الفصل الخامس

36.3K 971 12
                                    


قضت زهرة الأيام التالية ما بين الاستيقاظ والاعتناء بطلفتها، ظهر حب واهتمام دعاء جليًا حتى بدأت تستعيد صحتها وعافيتها يومًا بعد يوم، لم يغب عنها سؤال

"كيف للغريب أن يكون بهذه الألفة بينما عائلتها لم تسأل أو تبحث عنها خلال هذين الشهرين!".

حاولت الاتصال بوالدتها لكن لم تملك الشجاعة الكافية لإظهار ضعفها أمامها الذي لم تظهره بحياتها، لم تكن سوى فتاة قوية تصد كل من يفكر في إيذائها.

لم تعتد أن تفصح لها عن تعبها على عكس جميلة التي لم تتردد لحظة في التحدث معها وإخراج كل ما كان يُثقل قلبها ويوهنه، مكثت قدر ما مكثته في منزل جميلة والشيء المريب الذي لاحظته في وجودها أنها لم ترى زوجها أحمد إلا مرتين فقط!

وعندما خاطرت وسألت جميلة عن هذا الأمر تهربت منها بالتحدث في مواضيع أخرى، شعرت في البداية أنها طبيعة عمله مثلًا لكن ما قضى على شكوكها هو تلك الحادثة التي حدثت معها منذ يومين..

استيقظت من نومها يومها والعطش قد داهمها في منتصف الليل والكأس بجانبها قد فرغ، جميع من في المنزل نيام، وما كادت أن تقوم من على السرير حتى سمعت صوت من الصالة ولاح خيال لأحد يجلس بالخارج على زجاج باب الغرفة.

اقتربت من الباب بهدوء شديد تسير على أطراف أصابعها، أيعقل أن يكون سارق! كيف وهناك أنوار خافتة مُضاءة، يا لثقة هذا السارق!

فتحت باب الغرفة فأحدث صوت أزير خافت، أغمضت عينيها وهي تلعن نفسها، تطرقت برأسها تنظر للخارج، فوجدت شخصًا يجلس على الكرسي الهزاز يتأرجح به راحة وجاية، تقدمت نحوه وأغلقت باب الغرفة برفق.

أنار نور خافت من جواره فتبين لها وجه أحمد، وضعت يدها على صدرها مطمئنة.

-عم أحمد.

فكادت أن تعود لغرفتها بعد ان اطمأنت لكن زُين لها أنها رأت عينيه تكادان تجهشان بالبكاء، عادت إليه مجددًا وجلست على الأريكة المقابلة له.

-عم أحمد أنت كويس!؟

رفع عينيه فتبين لها ارهاق عينيه بوضوح، أومأ لها بهدوء وعاد للنظر في الفراغ مرة أخرى، تمعنت بهيأته الرثة وتناهيده الخافتة، مرت دقائق قليلة ومازالت جالسة أمامه ولا تعلم لماذا لم يُحرك ساكنًا حتى الآن..

استند على يد المقعد الخشبي لِيقف، التفت خلفه وتقدم ناحية درج ما وفتحه مخرجًا ورقة منه، عاد للجلوس مكانه مجددًا وعيناه لم تتحركا عمّ بين يديه، لحظات أخرى ساكنة وهي جالسة أمامه، حتى بادر بقطع سكونه وتحدث:

-في أوقات من حياتنا بنبقى كارهين إننا اتولدنا، كارهين القدر والمكتوب لنا، في وقت معين من حياتي كانت كل حاجه في نظري خلاص معدش ليها أهمية لحد ما هي جت.

أصبحت  زهرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن