الفصل السادس و العشرون

5.7K 163 1
                                    

شهران..
شهران مرا منذ أن اتخذ قراره بالسفر, والآن هو سيغمض عينيه في صندوق
حديدي لمدة ثمان ساعات..
يكره السفر بالطائرة..
يمقت هذا الإحتجاز القصري وبرغبته..
وليست رحلة واحدة بل اثنتان!
إيناس التي ودعته بعبرة وضيق لم تكن تعلم أنه ليس متوجهاً إلى العاصمة
الفرنسية كما أخبرها, بل أن وجهته الأولى ستكون نحو الولايات المتحدة وبشكل
محدد نحو المصحة النفسية التي كانت تتعالج بها كارمن من قبل..
معلومة.. وتقرير.. وربما قرار
لو مثلت كارمن له خطورة..
ستعود!
بين أروقة الممرات البيضاء ومع خطواته المتأنية نحو غرفة الطبيب كما الموعد
المتفق عليه عادت له ذكراها منذ ست سنوات..
على أحد تلك الأسرة وفي غرفة منعزلة كانت ترقد..
منكمشة دون بريق
دون وهج أحمر ودون زُرقة ثائرة..
فقط سكون..
وابتسم لحاله وقت تذكر أنه شبهها حينئذ بالعفة!
فمنذ البداية كانت كارمن هي بيجونيا!
الفضيلة والخطر
وبلحظة ما جمعت الصهباء بين النقيضين.
استقر بمقعده أمام رجلاً ديناميكي الهيئة..
شارب بني أنيق وعوينات سميكة وتقارير عدة عن حالة مريضة راحلة..
مريضة تعاني نوعاً حاداً جداً من الاكتئاب, فبعد أن تعافت كارمن من صدمة
موت كريم وما حدث لها من هذيان مؤقت بعد حريق المزرعة تشكلت بعقلها كل
تفصيلة ممكنة عن ما حدث..
ساعدتها وحدتها على الغوص أكثر بكل شعور سلبي ممكن, ولما باءت
الجلسات النفسية معها دون فائدة لجأ الطبيب بشكل مكثف للعقاقير المهدئة
ومضادات الاكتئاب, مع اللجوء في بعض الأحيان للصدمات الكهربائية ليبرز
بعد فترة طويلة من العلاج تحسناً ملحوظاً وحق طبيعي بمغادرة المصحة..
في البداية ومع التوصية الشديدة المريضة صُنفت خطيرة على غيرها خاصة مع
حادث محاولة القتل الذي تم ذكره ولكن..
ولكن..
تظل تلك العبارة هي الأهم..
هي التفصيلة التي ربما فاتته ولم يفكر بها من قبل..
هي لُبّ الحديث وهي النهاية التي لم يكن يتوقعها
كارمن لا تمثل خطراً على أحد سوى نفسها!!
*******************
الرغبة..
لطالما كانت هي محور العلاقة..
الثأر والتملك..
المتعة والانتقام..
اللهاث دون بصيرة من أجل إشباع الحاجة, وكانت حاجتها هو
وكانت حاجته كل شيء سواها..
كانت ثأره الممتع ويوقن في دواخله أنها تستحق, فكارمن لم تكن قديسة بغابة
انتقامه..
الطائرة حطت في مطار شارل ديجول في تمام الخامسة والنصف صباحاً, أدرك
مع ارتطام العجلات أن ساعات نومه الفعلية نالها في السماء..
بعض ترتيبات اتخذها بشكل ساخر بدت دون فائدة..
شركة حراسة مدربة تولت أمر المزرعة في غيابه, لن تدخل حشرة غريبة, هكذا
اتفق..
فالخطأ الذي ارتكبه من قبل ضمن أنه لم يتكرر,
ولكن الآن لم يعد يفهم لما دعته!
إن لم تكن تنوي لعبة انتقام كما سبق فما غرضها بالضبط!
بسيارة الأجرة التي توجهت به لفندق ماريوت الذي يقع على مسافة قريبة جداً
من قوس النصر والشارع التجاري الأشهر "الشانزليزيه" تلقى منها خامس رسالة
نصية, ابتسامة مرت على زاوية شفتيه وهو يتصور ملامحها خلف خصلات
منثورة وثوب قطني ووردي أحمق وتطوف بالغرفة قلقاً في انتظار مكالمته..
وحشتيني..
كان صوته هادئاً والطقس رغم أنه ليس مشمساً إلا أنه رائع, وضع حقائبه
بغرفته بالفندق وتوجه لأحد المقاهي المفتوحة لشرب بعض القهوة مع
الكرواسون الهش, ردّت هي بلهفة:
شوفتها؟
تنهد وهو يبتسم مجدداً:
هو أنا لحقت!
ثم تابع:
وبعدين مش أنا طمنتك امبارح.
زفرت هي بحيرة:
أنا مش فاهمة حاجة.. واتفاجئت إنك رحت أمريكا, وكمان كلام خطر على
نفسها ده عام.. خطر على نفسها يعني غير متزنة عقلياً وبرده خطر عليك..
وجدت أنه قاطعها فجأة وبحزم:
المهم ما يكونش في خطر عليكم!
بعدها.. صمتت هي على الهاتف, كثيراً..
كان يعلم أنه تكتم بكاءها ولكنه لم يكن يتوقع أن الحزم نبرتها أيضاً:
خالد رضوان.. لو حصلك حاجة مش حسامحك أبدا وأغلقت الهاتف!!
*******************
أنيق..
أول كلمة ستقفز بذهن من يقابله أنه رجل أنيق, كان لمراد اهتماماً خاصاً
بالتفاصيل..
زر أكمام قميصه المتشكل بحروف اسمه الأولى, خصلاته المشذبة بعناية,
ساعته.. وحذائه وقبضته التي تبدو لناظريها ناعمة..
حتى ترتيب ملاعق وسكاكين المائدة.. كل شيء منظم ومرتب ومثالي لحد
الإرتعاب
فبشكل ما تلك الأناقة المفرطة تناسب الدماء!
باقي فقط خمسة أيام..
تفاصيل العرض أصبحت واضحة الآن, الأضواء والديكور والملابس, ويناسبها
هي درجات متوهجة من الأحمر..
شهرزاد بسحر ثائر..
ونهاية خامدة!!
كانت تجلس على الأرض شاردة نحو مقعد محدد..
الدعوة, وهو,
والموعد بعد خمسة أيام..
سيكون هنا جالساً أمامها مباشرة يشهد النهاية بحق.
رجفة قوية اجتاحتها عندما تجسدت أمامها عيناه..
ماضٍ كامل لا يُنسى!
انجذاب..
شغف
رحيل
سطوة
خضوع
ثأر
ونهاية..
لا ترضاها!!
وهنا على هذا المسرح ستبدأ كشهر ا زد وترقص ككارمن, كل رقصة منها خطفت
عينيه ورفضها قلبه..
كل ايماءة وانحناءة, وابتسامة وصرخة وومحاولة فرار..
من حكم واجب النفاذ, وفضيلة جلاد قرر أن ينهي المآساة!
خالد!
الاختيار لم يكن يوماً لك, اليوم أنت لا تملك خيار..
فقط استمتع وشاهد..
وكما يتمنى مراد ويخبرها دوماً..
موت شهزراد وعودة كارمن!!
***************
فستان زفاف.. وزحام وتبرج وأمها ومرآة.
لا تصدق أنه قد مر شهران بالفعل وهي الآن عروس زفافه, كانت أمها تمسح
دمعات باكية تناقض حماسة الأيام الفائتة.. حتى أنها توجهت مسافرة إلى
الغردقة لتقوم بتوضيب حاجات عدة بشقة حمزة..
شقتها المستقبلية كما فهمت..
وهو..
كان يطمئن عليها.. يدللها ووقتما تُغضبه يغيب بلا سؤال فيجتاحها القلق
لتبحث عنه..
أضحى الأمر كمطاردة غرامية!
صوت رقية المميز أخرجها من أفكارها وهي تردد باتزان:
بسم الله ما شاء الله.. زي القمر..
كانت فعلاً جميلة وبهدوء..
فستانها بسيط ينسدل برقة معتدلة فوق كتفيها مع تطريز هاديء فوق الصدر
ثم ينتهي باستدارة واسعة كتلك التي تتميز بها اثواب الأميرات..
لا يناسب هذا الحفل المبسط بالمنزل كما أصرت والآن أصر حمزة فيما يبدو
على الفستان
فقد كان اختياره..
مع خروجها من الغرفة سمعت أصوات زغاريد عدة لتظهر ملامحه أخيراً من بين
الزحام وكان وسيماً بشكل أغاظها
أينقصها الآن أن يكون وسيماً بهذا الشكل!!..
يرتدي بذلة سوداء راقية ويزين قميصه الأبيض بربطة عنق مميزة تناسب
الزفاف.. ذقنه مشذبة بشكل خفيف وعطره يفوح تستطيع أن تشمه من مكانها
نفس العطر..
ولا تعلم هل كانت حقاً واعية لما حدث بعد أم لا, كل ما تتذكره هو حديثه مع
وكيلها وزوجتك وقبلت وعقد وامضاء وأصبحت زوجته..
شعور غريب.. مخيف وممتع بذات الحين.
وجنتها بدت حمراء حينما مال عليها ليهمس بوضوح:
أخيراً!!
ثم ابتسم لكل مهنيء في ثبات تام, وبعد مرور ساعة واحدة من المباركات
وتوزيع الشربات والحلوى فاجآها باستقامة استحوذت على خصرها وصوت
واضح:
يلا يا لولّا
لولا بشد اللام وأمر مباشر بالرحيل..
كانت تعلم أنهما سيقضيان الليلة بفندق شهير ثم يتوجهان بعد ذلك للغردقة
ولكنها لم تتصور أنها سترحل بتلك السرعة
فالساعة فعلياً ما ا زلت ال ا ربعة عص ا رً وهو من أصر على عقد قران مبكر بحجة
مواعيد المأذون.
استدارت نحوه لا تفهم فضم حاجبيه بجدية ليزيد:
ناقص 3 ساعات على ميعاد الطيارة.. يا دوبك نتحرك دلوقتِ.
طائرة.. ثلاث ساعات!
والأمر بدا واضحاً بعد دقائق.. ستسافر اليوم.
ضربات قلبها كانت متسارعة وهي تودع الجميع على عجالة.. حقيبة ملابسها
أخذها أحدهم ليضعها في السيارة, وأمها كانت تقبل رأسها وتوصي حمزه,
والتوأمان متعلقان بطرحتها حتى امتدت يد حمزه فجأة لشعرها ليفك أحد
الدبابيس المثبتة بمهارة ويخلع عنها الطرحة ملقيها للتوأمين:
خدوها!
ثم استحوذ على قبضتها بيد وحيا الجميع بالأخرى ممهداً للمغادرة وهو يهمس
لها بشقاوة:
كده أحلى.
المفاجأة الثانية كانت هي سيارته, فحمزه قرر أن يقود سيارته بنفسه متوجهاً
للمطار وهي بجانبه وحينها أيقنت فصرخت:
إيه ده!!.. استنى هغير الفستان مش هسافر كده.
ابتسم بمكر وهو يدير السيارة:
ما فيش وقت.. وبعدين أصلاً هتسافري كده ولا هتدخلي بيتي من غير فستان
الفرح!
رفرفت أهدابها لا تفهم, فضحك وكانت السيارة قد ابتعدت عن المنزل بالفعل
وانطلقت مسرعة نحو الطريق الرئيسي:
أنا متفق أروح بعروسة وفستان ولا عايزة تخميني وتبوظي الليلة!
ها قد بدأنا..
كانت تكررها لنفسها وقد انتباتها حمرة وازت لحظات كثيرة منها أناملها التي كان
يقربها نحو فمه كلما توقفت السيارة بإشارة.
والإشارة كانت متعة وأصبحت كارثة, واحدة تلو أخرى تلو أخرى لتدخل السيارة
في زحام سرمدي بدا غير منتهياً..
الخامسة والقاهرة كيف كان يفكر!
وهكذا بدأ فعلياً يسب نفسه ويتخلص من ربطة عنقه الخانقة مع تزايد الزحام
لشكل بدا متوقفا إلى الأبد..
كانت جواره تراقب الطريق بحيرة فالسيارت لا تتحرك تقريباً وهي مكدسة
بفستان زفاف داخل علبة حديدية اسمها سيارة, وعريسها الوسيم يضغط على
البوق كل ثلاث دقائق ويلعن كل طريق اتخذه..
كان موعد الطائرة قد اقترب وبدا فعلياً أنهما لن يلحقا بها وحمزه بدأ ينثر غضبه
على المارة وعلى كل سيارة تتخطاه وقريباً عليها هي شخصياً خاصة عندما
قالت بتذمر:
غلطتك.. معاد دلوقتِ زحمة جداً يعني كنا لازم نتحرك بدري.
أنفاسه كانت مسموعة وهو ينظر نحوها مغتاظاً وضم حاجبية بغضب قبل أن
يصرخ:
ليلى.. نقطيني بسكاتك!
حينها تمكن هي منها غضباً أكثر لتوازيه:
أنت بتزعقلي!.. مش كفاية مخنوقة من الحر بقى لي ساعة والفستان كاتم
نفسي ومش عارفة أخرج من العربية وكمان الجزمة كعبها عالي جداً ومش
حمل البهدلة دي.. قلتلك أغير بهدوم مريحة..
أغمض عينيه ليضرب فوق المقود بقلة صبر ليستدير نحوها محذراً:
ليلى.. مش ناقصك.. هو يوم منيل من أوله!
حينها استشاط غضبها لتبرق عينيها باعت ا رض واضح:
والله.. خلاص نروح عادي جداً على فكرة.
لم يجبها..
تركها ليدور بعينيه في الزحام حوله ثم خرج من السيارة لينظر على امتداد
الطريق ويدرك الكارثة
هو لن يخرج من هذا المأزق قبل ساعتين على الأقل!!
وفجأة وجدت بابها يفتح ليمد ذراعه ويسحبها بالأمر وهو يقول بنبرة جادة:
تعالي!
خرجت بالفعل لأنها كانت تتوق لأن تترك مقعد السيارة ولكن لا تفهم!..
تابع وهو يأخذ حقيبتها ويغلق السيارة:
هسيب العربية هنا وهابعت لحد يجي ياخدها.. هنعدي وناخد التاكسي يلف
بينا من طريق سالك..
حينها توقفت وقد فتحت فاهها ثم تخصرت لتقول باعت ا رض:
تسيب العربية وتاكسي!!.. حمزه استنى أنا أصلاً مش عارفة اتحرك!
لم يبالي وسحبها وكان الطريق سيئاً فتعثر حذاؤها بصخرة بارزة كسرته وحينها
صرخت من الغيظ وهي تمسكه:
شوفت!!
وقبل أن ينطق حركت رأسها بعناد تسبقه:
هو يوم منيل من أوله!
وضع الحقيبة على الأرض وتنهد مهدئاً أعصابه حتى لمح متجر منزوياً لأحذية
نسائية فسحبها مجدداً نحوه دون إرادة مما ا زد من اغتياظها وكان اغتياظاً لا
يوازي ما حدث بعد
فقد خرجت من المتجر بعدها بخمس دقائق ترتدري حذاءً رياضياً!!
عروس بفستان منتفخ وطرحة مفقودة وحذاء من ماركة أديداس
وقبل أن تقولها هي أو يرددها هو كان يهذي بها سائق التاكسي وهو يتحرك
بهما على الجانب الآخر من الزحام:
"هو يوم منيل من أوله!!"
******************
كانت صالة مغادرة الركاب الداخلية بمطار القاهرة تنتظر وصول عروسين,
وسيم تخلص من ربطة عنقه لتنسدل على جانبي قميصه, وعروس بخصلات
قصيرة انسدلت بعفوية على جبينها وفستان زفاف كلاسيكي رائع فوق حذاء
أبيض رياضي جداً وواضح جداً لكل من أطال النظر نحوها!
وهم كثيرون..
وربما التعليقات المسموعة كانت أكثر
مبروك يا عروسة.
دي موضة جديدة يا بنتي ولا إيه؟!
تقاليع آخر زمن!
أمور قوي العريس وهي.. عسولة!
والجملة الأخيرة كانت من مجموعة فتيات جاوروهن في مقاعد الانتظار, ولا
تنكر أنها أغاظتها.. بل زادتها غيظاً فوق غيظ, وغيظ ثالث جاء مع طلب لحوح
من فتاة لم تتجاوز السابعة عشر هي وصديقاتها بأخذ صورة "سيلفي" مع
العروسين
وقبل أن تعترض رفض حمزه
أخيراً فعل شيء جيد!..
ولكن ليس تماماً, فقد رفض أن يصورن عروسه ووافق هو على أخذ
الصورة!!
يبتسم وسط ثلاث صغيرات لكاميرا والمذنب "سيلفي"
واستدارت ولن تعلق.. لن تهتم وابتسم لها بهمس مشاكس:
دول ناشونال!
وتحركت شفتاها منفرجة بابتسامة مغتاظة قد تأكله هو وثلاث مراهقات في
نفس اللحظة.. فصمت
وهنا..
السكوت علامة النجاة!
وتعلن شركة مصر للطيران عن قيام رحلتها رقم 341 المتجهة إلى مطار
الغردقة في تمام الساعة السابعة مساءً..
أخي ا رً جزء من الراحة على مقعدين متجاورين في طائرة من ماركة ايرباص تتجه
بسلاسة فوق سحب ممتدة نحو البحر الأحمر
والراحة ليس لأنه وصل, ولا لأنه لحق بطائرته, بل لأنها غافية ببراءة طفلة
فوق أحد كتفيه..
ليلى..
امممم..
حبيبتي اصحي
فتحت عينيها على ابتسامته واقتراب ماكر وراضي للغاية:
وصلنا..
*****************
الحب يكمن في التفاصيل..
أن تحفظها
تقرأها
ثم ترغبها..
ومركب منصور كانت عروس متزينة, أضواء ملونة استقرت على جانبيها
فأهدت البحر المظلم بهجة زفاف..
وسائد بألوان مخملية منتقاة, ورائحة شهية لطعام دافيء اختارته فاتن بعناية..
على مقدمتها شاهدت أمين يرتدي جلباباً رمادياً بشال مزركش ومبهج بدا
وكأنه بلمسة زوجته وفي الداخل استقبلوهما عدة أصدقاء أغلبهم لحمزه مع
نغمات دفوف أتقنتها فرقة نوبية كانت في مقدمة حفلهم الساهر..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي ت ا رقب القارب لتهمس دون أن تستدير نحوه:
حمزه
وحينها أحاط كتفيها بذ راعه ليضمها نحوه ويهمس بدوره فوق أذنها:
عرفتِ ليه كانت مستعجل؟
وابتسمت له أروع ابتسامة ربما قد رآها منها يوماً, وكانت هي بتلك اللحظة تعلم
كم تحبه..
بعدها اختطفوها منه
فاتن تحتضنها وتقبلها باشتياق, والمفاجأة كانت تحسين وزوجته وصديقتها
التي تأملتها بإعجاب وأخبرتها أن طلتها تبدو رائعة رغم متاعب السفر, ولكن
العريس يستحق تحسين بعض التبرج..
وكأنه يقصد دعوتها!
نفس طلة شفتيها الساحرتين أتقنتها المرأة بحرفية تامة, وعيناها..
عيناها من جديد تعطي نظرة بألف معنى.
ظل يتأملها حتى تلونت وجنتاها, ولكن الحصار لا سبيل منه تلك المرة, قبضة
فوق الخصر.. قبلة فوق الجبين.. رقصة هادئة
أخرى أكثر حيوية..
جذبهما الجمع وخجلت واستحوذ عليها:
لو رقصتِ هاكلك!
لم تصدق, رفعت عينيها وشفتيها ووجهها وكل خصلة نحوه
هذا لا يجوز..
جذبها مبتعداً نحو مقدمة المركب وقبل أن تعترض فتح يده ليدس في أناملها
خاتم بحجر ماسي بدا كأمواج البحر الصافية..
ثم قبل أناملها ببطء مقصود, لتسحبها في خجل واعتراض وعندها ابتسم
بشقاوة:
ينفع ينطوا هنا علشان نبقى براحتنا!
فتحت فمها لا تصدقه وهمت لتتركه ولكنه استحوذ على يدها:
رايحة فين؟.. تعالي هنا..
وتلك المرة حينما جذبها كانت قريبة جداً بتجاوز لم تعتده, دفعت صدره معترضة
فرفع أحد حاجبيه ممازحاً:
ايه رأيك... تيتانك يا روز!!
وتحولت الدفعة لضربة لائمة تشوبها حمرة خجل مجدداً لا تستطيع التحكم بها
وحينها نظر خلفها لفضول ضيوفه القادم قريباً ثم همس بمشاكسة أخيرة:
أنا بقول نكمل في البيت!


صمت الجياد بقلم /مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن