الفصل الرابع عشر

30.9K 963 12
                                    


أغمضت عينيها وهي تضم ابنتها وولدها لصدرها بخوف، عادت برأسها للخلف وهي تتلو بسرها بضع آيات لعلها تنجيها.

كانت تصم أذني الطفلين -كلما سمعت صوت انكسار أو دقات على الباب أو ارتطام شيء آخر بالخارج- وهي تطمئنهم، نظرت إليها ابنتها الصغيرة وهي ترتعد من الخوف:

-ماما هو بابا بيعمل كل يوم كدا ليه؟

نظرت لعيني الصغيرة وهي تجهل بماذا تجيبها، فقالت كاذبة:

-بابا عنده شوية مشاكل في الشغل يا فرح، وعشان كدا هو عصبي النهاردة شوية.

اتهمتها نظرات ابنها الأكبر الذي لم يتم الثالثة عشر من عمره بعد، يعلم أنها تكذب ولكنه في كل مرة يمنحها على الأقا نظرة مطمئنة، يريد أن يطمئنها بأي شكل من الأشكال.

لكن الأضطراب والخوف سكنا قلبها منذ تزوجت هذا الرجل، الشاب عبد القادر المبجل في القرية بأكملها، الرجل الذي يحبه الجميع، وفور أن يغلق عليها باب معه تراه على حقيقته.

باللّٰه كيف تسميه رجلًا وأثار ضربه لا تزال معالمها على جسدها، متى ستبتعد؟ متى سينتهي كل هذا؟

أول مرة رأته فيها كان في منزلها عندما كانت فتاة في الثانوية، عبر طموحها سنها لكن فور أن رأته، الثلاثيني الجذاب الذي يأسر الفتيات بنظرة منه، تنازلت عن كل ذلك.

نظراتهما لبعضهما كانت واضحة وضوح الشمس، ودخل طارقًا باب البيت فرحّب والدها تحت بند أنه تاجر معه يعرفه حق المعرفة، وأنها صفقة جيدة في آن واحد.

ستة أشهر فقط وانكشف على حقيقته، يشحنه الناس بالخارج فلا يستطيع أن يلفظ بكلمة ويبتسم في وجوههم، ويخرج جلّ سلبيته على زوجته وأولاده.

زادت الأمور حدة في الأونة الأخيرة، فقررت أن تتقي شره، وفور أن يأتي تحبس نفسها وهي وطفليها في غرفة وتغلقها من الداخل.

طرقاته الحادة ولكماته على الباب لتفتح، لكنها تجلس كما هو حالها الآن تحاوط يداها طفليها وتحاول قدر الامكان ألا يصل لسمعهما كل هذا.

ألا يكفي زوج غير سوي، فيتبدل حال أطفالها هم أيضًا إلى مرضى لديهم عقد نفسية منذ نعومة أظفارهم!

-آمنة!

أفاقت على صوت حبيبة تهزّها برفق، سرحت مجددًا، تتذكر هذه المشاهد التي لا حدّ منها، رفعت رأسها فور أن جاءت صباح تقول بصوت هادئ:

-خبطنا تاني يا هانم برضو مفتحتش.

بلعت آمنة غصة حلقها وأومات لها أن تذهب، نظرت لحبيبة التي أعرضت بوجهها الجهة الأخرى، أغمضت عينيها وأعادت رأسها للخلف، سكتت طيلة هذه السنوات على زوجها الوغد فقط من أجل أبيها، وعندما جاءت أختها بتول أطاحت بكل شيء.

أصبحت  زهرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن