الفصل الحادي عشر

8K 193 1
                                    

بأناملي أضمك
بقلبي مسكنك
عند صدري راحتك
إلى عقلي تلجأين
حبيبتي.... أفقد سيطرتي عندما أركِ هكذا
لا أستطيع كبح جماحي أمام رؤية عفويتك
سقطتِ في غفوة لمجرد أني كنت معك
شعرتِ بي أحسستِ بأنفاسي
لمستِ قربي
أتأملك في كل ساعة بل وكل لحظة
لم أتحرك خشية إيقاظك
لم أتنفس خشية إفزاعك
لم أرمش خشية تحريك الهدوء حولك
تأملت ملامحك فضللت في غياهب العشق
ضممتك إليّ فسكنتِ وتركتِ عقال الأمور من يديك
خفتُ عليكِ من صوت ضربات قلبي أن تقلق راحتك معشوقتي
ضممتك حباً واحتواء
فلتجمعيه حبيبتي
وأوصليه لوليدي
فكلاكما مسكني
وأنا مسكنكما
من العضوة أمة الرحمن
أي شيء يشبه هذا!
تصور أنها حالما ستعود سينطلق لسانه.. يمازح ويرواغ ويستمتع بانفعال
ملامحها..
شفتاها تضطربان بشكل ممتع..
وتجَوُّل عيناها لا ينتهي هرباً منه.
عندما تغضب تٌغمضهما وكأنها تعُدّ أنفاسها كي لا تهاجمه..
لا ينفك أن يبتسم كلما تذكر ملامحها عندما اكتشفت رحيل الجميع سواه
وجلوسها على الصخرة وحيدة كطفلة تؤنب نفسها وتتحاشاه تماماً.
وتحاشاها بدوره!
أخرج هاتفه وظل يجري عدة محادثات كتابية لا تنتهي, وان انتهت فخاتمتها
تكون قلوب صغيرة وقبلات متعددة!!..
زفر مللاً ليستدير نحو ثباتها الذي لا يفعل شيئاً وكأنها استحدثت لنفسها هواية
عد السيارات..
اعتدل ليجاورها أكثر ثم أمال جسده نحوها لينطق بمزاح:
وصلوا لكام؟!
استدارت نحوه وليتها ما فعلت..
متعرقة.. حمراء الوجه..
وبها شرود مريب..
صوت أنفاسها مع زيغ عيناها أخب ا ره أنها لم تحتمل حرارة الشمس فوجد نفسه
يقترب منها وينظر لعينيها بدقة وقد انتابه القلق:
ليلى.. ليلى أنتِ ك ويسة؟
فجأة تبدلت ملامحها لتضم حاجبيها في رقة طفولية أرهقته وهزت رأسها
بمعنى..
"لا"..
ثم استقامت فجأة لتتركه مبتعدة لتفرغ كل ما في جوفها من طعام.
يكفيها التعب وحرارة الجو والملل والآن تستفرغ وأمامه!..
عندما همَّت لتستدير كان هو قد اقترب منها ممسكاً بزجاجة مياه وعطره
الخاص!
أخذت المياه وملست فوق وجهها بخجل وهي تهمس شكرًا وقبل أن تعيدها كان
هو قد ناولها العطر ليأمرها برقة:
شِمي ده يا ليلى هيفوقك..
ابتعدت خطوة وردت بتسرع مرتبك:
لا ما فيش داعي.. معايا برفان هطلعه من الشنطة..
اعترض خطوتها الهاربة ليجذب كفها الرقيق ويرش عليه الكثير متعمداً..
اعترضت فجأة:
خلاص كفاية.
مضطربة..
بلذة.
كلمتان وحدقتان وارتعاش شفتان تخبره أنها لا تريد أن تنتهي عالقة بعطره!
وابتسم أكثر وأزاد لها الجرعة!..
وبأسوأ أوقاته اختيارًا ظهر عوض مبتسماً بانتصار:
غيرت الكاوتش يا بشمهندس.. فين الناس؟
تبدلت ملامح حمزه بيأس لينطق بصوت مرتفع:راحوا في الوبا يا عوض..
ثم تابع همساً بحديث لها:
حظك حلو!
و ا رقبها بمتعة تبتعد ولونها أحمر وكفها مرتعش و رائحتها تشبهه..
مرتبكة غاضبة وجالسة تستمع لحواره مع عوض..
وهو وكأنه يعلم أنه لن يجاورها بالعربة فاختار أن يترك لها أثرًا..
فجأة ودون مقدمات سمعته يقول للسائق:
أوعى تنام!
ولم تفهم مقصده إلا عندما توقفت السيارة ليعود هو للخلف مرة أخرى, ولكن في
المقعد خلفها وعندما تحرك عوض اقترب من أذنها ليهمس آمرًا:
ما تنسيش تصحيني كمان ساعة.. وابقي حضري الغدا!!
توحشت عيناها لتستدير غاضبة ولكن لم يمهلها حديث..
تمدد بأريحية وفجأة نام.
*************************
"وعاشوا بتبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات"
تتمة كل حكاية
يتزوج الأمير وتنتفخ الأميرة
تضيع مع قبلة وينتظر هو منها أن تنقذه من داء الوحش
تذمرت تميمة..
تقطب جبينها فيتولد فوق جبهتها خطّان, تسمي أحدهما خالد والآخر إيناس!
وتضحك إيناس على كل ابتكار مجنون من صغيرتها..
فتقرر الصغيرة تكملة حكاية خاصة بها عن حصان وتلك المرة طائر..
تبدلت ملامح إيناس لاهتمام ثم رفعت حاجبيها:
حصان بيطير.. طيب احكي.
تنظر تميمة لسقف الغرفة.. كانت ممددة على الف ا رش بشكل عرضي حيث تسند
راسها على ساقي إيناس الدافئة وتتسلل أصابع قدميها الصغيرة من تحت
الغطاء في رفض مكرر لدفء قدميها.
وتحكي..

عن حصان أبيض يطير بها في السماء حيث قابلت علاء الدين وأميرته
جاسمين وأخذت جولة سحرية فوق البساط!
تصدق حكاياها وترددها بعفوية مبهجة وايناس منفعلة معها كطفلة حقيقية
توازيها جنوناً..
كلتاهما ترتديان لوناً وردي, تميمة بمنامة قطنية دافئة وايناس بقميص قطني
قصير وممتع!
كان يسأل نفسه وهو يراقبهما من خلف الباب النصف مغلق..
متى ابتاعت هذا اللون الأحمق؟!..
رغم أنه لا يفضله إلا أنه عليها يبدو محبباً..
صرخت تميمة فجأة فاجفلتها:
بابا..
عندها قرر أن ينتهي من نوبة الم ا رقبة لنوبة المشاركة وبدور رئيسي لا يليق
أن يتخذ غيره..
دخل الغرفة الصغيرة بابتسامة ثابتة ثم حملها فوق ظهره بحميمة وهو يتجه
نحو الف ا رش الصغير ويحدثها بلطف يختصها به دوماً:
كام حدوتة لغاية دلوقتِ؟..
نطقت بانتصار:
أربعة يا بابا
تلك هي تميمة..
بطلة..
صاحبة رقم قياسي في الحواديت..
تستمع لخمسة وتقص عشرة قبل أن تمل وتستلم مرغمة للنوم.
نظرت نحوهما إيناس بقلة حيلة وهمّت لتغادر الفراش مرددة:
بابا يكمل الحكايات على بال ما أحضر العشا.
ولكن قبل أن تتحرك كان هو قد أسند ركبتيه فوق الفراش ليضع تميمة ويمسك
برسغها قائلاً بحزم:
بابا عايز ماما تحكي هي الحواديت
وقبل أن تستوعب كان هو قد وضع رأسه فوق ساقيها مكان ابنته لتضحك
تميمة بمرح وتقفز فوق صدر والدها غامرة وجهها كله في رقبته وتردد بصوت
مكتوم:
حواديت كتير يا ماما.
نظرت نحوه فلمحته ينظر نحوها بعبث متحدياً:
ناقص عشرة!
فنظرت نحوه متحدية بدورها:
هتستحمل عشر حواديت؟!
ابتسم مفكرًا ثم قال بمكر مقصود:
ممكن أضحي!
ضيقت عينيها فبدا عسلها مختفياً..
تعاقبه عن قصد ودون قصد..
ترتدي الليلة أقصر منامة لديها وبلون لا يعجبه!
تضم خصلاتها في جديلتين مثل تميمة في ممارسة لتلك اللعبة التي استحدثاها
سوياً منذ زمن وهي لعبة الأخوات..
فتميمة لا تمتلك أختاً فقررت أن تكون إيناس أختها حيث أن إيناس بدورها لا
تمتلك أخت!
الصغيرة تمتلك حلولاً مبتكرة..
والصغيرة نامت!
في معجزة نادرة لا تتكرر كثيرًا وكأنها فعلتها لأجله..
استقام ببطء ليضعها برقة فوق الف ا رش ويمسد جبينها بقبل رقيقة..
همست إيناس بدهشة:
نامت بسرعة!
رفع عينيه نحوها لينطق بتلميح مباشر:
حظنا حلو!
وقبل أن تفكر كان يسحب ذراعها ليخرجا سوياً من الغرفة..
توقفت في منتصف الطريق لتسحب أناملها من بين قبضته:
هحضر لك العشا استدار نحوها بوقفته المعتادة, منتصباً وظهره إلى الخلف قليلاً مع كلتا قبضتيه
في جيوب بنطاله..
قال بلهجة قاطعة:
مش دلوقتِ.. أنا مش جعان.
رفعت حاجبيها في عدم إكتراث:
بس أنا جعانة!
رفع هو حاجبيه ولكن في دهشة تحولت سريعاً لغضب مكتوم خاصة مع
استدارتها غير عابئة نحو مطبخها..
والليلة مطبخها له رائحة عطرية مميزة, وضعت في أركانه أعواد من بخور
الفانيلا أعطته دفئاً خاصاً به..
على الموقد طنجرة بها حساء خضروات ساخن وأخرى أعدت فيها معكرونة
ومعها بعض اللحم المشوي.
كانت تعلم أنه سيلحق بها وهكذا بدأت تعد الأطباق وتحضر بعض السلاطة
وكأن شيئاً لم يكن!
وكأن ذكرى شفتي الأخرى لم تعد تهاجمها..
وكأنها كانت تود الهروب بعقلها صارخة..
وكان قلبها سعيداً بأنه لم يسمح..
وكأنها لم تستمع بمعاندته هذا الصباح وقبلها بانبهار عينيه..
عيناه فقط تخبرانها كم هي أنثى!!
ليست عينيه فقط بل كل انفعالاته..
وهو..
وكأنه هو لا يستشيط غضباً الآن
طعام شهي هو آخر ما يفكر به!
و رائحه عطرية مفضلة لديه ولكن فوق أعواد دخان لا يطيقها
والأدهى ثوب يقدس تصميمه ولكن بآخر ما يفضله من الألوان..
جلس على المائدة ينظر نحو انتصار ملامحها..
ما يبقيه هادئاً هو أنها تبدو مرتاحة وهذا ما يهمه رغم أنها تستحق عقاب
على ق ا ررها المنفرد دون اعتباره.
جلست أمامه لتبدأ بالحساء فرمقها بتفحص وهي تأكل بشهية حقيقية:
الشغل جوعك النهارده؟
تابعت دون أن تنظر نحوه:
كمان اتشغلت ونسيت آكل أي حاجة الظهر!
لم تكن له رغبة حقاً في الطعام, اضجع على مقعده مكتفاً ذراعيه ليكمل
بمرواغة:
والمدير بتاعك غلس؟!!
مرت فوق شفتيها ابتسامة, وأيضاً دون أن تنظر تابعت:
قوي!!
رفع حاجبه الأيسر ثم مد ساقيه لجلسة يبدو أنها ستطول ليكمل بتحذير:
وعصبي..
كررت نفس الابتسامة وأيضاً أجابت دون أن تنظر:
عارفة!

راتكز هو بقبضتيه على المائدة لتختلف وضعية جلوسه بأخرى أكثر تحفزًا
وهمس بصوت رخيم تلك المرة:
وبيحبك..
أجفلها فأوقعت ملعقتها..
رفعت أ رسها نحوه فبدت منفعلة بشكل لا يفهمه..
ليست غاضبة ولكنها ليست مُرتاحة..
أغمضت عينيها لتهمس:
مش محتاج يقول..
ضيق هو عينيه ليسأل بحق يمتلكه كرجل:
وأنتِ مش محتاجة تسمعي!
بدت أكثر انفعالاً..
تراجعت بمقعدها للوراء بل استقامت فجأة لا تحيد بصرها عنه..
عيناها مرتعشة بشكل ما.. ولسانها يخونها..
لتتحدث.. وتقول.. وتصرخ.. وتلوم..
وتلعن لحظة خضوع وصمت تكررت معها على مر أشهر.
لا تود أن تصمت مرة أخرى ولا تود أن تتحدث عما حدث..
لا تستطيع أن تنسى ولا يجوز أن تعود لقواعدها مسالمة!!
رفعت أ رسها لتتوجه نحوه..
خطوة.. وثانية.. وثالثة كانت بمواجهة مقعده..
أمالت أ رسها لتقترب منه هامسة:
محتاجة...
ولم تكمل..
توقف لسانها ربما لتترك له حرية تصور الجملة
كانت أنفاسه تضرب ضلوعه..
كإنسان مستمتع بالحوار..
ولكن كرجل يود أن يصرخ بها ما هذا الحديث الماسخ لنتواجه بغرفتي وبأحقية
رجل بامرأة
رفع بص ره نحوها ثابتاً ومناقضاً خيالاته:
محتاجة إيه يا إيناس؟.. قوليها وما تسكتيش تاني..
رفعت رأسها وكان شامخاً, ابتعدت الثلاث خطوات لتهمس سريعاً وقبل رحيل:
المرة دي مش هينفع تنتقم!
وتركته..
بعبارة واحدة تذكرها.. وتذكره..
بالأمس الذي لا يود أن يُمحى..
بنقطة قررت أن تضعها خلف سطر شيرين لتغلقه للأبد دون أية فرصة لفتح
هامش ثقيل بذريعة انتقام..
باعتراف ضمني أن غيرة الأنثى وصلت مداها تلك الليلة ولا يجوز له أن يختبر
ما بعدها..
ضم قبضته في غضب وشعر بصلابة تفكيره تعانده فقد كان قد خطط مبادئ
انتقامه بالفعل..
وتوعد أن تدفع الأخرى الثمن وبقسوة..
والآن هي قسوة اختيار بين انتقام لأجلها وتنازل لإرضاءها
البندقية..
********************
تواجه السين وحيدة وتصر أن تتذكر!
كيف يعمل العقل؟..
وهل بوسعنا حقاً التحكم في الأفكار؟..
الضغط على زر نسيان, وآخر سكينة, وهذا للحب وربما نجرب الأيسر لوضعية
الجمود!...
شعرت بنبرته تتهكم بجانبها:
بكره السُوًّاح!
هكذا ودون مقدمات يقرر أن يظهر مراد..
تارة بالمسرح, وتارة بمنزلها, وتارة فوق رأسها من العدم.
الجو كان به لسعة برودة خفيفة ورغم ذلك كانت القوارب تجوب نهر السين
مكتظة بسائحيها وأضواءها الخافتة وموائد العشاء الراقية.
أخرج سيجارة نفثها ببطء ليتأمل انعكاس الأضواء فوق صفحة المياه ثم ينطق
بتذمر:
لو قراري أمنع كل الم ا ركب دي.. تشويه غبي للطبيعة.
ضمت ذ ا رعيها لتتغلب على شعورها بالبرد ثم تابعت بنبرة ميتة:
عايز ايه؟
استدار نحوها مندهشاً, لم يتصور أنها ستباغته هكذا بسؤال.. يظنها أضعف
يريدها أضعف..
كررت هي بإصرار:

عايز مني إيه يا مراد؟
هو رجل لا يحتار بجواب..
صدق.. كذب.. حقيقة.. خداع..
ما الفرق؟
هل تترجم الحروف النوايا؟..
هل فاز الشع ا رء بصدق قلوبهم؟.. أم أن كل روائي يعيش خلف سطوره قصة؟!
وقف خلفها تماماً ليحيط جسدها وذراعيها بذراعيه مقيداً تذمرها وهامساً فوق
أذنيها كعادته معها..
كل حاجة!
ارتعشت عيناها.. تفهم ولا تفهم.. تتوقع وتخشى..
وحين أن مقاومتها لا تجدي تجمدت كصخرة غير مبالية به وكررت بنفس
البرود:
ما فيش حد بياخد كل حاجة.. اختار!
الأمر بدا أكثر لذة..
كارمن تناور في رمقها الأخير..
الشرقية التي تعثر برقصتها منذ أشهر وجذبته بألمها المكرر فوق مسرح..
تتهاوى وتبكي وترقص وتموت ألف مرة..
وعيناها تخبره أنها فريدة وأن ورائها حكاية..
بل ألف حكاية..
بل تاريخ شهي للوحة منتظرة..
لمجموعة آن ظه ورها قبل أن يتلقفها وحش نسيان..
لنساء ضعن في مخاض الألم والحياة..
لاختبار لحظة قهر..
لحظة يأس..
لحظة فزع..
لحظة خوف..
ولحظة موت!
وهي البطلة للأخيرة ويودها أن تخطو وبكل إرادة..
كانت تداري ارتجاف وتتصنع قوة..
الليلة فقط تواجه ذكرياتها بشأن خالد..
كل شيء..
وكل لمحة..
وكل هفوة..
وكل لقاء..
وكل حب وكل كراهية..
وكأنه وداع!..
وخلفها يضمها هو إليه أكثر..
ليس احتواء..
وليس تملك.. وحتماً ليست رغبة..
ربما هي سادية الطغيان.
أحقية وحش ما بعذراءٍ كقربان..
أحقية رجل ببقايا نساءه..
أحقية فنان بلوحته وحرية إبداعه بشأنها كيفما يشاء..
شاءت أم أبت هي لوحته المنتظرة..
أ ا زح خصلة تشرد من كهف الحمراء..
وابتسم لنفسه قبل أن يناور ثلجيتها المناقضة لشهر ا زده
وأقحم صوته في أذنيها ليحفر لحن نبرته بحرفية صياد:
مع كارمن ممكن اختار لكن مع شهرزاد.. كل حاجة!..
استدارت نحوه وحينها تخلصت من القيد..
وجل.. خوف..
فضول هو الأسوأ على مر التاريخ.
مد قبضته ليحتضن يديها ويجذبها تتحرك خلفه ولكن بخطوات بطيئة..
هتخسري ايه لو جربتِ؟
أجرب إيه؟
أي حاجة.. كل حاجة!
والنهاية؟
هتفرق في ايه مدام الطريق كان ممتع!
خديجة طريقها كان ممتع؟.
نهايتها كانت ملهمة.
موت!
رقي.
خسرت..
جسمها وكسبت روحها.
تفتكر هي حاسة بالمكسب ده؟..
المجهول ممتع إحنا اللي جبناء وبنخاف!
ودليل الشجاعة ايه؟
قرار
أي قرار؟
مش مهم المهم إننا نقدر نقرر أو نجرب!
المهم الرغبة؟
الرغبة مجرد وجه للغريزة وعقلنا بيشكلها!
والغريزة بتقول ايه؟
بتقولك اهربي مني!
صمتت.. لا جواب
بل سؤال وربما أخير:
والرغبة بتقول إيه؟..
وابتسم وجذبها أكثر لتجاوره وقبضته ما زالت متحكمة بيدها:
الرغبة بتقولك جربي طريق مراد.. بتقولك إن دي النهاية.
*************************** قابلتها الخالة فتحية, سيدة طيبة وصديقة أمها الصدوق من الحي..
ما إن لمحتها حتى انفضت تاركة جمع نساءها الغفير في تجمع فطري لنميمة
ما بعد صلاة العشاء وانطلقت مهرولة نحوها تحتضنها بشوق..
لا تنكر أنها انتفضت ليس فقط من اعتصار السيدة الضخمة لضلوعها
الضعيفة بل لعدة أفكار بدت وليدة لحظتها تلك..
تفسير أمها لغيابها تم كيف؟!
هل يدرك سكان الحي أنها قررت العمل بالمدينة الساحلية وحيدة؟.
أخرجتها رنة صوت العجوز من مخاوفها عنوة:
خالتك عاملة إيه؟.. وشغلك في اسكندرية كويس؟
ابتسمت ولكن بحزن..
أتوافق أم ترفض؟
أتواجه أم تجادل؟
أتُراها على شفا حرب من أمها الآن تحت رعاية قيد..
ألأنها فتاة أصبحت محدودة الخيا ا رت؟؟..
وان توسعت فستلجأ رغماً عنها لكذب!!.
الخالة فتحية تحدث نفسها تقريباً..
وتحتضها مجدداً وتمسك لسانها عن قول رائحتك غريبة!

وتضحك ليلى..
ابتسمت مع استعادة ملامحه نائماً بعمق طوال الطريق وفي النهاية يزعق
عوض.. مرارًا..
"وصلنا يا بشمهندس"
دون جواب..
وطلب منها السائق استدارة كي تحاول إيقاظه وترددت ونفذت وهمست بصوت
ضعيف ولكنه يتشبث جدية رجل:
بشمهندس حمزه.. وصلنا.. يا..
قاطعها بصوت رزين:
كابتن حمزه!..
قطبت جبينها..
هو مستيقظ وبمرح..
كانت عيناه ما تزال مغلقة ولكن فوق وجهه انفعال غامض
شقي يشبهه..
وأي غباء أنثوي يتلبسها ويتلبس عيناها الناظرة نحوه
ماذا تنتظر؟!
أن يفتح عينيه مثلاً ليقابلها..
لينظر نحوها بتأمل يزعجها ويربكها والآن يسعدها!
لتضيق حدقتاه بمرواغة ويأمرها..
أم يسألها:
عملتِ الغدا؟!
وتنمرت.. وتذمرت..
وتمردت على انجذاب أحمق وليد لحظة..
وليد عطر..
وليد اقتراب..
وليد وِحدة..
وقبل أن ترحل سألها دون حق:
راجعة امتى؟
ولم تجب ولن تجب ولكنها كالحمقاء تقف الآن أمام جارتها تبتسم لعبق عطره..
وفوق بمنزلها ودفء لقاءها المنتظر بالتوأمين وقرارها المتعقل بغلق كل باب
لنقاش وازت حركة مفتاحها بالباب ترحيب حار..
صوت أمها وضيف..
ورجل!
وزيارة بوقت لا تفهمه وجملة واحدة اخترقت أذنيها..
"نورت يا ريس صبري"


صمت الجياد بقلم /مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن