كان يترأس تلك الطاولة بملامح متهجة الى اقصى حد وعلى جانبي الطاولة يجلس كلاً من عمار وذلك الفهد فاليوم هو اليوم المعهود لذلك الهاشم فبينه وبين امضاء تلك العقود لحظات فاصلة ليس إلا فذلك الداغر دون ان يدري سيوقع على صك نهايته ليبدء عهد جديد وهو عهد هاشم صفوان دون سواه اجفله تلك الطرقات الخافتة يعقبه دخول كارما وهي تحمل بيدها بضع اقداح من القهوة وعلى ثغرها قد ارتسمت تلك الابتسامة الشيطانية قبل ان تخطو بخطواتها الواثقة نحوهم فإن كان هو هاشم صفوان فهى كارما أبو هيف او على حسب علمه هي فيروز يوسف الراوى وبحركة مباغتة كانت قد سكبت اقداح القهوة على تلك العقود بعد ان بادلت ذلك الهاشم نظرات التحدى كالقطة المفترسة التي قد كشفت للتو عن مخالبها فهى ارادت ان تخبره بان فعلتها تلك ماهى سوى إنذار بانها ستقف قبالة تلك الشراكة لبالمرصاد لتستطرد قائلة بنبرة مرتجفة أجادتها وهى تأرجح نظراتها بينهما في أسف: ياخبر انا متأسفة جداً انا مش عارفة ده حصل ازاى انا بجد اسفة طب مستر فهد حضرتك ممكن تتفضل معايا عشان انضفلك البدلة
ومالبث ان تقهقرت بجسدها الى الخلف في ذعر جاهدت هى في اخفاؤه عقب ان اصطدمت به يناظرها بغضب يتفاقم من عيناه وقد انتزع رابطة عنقه في عنف ليلقى بها على طول ذراعه وبلحظة كان قد انتصب عن مقعده ليقبض على ذراعيها بقسوة دافعاً بها الى الحائط مردداً بزئير غاضب: انتى اتجننتى يابت انتى انتى عارفة اللى عملتيه ده حيكلفك كام
وبلحظة قد انقلبت الأدوار ليجد نفسه دون ان يدري قد اصطدم بتلك الحائط من خلفه بعد ان دفعه ذلك الداغر بقسوة وقد جذب الصغيرة من خلفه ليخفيها عن ناظريه مردداً بنبرة غاضبة كادت ان تعصف به الى الهاوية: هو اكيد مش حيكلفها شراكة بملايين يؤسفنى يامستر فهد ابلغك ان من النهاردة تقدر تعتبر ان اى اتفاق بينا ملغى وكويس ان ده حصل قبل منتسرع ونمضى العقود ولولا انك ضيفى انا كان ممكن اتصرف تصرف تانى خالص مش حيعجبك واظن انك فاهم قصدى كويس لازم تفهم يامستر فهد ان كارما كرامتها من كرامتى ومش حسمح ابداً ان حد يتطاول عليها باى شكل من الاشكال وياريت حضرتك تتفضل من غير مطرود قبل متهور واكسرلك أيديك دول اللى لمستها بيهم اتفضل
صك على اسنانه في عنف وقد احتدت نظراته بشكل مخيف من كلمات ذلك الداغر فبداخله قد اقسم ان يذيقهم مرارة الجحيم اقسم ان يتفنن في تعذيبهم اقسم ان يدمى قلبه بمرارة الحسرة على فقدانها فمن تجرأ على اهانته بهذا الشكل يجب ان يفنى من الوجود ومالبث ان نفض ثيابه في عنف ومن ثم هدر بتلك النبرة التحذيرية يشوبها الفحيح: اوكي ياداغر باشا انا حمشى بس لازم تعرف ان تصرفك ده حيخسرك كتير وكتير اوى كمان
رمقه عمار بتلك النظرة الساخطة قبل ان يستطرد قائلاً بتلك النبرة المليئة بالشماتة: حصلنا الرعب ياسيدى يلا بقا بلاش عطلة طريقك اخضر شرفتنا وياريت تحتفظ بتهديداتك السخيفة دى لنفسك احنا لا بنخاف ولا بنجيب ورا تشاو يامستر... فهد
تأرجحت نظراته بينهم في غضب قبل ان يخطو بخطواته الغاضبة نحو الخارج صافعاً الباب من خلفه بقسوة لتنتفض هي بذعر فنظراته قد اوحت لها بشرارات الجحيم فهو ابداً لن يتهاون مع فعلتها تلك فهى رأت بعيناه نظره قد انبئتها بانها باتت موضع ثأر بالنسبه اليه فهى دون ان تدري قد وطأت بقدميها الى داخل تلك الدائرة السوداء لتحكم اغلالها حولها فبات عليها الاختيار إما الفرار بعمرها ام المتابعة في ذلك الدرب المظلم ومالبث ان اجفلها كلمات ذلك العمار المهللة بفرحة: يااااه يغور هو وشراكته كدة بقا الواحد يفضى ويشتغل بمزاج عالى دانا لو كنت اعرف ان ده حيحصل كنت دلقت عليه القهوة من زمان طول عمرك بتنقذينى ياكارما والله بقولك ايه متسيبك من داغر ده وتعالى نتخطب والله حنبقى ثنائى تحفة
قبض الأخير على كفه في عنف وقد تهجمت ملامحه بشكل مخيف قبل ان يستطرد ينهره بغلظة: عمار مش ناقصك
رفع بيديه بإستسلام مردداً بمرح قبل ان يخطو بخطواته نحو الخارج: لا ياعمنا بقولك ايه انا مصدقت ان مزاجى بقا رايق حتزعق حخرج سلام
خطت بخطواتها الحذرة هي الأخرى لتتبعه بدورها لولا نبرته القوية تلك التي جعلتها تتوقف مكانها دون حراك وقد خفق قلبها بهلع فهو سيقتلها لا محالة مردداً بصوت اجش: استنى عندك
اغمضت جفونها في عنف وقد ابتلعت ريقها في وجل قبل ان تستعيد رباطة جأشها مرددة ببهوت يشوبه الرجفة: افندم يامستر داغر اؤمر
وقف قبالتها يرمقها بتلك النظرات الخاوية مردداً بهدوء حانى لا يضاهى ذلك الزئير الذي قد تلبسه منذ قليل وقد احكم قبضته حول مرفقيها: بتوجعك
رمشت هي باهدابها عدة مرات في محاوله يائسة لاستيعاب تلك النبرة الحانية فإن راٌه أحد سيجزم لا محالة بأنه شخص يعاني من اضطرابات نفسية معقدة ومالبث ان بللت حلقها الجاف مرددة ببهوت وهي تتملص من قبضته تلك: لا مفيش حاجة انا اسفة على فكرة على اللى حصل انا بجد مكنش قصدى وعارفة ان اعتزارى ده مش حيعوض حاجة شوف حضرتك ايه هو الجزاء اللى انا استاهله وانا مستعدة لاى عقاب
وبحركة مباغتة اثارت دهشتها قد كمم ثغرها بيده مردداً بضجر: كارما هو انتى ليه مبتديش فرصة للى قدامك يتكلم رغى رغى رغي ياشيخة اصبرى شوية واسمعينى
نفضت هي بيده ومن ثم اولته ظهرها مرددة بهدوء حذر: متأسفة يامستر داغر اتفضل حضرتك أتكلم سمعاك
عقد ذراعيه في غضب مردداً بهدوء يشوبه الضيق: ممكن اعرف حتفضلى تتعاملى معايا بالأسلوب ده لغاية امتى
التفتت هي بجسدها اليه تناظره بدهشة قبل ان تستطرد قائلة في حيرة: مش فاهمة يامستر داغر قصد حضرتك أسلوب ايه بالظبط
مسح على وجهه في ضيق مردداً في غضب: انتى عارفة انا قصدى ايه ياكارما متستعبطيش انتى من ساعة الصبح وانتى متغيرة معايا وبتتعاملى كأني مش موجود وبتضحكى وبتهزرى عادى مع عمار ممكن افهم في ايه
رمقته بتلك النظرة الخاوية قبل ان تستطرد قائلة في هدوء غريب اثار استفزازه: انا مش فاهمة حضرتك متضايق كدة ليه متهيألى هو ده وضعى الطبيعى اللى المفروض كان يحصل من الأول انا هنا مجرد سكرتيرة مش اكتر ومينفعش اتخطى حدودى لاى سبب من الأسباب ولو على الناس فانا حتعامل معاهم زى دورى ممكتوب بالظبط يعنى المطلوب منى حعمله حضرتك تؤمر بحاجة تاني عشان ورايا شغل لازم أخلصه
ارجع برأسه الى الخلف ليحدق بسقيفة الغرفة كارما ومن ثم اخذ يدور حول نفسه في غضب مردداً بنبرة غاضبة يشوبها الأسف: كارما انا مكنش قصدى الكلام اللى انتى سمعتيه انا بس كنت اضايقت لما لقيته قدامى وكنت بقول اى كلام
بتر حديثه نبرتها الهادئة تلك وهي لا تزال ترمقه بجمود: على فكرة انت مقولتش غير الحقيقة طبيعى جداً إنك تبقى عايز توضحله الصورة مش اكتر وحضرتك أصلاً مغلطتش انت المدير بتاعى ومينفعش ان اسمك يتربط باسم سكرتيرة عندك الموضوع كله مش اكتر من مجرد لعبة عملناها عشان نسكت الصحافة يبقى ايه الغلط في ده مش فاهمة
رمقها بتلك النظرة الغاضبة وقد صر على اسنانه في غضب قبل ان يستطرد قائلاً في ضيق: يعنى انتى شايفة كدة
اومئت هي برأسها دون تفكير مرددة بهدوء تحسد عليه: طبعاً يامستر هو حضرتك شايف حاجة غير كدة اه صح كنت عايزة استئذن حضرتك في طلب صغير ده بعد اذنك طبعاً انا شايفة ان تميم يفضل مع ماما الفترة دى لغاية منرجع من السفر حضرتك عارف انه اكيد محتاج وجود حد جمبه الفترة دى ومينفعش يتساب لوحده
لوهلة اصابته الدهشة فهو لا ينكر بأنه أراد ان يصارحها برغبته تلك فتميم بداخله يحتاجها فهى ام بالفطرة بداخله يحتاج بشدة ذلك الحنان الذي يحاوط منزلهم فهو قد تلمسه منها من خلال معاملتها معه ومالبث ان استعاد رباطة جأشه مردداً بخفوت هادئ: شكراً ياكارما
عقدت هي مابين حاجبيها بحيرة مرددة بهدوء يشوبه الحيرة: بتشكرني على ايه
استطرد قائلاً بشرود وهو يرمقها بتلك النظرات الحانية: على كل حاجة
تشدقت قائلة بخفوت هادئ قبل ان تخطو بخطواتها الواثقة نحو الخارج: طب بعد اذن حضرتك بقا انا حروح اشوف شغلى
ظل يتابعها بعينان شاردتين حتى اختفت عن ناظريه لينفض برأسه في عنف رافضاً ذلك الشعور الذي بات يتغلغل بداخله مردداً بتلك النبرة القوية: لا مستحيل لا
(في مكتب كارما)
ولجت الى مكتبها بعينان ذابلتين فذلك الجمود الذي قد تلبسها بالداخل ماهو سوى مجرد وجه يخفى خلفه اَلمها وحزنها منه فكلماته الجارحة لا تزال تخترق اذانها بضراوة لتشعرها بمدى ضألتها مراراً وتكراراً ومالبث ان جحظت عيناها بصدمة جلية عقب ان اصطدمت بالاخير يتأرجح على مقعدها في مرح مردداً بشقاوة وهو يغمز لها بطرف عيناه: معرفش ليه حاسس إنك كنتى قاصدة تدلقى القهوة على العقود ولا انتى رأيك ايه احساسى غلط ولا صح
تشدقت قائلة بدهشة مصطنعة وهي تلوح بيديها في وجهه: انا لا خالص ايه اللى حضرتك بتقوله ده بس يامستر طبعاً لا وانا حعمل كدة ليه يعنى محضرتك شوفت القهوة بنفسك وهي بتدلق لوحدها حتى
نهض عن مقعده في هدوء قبل ان يخطو بخطواته الواثقة نحوها ومن ثم اخذ يدور حولها في مرح مردداً بشقاوة: على فكرة انا مش زعلان خالص دانتى حتى خدمتينى خدمة أصل بصراحة كدة انا مكنتش مرتاح للشراكة دى من الأول مش قولتلك طول عمرك بتنقذينى
استطردت قائلة في شك يتفاقم من عيناها: غريبة يعنى مع انها كانت صفقة مربحة جداً يعنى المفروض تبقى زعلان انها متمتش ولا في سبب تاني انا معرفهوش هو اللى مخليك رافض الشراكة بالشكل ده
زاغت عيناه في اضطراب جاهد في اخفاؤه وقد ابتلع ريقه في وجل قبل ان يستعاد رباطة جأشه وقد قرر قلب الطاولة عليها ليستطرد يجرحها بكلماته مردداً بأستنكار: والله اللى المفروض تتسأل في الموضوع ده هو انتى شكلك كدة نسيتى اتفاقنا وبدأتى تلفي حواليه عشان يتشعلق بيكى لا وماشاء الله راسمة الدور تمام اوى اتصاحبتى على تميم وخدتى الراوى هو كمان مقاولة بصراحة مكنتش فاكرك شاطرة اوى كدة لعبتى الدور مظبوط برافو دانا ذات نفسي صدقت دان......
توقف الحديث في حلقه عقب ان اصطدم بتلك العبرات المتجمعة بمقلتيها وهي تناظره بألم جلي يتفاقم من عيناها بهتت ملامحه بقسوة بعد ان أدرك ماتفوه به للتو مردداً بنبرة يملؤها الأسف: كارما انا بجد اسف انا غبي انا مش عارف انا قولت كدة ازاى
عضت على شفتيها بألم تحارب تلك الغصة المؤلمة التي اصابت حلقها في مقتل قبل ان تتشدق قائلة بجمود اجادته: حضرتك خلصت كلامك ياريت تتفضل بقا لو سمحت عشان عندى شغل
قبض على رأسه في عنف غير قادر على استيعاب حماقته فهو قد جرحها بكلماته دون ان يدري مردداً بأسف قبل ان يندفع بخطواته نحو الخارج: انا بجد اسف بجد اسف
خطت هي بخطواتها الواهنة نحو مكتبها لتجلس على مقعدها بألم جلى لتجد نفسها دون ان تدري تجهش ببكاء مكتوم جاهدت هي في اخفاؤه وقد إتبعه شهقات خافتة وضعت يدها على فمها لتكبح بكائها ولكن لم تستطع مرت لحظات عليها وهي لاتزال مستمرة على وضعيتها تلك وبلحظة كانت قد توقفت عن البكاء وقد احتدت عيناها بحدة فهى قد حسمت امرها فاليوم ستنهى تلك المهزلة ومالبث ان تناولت هاتفها في عجلة لتهاتف ذلك الفارس اخذت تعبث في ازراره لتضعه على اذنها وقد اتاها الرد من بعد ثوانً معدودة مرددة بجمود: انا موافقة على عرضك وحعمل كل اللى قولتلى عليه بس لو سمحت ياريت ننهى الوضع ده بسرعة لانى خلاص مبقتش قادرة اكمل في الشركة دى..... لا بكرة مينفعش لإنى مسافرة مع مستر داغر في شغل... خلاص يبقى حكلمك عشان اعرف منك اخر المستجدات... اتفقنا مع السلامة
(في صباح اليوم التالى)
(في سيارة ذلك الداغر)
استقلت سيارته بجمود لا يزال يتلبسها من بعد ان ناولته تلك الحقائب لتجده يناظرها بتلك الابتسامة الغامضة من بعد ان استقل السيارة بدوره اخرج تلك التنهيدة الحارة قبل ان يدير محرك السيارة ليخطو معها في ذلك الدرب الذي يخفى من خلفه شتى اشكال المرح ومالبث ان جحظت عيناه بصدمة جلية على قسمات وجهه عقب ان اصطدم بصديقه الابله قد استقل المقعد الخلفى مردداً بمرح: كدة يادغورتى عايز تسافر وتسيبنى ده حتى يبقى عيب