الفصل الثالث

37.3K 1.1K 9
                                    


أمضت بقية اليوم تحاول جلب طعام لابنتها التى كادت أن تهلك من الجوع، لكن كل من يراها يشمئز من ملابسها ومنظرها الردئ حتى انتهى بها الأمر تمد يدها لكل من تراه طالبة ما تسد به جوع الصغيرة..

لم يلتفت إليها أحد من المارة، قررت أن تُكمل سيرها حتى يُكرمها ربها بأحدهم حتى قفز لذهنها فكرة ما، فوقفت فى منتصف الطريق فجأة.

مدت يدها تتحس قرطها الذهبى أسفل حجابها وفكرتْ لوهلةٍ لن تترك ابنتها تموت جوعًا هكذا أمام عينيها، خلعته سريعًا وهى تنظر حولها تبحث عن شيء ما، سارت ما يقرب من ربع ساعة حتى أبصرت محل للمجوهرات يبدو عليه الرقى.

أخذت نفسًا عميقًا وهى تنظر للقرط الذى يقبع بين كفيها، أمسكت بيدها الأخرى ابنتها حتى تطمئن أكثر، وما إن دخلت المحل حتى شخصت عينيها من هول ما رأت.

لم يكن متجرًا عاديًا الأضواء الكثيرة التي تسطع فى المكان بأكمله حتى كادت أن تعمى عينيها، وجدران المكان الذهبية اللون حتى شعرت أنها ذهب بحق من كثرة بريقها الذى اخترق عينيها!

قطع صوت تفكيرها وتمعنها بالمكان صوت العامل وهو يقول بابتسامة مصطنعة:

-أهلًا يا مدام، إزاي أساعد حضرتك؟

صمتت زهرة قليلًا ثم ابتعلت غصة حلقها، تحاول أن تستعب كونها فى مكان مثل هذا، تنحنحت باستحياء وقالت بصوت هادئ:

-آه.. أنا كنت عايزة أبيع حلق ياخويا.

فلتت منه نظرة جانبية يتفحص ثيابها، لهجتها الريفية، فظهرت علامات الاشمئزاز على وجهه لكنه أعاد رسم ابتسامته المصطنعة مرة أخرى وقال بهدوء:

-ينفع أشوفه حضرتك؟

لم تزل على وضعها من الصدمة، فاغرة فاهها حتى أعاد العامل كلامه:

-آه آه ياخويا اتفضل.

نظرت إليه زهرة مطولًا ثمَّ مدت يدها إليه بالقرط، أخذه منها ووضعه على الميزان ليزنه بينما زهرة تتابع كل حركاته بحذر، وعندما انتهى من فحصه قام بفتح خزانة خلفه وأخرج عدة ورقات نقدية وأعطاها لزهرة، أخذت زهرة تعد المال وسرعان ما انفرجت شفتيها، وقالت بوجه ممتعض الملامح:

-إيه دول ياخويا! هو الحلق يجيب دول بس!؟

نظر إليها العامل وقال بنبره باردة:

-حضرتك متعرفيش إن سعر الدهب فى النازل النهاردة، المفروض تكونى على علم بسعر الدهب قبل ما تيجى تبيعي، عشان ميحصلش أي سوء تفاهم وإن شاء اللّٰه تشرفينا تاني يا هانم.

لم يكن بيدها حيلة سوى أن تقبل بالقليل من أجل ابنتها، التفت لتنظر لابنتها التى تقف بقربها، فوجدت عينيها لا تتزحزحان عن فتاة صغيرة بيدها شىء ما تأكله، تقطع قلبها من أجل ابنتها ما ذنبها وهى تعانى هكذا..

أصبحت  زهرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن