"إمامي أرشدني الى دعاء زمن الغيبة"
كانت في مقتبل عمرها فتاة تحب الحياة مرحه كثيرة الشغب .. عندما اصبحت مكلفة بالصلاة والصوم والحجاب، لم تتعامل مع الموضوع بجدية، مرت ثلاث سنوات على تكليفها وهي تضيع بأوقات الصلاة، تؤدي فريضة وتسهو عن الأخرى، لكنها كانت تحب الله تعالی بشدة لا يضاهي ذلك الحب شيء في الوجود، لصغر سنها لم تكن تدرك عظمة الإمامة والولاية، كانت تعتبرها شيء ثانوي، نعم هي موالية ومحبة لأهل البيت من عائلة موالية ومحبة لأهل البيت عليهم السلام، لكنها لم تعطي الموضوع حجمه الحقيقي. مضت هذه الفتاة في حياتها الى ان التفتت الى موضوع الصلاة، وعاهدت نفسها وربها انها تلتزم بالصلاة في أول وقتها ولا تقدم عليها شيء في هذا الكون، وفعلا التزمت التزاما شديدا، حتى أصبحت الصلاة أحب شيء الى قلبها بعد الله تعالى، كانت تأنس بها وفي بعض الاحيان كانت تنتظرها بلهفة، كانت تتشوق لسماع الآذان حتى تسرع في اللقاء، بعد ذلك تدريجيا بدأت بتصفح كتاب مفاتيح الجنان والغوص في صفحاته الجميلة، والذهول لثواب بعض الأعمال والأدعية التي فيه رغم سهولتها، بدأت تقرأ وتقرأ إما قبل الصلاة او بعدها او بينها، تعقيبات أو ورد أو ذكر شريف حتى انها قد حفظت صفحاته اصبحت تعرفه جيدة، تعرف الدعاء الفلاني في الثلث الأول، والزيارة الفلانية في الجزء الأخير، وهكذا وفقها الله تعالى بعد ذلك للتعرف الى صلاة الليل الجميلة، حقا كانت ليالي جميلة، كانت تناجي خالقها بمناجاة مرتجلة وليدة اللحظة، كانت الكلمات تتدفق من قلبها بحيث انها لا تستطيع تذكر ما تقول ولا تستطيع أن تعيده ثانية، كان كلامأ وليد الشعور اللحظي والدمعة اللحظية والسجدة اللحظية. وصلت هذه الفتاة الى مرحلة الثانوية، تطور حبها وتعلقها في الله ونبيه واهل بيت نبيه، إلا أنها حتى الساعة لم تدرك عظمة الإمامة، كانت مثلا تحب الحسين اكثر من اي امام، لم تكن تعلم أن حبهم واحد ومودتهم واحدة وطاعتهم واحدة، لم تكن تعلم انه هناك واجب مقدس تجاه إمام زمانها بالتحديد، حتى جاء محرم ربيعها السادس عشر، كانت في الصف الخامس الإعدادي كانت ليلة جمعه هذه الليلة، كانت مميزة جدا، توضأت وصلت وسمعت شيء من مصاب ابي عبد الله الحسين وما جرى عليه وعلى اخيه ابي الفضل العباس واختهم العقيلة، بكت بكاءا شديدة وصلت لمرحلة الجزع عليهم، تعبت من شدة البكاء ونامت، لترى في منامها تلك الرؤيا التي ربطتها بإمام زمانها وغيرت حياتها: في عالم الرؤيا شاهدت كأن يوم الفزع الأكبر كان يوم الظهور المبارك كانت الناس تركض وتركض، كانت هناك صورة منتشرة بوستر منتشر جدا نجد منه الكبير والصغير ما هو معلق على الحائط وما هو مرفوع بأيدي الناس، كانت هذه الصورة تحتوي على ( كأنه ظهر إنسان مفتوح كأنما الجرح الكبير ومن هذا الشق الموجود بالظهر يخرج رجل ذو شعر اسود حنطي البشرة على خده خال بارز ومكتوب تحت هذه الرسمة إنا خلقناهم من نفس واحدة ) كان لكل أمرؤ في هذا اليوم شأن يغنيه وجوة في ذلك اليوم ناظرة الى امامها ناظرة ووجوه في ذلك اليوم عليها غبره ترهقها قتره ذلك كان وجها وجه الفتاة) كانت تسير بعكس اتجاه جميع الناس كانوا مرتجلين يركضون إلا ذلك الفارس النبيل كان يمتطي جوادا ابيض ولباسه الابيض والاخضر ويرتدي خوذة كخوذة عمه العباس، كان وجهه مغطى بقماش منسدل من الخوذة وشاهرا سيفه وكان جواده الاصيل يركض به والناس تركض معه وباتجاهه الا تعيسة الحظ كانت تسير بعكس اتجاههم وتبكي تناديه بهذه الصيغة ( دخيلك يا امام خذني معك خذني معكم ) ولكن كان يرفض كان صوت يملأ الأجواء من غير أن يتكلم هو جل تصويره ( أن كلا لن نأخذك معنا ) وهي تبكي وتبكي وتتوسل حتى لمحت تلك الابتسامة من ثغره الشريف التي أثلجت صدرها، كأنه كان يرفض ليمازحها، كان يقول کلا لن نأخذك ويبتسم يريد ان يراها ماذا تصنع، كالأم الحانية التي تمنع عن ولدها شيئا لترى تلعثمه وتوسله بها ومدى حبه لذلك الشيء.. ثم قال لها أو تريدين حقا أن تكوني معنا إذا إقرائي صفحة 105 من مفاتيح الجنان وستكونين معنا واختفي... واستيقظت على أذان الفجر قامت للصلاة وهي تبكي وتدعو الله أن لا يخذلها ولا يبعدها عن محمد وآل محمد انهت صلاة الفجر وهي متحمسة لترى ماذا تحوي صفحة ۱۰۵، مع اختلاف الصفحات من كتاب الأخر كان هذا ترقيم الكتاب الخاص بها، لتجدها نهاية دعاء العشرات و بداية دعاء زمن الغيبة ( اللهم عرفني نفسك ..... التجد في نهاية هذا الدعاء كان مكتوب: ( اللهم لا تجعلني من خصماء آل محمد عليهم السلام ولا تجعلني من اعداء آل محمد عليهم السلام ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ على آل محمد عليهم السلام فإني اعوذ بك من ذلك فأعذني واستجير بك فأجرني اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني بهم فائزا عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين آمين رب العالمين ).. كانت هذه المرة الأولى التي تقرء فيها دعاء زمن الغيبة، لم تكن تعرف هذا الدعاء من قبل هو من ارشدها اليه هو من امرها به صارت تقرئه يوميا حتى حفظته صما، ارتبطت بإمامها كثيرا بدأت تغوص في الصحيفة المهدوية، أصبح دعاء الفرج ملازمها عند نهاية كل صلاة عند كل زيارة عند كل دعاء عند كل رشقة مطر اول ما تبتدأ دعاها هو أن تقرأ دعاء الفرج ( اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك
عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فیها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين ) بدأت تدرك انه امام زمانها واجب السمع والطاعة، تطورت علاقتها الروحية به اصبح ملاذها أمنها وأمانها نعيمها وجنتها.