الفصل الثاني

565 82 99
                                    

في تلك الأمسية الهادئة رغم نظراتهما المشحونة اتجاه بعضهما ؛ كان يراقب أدق تفاصيلها خلال ذلك الوقت بعد انتهائهم من تناول العشاء بينما تعمد الجد جعلهما يجلسان مقابلاً لبعضهما
قدمت الخادمات لهم النبيذ مع الحلوى بينما كان كلٌ منهما يسترق النظرات خلسة للآخر وسط احاديث مقتضبة موجزة

وخلال ذلك الوقت كان هو يدقق بكل تفاصيلها ؛ يقتنص أدق حركاتها ، يلتقط حتى نظرات عينيها الهاربة اليه بحذر قبل ان تبعدهما عنه بغرور
تأمل أناملها النحيلة التي تعبث بطرف كأس النبيذ بعنفوان ثم تنهيدة صامته تقبض عليها بصعوبة وهي تعيد خصلات شعرها خلف أذنها بينما بانت ملامح الضجر عليها
شفتيها الممتلئة بالكاد تلامس الكأس كلما رفعته لتحتسي منه القليل ؛ ملامحها الجميلة خالية حتى من اي ابتسامة مجاملة صغيرة فيبتسم هو في المقابل

تبدو على دراية بمخطط جدها لعقد قرانهما ؛ ومن الواضح انها مجبرة على مقابلته وانه لم يرق لها ..
او لربما هي لم تمنح نفسها الفرصة للتعمق فيه بعكسه هو الذي تشرب أقل تفاصيلها أهمية في هذه الساعات القليلة التي قضياها يجلسان مقابلبن
ربما طبيعة عمله كمهندس معماري جعلت من عينيه نبيهتين تدققان بكل التفاصيل حوله

ربما هو حسه الفني الذي نما مع عمله ما جعل نظراته تأسر بملامحها الفاتنة المرسومة باتقان حتى ان كل زاوية من وجهها لا تخلو من الجمال !
مغرية هي لتأملها ؛ فاحشة الجمال مربكة للشعور ؛ في نظره هي كتلة هندسية متقنة متكاملة
تفاصيل قوامها الممشوق ؛ جسدها المثير وحركاتها العابثة المتقدة ، مع ملامحها الجميلة بشكل يثير الذهول في عيني أي رجل تقع عليها ،
جميلة بشكل خطير ..

انهى كأسه ليضعه امامه ويعتدل بجسده معتذراً للسيد يون : اعذرني سيدي ؛ احتاج لاستنشاق بعض الهواء والمشي قليلاً حتى ترتاح معدتي بعد هذا الطعام الشهي

حرك السيد يون رأسه موافقاً : تصرف على سجيتك يا بني دون الحاجة لأخذ اذني ، تصرف كما لو انك في منزلك

ابتسم له بامتنان قبل ان يترك غرفة الطعام متجهاً نحو الحديقة فاغتنمت يوري الفرصة لتنهض مزفرة براحة : أخيراً !!

التفتت مغادرة فأوقفها صوت الجد الحازم : الى اين ؟

يوري : الى غرفتي بالطبع !

حرك رأسه رافضاً وهو يشير نحو الحديقة : اتبعيه وحاولي خلق جو لطيف بينكما عوضاً عن ذلك الجو المريب الذي كان منذ قليل
يبدو ان وجودي جعله يتصرف بتحفظ وحياء لذلك هذه الفرصة المناسبة لتتحدثا براحة وتتعرفا على بعضكما بشكل جيد

اعترضت بانفعال : لكن جدي ...!!

قاطعها بنهوضه متكلماً : اتبعيه في الحال .

" الطائر الحزين " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن