الفصل الخامس عشر

8.8K 221 1
                                        

صرتِ أنتِ كل النساء
بسمتك وعنادك سعادتي
رفضك وخجلك مرحي
نبرتك وصدقك لهوي
عطرك وصوتك عشقي
غيرتِ عاداتي وأوقاتي
وأصبحتِ عالمي وميقاتي
عرّفتِ بسمة القلب لحياتي
وعادت لي بعض مشاعر الماضي
.....
هل أخبرتك أنك اربكت حياتي؟
ودق قلبي واحمرت وجناتي
وخفتت نبرتي وسطعت ابتساماتي
معك أنسى مخاوفي وتتبدل أح ا زني
تحرك بعطرك أمواج نفسي
لأنسى نفسي وزماني
اهداء من إيمان حسن
"همسات حالمة"
عندما هي تحب..
لا يصح أن نختزل الحب بكلمات..
وهو رجل..
لا يجوز التعبير عنه بالكلمات..
قهوتها الصباحية هي نبض أفكار, حتى رغم انشغالها ورغم العمل ورغم موعد
استيقاظ تميمة, هي تحافظ على تلك الدقائق معها أمام النافذة حيث تراقب
خيوط الشمس..
وهو أخبرها مرة أن الشمس تناسب ضوء عينيها.
هو ليس رجل كثير الغزل ولكنه يُنَكِّه كلماته بنظرة تتتوج أنوثتها عنان
السماء..
وهي دوماً كانت تكتفي بالصمت
طالما كانت تلك هي القواعد
يغازل فتصمت وتبتسم خجلاً..
يُقَبِّلها فتستسلم برضى..
يحتضنها فتدفن رأسها بين ضلوعه..
يبتعد فتنأى بنفسها هي الأخرى في انتظار قراراته..
ابتسامة غريبة امتلكت شفتيها..
ليست ساخرة وأيضاً لا تقصد بها سعادة..
بل هي ذكرى خانقة لتلك اللحظة عندما تسللت خلفه المغناج تعرض نفسها
بابتذال..
تطبق شفتيها فوق شفتيه في عرض مخصص لها هي..
وكأنها ودَّت اهداءها لمحة ترويجية عن ما سيكون عليه الأمر إن لم تكن
هناك!
وترفض أن تفكر أو تخاف أو تحلل أو ربما تظلم..
ربما لم يكن ليحدث شيء, كان سيصفعها كما فعل أمامها تماماً..
وتُرضيها النتيجة ولكنها لا تتركه للفراغ ولا تقبع بمقعد المشاهدة كما اعتادت..
ببساطة تبتكر فهو رجل يستحق الابتكار..
وكان هو يقف على بعد أمتار منها ي ا رقب هذا الشرود الذي كان يتمنى فيما
سبق أن يكون بشأنه!
ولا ينكر أنه نال أكثر..
وامتلكت شفتيه هو أيضاً ابتسامة لكنها لم تكن غامضة كتلك التي اجتاحتها بل
كانت ذكورية خالصة..
تتذكر ظهورها المفاجئ مساء الأمس بغلالة فاضحة!
بندقيته تتخلى لأول مرة عن خجلها وعن إطلالتها التقليدية وترتدي ابتكارا
مهلكاً مع ام أ رة مثلها..
وهو رجل مثل أي رجل لن يرفض مثل هذا ابتكار!!
استدارتها قابلها بنفس الابتسامة وكان يبدو أنها أخذت حمامها الصباحي
لدورها واكتفت بمئزرها القصير على خف يوازي لونه, وتركت خصلاتها المبللة
منسدلة على كتفيها..
اتجه هو نحو ماكينة القهوة..
مظهره يخالفها تماماً,
عاري الصدر ومشعث الشعر نوعاً ما ويرتدي سرولاً بيتياً مريحاً..
شعرت بذراعه حول خصرها يجاورها ويرتشف قهوته دون حديث, لم ينظر
نحوها ولكن نبرته الدافئة فعلت:
البشكير ده في حد ذاته عندي ابتكار!
لوت شفتيها بابتسامة ا رضية وضربته ضربة خفيفة فوق كتفه فضمها نحوه
أكثر, وأخذ رشفة من قهوته قبل أن يضعها على طاولة جواره ويقرب إيناس
نحوه أكثر ليطبع تلك المرة قُبلة مختلفة..
حنونة فوق أ رسها تماماً ولم يتحدث هو فقط هي قالتها:
بحبك..
نعم تحتاج أن تقولها هي أحياناً ولا بأس من كثيرا
تحتاج أن تُخرجها من حين لآخر لأجلها قبل أن تكون لأجله
تحتاج أن تخبره كم تحبه وكم تعشق كل تفاصيله..
هي لن تغازل خصلات شعر ولا عينين..
الأمر ببساطة أنها تشعر بالأمان فوق صدره ويستقر عالمها طالما كان هواءها
أنفاسه.
وتركت قهوتها وأسندت أ رسها فوق ضلوعه وأحاطت خصره بكلتا ذراعيها
وكررتها..
بملامح أكثر راحة وابتسامة راضية همستها من جديد في قانون جديد بدا
وكأنها تسنه هذا الصباح:
بحبك
**********************
كانت الم أ رة الخمسينية مبكرة في كل شيء كعادتها وعندما فرغت من توبيخ
الموظفين اتجهت نحو العمال وأعطتهم دروساً قاسية في الاستيقاظ مبكرا
والعناية بالنباتات..
كان هو ما زال في انتشاءه الصباحي, قهوة ومئزر حلو الرائحة وصوتها يردد
أحبك في إطلالة رومانسية لم تستمر طويلاً حيث رسمت تميمة مشهد النهاية
باستيقاظ مفاجئ واقتحام مندس بينهما لترفع نفسها في حضن أبيها بغيرة
طفولية مبهجة أضحكت إيناس حتى دمعت..
كل هذا بتبخر مع صوت مدام سندس ونبرتها المميزة..
المستفزة!
نعم مستفزة..
كررها عقله وهو يضيق عينيه ويلمح العجوز تقف بمدخل المطعم الرئيسي أمام
ممر طويل مزين بأجود أنواع نباتات الزينة وعلى اختياره, تزعق سندس بعامليه
وصوتها بدأ يغزو غرف الضيوف:
كل يوم تسقوا الزرع.. وبعدين أنتم اتعلمتوا فين بالضبط؟.. الزرع محتاج
شمس.. انقلوا الكلام عند حمام السباحة حالا روح يا فتحي أنت ومصطفى دلوقتِ.
كانت نبرته هو آمرة.. وأعلى..
فانسحب العمال على الفور ا رضيين بتخلصهم من العجوز..
وحتماً إيناس ستحتاج ابتكا ا رت أقوى لتكفر عن خطئها المتجسد أمامه!..
رفعت سندس أنفها باستعلاء وردّت!!
وهذا كافي..
هي سترد وربما تود أن تلغي ق ا رره.
تلك الم أ رة هالكة لا محالة, وعندها شيئاً ما أوقفها..
نظرته الغاضبة وثقة ما في ملامحه أن لديه ما سيخرسها!!
كانت محقة..
اقترب منها هو يضع قبضتيه بجيوب بنطاله كعادته في إلقاء الأوامر, وهمس
بصوت خفيض وليس عالٍ مثلها..
خفيض ولكنه آمر بدرجة مخيفة:
كل واحد يركز في تخصصه يا مدام سندس.. وأعتقد الزرع مش شغلك!
بدّت رافضة وهمّت لتنطق ولكنه أوقفها بتك ا رر بطيء ونافذ:
ابقي افتحي الإنترنت واقري عن نباتات الظل.. ما عنديش وقت أشرحلك
وشوفي شغلك يا مدام بدل ما تحرقيلي زرعي!
وتركها ورحل وتنفست هي بسرعة منخفضة..
ليس لطيفاً كزوجته ولا يحبها بالتأكيد فعلى ما يبدو أنها عُينت على غير رضاه
وأهداها هي هذا ابتسامة..
من نوع ثالث مختلف تماماً..
ابتسامة متشفية!
فهذا الخشن الملامح شديد النبرة مع موظفيه يبدو أنه يستمع في النهاية لكلام
زوجته!!
وهي بفترة بسيطة استطاعت أن تعرف من هم قاطني المزرعة..
خالد وزوجته الهادئة الملامح بطفلة شقية..
وهناك ام أ رة أخرى اسمها رقية معها طفلين رغم أنها تشك أن أحدهما ليس ابنها
وزوجها المهندس حسن مختص بأغلب المعاملات الروتينية والمالية ولا يظهر
بمزرعة الخيول كثيرا, فخالد يوكل له الاهتمام بالجزء الآخر من المزرعة والذي
يبدو أن ساكنيه منفصلين نوعاً ما عن هذا الجزء..
وهذا أفضل فهي امرأة لا تحب الصحبة.
رغم أن ملامح هذا الطفل تجذبها ولا تعلم لما! رأته أكثر من مرة عندما صحبت جولة أحد النزلاء بمضمار الخيل وأحياناً تلمح
تجوله بقرب مدخل الفندق يدحرج كرة ما ويلعب وحيداً ولا يشبه أباه كثيرا حتى
أنه لا يشبه رقية ولا طفلها الآخر الوسيم المدلل..
حتى أنها شبه متأكدة أنه ليس بابنهما..
ربما هو فقير من العائلة يحتاج لرعاية, ولكن على ما يبدو تلك الرعاية لا
تمنحه سعادة!!
ولا تعلم ما الذي أصبها فقررت أن تحادثه تلك الظهيرة..
ربما لأنه مثلها في عزلة, ربما لأنك لا تصطدم كل يوم بطفل يحمل ملامح رجل
حزين.

ربما لمعة المعاندة الخاصة في عينيه وتوجسه مع اقترابها لتعطيه بعض
الفطائر.. رفض في البداية ولكنها أصرت واختارت مقعداً جانبياً لتجلس فوقه
تتناول غداءً بسيطاً معه وأحضرت أيضاً بعض العصير
نظر محمود للكوب بابتسامة غريبة مردداً:
عصير ف ا رولة!
ناولته سندس الكوب وقد استوعبت رغبته به:
شكلك بتحبه قوي؟
ارتشف محمود العصير وقد شرد نوعاً ما ثم قال بنبرة باهتة:
جدتي كانت بتعملهولي أوقات!
وصمت قليلاً قبل أن يرتشف الباقي دفعة واحدة ويُكمل:
لما تكون قادرة.. أصلها كانت على طول تعبانة
صمتت سندس ت ا رقب الطفل بحزن ولم تستطع أن تمنع نفسها من السؤال:
فين ماما؟
لم تتأثر ملامحه!.. أجاب ببساطة:
مش م وجودة.
كما توقعت..
هذا الطفل يبدو يتيم الأم ولكن هل هو يتيم الأب أيضاً؟!
ناولته شطيرة فقضمها دون شهية.. سألته مرة أخرى:
طيب وبابا؟
استدار نحوها..
وتلك نظرة ا ربعة!
نظرة شاردة بها غضب وربما قهر..
تلك السيدة لا تظن أن رقية أمه وربما هي من أخبرتها..
ولكن أبيه..
هل الباشمهندس أبيه لم يخبر الجميع هنا بشأنه؟!!
أم أنه لا يبدو ابنه مثل خالد..
وقبل أن تكرر سندس سؤالها كان جوابه:
مش موجود.
وسؤالها الأخير لا تحتاج أن تسأله..
هو قرر أن يهديها الجواب الذي يريحه والذي حتماً يستحقه حسن!
دول مش عيلتي وأنا قريب حسيبهم وأرجع مكاني.
ورحل الطفل الغاضب وقد أكد حدس سندس...

هو طفل مُتَبَنى!!
**********************
تحسين رجل سمين بعض الشيء وله وجه أبيض تشوبه حمرة..
وحمزه طالما يمزح معه ويناديه الخواجة تحسين.. ويعشق هو حمزه, وأصبح
الغواص الوسيم صديقه ومنسق جميع رحلاته هناك.
