الفصل الواحد والعشرون

29.5K 914 26
                                    


لم يغمض له جفن منذ يومين، يدور في الراحة والجاية أمام العناية، أيعقل أن يكون قد زاد في كرهها لها للحد الذي لم يلحظ تعبها.

أخبره الطبيب أمس أن قلبها ليس على ما يرام وحالته تسوء يومًا عن يوم، لم تندهش سيرين نوعًا ما فأخبرته أن طبيبها في ألمانيا قد حذرها من كثرة الشرب وأنه خطر عليها في حالتها تلك لكنها لم تستمع كما رأيت.

تنهد وهو يحك رأسه بتعب، ماذا يفعل الآن؟ لم يتوقع أن يصل به الأمر لهذا الحد من الندم، جزء قاسٍ بداخله يخبره أنها تستحق ما هي به الآن، لكنه يعاود نفض كلماته.

لِمَ لا يستطيع أن ينظر لها نظرة حانية، أما سيرين التي لا تعلم بأمر عمتها وما فعلته أمها بها يستطيع أن يرى نظرة الخوف بعينها برغم مما كانت تفعله بها من قسوة.

خرجت الممرضة فهبّت سيرين واقفة مما جذب انتباهه ورفع رأسه يناظرها، قالت سيرين بقلق:

-هي كويسة!

هزّت الممرضة رأسها مطمئنة إياهم، ثم قالت:

-هي فاقت وعايزة حد اسمه سيف.

وقف سيف وكاد أن يدخل لها فأردفت الممرضة محذرة:

-يفضّل بسرعة عشان هي نسيبها تستريح.

هزّ رأسه متفهمًا ودخل لها، للحظة شعر أن قلبه رقّ عندما رأها هكذا في هذه الحالة، نائمة لا حول لها ولا قوة، تتنفس بصعوبة.

سحب كرسيًا وجلس بجوارها، ففتحت عينيها وأزالت جهاز التنفس وهي تبتسم بتعب، قالت بصوت متقطع:

-مكنتش أعرف.. إني ابني هيعايريني في يوم.

أعرض بوجهه الجهة الأخرى في ضيق فأكملت قائلة تحاول جمع الكلمات ببعضها:

-أنت مش غلطان يا سيف، بيقولوا إن الإنسان لما بيكون على سرير الموت بيقدر يشوف كل حاجه غلط عملها كويس بتتعاد قدام عينه.

سعلت كثيرًا وهي تحاول أن تتنفس، عاود سيف وضع جهاز التنفس لها وكاد أن يخرج لكي لا يتعبها أكثر كما أخبرته الممرضة.

أمسكت يده وأشارت له بالجلوس، ضاق ما بين حاجبيه لا يعلم ماذا ستفعل، رفعت الجهاز مجددًا وقالت:

-أنت سمعت الحكاية من طرف واحد بس، جه الوقت إنك تسمعها كاملة.

كنت من عيلة متوسطة بس عمي كان عايش برا ومكنش عنده أولاد، ساعدني إن أسافر برا وأكمل تعليمي، وفي الكلية هناك قابلت والدك، سليم الشافعي صاحب المال والعز والترف.

أنت متعرفش يعني إيه تكون من الطبقة المتوسطة، كان نفسي أعلى أعلى، وشفت إني دي فرصتي إن أوقع الشاب دا في حبي وأتجوزه، والباقي معروف.

بس كان في عقبة واحدة واقفة في طريقي..

قاطع حديثها بهدوء وقال:

أصبحت  زهرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن