ظلت تتراجع للخلف وهي لم تستعب بعد ما تراه عيناها، بالتأكيد ليس هو، أهو شخص يشبهه!
كان صوت محمود يعلو تلقائيًا وهو يزدرد ريقه بسبب نظراتها التي ترمقها للمدير.والأدهى أن الغضب الذي كان يحتل عيناه منذ ثوانٍ معدودة اختفى وحلّ مكانه نظرات الأسف وتانيب الضمير، تبادل النظرات بينهما وكيف ينظران لبعضهما هكذا.
أطال التحديق بزهرة التي تجمعت الدموع في عينيها، تعجب من حلقة الوصل بين أعينهم، كانا يتابلان الكثير من الكلام الصامت.
تراجعت زهرة بعد دقائق خطوتين للخلف وكادت أن تقع، مدّ سيف يده ليلتقتها لكنها استعادت اتزانها ورفعت يدها محذرة بنبرة غريبة:
-إياك!
رمته بنظرة أخيرة وغدت تركض واستطاعت أن تلحق بالمصعد التي كاد أن يغلق، ركض خلفها وهي يحاول اللحاق بها لكنّ المصعد أُغلق.
خلع جاكيت بدلته التي تعيقه ورماه لمحمود، الذي لا يستطيع أن يعي شيئًا حتى الآن، حك رأسه كالغبي وهو يراجع ما حدث منذ برهة.
ركض كي يلحق بها وهي يقفز بسرعة على السلالم، يلتهم كل سلمةٍ في خطوتين، وصل للأسفل فوجد أن المصعد يستعد ليحمل أشخاصًا أُخر.
ركض ناحية موظفة الاستقبال وهو يقول بصوت عالٍ منقطع الأنفاس:
-شوفتِ زهرة راحت من فين!
ظهرت علامات التوتر والاستغراب على محياه، فأردف باستعجال وهو يوضح:
-السكرتيرة!
أشارت الموظفة سريعًا -بعد أن فهمت من يقصد- للخارج وهي تقول:
-خرجت يا فندم من دقيقة وهي بتجري.
لم تكمل جملتها حتى أسرع خارج الشركة وهو ينظر في جميع الاتجاهات، لكنه لا يراه وكأنها تبخرت، اقترب منه سائقه وكاد أن يتحدث لكن راوغه سيف بسؤاله وهي يرفع يده واصفًا له:
-شوفت بنت في حدود الطول ولابسة فستان أسود؟
هزّ السائق رأسه بالنفي، فضرب بقبضته على السيارة بغضب وهو يلعن نفسه بداخله، أشار له أن يعطيه السيارة ويأخذ بقية اليوم إجازة سيعود للمنزل بمفرده.
تردد السائق في البداية لكن منظره المرهب للأنفاس جعله يسلمها له دون أن ينبس بشفة، ابتعد السائق وانطلق الآخر بسرعة لا يعلم وجهته المحددة.
لم تمر سوى دقائق واوقف السيارة وترجّل منها، المكان ذاته الذي كانا يلتقيان فيه، جلس مكانه وعقله يحيك له المشاهد ذاتها التي كانا يجلسان فيها هنا، معًا..
وبدون مقدمات كتيرة، بكى! زاد في بكائه الذي كان يعلو تدريجيًا، الخطأ منه من البداية، هو المخطئ.
كان يجب أن يخبرها ماهيته منذ بدأ بالشعور بشيء ما نحوها.
![](https://img.wattpad.com/cover/217663819-288-k861232.jpg)
أنت تقرأ
أصبحت زهرة
De Todoمات تاركًا له مذكرات، وماضٍ لم يكشف عنه أحد من قبل، وفرد فُقد من العائلة عليه أن يجده، ووسط كل هذه المشاحنات يقابل الزهرة الذابلة التي سيرويها من جديد! _أصبحت زهرة. _آلاء خليل.