ولم يتفاجئ تحسين بصحبة حمزه في رحلة الصيد تلك, فالفتاة تهمه وهذا بيِّن
منذ الرحلة الأولى..
وكان مسلياً أن يبتزه في بداية النزهة بشأن اخبارها بخطتهما سوياً في المرة
السابقة! ورضخ حمزه غاضباً احمرا كثمرة طماطم ناضجة واعداً بهدية ثمينة
من السيجار الكوبي الذي يعشقه تحسين!.
وتحسين لم يغفل أيضاً عن مراقبة ملامح ليلى التي تبدلت فور رؤية حمزه..
ارتباك وهروب ونظرة مترددة تخطف ضوءً نحوه وتهرب من جديد كلما اصطدمت
به..
رائعة هي م ا رقبة العشق الوليد
لا تصدق أنه معها تلك المرة وي ا رقبها دون تردد..
يرتدي قميصاً مفتوحاً فوق سر وال قصير ويجاور تحسين وضحكاتهما طغت
على صوت البحر..
يرتشف مشروباً غازياً ما..
وكلما نظرت نحوه يضبطها وتلتقي عيناها معه ويبتسم..
ابتسامة غريبة..
واثقة وكأنه يخبرها أنه يعلم..
يعلم ماذا؟!
ليس هناك شيء وهي لا تهتم..
هي يجب أن تفكر بصبري وتوعده الجبان مثله..
هي لديها أسرتها, والقارب, وعدواة, ومسؤولية..
ولا وقت لديها لوسيم يبادلها النظ ا رت..
والاهتمام.. والسؤال.. والنبرة الدافئة..
ومشروب الشاي بالحليب!
فركت جبهتها علها تطرد كل زحام الأفكار وعندها جاءها صوت صافي الم أ رة
صاحبة مركز التجميل من المرة السابقة وصديقة جيهان..
لم يجفلها صوت صافي فقط بل سبابتها التي نقرت فوق وجنتها وهي تضحك
وتحادث جيهان:
بما إن المركب واقف وهما هيصطادوا ويزهقونا إيه أ ريك يا جيجي أعمل ل
"ليلى" نيو لوك؟!
استدرات ليلى مع ذكر اسمها لا تفهم وردّت جيهان:
سيبي البنت في حالها يا صافي.. هي مش محتاجة.
لم تكترث صافي لكلام جيهان ونظرت نحو ليلى بتفحص وبدأت تتأمل وجهها
باحترافية ثم قالت:
في نص ساعة هديها طلة مختلفة ومناسبة على فكرة لجو البحر واللبس
بتاعها.. معاكِ سكارف؟
تنهدت جيهان:
معايا يا رايقة!
عندها نطقت ليلى باعتراض وخجل:
لا.. لا أنا مليش في الكلام ده.
وكأنها لم تقل شيئاً فجذبتها صافي من يدها لتأخذها للقمرة السفلية وكانت
تردد:
ما تخافيش.. أنا ألواني هادية وبشتغل على الإضاءة والظل ولو ماعجبكيش
امسحيه قبل ما نطلع.
ايوة بس..
وكان هذا آخر ما قالته ليلى ولم تعطها صافي فرصة وبدأت على الفور..
وربما فضلت ليلى الهروب قليلاً من أمام حمزه..
وربما لمسة مستحض ا رت التجميل فوق وجهها أعطتها إحساساً ناعماً خدرها..
وربما صافي تلك مقنعة لدرجة مخيفة..
لا تصدق ملامحها بالمرآة!
هي كما هي لا تختلف وليس بوجهها فوضى ألوان ولكن..
بشكل ما أجمل..
أجمل!!
تحولت نظرته لغضب..
ماذا فعلت تلك المرأة بليلاه؟!!
وجهها مشرق بطلة مختلفة..
وعيناها تهدي نظرة بألف معنى..
وقبعتها طارت والحمد لله ولكن الخصلات منسقة بربطة أنيقه تحيط مقدمة
رأسها وتترك باقي شعرها منسدلاً على جانب أذنيها..
شفتاها بهما لمعة صباحية معتدلة وردية..
تبيح لعقله تصور النكهات..

وامتلاء بدا ظاهر أكثر ومعتدل بقياس محترف..
وتضحك..
تبتسم لحديث جيهان وصافي وهمس تحسين بمكر:
أنا بقول جيهان وصافي يساعدونا في الصيد ونسيب حمزه والكابتن ليلى
يركزوا في السواقة!
لم يكن صديقه يدرك شيئاً.. فقط تذمر موافقاً:
يا ريت ومكان أحسن يا حمزه.. هنا السمك سمك زينة!
ومن وسط ابتسامتها لم تستوعب سوى صوته يزعق باسمها طالباً التحرك لبقعة
جديدة وبدا أنه سيجاورها لتوجيهها..
ولم تدرك سوى أنها وحيدة معه بمقدمة القارب والباقي في الخلف في مزاح لا
تعرف أن به همسات بشأنها خاصة بين جيهان وصافي التي همست بمكر:
الواد ما استحملش يا عيني!
نظرت نحوها جيهان بتفحص:
أنتِ مركزة بقى!
تنهدت صافي متابعة بابتسامة:
الحكايات في أولها لذيذة.. ولا نتِ ناسية!
ضمت جيهان حاجبيها في يأس وهي ترمق تحسين وسمكة في يده بحجم عقلة
الأصبع ثم همست:
طيب وفي آخرها؟
ضحكت صافي بشدة حتى أدمعت لتضع ذ ا رعها فوق كتف صديقتها بمؤازرة
ودون تعليق..
****************
هل عليها الآن أن تختبر غضباً لا تفهم سببه!
انعقاد حاجبين وشفتين رفيعتين مزمومتين بجانبها..
ذ ا رعه يتحكم بعجلة القيادة دونها وكأنها غير موجودة..
ولم يحاورها ولم يلتفت نحوها وقد مرت أكثر من نصف ساعة..
فجأة ودون ترتيب منها وجدت نفسها تزفر بصوتِ عالٍ لتتحرك من جانبه ا رحلة
لتوقفها منه نبرة آمرة:
رايحة فين؟
على الرغم من أن السؤال ليس من حقه كما انفراده بقيادة قارب أبيها ردت
بديناميكة توازي جفاءه:
هأقعد هناك.

كان يعترض طريقها بجسده فلم يكن يُسعفها مرور سوى بحركة منه ولم
يحدث..
بلزاد من احتجازه ليتابع بصوت خشن:
أنتِ هتفضلي معايا هنا!
حينها استدارت نحوه وقد لمعت حدقتيها تماماً كما تسحره..
والآن الحدقتان محددتان داخل ظل أعين ماكر يوازي الطبقة اللامعة فوق
شفتيها وهو ينظر..
حسناً فسينظر وسيطيل النظر أيضاً فلم يعد باليد حيلة!..
هزت أ رسها بغضب لا تفهم وهو رغم تحديقه لم تتبدل ملامحه الغاضبة بلزاد
مردداً:
قبل ما نرجع على الغردقة تمسحي اللي في وشك يا ليلى.. مفهوم!
لا تصدق أنه قال هذا لتوه ولا تعلم هل نبرتها عالية أم أن البحر آثر الصمت
ليستمع بدوره..
وحتى كلماتها خرجت غير مرتبة فكل ما تتذكره صوتها الغاضب وكلمات:
نعم!!.. وأنت مالك؟؟.. ما اسمحلكش..
ولم تزد..
كان هو قد استدار ليقترب منها مما أجفلها فتركت وجه حمايتها الذكوري
وتشبثت بطبيعة أنثوية أعادتها للخلف..
خطوتين
ربما ثلاثة..
أربعة..
ولما هو يقترب؟!
حاجز خشبي خلفها أجبرها على التوقف وحينها كان همسه قريباً ومحذرا وهي
لا تعي أنه شغفاً:
هو ينفع يا كابتن ليلى نتحرك بين العمال بعينيكي دي.. وكمان شفايفك دي..
كانت تتنفس بقلق وهو أيضاً بدا تنفسه أسرع عندما سمع نفسه ولكنه لم
يتوقف بل تابع:
سماح في الرحلة لكن قبل ما نوصل هتمسحيه يا ليلى!
