الفصل السادس

441 93 32
                                    


اتسعت عينيه بذهول ؛ شعر بأنفاسها تهطل عليه كحمام ماء بارد وسط حرارة الصيف لتتأجج نيران العشق في أوردته آكله كل أغصانه اليابسه وامتداد حشائش العناد في شرنقة الرفض التي احتكر حبه المتسلل فيها ..
ما كاد يبتلع دهشته حتى شعر بها تسقط مغمغمة على انفاسها وقد أخذها النوم منه مستغلاً دهشته بها ..

ابتلع لعابه بصعوبة يحاول الاتزان وهو يعيدها الى سريرها ؛ لكن مبتغاه اشبه بالمستحيل امام جولات انفاسها الغناء التي تتهافت على مسامعه المصغية !
بصعوبة اعتدل بجسده محاولاً قمع ذلك الشعور المتأصل بداخله ؛ لكن جذوره النضبة احتلت كل مساحات فؤاده القاصية ..

بخطواته الواسعة فر هارباً من غرفتها ؛ لجأ الى سريره محاولاً اخراس أنات نبضه الموجوعة
عرف عنه الفطنة والدهاء ؛ كان موسوماً بالنضج والعقلانية قبل ان يلتقيها لتنفي عنه كل تلك الخصال جارفة خطواته اليها كسيل مائي هائج شحنته أمطار أفعالها المتضاربة حتى سقط في جرف حبها معمياً عن وقائع كان قد حاول يائساً تصفيطها على يافطة تحذيرية امام كل منعطف قد يودي به اليها ..

هي تصغره في السن بكثير ؛ شخصيتها مناقضه له تماماً ؛ منافية لخصال المرأة المثالية التي اعتقد يوماً انه سيرتبط بها !
هي لا ترى فيه سوى صفقة يحاول جدها اجبارها على الخنوع لها ؛ ليست قابلة للعلاقات المستديمة الأبدية
هاوية في الحب لا تجيد حروفه ولا تفكر بقراءة دستور قوانينه ..

بينما هو رجل لامرأة واحدة ؛ رجل يبحث عن الأبدية والاستقرار ، رجل من صلصال الأصالة تشكل وعن مثالية الحب ينبش في زوايا حياته الجادة
فكيف يقنع قلبه العنيد على التخلي عن هذا الحب البائس بينما لايزال في المهد ويلقيه لقيطاً امام ابواب النسيان !

جافاه النوم في تلك الليلة بينما يتقلب في فراشه كما لو انه يستلقي على بساط من شوك مدبب ينخز جسده وينهش صموده ..
أتراها ستذكر قبلتها تلك في الصباح ام انها ستتركها أسيرة في طيات النسيان ؟!

صباح اليوم التالي ؛ مع رقود الشمس في كبد السماء بغرور تنثر شعاع نور تلاقت اطرافه مع نسمات الهواء
جلس في الصالة برفقة السيد يون يتحدثان بمختلف الأمور حول العمل والمشروع حتى تناهى الى مسامعه صوت خطوات كعبها المتسلطة
رفع بصره الى مشيتها الخيلاء وهي تسير على هودج من الاثارة والفتنة كما لو انها ليست تلك الفوضوية التي رنحها الشراب في الأمس

حدق بها من منابت شعرها الكستنائي الحريري وحتى أخمص قدميها ؛ جمالها الفاحش يحتكر نبضه من جديد يجعله يتفكر بنفسه ان كان قد وقع لمظهرها الأخاذ وأنوثتها الفتاكة ام لقلبها النابض بالحياة رغم تسلخات الألم التي شوهت معالمه !
ملابسها المهندمه ؛ زينتها المتكاملة وعطرها الفواح ؛ ملامحها الآسرة غشاها الارتباك رغم صمود معالمها الظاهرة

" الطائر الحزين " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن