القصة (4)
"متى المحاضرة الاولى؟"
أذكر يوم أصطحبني والدي؛ كان أول يوم لي في جامعة كربلاء؛ لا أعلم
لكني كنت أشعر بالفخر؛ كنت أرى عينا أبي تتلألاً كلما نظر إلي وهو يبتسم»
كلما أبتسم تصبح تجاعيده أجمل؛ أتذكر ذلك الموقف الطريف عندما عبرنا
أحد الممرات المقابلة للحديقة؛ حينها فتحت النافورات؛ كان النصيب الأكبر
من الماء للفايل؛ حينها ضحكنا أنا وأبي وقلنا : ليكن خيراء بعد أن أكملنا
إجراءات التسجيل؛ تركني أبي وهو يلوح بيده؛ بقيت وحيدة إذ إن صديقاتي
لم يكن في نفس الجامعة؛ صديقتي إنعام قدمت على المعهد الطبي؛ كنت
افتقدها وأدعو لهاء أنا لا أعرف أحدا هناء
وفجأة :
لمحت من بعيد؛ تلك القادمة؛ كانت متجلببة بعباءة زينبية؛ وترتدي الحجاب
الأسودء تلك السمراء صاحبة العينين اللامعتين والقلب الاخضرء كانت
عصية؛ عصية كجدار؛ لا أدري؛ أعجبت بطريقتها في المشي والكلام»
وحتى الابتسام ! كانت مبتسمة دائماء أقبلت نحوي وبعد السلام قالت: متى
المحاضرة الأولى؟ فأجبتها: عند العاشرة؛ ومشينا سويا قليلاء كان إسمها
دعاء؛ لقد أحسن أهلها في إختيار الاسم كثيراء فهو يناسبها تماماء قالت لي:
أتمنى ان نصبح صديقتين وأختين؛ فقبلت ذلك على الفوء وتواعدنا: أذا مث
ودخلت قبلها الجنة فسأشفع لهاء وهي كذلك؛ يا للوعد الغريب؛ في حياتي
كلها لم أقطع وعدا كهذا!
قلت في نفسي: تبدو أيامي القادمة مثيرة!
بعد توالي الأيام» أصبحنا روحين متقاربتين؛ كانت دائما ما تحدثني بأحاديث
لم أنتبه لها جيدا ؛+على الرغم من معرفتي بها مسبقاء كانت تتوغل في روحي
برفق؛ يوما أذكر أنها حدثتني عن آخر الزمان؛ وأحوال الدنيا القادمة حسب
روايات أهل البيت ع ؛ وحدثتني عن صاحب الزمان؛ حينها لم أكن أعطي
لموضوع الانتظار تلك الأهمية في حياتي؛ كنت أعلم انه آخر وصي؛ وأنه
يملأ الارض قسطا وعدلاء وأعلم ان عدة أصحابه ثلاثمئة و ثلاث عشرة»
لكن ؛ ما لم أعرفه هو طبيعة علاقتي بذلك الصاحب ؛ يوما بعد آخر كنانتحدث عن أمر الصاحب؛ حينها تشكل ذلك الحب له في قلبي؛ أصبح مقدسا
جدا بالنسبة لي؛ وأصبحت هي كذلك؛ أحببتها بشدة؛ تمنيت لو أني عرفتها
منذ زمن؛ كانت تقوّمني دائما إذا أخطأت؛ وتساندني في محني؛ كانت شمعة
تبث النورء يا لتلك السمراء كم أحبهاء أذكر أننا كنا قبل كل إمتحان نقول:
اللهم عجل لوليك الفرج وكنا نكتب على ورقة الامتحان :يا صاحب الزمان
أدركناء كانت تلك العبارات بمثابة المهدئات للشعور السيء قبل الامتحان ؛
وبعد الامتحان» نخرج مبتسمتين وفي جعتينا الكثير من الحب لذلك
الصاحب؛ والكثير من الشوق؛ وعند النتائج؛ كنا نحصل على درجتين
متقاربتين جدا وبتحصيل جيد جداء كان هذا يسعدنا لأنه كان يسعده أيضاًء
وعند انتهاء الدوام؛ كنا نسير حتى الباب الخارجي ونحن نردد:
ما غاب إحنا عنه غياب والحقيقة مرة
لو جان يلكه بينه أنصار الله ما يأخره
منو المنا الذي يجيب ندائه
منو المنا مثل جون وحبيب كفاءة
لوراح هم نطيعه بالراح لو نخالف أمره؟!
وقلوبنا تبكي من الشوق والاعتراف بالتقصير؛ مرت أربع سنوات ولا أعلم
كيف انقضى الوقت؛ بسرعة عجيبة جاء يوم التخرج؛ كنت أشد على يدها
بقوة وأقول لها :سأشتاقك؛ فأبتسمت حائرة ؛ ثم تنهدت قائلة : اه الله كريم 6لا
بد أن نلتقي بعد التخرج؛ وكان حرم الامام الحسين ع يحتضن لقاءاتناء
احبهاء لأنها قطعة من نور؛ ولو أكملت عمري بالدعاء لها لما وافيتهاء لقد
أختارها لي الله لكي تكون الواسطة بيني وبين ذلك الصاحب؛ أتمنى لها دوام
المضي في درب الحبيب ؛حتى اللقاء إن شاء اللهء
شكرا يا الله على هذه النعمة؛ فقد اهديتني دعاء؛ وعطف ذلك الصاحب»؛
اللهم عجل لوليك الفرج واجعلنا ممن يفرحون قلبه.
![](https://img.wattpad.com/cover/218569027-288-k470529.jpg)