أخفضت بصرها في غضب لتوجز كلمتها في حروف مسرعة:
عديني يا حمزه..
لم يتحرك..
نظر نحوها بإصرار وكرر أمره بنفس الهمس الصارم:

هتمسحيه يا ليلى!
وليلى العنيدة تعاند أكثر فما كان منها إلا أن نظرت نحوه بتحدي لتعطه بدورها
أمرا مختلفاً:
شيء ما يخصكش وما تتدخلش في أموري تاني..
حينها لمعت عيناه بغضب لم تفهمه ليقترب منها وقد أصبحت المسافة بينهما
لا تصح ولكنه لم يبالي..
بل وصلتها كلماته محذرة وان بدت معاتبة:
أنتِ بتستعبطي صح!
رفعت عينيها نحو وجهه وان كانت تهديه غضباً فهي من داخلها ترتجف من
القادم.. هي لا تود مصارحة ولا تلميح ولا اقت ا رب أكثر من ذلك..
قد تخسره بسببه..
فما كان منها إلا أن حركت أصابعها فوق صدره في حركة لا إرادية وغبية بذات
الحين..
كانت تود المرور فوضعت يدها فوق صدره العاري!..
أي حماقة تلبستها اليوم!!.
عادت للو ا رء مرة أخرى وقد توردت وجنتاها خجلاً رغماً عنها وأخفضت بصرها
لتطلب بضعف اجتاحها تلك المرة:
لو سمحت عديني يا حمزه
حمزه!
غارق حمزه.. وضاع حمزه..
وأنت السبب يا أمين!
سأقتلك.
ولكن سأقبِّلها أولاً!
وسأتزوجها وأنجب منها سبعة أطفال أناديهم أمين وأسبهم كل ليلة..
وربما هو شرد كثيرا وما زال يحتجزها ولكن تبدلت ملامحه فلم يعد غاضباً..
اجتاحته ابتسامة
تلك التي بها تشبع.. رضى.. وشغف بضربات قلب لا يمتلك سوى أن يرضخ
لها وكررت هي كلماتها مضطرة لتهرب:
هامسحه حالاً سيبني أمشي بقى
كانت تتوسل بغضب!
وهذا وحده لذة..
والحب لحظة
واللحظة متعة
ومتعته بهذا الوقت شفتيها
سيحتوي تلك الشفتين ويزيل تبرجها بنفسه..
والمرأة الحمقاء ستتسبب لها وله بفضيحة وسط أمواج البحر وهو إن بدأ لن
يتوقف..
وأغمضت هي عينيها لأنه اقترب أكثر وهمست تحذر وترتعش وتخشى
وستضرب بيد من حديد وقت المواجهة:
لو قربت هتندم يا حمزه!..
وعندها كان هو يبتسم بالتواء جانبي مبتهج بالضبط أمام شفتيها ليصلها
همسه الحار:
عارف
وحينها فقط تركها تمر!!
******************
وكانت غاضبة منه وأكثر من نفسها!
هو لم يفعلها وهي مسحت كل تبرج وضعته صافي..
وبها ندم وبهجة!
نعم بهجة أنثوية خالصة لا تستطيع التحكم فيها
لأنه اقترب ولأنه توقف ولأنه همس فوق أذنها قبل الرحيل
آسف
وطلب أن يوصلها ورفضت قبل أن يكرر..
وهربت نحو أول سيارة أجرة وشعرت بال ا رحة لأنه خلفها ولأنه ظل واقفاً بسيارته
ليطمئن على وصولها..
ولأنه بعث برسالة نصية قبل أن تفتح باب المنزل..
تصبحي على خير!
وزمت شفتيها غاضبة ورافضة وتدرك أنها تهتم ودون وعي كانت تغلق الباب..
وكانت تنظر للهاتف ولا تعلم أنها مبتسمة وأنها تفكر به وتريد التوجه نحو
النافذة لرؤيته..
شيء بسيط للغاية أوقفها..
تهديد كانت نسيت بشأنه وصوت حركة خلفها تخبرها ببساطة أنها ليست وحدها
بالشقة!

صمت الجياد بقلم /مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن