الفصل الرابع عشر

653 79 113
                                    

اقترب منها لاغياً كل المسافات الوهمية التي تفصلهما ؛ وكرد فعل سريع منها احتبست أنفاسها وهي تلتصق بناصية السرير مشدوهة النظرات من اقترابه المفاجئ
غار قلبها في جب صدرها عميقاً ؛ تبخر الهواء من حولها حتى تأزمت أنفاسها طلباً للهواء مع حرارة جسدها التي ارتفعت بجنون
لتوها فقط أدركت فداحة فعلها ؛ أدركت انها بحماقة استدعته ليتهور معها وأظهرت له كم انها فتاة سهلة المنال !
للحظة نسيت انه اصبح زوجها وبامكانه ان يتهور معها كيفما يشاء ولا يسعها الاعتراض وذلك يوجب عليها ان تكون أكثر تحفظاً معه وترك تصرفاتها الصبيانية جانباً

اما هو ؛ فكان يتأمل شهد عينيها بنظرات تقطر غزلاً ؛ صاح نبضه بأعلى صوته وكأنه غائب الوعي فيها
يشتهي ان يتذوق نكهة شفتيها من جديد مشبعاً رغبه سكنت أضلعه منذ اول مرة لامسهما فيها ..
بلهفه يرتجي ان يسحبها الى صدره ليتشرب جسده دفئ جسدها حتى تلتصق رائحة عطرها به

لكنه بصعوبة يتمهل خشية ان يفقدها للأبد ؛ يخشى اذا ما تهور معها وترك زمام امره لعواطفه ان تكرهه اكثر وان ترفع بنيان عنادها امامه فلا يجد سبيلاً للوصول الى قلبها ..
حارب حواسه ليبتعد عنها ؛ تعقل بصعوبة وتماسك امام اغراء انوثتها الصارخة لمنحها الفرصة للتنفس من جديد بابتعاده

تكلم بنبرة ساخرة محاولاً اخفاء حمماً نارية تسري في اوردته لهفه اليها : هل استحميتِ بعد العودة من العمل ؛ لازالت رائحة البيض النتنة عالقة بك !

رمشت بعينيها عدة مرات قبل ان تزدرد لعابها محاولة تبليل جفاف حلقها ؛ تماسكت حروفها بصعوبة ولفظتها بلهجتها الوقحة المعتادة : لقد استحميت بالتأكيد ؛ قد تكون هذه رائحتك لا تنسى انك رشقت بالبيض ايضاً أيها النبيه !!

استلقى براحة على السرير مديراً ظهره لها ؛ فضل الصمت وهو يحاول استجماع ما بعثرته من نبضه بعبثيتها المعهودة
ثلاث سنواتٍ مضت ولازالت بذات التأثير على قلبه ؛ هو الذي ظن انه اصبح أكثر نضجاً واشد قدرة على مقاومة مغريات انوثتها الشقية
لكنها أكدت منذ لحظات انها امرأة لا تقاوم ؛ انها زرعت في الوريد وطالت أغصانها جدار القلب والجسد ..
لذلك ليس بمقدوره سوى التزام الصمت الأنيق مستنكفاً عن البوح بحب غزل جسده بأنسجة الوجع ...

لم يكن نبضها أقل بعثرة من نبضه ؛ هو بينها وبين نفسها سرٌ لا يباح ، هو حب سرمدي في فضاء مقصي استنكفت عنه الجاذبية وقذفته الى درب التيه والضياع ..
هو بحر لجي أمواجه عاتية ؛ وهي زورق مثقوب يغرقه طوفانه ويقذفه على شواطئ النكران ..
ماذا عن كل العهود التي قطعتها على نفسها بنفي هذا الشعور من قلبها ؛ ماذا عن حبٍ بلا هوية استوطن القلب رغم نزق ثواره ورجمهم اياه بالنار والحجاره !

" الطائر الحزين " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن