الفصل الثاني والعشرون

29.3K 915 10
                                    


نظرات خالد المتهمة أخذت تلاحقها ولكن الغرابة التي أظهرتها ودهشتها نفيا اتهامه، نظر لجميلة بهدوء ففهم من عينيه أنها ليست زهرة من أخبرته بعنوانهما.

نظر ثلاثتهم لسيف الجالس أمامهم وكأنه في موضع اتهام بعد ان سمحت جميلة به بالدخول، بدأ يسرد عليهم كل شيء منذ البداية في هكوء وبشيء من التفصيل.

ظلت ملامح جميلة تتغير شيئًا فشيئًا حتى بكت عندما علمت بحال أخيها قبل أن يموت، شعرت أن قلبها يؤلمها بشدة، برغم كل ما فعله مازالت تحبه وتكن له الكثير بقلبها.

مات بمفرده، لم يكن جواره سوى ولده، وهي التي ابتعدت لأجله، لأجل ألا تؤذيه فريدة وتؤذيها في عائلتها مرةً أخرى.

كل هذا حدث وهي لم تكن على علم به، لم يختلف عنها خالد سوى ان قلبه لم يرق على سليم، لم يظهر سوى الضيق والضجر لدى ذكر اسمه في كل مرة.

أنهى خالد حديثه وسرده لما حدث بعد الكثير من الوقت، اعتدل في جلسته ورفع رأسه لهم وهو يفتح الورقة المطوية في يده.

نظر لجميلة وأعمن النظر بها ثم ابتسم قائلًا:

-دلوقت بس عرفت ليه والدي كانت عينه بتدمع لما بيبصلي فترة طويلة، ملامحي منك.

لم تستطع امساك دموعها وبكت وأخفضت رأسها وهي تبكي، لِمَ وصلت الأمور لِهنا! لِمَ حدث كل هذا يا اللّٰه!

تدراكها خالد وهو يربت على كتفها لتهدأ، ازدرد سيف ريقه وقال:

-أنا جاي أرجع لك حقك، عارف إن مش هيفرق بعد السنين دي كلها، بس والدي حاول يعمل حاجه صح ولو على الأقل قبل موته.

نظرت إليه بعينين دامعتين وهزّت رأسها وهي تقول بترجي:

-أنا بس طالبة شيء واحد.

اقترب سيف بجلسته منها وهو يصغي فقالت وهي تتمنى داخلها أن يكون هناك بصيص أمل على الأقل:

-آمان. آمان عايشة صح!

خفض رأسه وهو يقضم شفتيه، مغمضًا عينه بخيبة أمل، مازالت تنتظر حتى بعد كل هذه السنين!
نظر لها وهو يهزّ رأسه قائلًا:

-صدقيني معرفش، نفس اللي حكيته هو اللي مكتوب في مذكرة والدي، ووالدتي..

قطع كلامه وهو ينظر لها فهزّت رأسه لها أن يكمل:

-مقالتش عنها حاجه قبل ما تموت..

لم يصدم جميلة أو خالد خبر وفاتها، لكنهم أعرضوا فقط بوجههم عن سيف لدى ذكر اسمها في أي وقت، وقف سيف وقال:

-لازم تيجي معايا دلوقت عشان المحامي مستني في البيت.

مسح يده ببعضهما، يحاول أن يشتت نظره عن زهرة الواقفة بالخلف طوال جلوسه لكنه فشل.
يجب أن ينهي هذا الأمر الآن ثم يعود إليها، يشعر أنه مازال هناك ولو بصيص أمل على الأقل.

أصبحت  زهرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن