هو غاضب.. وهي أيضاً..
هو ثائر! وهي أيضاً!!..
هو يتجاهلها.. حسناً..
وهي أيضاً..
كانت تقف في المطبخ وقد ولته ظهرها..
تعد طبقاً من المعكرونة بالتونة وتسكب بعضاً من عصير البرتقال..
شعرت بأنفاسه المغتاظة خلفها مع برطمة هامسة لم تستوعب منها شيئاً.
ثم صوت قرقعة..
كوب فآخر..
هو هكذا حينما يغضب..
ينتقل بعنف بين كل الأكواب ويُخرج من خزانة المطبخ أربعة عشر طبقاً وسبع
ملاعق من أجل إعداد كوب شاي!!
وكان بالفعل يُعد الشاي وأسود دون حليب وكأنه يخبرها أنه لن يتناول طعامه.
لم تبالي..
أعدت لنفسها وجبة وقبل أن تستدير سمعت صوته متهكماً:
ليلى.. هو كتاب أبلة نظيرة بتاعك ما فيهوش غير صفحة التونة!!
فاستدارت له ودفعت الطبق نحو صدره مما أجبره على إمساكه وقد ردًّت بحدة:
إذا كان عاجبك!!
وتركته لتخرج..
لقد أعطته الطعام! ففي النهاية لن تحتمل نومه دون عشاء..
قذف بملعقة طعام نحو فمه يمضغها بغيظ فأخرى وأخرى, ولاحظ أنها لم تأكل
وتوجهت لغرفة النوم, زعق يناديها:
ليلى.. مش هتاكلي؟
لا.
وكانت حادة وغاضبة..
زفر هو بغيظ كتمه على مدى الساعات السابقة..
هكذا تأتي لها فاتن بفتاة غريبة وتقرر في لحظة أن توظفها دون أن تسأله..
وحينما اعترض غضبت وتركته دون أن تكمل حديثهما..
أغمض عينيه يستدعي بعض الهدوء قبل أن يتابع:
ليلى.. تعالي عايزين نتكلم.
خرجت وقد بدت وجنتيها في توهج ليس من الغزل بل من الغيظ..
والنبرة كان غيظ:
ما فيش كلام يا حمزه!
رفع حاجبيه في دهشة وقد التمعت عيناه بشراسة:
يعني ايه ما فيش كلام؟!
لتجيب هي بعناد لا يبالي:
يعني كل واحد بيعمل اللي هو عايزة!
من قال أن الجنون امتلك النساء..
صادق!
رفع قبضتيه في يأس وقد أصابت نبرته بحَّة:
هو في إيه؟.. ضاربة البوز من الصبح ليه؟!
ضمت هي قبضتيها تستجمع شتات نفسها قبل أن تتابع بغيظ مكتوم:
بوز!!... سيبنا الضحك للست إلجا!
وحينها توسعت في شفتيه ابتسامة..
انتفاخ..
نظرية الغضنفر!!
قوة ليث تعشقها النساء..
ولم تكتمل ابتسامته حيث أنها انفجرت بجنون أكثر وهي تزعق داخل الغرفة مع
تجول عشوائي لم يفهم ماهيته..
لعلمك أنا مش بغير.. بس المفروض حضرتك تراعي الست اللي معاك.. بس
ا زاي!.. ازاي يعني تراعي يا انترناشونال!!!
وكانت تضغط بأسنانها على كل حرف
ستدمر مستقبله في لحظة طيش لا محالة
همس هو بنبرة أكثر حنواً:
ليلى اهدي بس..
وسادة!!
شراشف!!!
حمزه سيقضي ليلته على الأريكة..
وقبل أن ينفجر بها بكل غضب ممكن كانت قد أغلقت الباب..
نظر لوسادته وفراشه الجديد وقد ارتسمت فوق شفتيه ابتسامة يائسة
تغار ليلى..
تتمرد ليلى..
*****************
إزيك يا حسن..
لا الشكل اختلف ولا النبرة اختلفت..
سهام كما هي ستظل تطل عليه برأس أفعى حقود تتشبث بدور المغدورة..
كانت ترتدي على ما يبدو جميع حليها.. تحرص على ظهور بضعة خصلات
مصبوغة من خلف وشاحها المزركش وتمسك بيُمناها جوال أنيق مواكب لآخر
صيحة..
تزوجت سهام ومن رجل يفوقه ثراءً على ما يبدو..
صيد ثمين من أجله استغنت عن كل شيء حتى ابنها.
رمقها بنظرة فوقية قبل أن تتحرك شفتيه بجفاء مقصود:
عايزة إيه يا سهام؟
ابتسمت باستهزاء قبل أن تتوجه من نفسها لأقرب مقعد وقد جلست بأريحية
ترمق المكان باستهانة:
ده برضه استقبالك لأم ابنك!!.. ولا ده المغضوب عليه؟
وجملتها الأخيرة كانت عالية النبرة.. تحمل ضغينة سنوات لم تنطفأ..
تركها حسن..
تركها من أجل المرأة التي امتلكته قبلها ومنذ زمن..
حتى وجود محمود لم يشفع!
رفعت رأسها في عجرفة:
عايزة ابني.
لوى هو شفتيه بسخرية:
جاية نص الليل تسألي على ابنك!!
وحينها بدا صوتها متجبراً برنة أعلى وهي تجيبه في صيغة آمرة:
أنا أشوف ابني وقت ما أنا عايزة.
لتحمر عيناه في غضب يتذرع على بابه منذ وقت ونبرته كانت أكثر حدة
وبصوت جهوري صارم:
وطي صوتك.
ضيقت عينيها في لؤم وبفحيح أفعى حقود:
أمرك يا سي حسن!
ثم ابتسمت وهي تقترب منه متابعة: مش كنت زمان بقولك كده ولا نسيت؟..
ابتعد عنها وقد أخرج سيجارة نفث دخانها في عصبية واضحة:
عايزة ايه يا سهام؟
جاوبت بهدوء ماكر:
قلتلك عايزة ابني.
رفع حاجبية مستهزئاً:
وحشك ابنك دلوقتِ ونص الليل!!
وحينها بدا صوتها ثقيلاً ولكنه صارماً.. صارماً حد المعاندة:
لا يا حسن.. أنا عايزة ابني على طول.
*******************
كان الوقت ما ا زل مبكراً, السادسة صباحاً على ما يبدو..
غثيانها الصباحي لا يهنئها بنعاس..
تتركه في سباته وتطمئن على تميمة في فراشها ثم تتوجه للمبرد كي تمضغ
شريحة من الجبن مع كوب من عصير البرتقال.
وصفة رقية التي تريحها بشكل مؤقت في ساعات الصباح..
رقية
منذ زيارة تلك المرأة سهام وانقلب حالها..
أصبحت شاردة على الدوام تتعامل مع الأطفال في تيه يواكب نظ ا رتها
المتواصلة نحو حسن
حسن الذي على ما يبدو اتخذ قراره وقرر أن يُحمِّل رقية توابعه..
سألتها ذات مرة:
أنتِ عايزاه يمشي؟
وحينها ابتسمت رقية وهي تنظر نحو شرائح ليمون أعدتها لتوها:
حسن بيحب الشاي بشريحة ليمون واحدة!
ولم تفهم إيناس فكررت رقية بنبرة ساخرة:
حسن عايزه يمشي!
قاطعتها إيناس في رفض:
رقية!
وحينها ابتسمت بلذوعة:
حسن بيحب يريح نفسه.
وهمست إيناس مُقتربة منها:
وأنتِ؟
وحينها استدارت رقية بعبرات متجمدة:
أنا تعبت.
ثم أكملت وهي تحرك رأسها في نفي ويأس:
حسن بيهاجمني بسبب ومن غير سبب.. والولد مش متقبلني وأنا مش حاقدر
أديله أكثر من كده.
ثم فركت جبهتها وكأنها تحدث حالها.. بل تبرر:
جايز لما يعيش مع أمه نفسيته تبقى أحسن.. في النهاية هي أمه.
نعم قررت رقية ربما مثل حسن..
اختارت راحتها..
ارتشفت ما تبقى من البرتقال وهي تتنهد في حسرة
تشعر بالآسى من أجل هذا الطفل الذي يدفع ثمن أشياء لا يفهمها..
صوته الخشن جاورها فجأة وهو يرمق كعادته شروق الشمس بجانبها:
خلاص هيمشوه؟
كان خالد هو الوحيد الذي يرفض بحدة رحيل محمود..
حتى أنه تعارك مع حسن أول أمس بسبب تلك المشكلة.. هي تشعر بالألم
داخله
تعرف أنه يرى نفسه بمحمود..
ويرى رجل آخر مختار
همست تطمئنه:
ممكن سهام اتغيرت.. حنانها..
قاطعها بغضب:
حنانها!!
اقتربت منه وقد التمعت عيناها بحنان:
هي أمه يا خالد.
ضم حاجبيه وقد غامت عيناه في ضوء الشمس:
مش كل ست ينفع تبقى أم.
وقبل أن تقول هي شيئاً آخر ختم هو حديثه بزفرة يائسة:
حسن هيندم.. كلنا هنندم على القرار ده.
وتركها ليوم عمل آخر..
وعلى بعد أمتار كان هناك طفلاً آخر أمروه من جديد أن يعد الحقيبة.
*********************
الواقع اكتسح الخيال!
عن أشياء لم تظن أن لها وجود سوى بعالم السينما..
عن حب لم تظن أن له وجود سوى بعالم السينما..
عن رجال لم تظن أن لهم وجود سوى بعالم السينما.
عندما رأته تصلبت قدماها ورغم أنه لم يعطها نظرة ترحيبية إلا أن النظرة منه
بكل صورها تكفي أياً كانت!
وضحكت بعقلها ساخرة متذكرة مُزحة من صديقة سابقة كانت تكررها بشأن
الرجال
"فاضله اتنين فولت وينور"
ورغم برونزية جسده الطاغية إلا أن المقولة تنطبق عليه تماماً..
بسمة؟؟؟
صوت ليلى الرقيق أخرجها من دوامة أفكارها..
اليوم هو الثامن لها على سطح مركب منصور..
بكل أريحية استقبلتها ليلى.. بكل ثقة استقبلتها ليلى!
وفرت لها عملاً بسيطاً على سطح المركب يتمثل في التنظيف ومساعدة
الضيوف, بل وتطوعت أن تبحث لها على مسكن ولكنها أخبرتها أنها استأجرت
غرفة بالفعل. ليلى فتاة جميلة..
رقيقة تشبه الورود وصادقة العينين بشكل نادر, ربما لو قابلتها في ظروف
مختلفة لأحبتها, ولكن..
تنتابها مشاعر غريبة حيالها تزيد وتزيد مع كل دقيقة بهذا المكان.
كراهية؟..
حقد؟!
لا تعلم..
كل ما تعلمه أن تلك المرأة نالت من الدنيا كل ما تتمناه هي..
بل أكثر!
هذا العشق المتمثل في عيني رجل مكانه عالم خيالي..
نعم حمزه هذا يجب أن يعود إلى الخيال رحمة بالواقع.
لقد أنقذها.. كان هناك من أجلها..
أحرقه لأجلها!
ذكرى الشيطان واكبت مروره من أمامها, كان قد خرج لتوه من المياة مع
مجموعة السائحين..
نصف مبلل يمسك بالمنشفة مجففاً قطرات المياه المتساقطة من خصلاته
وكعادته تبحث عيناه عنها..
عن ليلاه
تراه بل تراقب تلك التفاصيل الخاصة المكررة بينهما..
يهمس في أذنها بشيء ما فتتورد وجنتيها..
يحضر لها طبقها الخاص من الطعام كلما نسيت أن تأكل..
يجاورها كلما استطاع رغم أنه وقت عمله, يترك كل شيء ويلتقط لها صورة
بعدسته الخاصة..
هي تمتلكه بشكل غريب.. هذا كله غريب!
حتى أنه حينما فقد أعصابه وزعق فيها ذات صباح أمام الجميع صالحها بقبلة
أمام الجميع!..
وهذا مغيظ
ضاقت عيناها في حقد وحين رفعتها نحوه من جديد وجدت عينيه.. كانت تنظر
نحوها تلك اللحظة..
عيناه تخترقها.. تتجاوز كل حصونها وتتخطى كل درع واقٍ اتخذته لتنفذ تلك
المهمة على أحسن وجه..
هو يشك بأمرها..
تعارك مع ليلى بسببها مرتين..
ووفر لها عملاً بديلاً لترحل.
نعم لقد سمعته بالأمس قالها بالحرف
"مش عايز حد غريب على المركب يا ليلى"
وذات الحظ جاوبته..
"دي بنت غلبانة"
تدافع عنها..
وهي تخطط منذ اليوم الأول على نهايتها, لا ليست نهاية..
زجرت نفسها..
زجرت تلك العاطفة التي لا مكان لها بعالم الأقوياء
صبري يريد ليلى..
الشيطان سيكسر حمزه
وفي غمرة الجنون قد يقتله.
آلمتها الفكرة..
ليست ليلى..
بل هو!
ولكن لا..
العالم لا يحتمل وجود هؤلاء الرجال..
العالم الحقيقى هو صبري وعتمان ومن على شاكلته..
توترت ملامحها..
تصلبت وتشنجت وبدا السواد طاغياً نظرتها..
ترمقه وقد رحل نحوها
يدلل.. يهمس.. ويبث عشقاً لا ينتهي
فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم.. غداً ستنفذ.
**************
والغد كان اختياراً جاء على طبق من فضة, بل ذهب..
الكابتن سيخرج في مهمة عمل وحيد دون القارب وليلى..
وليلى قررت أن تدلل بدورها..
طاجن لحم بالبطاطس
لقد أخذت من فاتن وصفتها الخاصة وها هي تقف متعرقة أمام الفرن تجتهد
لأجله.. تتمتم
"ماشي يا حمزه"
وتبتسم..
فقد عاقبته بما فيه الكفاية..
وترمق نفسها بالمرآة..
سروال بيتي يصل حتى منتصف ركبتيها وبلوزة قطنية واسعة بصورة مضحكة
لوجه باسم وخصلات مربوطة في عقدة قصيرة لما يشبه ذيل حصان!!
حسناً أمينة نفسها تبدو جانبها الآن مارلين مونرو..
وبذكر مارلين مونرو ابتسمت بخجل وهي تفتح خزانتها لتُخرج ما يشبه
غلالة.. أغمضت عينيها في يأس لتعض فوق شفتيها غير مصدقة ما تنتويه..
ثم أغلقت الخزانة مع طرقات الباب..
فقد وصلت بسمة
الأمر لم يتطلب أكثر من مكالمة هاتفية منتصف ليل البارحة..
شعرت بإثارة خفية في صوته وهي تخبره أن الموعد حان..
ثأره..
جشعه..
بأسه..
المسميات ليس لها مكان بالصورة الآن..
الصورة رتبها صبري بالفعل وبسمة آداة التنفيذ, ستستدرجها لمنزلها ويتكفل
هو بالباقي
والباقي وازى ابتسامة شيطانية ارتسمت على وجهه..
الباقي والممكن والمتاح والقادم بكل صوره سيرضيه خاصة فيما يخص
النهاية..
بالنار.. بالدماء
لا يهم
سيترك لحمزه التحديد ولنفسه التنفيذ..
ثم توحشت عيناه بقسوة وهي يتصور المشهد الأهم..
وقتما يستدعيه ليراها بين أحضانه..
وقتما يثأر بحق..
وقتما يستغل جنونه.. ثورته.. هذيانه
وحينها فقط سيرسم النهاية.
******************
رفعت عينيها لتجد ليلى بأبسط صورة ممكنة وخيالها يرسم أسوأها..
لا تصدق أنها ستسلمها إليه بعد ساعة على الأكثر
تُسلمها وتتصور تماماً السيناريو الكريه بتفاصيله..
وابتسمت ليلى وقدمت لها كوباً من الليمون المثلج ووعدتها بالمساعدة
ألم تتوسل لها بالأمس أن تبقيها معها بالعمل..
ألا تتركها لتعمل مع غرباء..
ألم تهدئها ليلى وتعدها وتستقبلها بمنزلها بكل ودّ.
خلاص يا بسمة ما تخافيش.. أنا هاكلم حمزه.
قالتها ليلى مطمئنة لتزم هي شفتيها وترفع عينيها بعبرات متجمدة:
الأستاذ حمزه ما بيرتحليش.
ضمت ليلى حاجبيها نافية:
ما تقوليش كده
لتبتسم بسمة بآسى:
عادي يا ست ليلى.. أنا اتعودت على البهدلة.
اقتربت ليلى منها لتحتضن كفها الصغير بحنو متابعة:
سيبيها لله.
صمتت بسمة سارحة لوهلة قبل أن تكرر:
ونعم بالله.
ثم أخذت نفساً عميقاً لتتجول بنظرها في الشقة رافضة تلك الأفكار التي اقتحمت
عقلها فجأة..
الأفكار الطيبة..
نطقت مُسرعة وهي تشمر عن ساعديها:
تحبي أساعدك في إيه يا ست ليلى؟
لتضحك ليلى وتنهض بعفوية وهي متوجهة للمطبخ:
تساعديني ايه يا بنتي!.. اقعدي هاعمل شاي بلبن نشرب سوا, أصلاً أنا
عملت الأكل بمجهودي.
ابتسمت بسمة وهي ت ا رقب العروس الصغيرة تتوجه كل دقائق لتطمئن على
طعامها بحماس وتُعد لها مشروباً وكعكاً وكأنها صديقة!!
تُحادثها وكأنها صديقة.. عن أشياء عدة..
عن قاربها وعن منصور..
رجل رحل عن عالم الأحياء وعشقه يلتمع بعينيها مع كل ذكرى, قالت لها:
شكله كان راجل طيب.
نظرت ليلى نحو النافذة بشرود لتُكمل:
كان شبه البحر.. ما يجيش منه غير كل خير.
ضحكت بسمة بسخرية:
وهو البحر ما بيجبش غير الخير يا ست ليلى؟!
وحينها أجابت ليلى بتوكيد:
أيوة يا بسمة.. الشر ده في النفوس ليه نظلم البحر؟!
وحينها شردت بسمة فيما اختبرته هي من شرور.. عتمان.. صبري..
ألم يكونوا جود البحر!
فنطقت في سخط:
بيجيب بلاوي يا ست.
شردت ليلى قليلاً لا تفهم..
ترتشف قدحاً ساخناً أعدته بنفسها ويحتوي حبة منوم دسته لها بسمة بمهارة..
بسمة التي استرسلت تكرر بغضب مكبوت:
عتمان.. ص..
تقطع لسانها وتُكمل في سرها
"مش كل بحار حمزه"
سألتها ليلى:
مين عتمان؟
فأردفت بسمة بلذوعة:
جوز أمي.
لتستنبط ليلى ببراءة:
ما كانش حنين؟.
وتسخر بسمة أكثر:
كان حنين قوي!.. حنين زيادة عن اللزوم!!
بدأت ليلى تشعر بشبه دوار..
فوضعت القدح بيد مرتعشة تكمل وهي تفرك جبهتها:
بسمة.. ما تزعليش..
رفعت بسمة وجهها لا تفهم وليلى تجاهد من هذا التيه الغريب الذي أصابها:
أنا مش هسيبك.. أنا لما احتجت ناس كتير وقفت جنبي وأنا هاقف جنبك يا
بسمة.
وبسمة تنظر نحوها بتيه أكبر..
تيه يرفض تلك المساعدة..
تلك النوايا الصافية.
تابعت ليلى بشبه همس:
منصور كان بيقول اعمل الخير وارميه البحر.. والبحر بيرد الخير يا بسمة..
تمتمت بسمة في شرود حزين:
اليتم وحش يا ست.
فابتسمت ليلى في حنو:
ما حدش هيأذيكي تاني لا عتمان ولا غيره.. أوعدك.
اقتربت منها بسمة بوجه جامد وهي ترقب غيابها المتدرج عن الوعي:
ما توعديش بحاجة أنتِ مش قدها يا ست ليلى.
ابتسمت ليلى في تردد واكب لفظ أخير خرج بشهقة ناعمة:
بسمة.. أنا تعبانة.. الحقيني.
وتغيب ببطء أخير.. تستنجد بها!
ثقة في غير محلها!!
اقتربت بسمة منها أكثر ترقب شفتيها اللاتين توقفتا عن الكلام..
أنفاسها الهادئة.. نومها العميق..
ملست بأناملها فوق بشرتها الناعمة وقد انقبض قلبها وهي تتخيل تلك البشرة
بين قبضة صبري بعد قليل..
عبرة ساخنة انهمرت من عينيها رغماً عنها لتغلقهما في بأس وهمس آخير:
سامحيني يا ست ليلى.
**************

أنت تقرأ
صمت الجياد بقلم /مروه جمال
Lãng mạnسلسله عشق الجياد (همس الجياد الجزء الثاني ) تنبيه هام كل الروايات اللي علي صفحتي مش انا اللي كاتباها انا بس عجبتني الروايه و بحثت عنها ملقيتهاش علي واتباد فضيفتها عندي و اسم كل كاتبه لكل روايه موجود مع اسم الروايه