الفصل الثانى والعشرون

3.9K 91 2
                                    


عجز لوهلة عن إخفاء ذلك الشعور بالوجوم الذي أصابه عقب ان اصطدم بها امامه اخذ يرمش باهدابه عدة مرات لاستيعاب تلك الفاجعة المتجسده امام ناظريه ومالبث ان تقهقر بجسده الى الخلف ليجلس على ذلك المقعد ببهوت تلبسه وهو ينتزع رابطه عنقه في عنف بعد ان شعر بحاجته الى الهواء وسرعان ما سحب نفسه من بين زوبعة ذلك الشعور حينما اخترقت كلماتها المستهزئة اذانه: مستر فهد حضرتك كويس تحب اجيبلك عصير
تحشرج صوته ليستطرد قائلاً ببهوت وهو لايزال يرمقها بتلك النظرات المدهوشة: ها لا شكرا ياانسة انا بس حاسس انى تعبان شوية
تقوس ثغر عمار بتلك الابتسامة الساخرة المليئة بالتشفى وهو يتأرجح على مقعده قبل ان يستطرد قائلاً ببرود ونظراته المزدردة لا تزال تزال مسلطة على ذلك الهاشم: ألف سلامة عليك يامستر فهد طب لو حابب نأجل الاجتماع مفيش مشكلة
تأرجحت نظرات ذلك الداغر الحائرة بينهم ليستطرد قائلاً بعملية شديدة وهو يتراجع على مقعده بأريحية: اه طبعاً مفيش مشكلة لو حاسس إنك تعبان وعايزنا نأجل الاجتماع عشان ترتاح تمام وكارما حتبقى تنسق مع سكرتيرتك ميعاد تانى عشان نمضي العقود
ظل ذلك الهاشم متيبساً على وضعيته تلك يشعر بجفاف شديد يجتاح حلقه وكأن قدرته على الاستيعاب قد شلت ومالبث ان اجفله كلمات عمار المتحدية التي ادمت قلبه دون رحمة: واهو بالمرة برضو ياداغر تلحق المؤتمر الصحفى انت وكارما ده خلاص مفاضلش عليه غير ساعة
ابتلع تلك الغصة المؤلمة بحلقه ليستطرد قائلاً بصوت أجش وهو يأرجح نظراته بينهما في شك: مؤتمر ايه ده اللى بتتكلموا عليه
ومالبث ان استطردت هي قائلة بتلك النبرة الواثقة وهى تخطو بخطواتها نحو ذلك الداغر لتقف بجواره واضعة احدى يداها على كتفه في فخر ونظراتها الجامدة لا تزال مسلطة نحو ذلك الهاشم: ده المؤتمر اللى حنعلن فيه خطوبتنا أصل داغر بقا أصر انه يعلن عنها ادام الناس كلها خصوصاً بعد الاخبار اللى اتنشرت في الجرايد
خارت قواه بصدمة جلية على قسمات وجهه بمجرد ان تفوهت بذلك أغمض جفونه في عنف قبل ان يستعاد رباطة جأشه ليستطرد قائلاً ببهوت ونظراته الخاوية تتأرجح بينهم قبل ان ينهض على مقعده وهو يغلق ازرار حلته الحالكة: اها عموماً ألف مبروك مقدماً بعد إذنكم بقا انا حستأذن دلوقتى وان شاء الله حخلى سكرتيرتى تتفق معاكى يا أنسة كارما عشان نمضي العقود
نهض الأخير عن مقعده ليصافحه مردداً بعملية وهو يرمقها بتلك النظرة الخاطفة: الله يبارك فيك يامستر فهد وألف سلامة على حضرتك طبعاً ان شاء الله المرة الجاية حتلاقى كل حاجة جاهزة خلاص على الإمضاء
استطرد الأخير حديثه مردداً بعملية وهو يلقى عليها ببصره قبل ان يخطو بخطواته المتثاقلة نحو الخارج: ان شاء الله يامستر داغر بعد اذنكم وألف مبروك مرة تانية على الخطوبة
ظل عمار يتابعه بعينان حادتين الى ان اختفى عن ناظريه ليستطرد قائلاً بنبرة يملؤها الضيق: ياساتر أخيراً غار
مسح الأخير على وجهه في ضيق قبل ان يستطرد حديثه مردداً بضجر: عمار هو انت بينك وبينه تار وانا معرفش مالك يابنى رافضه كدة ليه دا الراجل كل ورقه سليم والمحامين كلهم أكدوا ده كرهه ليه انت بقا
اخرج تنهيدة حارقة توحى بمدى غضبه قبل ان يخطو بخطواته تجاه الخارج مردداً بنبرة ضيق: مفيش حاجة ياداغر مفيش حاجة بعد اذنكم بقا انا حروح اشوف شغلى
شردت هي للحظات وهي تتابعه بنظراتها الثاقبة الى ان اختفى عن ناظريها فلوهلة قد أصابتها الشكوك من غضب ذلك العمار الغير مبرر بالمرة لتجحظ عيناها بصدمة جلية على قسمات وجهها بمجرد ان اخترقت تلك الفكرة الصاعقة جدار عقلها ايعقل ان تكون له يد في ذلك ومالبث ان عقدت ذراعيها بتحفز وقد احتدت نظراتها بحدة فهى قد حسمت أمرها بأن تتحرى عن ذلك وسرعان ما انتفضت في موضعها في ذعر حتى كادت ان تفلت منها تلك الشهقة الصارخة عقب ان اصطدمت به يقف امامها منذ البداية وهو يعقد مابين حاجبيه في تحفز ابتعلت هي ريقها الهارب بصعوبة لتستطرد قائلة بتلك النبرة المرتجفة: انت واقفلى كدة ليه انت كمان في ايه
استطرد حديثه مردداً بإستنكار وهو يخطو خطوه نحوها لتتراجع هي بخوف: سمعينى بقا كدة كنتى بتقولى ايه اااه أصل داغر بقا أصر انه يعلن عنها ادام الناس كلها ايه انتى مش كنتى رافضة الموضوع من أصله ووافقتى عليه بالعافية ايه التغير ده بقا ولا الموضوع بقا جاى على هواكى
خارت قواها بصدمة جلية عقب ان أدركت عواقب فعلتها تلك ومالبث ان استعادة رباطة جأشها لتستطرد حديثها مرددة بجمود مصطنع: هي مين دي ياعمنا اللي الموضوع جه على هواها لا دانت خيالك راح لبعيد اوي انا عملت كدة بس عشان اثبتلهم اننا مخطوبين بجد ولا انت يعنى عايزهم يشكو فينا ولا ايه
تقوس ثغره بتلك الابتسامة المتلاعبة قبل ان يخطو خطوة أخرى نحوها لتتراجع هي بدورها حتى كادت أن تتعثر لولا يداه التي طوقت بخصرها لترتطم بصدره الصلب مردداً بنبرة مرحة وهو يغمز لها بطرف عينه: تثبتلهم ااااه ماشى حعمل نفسي مصدق مع أنى عارف ان ده مش السبب الحقيقى
تخضب وجهها بالحمرة القانية قبل ان تستطرد حديثها مرددة بضعف وهي تخفض برأسها لتتهرب من نظراته العابسة تلك التي باتت تربكها بشدة: على فكرة بقا عيب كدة لو أى حد دخل دلوقتى حيبقى الوضع مش لطيف لو سمحت ابعد شوية
تأملها لبرهة قبل ان يفلتها من بين يداه مردداً بشقاوة وتلك الابتسامة المتلاعبة لا تزال ترتسم على محياه: ادينى بعدت اهو ياستى مع ان المفروض يعنى ياكارما تبقى اخدتى على الوضع دى حتى مش اول مرة يعنى ولا نسيتى
فغرت فاهها بزهول وقد اكتست وجنتيها بالحمرة القانية لتستطرد هاتفة بحدة يشوبها الخجل قبل ان تخطو بخطواتها تجاه الخارج: على فكرة بقا انت قليل الادب
صدعت ضحكاته بالارجاء من خجلها الواضح للعيان وهو يتابعها بعيناه حتى اختفت عن ناظريه صافعة ذلك الباب من خلفها في عنف ومالبث ان تدارك نفسه ليستطرد صائحاً بنبرة عالية بعض الشئ من وسط ضحكاته: متنسيش تحدديلى ميعاد مع مامتك طيب ياخطيبتى العزيزة
طلت هي من خلف الباب مرة أخرى لتستطرد قائلة بضيق وهي تقضب ملامحها في غيظ قبل ان تصفع الباب من خلفها: مستفز
تعالت ضحكاته بالارجاء من غضب تلك الصغيرة الطفولى الذي بات يعتاد عليه مردداً بشقاوة تلبسته حديثاً: مش أكتر منك على فكرة
(في شركة هاشم)
ولج الى مكتبه بخطوات هائجة والشرر ينبثق من عيناه يشعر وكأن كل ذرة بجسده ترتجف ألماً وصورتها هي فقط من تلوح بمخيلته تأرجحت نظراته مابين السخرية والألم وقد تفاقم شعوره بالحقد من ذلك الداغر فقلبها سيظل له وحده وحده من سلب حياته وحده من سلب معشوقته وحده من كان مدلل لأباه وحده من كان له الحق ان يكون ابناً شرعياً لوالده ثارت أنفاسه واشتعل لهيب جفونه قبل ان يندفع ليهشم كل ما يقابله في غضب حتى انقلب مكتبه رأساً على عقب صرخ بكل مايمتلك بداخله من قوة ليسقط ارضاً بعد ان تهدج صدره في عنف لتتعالى ضحكاته المتألمة من سخرية ذلك القدر ومالبث ان اقتحم ذلك العدلى المكتب على أثر تلك الصرخات مردداً بفزع وهو يخطو بخطواته الراكضة نحوه: هاشم باشا في ايه مالك هو ايه اللى حصل
اظلمت عيناه بشكل مخيف قبل ان يستطرد صائحاً في قسوة وقد تفاقم شعوره بالغضب من رؤية الأخير له بذلك الضعف المخزى: اطلع برة ياعدلى برة
انتفض الأخير بفزع حينما اصطدم بهيئته المظلمة تلك ليستطرد قائلاً بذعر وهو يخطو بخطواته الخائفة نحو الخارج: حاضر ياباشا حاضر
ومالبث ان تقوس ثغره بتلك الابتسامة الشيطانية وهو يقسم بداخله ان يذيقها مرارة ما يعايشه من ألام ليستطرد هامساً بخفوت مظلم: لتانى مرة تختاريه يافيروز لتانى مرة وعشان كدة لازم تتحملى نتيجة اختيارك
(بسيارة داغر)
كانت جالسة بجانب النافذه تراقب الطريق بإبتسامة شاردة وهو يرمقها بتلك النظرات الخاطفة من حين لاخر باتت لاتدرى ماهية ذلك الشعور بالأمان الذي بات يتلبسها بمجرد رؤيته اخذت تعبث في خصلتها الشاردة تلك وهى تشرد فيما حدث فهى لا تزال تستذكر ذلك الشعور بالأمان الذى احاطها عندما اندفع رجال الصحافة نحوها بتساؤلاتهم المزعجة تلك لتصطدم هي به يطوقها بذراعيه ليخفيها عن أنظارهم حتى ادخلها بداخل السيارة فهى ولأول مرة احاطتها تلك الهالة بالأمان ولأول مرة تهتدى الى مأواها ومالبث ان رفعت بانظارها نحوه لتستطرد قائلة بخفوت وهى تفرك كفيها بتوتر: مستر داغر هو انا ممكن أطلب من حضرتك طلب
عقد مابين حاجبيه بحيرة قبل ان يستطرد قائلاً بهدوء يشوبه المرح وهو يرمقها بتلك النظرة الخاطفة: لا على فكرة مش معنى إنك خلاص بقيتى خطيبتى رسمي تطمعى بس ماشى ياستى حعديها اطلبى
ابتلعت ريقها بتوتر لتستطرد قائلة بخفوت: هو أنت ممكن تخلينى اقابل مستر يوسف انا بجد محتاجة أتكلم معاه
شرد لوهلة عقب ان صرحت بذلك وقد تأرجحت نظراته مابين السخرية والضيق فهو لا يزال يخشى تلك المواجهة بشدة ومالبث ان اخرج تلك التنهيدة الحارة التي أوحت بمدى ألمه قبل ان يستطرد قائلاً بنبرة خاوية وهو ينتقل ببصره تجاه الطريق: حاضر ياكارما حخليكى تقابليه
(امام قصر الراوى)
مرت لحظات عليه وهو لا يزال يتلبسه الوجوم وهي ترمقه بتلك النظرات الخاطفة ومالبث ان توقف بسيارته امام ذلك القصر اخرج تلك التنهيدة الحارة وهو يرجع برأسه الى الخلف مردداً بجمود: ده القصر بتاعه اكيد حتلاقيه جوة خدي راحتك وانا مستنيكى هنا
اومئت هي برأسها مرددة بتلك النبرة المرتجفة: طب وأنت مش حتدخل معايا
اجابها بنفس النبرة الجامدة وهو يرمقها بتلك النظرات الخاوية: مش حقدر ياكارما أعذرينى
استطردت قائلة بنبرة ممتنة وهي تحضن كفه بيدها: انا مقدرة ده كفاية اوى إنك جبتنى لغاية هنا
رمقته بتلك النظرة الخاطفة قبل ان تترجل من السياره لتخطو بخطواتها المرتجفة تجاه القصر ومالبث ان توقفت أمام بوابة القصر بجسداً مرتعش وكل ذره بها ترتجف خوفاً رفعت هي بيدها بتردد يجتاحها قبل ان تقرع جرس الباب مكثت هي للحظات حتى انفتح ذلك الباب ليطل من خلفه ذلك الخادم مردداً بفزع وقد جحظت عيناه بصدمة قبل ان يندفع بخطواته نحو الداخل: سلام من قول رب الرحيم إنتى هي ولا إنتى مين ولا ايه ياناس الحقونى
توسعت حدقتيها بدهشة عقب أن اصطدمت بفعلته تلك مرددة بنبرة خافتة وهي تخطو بخطواتها بداخل القصر: لا من الواضح كدة إنك حتعمليلى مشكلة يافيروز
توسعت حدقتيها بإنبهار بمجرد ان وطأت بقدميها الى داخل القصر عقب ان اصطدمت بذلك الكم من الصور التي كادت ان تغطى الجدران فجزء كبير منها يختص بشبيهتها والجزء الاخر يختص بذلك الداغر وما لبث ان اجفلها من شرودها كلمات ذلك الراوى الذي يملؤها الشجن وهو يخطو بخطواته الواهنة نحوها: فير... قصدى كارما انا مش مصدق إنك هنا تعالي ياحبيبتى تعالي
التفت هي بكامل جسدها نحوه لتستطرد قائلة بتوتر وهي تندفع نحوه لكي تسانده نحو تلك الاريكة الوثيرة: متتعبش نفسك خليك مرتاح انا اسفة جداً لو تعبت حضرتك
استطرد قائلاً بشجن وهو يتأملها بعيون دامعة: انا خلاص خفيت بمجرد مشوفتك انا اصلاً لسة مش مصدق إنك هنا إنتى مش عارفة وجودك ده حيانى ازاى
تنهدت هي بعمق قبل ان تستطرد قائلة بخفوت: انا مش حاخد من وقت حضرتك كتير انا بس كنت جاية أتكلم مع حضرتك وحمشى على طول
استطرد قائلاً بلهفة وهو يتشبث بكفوفها: تمشى تروحى فين دانا مصدقت إنك رضيتى تسمعينى
ابتلعت ريقها بتوتر قبل ان تستطرد قائلة بتردد: انا بس كنت عايزة أقول لحضرتك انى اكتشفت انى محتاجة الفرصة دى اكتر منك محتاجة أحس ان ليا أب بيخاف عليا وأحس معاه بالأمان وأبقى عارفة انه حيبقى موجود في ظهرى مهما حصل محتاجة اقتل الخوف ده من جوايا عشان كدة قررت انى أدي لنفسى الفرصة دى قبل مديها لحضرتك انا بس كل اللى طلباه من حضرتك إنك تدينى فرصة لغاية متعود حتساعدنى في ده صح
تجمعت العبرات بداخل مقلتيه عقب ان صرحت بذلك ليستطرد قائلاً في لهفة وهو يتلمس وجنتها بلطف: إنتى بتتكلمى بجد إنتى مش عارفة إنتى بكلامك ده عملتى فيا إيه إنتى إدتينى أكتر من اللى كنت بتمناه وانا بوعدك إنى حعمل كل اللى أقدر عليه عشان أكون ليكى الاب اللى أنتى تستاهليه ححاول أعمل معاكى اللي كان لازم أعمله معاها
بتر حديثهم ذلك الصوت الصادر من أثر احتكاك عجلات السيارة بالأرض لتستطرد قائلة بدهشة وهي تعقد مابين حاجبيها بحيرة: ايه الصوت ده
استطرد حديثه مردداً بصوت أجش وهو يتأملها بشجن: لا متخافيش ياحبيبتى دى سوزان والده داغر وصلت
انتصبت هي واقفة بذعر عقب ان صرح بذلك لتستطرد قائلة بفزع وهي تندفع بخطواتها نحو الخارج: يانهار اسوح داغر

رواية حطام الداغرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن