة لتضمه الى احضانها وهى تطبع قبلة خافتة فوق جبينه والدموع تنساب رغما عنها لتستطرد قائلة بحزن وهى تمسد على شعره بحنان: انت مش وحش ياتميم انت احلى حاجة ممكن تحصل لاى حد هو اكيد مبيبقاش قاصد يعمل كدة انت مشوفتش اول مجاله خبر اختفائك عمل ايه كان حيعمل حادثة كذا مرة عشان يوصلك انا اول مرة اشوف نظرة الخوف دى في عنيه والخوف ده خلانى متأكدة ان اخوك بيحبك اكتر من اى حاجة في الدنيا يعنى مش الهدوم ولا تقليدك لطريقة كلامه هي اللى حتخليه يحبك اخوك بيحبك زى مانت فاهم طب انت عارف انى كنت زيك وانا صغيرة    
هدأت شهقات الصغير تدريجياً عقب ان تفوهت بذلك وبدا وجهه كعلامات استفهام لتومئ هي برأسها لستطرد مكملة حديثها بنبرة يشوبها الالم: مكنش في حد بيحب يلعب معايا اصل الدكتور دايماً كان بيمنعنى عشان قلبى كان تعبان وانا كنت بزعل زيك كدة كنت بتمنى ان يبقى عندى أصحاب واقدر العب براحتى واروح الملاهى في اى وقت زى مانا عايزة بس للأسف مكانش ينفع وصلت لفترة انى مكنتش بروح المدرسة بسبب كدة عشان محسش انى اقل من حد لغاية مجه يوم واتحقق جزء من احلامى اخيراَ بقا ليا صاحبة هي اسمها فريدة بس انا دايما بقولها ياديدا مكنتش مصدقة ساعتها ان ممكن حد يحبنى وانا كدة عارف ايه السبب اللى خلانا أصحاب لغاية دلوقتى انى لقيتها بتعمل اى حاجة عشان تحسسنى ان مفيش فرق بينى وبين اى حد كانت بتقعد معايا في الفسحة وبترفض تلعب مع بقيت العيال عشان متسبنيش لوحدى بس انت ظروفك احسن منى تقدر تلعب وتجرى وتتنطط وتروح الملاهى ومن النهاردة حنقضيها لعب وخروج وتنطيط وحنروح الملاهى كمان تقدر تقول كدة انى حعوض طفولتى معاك ها ايه رأيك
ارتمى الصغير داخل احضانها بفرحة عارمة دون تردد قبل ان يصيح بفرحة طفولية: انتى بتتكلمى بجد يعنى انتى خلاص بقيتى صاحبتى وحتلعبى معايا طب يلا يلا بسرعة عشان نروح الملاهى بقا
صدعت ضحكاتها بالارجاء لتستطرد قائلة من بين ضحكاتها وهى تربت على خصلاته بحنان: طبعاً بقينا صحاب وصحاب جامدين اوى كمان استنى بس لغاية منشوف اخوك حيعمل فينا ايه واحنا حنطلع جرى على الملاهى مبسوط كدة
استطرد قائلاً بفرحة وابتسامه واسعة ترتسم على محياه: طبعاً مبسوط بس ربنا يستر من اللى داغر حيعمله
تخشب جسده بصدمة واتسعت عيناه دون استيعاب عقب ان صرح بهذا فهو بمجرد ان وطأ بقدميه الى المكان ومالبث ان هاجمته تلك الرغبة بالاختباء خلف احدى الأركان كى يسترق السمع الى حديثهم مشاعر مبعثرة الى اقصى حد تهاجمه عقب ان استمع الى تلك الكلمات التي تتسرب من افواهم التي لم تكن سوى جزء لايتجزأ من معاناته خارت قواه بصدمة جلية على ملامحه يشعر وكأن ثقلا يهبط على صدره لملم أشلاء قلبه التي تمزقت للتو ليستعيد قواه المنتزعة قبل ان يخطو بخطواته في اتجاههم قبل ان يستطرد صائحا بنبرة متلهفة: تميم
انتفض من بين احضانها يجدحه بتلك النظرات المزعورة خوفاً من براثن غضبه لتجحظ عيناه بزهول حينما جذبه اليه بلهفة ليحتويه باحضانه مردداً بلوعة: حرام عليك ياتميم حرام عليك انا قلبى كان حيقف لما بلغونى انك اختفيت اوعى تكررها تانى انت فاهم اوعى الحضانة دى انت مش حتعتبها تانى خلاص انا مش حتحمل ان الموقف ده يتكرر تانى
لمعت عيناه بفرحة مردداً بدهشة طفولية وهو مايزال يتشبث به اكثر وكل مايلوح بمخيلته ان يختبئ من ذلك العالم به: هو انت بجد كنت خايف عليا
شدد من احتضانه له وهو يطبع قبلة حانيه فوق جبينه مردداً بلوعة: طبعا خوفت عليك هو انا عندى كام تميم يعنى حقك عليا انا عارف انى كنت بعاملك وحش بس والله انا كنت خايف عليك وشايف ان بالطريقة دى حقدر احميك انت لو تعرف انا بخاف عليك اد ايه مكنتش حتقول كدة انا عمرى مخوفت في حياتى زى مخوفت النهاردة لما حسيت انى ممكن اخسرك
استطرد قائلاً بفرحة عارمة: انا مش مصدق نفسى ربنا ميحرمنيش منك ابداً يارب انا بحبك اوى ياداغر بحبك اد الدنيا يعنى انت خلاص موافق انى اروح انا وكارما الملاهى
رفع ببصره اليها يرمقها بتلك النظرات المتفحصة التي اربكتها وتلك الابتسامة المتلاعبة تتراقص على شفتيه: طبعاً موافق دانا كمان حروح معاكم ولا ممكن كارما تكون مش عايزانى معاكم
ابتعد عن احضانه قبل ان يندفع نحوها مردداً بلهفة وهو يتشبث بإحدى ذراعيها: لا كارما اكيد موافقة مش انتى موافقة ياكارما صح قوليلو يلا
تأرجحت نظراتها بينهم لتفرك كفيها بتوتر وهى ترى نظرات ذلك الداغر الغامضة التي تطرأ عليها لأول مرة تنحنحت بحرج وهى تشعر بتلك الدغدغة اسفل معدتها قبل ان تستطرد قائلة بخفوت: لا معنديش مانع ياحبيبى يلا بينا
لم يستطع إخفاء نظرة الاعجاب الواضحة بداخل عيناه على خجلها الواضح للعيان ضحك بسلاسة وهو يسترسل بتلك النبرة المتلاعبة:
مالك ياكارما متوترة كدة ليه في حاجة
نظرت له شزراً وهى تجيبه باقتضاب: لا مفيش حاجة حيكون مالى يعنى
بتر حديثهم رنين هاتفه وقعت انظاره على اسم مكتب عمار يتوسط الشاشة رمقها بتلك النظرات المتلاعبة قبل ان يجيبه بهدوء: ايوة ياعمار.... معلش كان في حاجات كدة حصلت حبقى اقولك عليها بعدين.... لا انا مش حاجى الشركة النهاردة اصلى رايح الملاهى النهاردة انا وكارما وتميم تحب تيجى معانا ..... اه ملاهى ياعمار في ايه حرام اروح الملاهى ..... اه كارما معايا ماهى خلاص رجعت الشغل .... شوف نفسك بقا جاى ولا لا... يلا سلام
(بمكتب عمار)
جحظت عيناه بزهول وتجمد جسده بصدمة عقب ان انهى معه المكالمة كانت الحيرة جلية على قسمات وجهه مردداً بدهشة: رايح الملاهى هو وكارما وتميم هو ايه اللى حصل في الدنيا لا من الواضح ان في حاجات كتير فايتانى
(بصباح اليوم التالى)
(بمكتب داغر)
كان يجلس على مقعده باريحية شديدة وهو يلوى فمه بضجر من تساؤلات عمار التي لا تنتهى منذ ان وطأ بقدميه الى داخل الشركة
استطرد عمار يسأله باقتضاب وهو يضغط على اسنانه بقوة: يعنى انت وكارما وتميم كنتوا في الملاهى امبارح انت داغر زيدان كنت في الملاهى وكارما كمان كانت معاك هي وتميم وكارما رجعت الشغل لا وانا ايه اللى يخلينى استغرب اذا كانت كارما رجعت الشغل بعد كل اللى حصل انت بتشتغلنى صح لا مانا لازم افهم تيجى ازاى دى
تأفف بضجر قبل ان يستطرد يجيبه بضيق: ايوة ياعمار روحت الملاهى انا وكارما وتميم وأول مخلصنا وصلناها لغاية بيتها ومشينا فيها حاجة دى وايوة كارما رجعت الشغل في أسئلة تانية ولا خلاص خلصنا
نظر اليه شزراً ليستطرد قائلا باقتضاب: لا معنديش اسألة تانية انا مبقتش فاهم اى حاجة اساساً
استطرد قائلاً ببرود اثار استفزازه وهو يضرب بقلمه على سطح المكتب بضربات متزامنة: مش مهم خليك مش فاهم حاجة المهم انا حسافر الغردقة انا وكارما كمان أسبوع عشان نقابل الفوج اللى حيوصل
عقد حاجبيه بحيرة وهو يجدحه بتلك النظرات الثاقبة: ومال كارما بسفرية الغردقة وانت من امتى أصلا بتستقبل اى فوج بنفسك غريبة دى
تأفف بضجر قبل ان يستطرد حديثه بضيق: ده مش اى فوج ياعمار دول أصحاب اكبر شركات سياحية في الشرق الأوسط وبعدين هما اللى طلبوا كدة عايزين حد ينظملهم الرحلة بتاعتهم ويعملهم بروجرام طول مدة اقامتهم هناك ده شرطهم عشان يمضوا العقد واظن كارما سكرتيرتى والمفروض تتواجد معايا في اى صفقة تخص الشغل امال مين اللى حيعمل البروجرام
تهجمت ملامحه قبل ان يستطرد قائلاً بتهكم: هي كارما دى المرمطون بتاعك وانا معرفش الشغل ده ليه ناس متخصصة ارحم البت شوية
استطرد حديثه ببرود: اظن الموضوع ده ميخصكش ياعمار كارما تبقى سكرتيرتى انا والمفروض تنفذ اى طلب يتطلب منها ولا ايه
تأفف عمار بضيق ليستطرد قائلاً بتهكم واضح: براحتك ياداغر كالعادة اللى في دماغك في دماغك وانت من امتى بتسمع لحد اساساً
بتر حديثهم طرقات خافتة على باب المكتب يعقبه دخول كارما وتلك الابتسامة الخافتة ترتسم على محياها: صباح الخير يامستر داغر صباح الخير يامستر عمار ايه اخبارك عامل ايه
غمز لها عمار بطرف عينه مردداً بشقاوة: صباح الجمال ياكارما ايوة كدة الشمس رجعت تنور الشركة من تانى انا لغاية دلوقتى مش مصدق انك رجعتى الشركة
تأرجحت نظراتها بينهم لتلمع عيناه بمكر وهى تستطرد قائلة بهدوء: اعمل ايه بس يامستر عمار مستر داغر هو اللى فضل بتحايل عليا ارجع الشركة بعد ماعتزرلى بصراحة اتكسفت احرجه ومقدرتش أقوله لا
اظلمت عيناه بشكل مخيف عقب ان استمع الى كلمات عمار المتغزلة بها ليستطرد صائحاً باهتياج لا يعرف سببه: انا اتحايلت عليكى انتى طب عشان لسانك ده اللى عايز قطعه جهزى نفسك عشان حتسافرى معايا الأسبوع الجاى الغردقة عشان في فوج مهم حيوصل خلى بالك دول أصحاب اكبر شركات سياحة في الشرط الأوسط يعنى الغلطة بموتك عايزك بقا تجهزيلى بروجرام مختلف طول مدة اقامتهم هناك مش انتى بتقولى ان الشغل لعبتك يلا ورينى شغلك
جحظت عيناها بذلك عقب ان استمعت الى كلماته تلك لتردف بدهشة : بروجرام ايه ده اللى اجهزه حضرتك انا كل شغلى ادارى انا مبفهمش انا بالكلام ده وبعدين اسافر ازاى يعنى انا مالى انا ومال الكلام ده ايه التدبيسة السودة دى بس ياربى
استدار بمقعده ليوليها ظهره قبل ان يستطرد قائلاً ببرود اثار حنقها: مش عايز اسمع صوتك مش اانتى اللى قولتى انى اتحايلت عليكى عشان ترجعى الشركة يلا اطلعى برة ياقطة عشان تلحقى تجهزى البروجرام وتجهزى نفسك للسفر يلا ياماما برة يلا
خطت بخطواتها نحو الخارج وهى تتمتم بكلمات غاضبة غير مفهومة لتستمع الى صوته الغاضب: بتقولى ايه سمعينى صوتك كدة
جزت على اسنانها بغضب مرددة بعناد قبل ان تصفق الباب من خلفها بقوة: بكح فيها حاجة دى ولا حتمنعنى من دى كمان
صدعت ضحكات عمار بالارجاء ليستطرد قائلاً من بين ضحكاته: دمها زى العسل
تهجمت ملامحه بشكل مخيف قبل ان يزجره بنبرة منفعله: عمار
رفع يداه معلنا استسلامه مردداً بنبرة مرحة: خلاص خلاص انا خارج قبل متقتلنى
صدع رنين هاتفه وقعت انظاره على اسم كبير الأطباء بتلك المشفى الملحق بها ذلك الراوى يتوسط الشاشة تأفف بضجر قبل ان يجيبه  احتدت نظراته بشكل قاسى عقب ان استمع الى كلماته تلك  : انا جاى حالاً

رواية حطام الداغرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن