الفصل الثاني

12.1K 250 13
                                    

حج حجيجة وبيت الله.. الكعبة ورسول الله.. حج حجيجة وبيت الله.. الكعبة
ورسول الله..
كانت متعرقة بعض الشيء من استنفار حاد أمام الفرن..
تطهو وتطهو في رغبة جنونية للنسيان..
أعدت فطائر وبيت ا ز وكيك اسفنجي يكفي المزرعة بأكملها..
ولم يكفها ذاك..
فوضعت طاجن لحم ليلتهم لهيب الح ا ررة في النهاية.
بظهر يدها مسحت عرق جبينها وعادت لتهمس بأذن صغيرها بنفس الأغنية..
تُقَبِّل وجنتيه ثم أذنيه وتدندن..
وفجأة بكت!
هيستيريا كادت أن توقظ ملاكها النائم فانتفضت إيناس على الفور لتحمل خالد
نحو ف ا رشه ثم عادت لرقية محتوية يديها هامسة بص ا رمة:
رقية.. ما ينفعش..
تنهدت ببطء قبل أن تطلق لبكائها العنان..
لم تكن تتصور أن خبر قدوم محمود سيؤثر عليها بتلك الطريقة..
أي أنانية بائسة أصبحت!!
جذبت إيناس أ رسها الساخن بفعل اللهب والأفكار نحوها لتسنده برقة على كتفها
ثم تابعت:
تميمة شقية قوي.. طول النهار تنطيط في البيت, وباباها مشجعها وكمان
موضة الحصان.. اتخانقت مع خالد من شهر بسبب الموضوع ده وقلتله البنت
صغيرة على ركوب الخيل, ولكن كالعادة ما سمعنيش ولا اتناقش حتى.
زفرت إيناس بضيق وهي تتأمل آخر ع ا رك تم بينهما..
هي ترفض وتجادل وتخبره كم هي قلقة بشأن تميمة, وهو يرمقها بشرود
وكأنها تتحدث من كوكب آخر..

وكأنها بعيدة وابتعد بدوره..
تابعت وهي تتأمل رقية الأم المذعورة:
وكل مرة بتركب خيل باترعب.. وكل ما تبعد عني باترعب وهو شايفني مجنونة
قلق وحبستي ليها حتمحي شخصيتها.. رقية.. أنا مقدرة خوفك على خالد وقلقك
بخصوص محمود وفاهماه, لكن ما تصدريش جنونك ده ليهم مش هينفع ومش
هيفيد..
اعتدلت رقية لتمسح جزء من عب ا رتها ثم همست بحيرة:
أنا مش عارفة أعمل ايه!!.. حتى لو لعبت دور الشرير في الفيلم وصممت
الولد ما يجيش حسن مش هيسمعلي.. الولد وحيد وأمه اتجوزت وسابته.
ربتت إيناس فوق كتفها مشجعة:
أنتِ بس خدي بالك ونبهي خالد, وجايز الولد عيشته هنا تقوِّم سلوكه
هزت رقية أ رسها بيأس:
هياخد وقت قوي.. الولد عنيف جداً.. مش عارفة أقول لك ايه, آخر مرة لعب
مع خالد خبطه بخشبة على دماغه كانت حتتفتح.
يا ساتر!!
قالتها إيناس بفزع..

فزع جعلها تفكر بدورها في تميمة وكأنها تخطط أن تحميها من هذا الطفل
بدورها!
************************
كانت قد أنهت لتوها عدة أعمال مكتبية ثم توجهت لصالة الطعام بالفندق لتتأكد
أن كل شيء على ما ي ا رم..
رغم أنها ودَّت رفض الوظيفة بالبداية والإستق ا رر بمدينة ساحلية ربما كشرم
الشيخ أو الغردقة ولكن مقابلة العمل تلك بدلت كل شيء.
حينها أ رته..
قامة طويلة, ونظرة حادة, وشفتين رفيعتين تتحركان بتأنٍ لتخرج كلمات موزونة
من صوت أجش دافيء وقاسٍ بذات الحين..
تركيبة مُهلكة أشعلتها كأنثى على الفور وتوسمت في العمل خي ا رً وأملاً حين لم
تلمح بيس ا ره أو يمناه أي حلقة ارتباط, لتصطدم بعد العمل بيوم واحد بعفريتة
صغيرة تشبهه وأخرى شاء حظها السعيد أن تكون هي زوجته!
ولكن المنافسة أصبحت ألذ..
خاصة مع تجاهله التام لفتنتها..
خطة تلو أخرى تتبعثر في الهواء وهو لا يظهر بمقر الفندق سوى قليلاً, فكل
اهتمامه منصب على المزرعة والخيول ويترك إدارة المشروع بكامله إليها..

يثق بها وهي محل تلك الثقة و ا زدت مكاسب المنتجع الصغير وهناك تفكير
جدي بتوسيعه وبناء وحدات أخرى..
ابتسمت بمكر وهي تتذكر الجولة التي قاما بها سوياً في مضمار الخيل بحجة
الحفل الذي تود تنظيمه لإضافة انتعاشة جديدة للمنتجع..
البداية مع عرض استع ا رضي لسباق الخيل ثم ستأتي فرقة روسية محترفة
لتقدم بعض الاستعرضات وأخي ا رً الفلكلور المصري..
بنفسها اتفقت مع مخرج شاب لتصوير الحفل ومن ثم انتاج فيديو خاص عن
المزرعة والمنتجع..
"صدقني يا خالد بعد الإعلان ده عدد النزلاء في الفندق هيختلف تماماً"
جملة أتبعتها بأخرى خبيثة
"سوري.. قصدي مستر خالد"
واكتمل الأمر بتعثر مقصود انتهى بين ذ ا رعيه!
تنهدت بشوق غير مدركة أن شوقها يحمل صوتاً وأنه هناك يقف خلفها مباشرةً
يحادث أحدهم بنبرة قاسية..
ملهمة لملحمة عشق.
صباح الخير..

قالتها ببهجة مناقضة تماماً لملامحه المغتاظة, تحول نحوها بغضبه ليجذبها
نحو غرفة مكتبها وقبل أن تنطق باغتها ا زعقاً:
آنسة شيرين.. تفهميني بقى ايه اللي حصل امبارح؟؟
كان قد استقر فوق كرسي مكتبها وقد ضرب بقدميه مسند صغير وردي اللون
تريح هي عليه قدميها من حين لآخر..
همجيته اعتادتها وربما هي ما جذبها نحوه فهي همجية ا رقية إن صح التعبير
تتصاعد وتتضائل حسب قدرتها على استف ا ززه..
توجهت نحوه بهدوء وابتسامة وسحبت المسند بتأني لتبعده عن قدميه مستديرة
لتضعه بمكان مجاور وببطء مالتبقامتها بشكل يسمح برؤية ممتعة لما تخفيه
تنورتها القصيرة!
اغواءها رخيص وهو يدرك ذلك..
تصور من قبل أنها ليست آنسة وود أن يصرفها عن المكان تجنباً لفضيحة قد
تحدثها مع أحدهم, ولكنه احتفظ بها عندما أدرك أن اغواءها مركز نحوه فقط!
تنهدت بحيلة فاشلة ثم تمتمت بصوت خافت:
النزلاء دول أنا ما كنتش مرتاحة ليهم من الأول, بس لو رفضت كل نزيل
علشان ال ا رحة النفسية الفندق ده هيصفصف على واحد بس!
كانت ترمقه بج أ رة وهي تنطق كلمتها الأخيرة..

لم يعقِّب فتابعت مدركة أنه ينتظر الأهم:
الصبح طبعاً اكتشفنا الكارثة والبهدلة اللي في الأوضة.. هو الولد صاحب
الغرفة دفع كل التكاليف و.. موضوع المخد ا رت ده أنا كتمت عليه طبعا مش
عايزين وش..
والمومس؟
قالها بتأني غاضب وعينين لا يقدر لسان على الكذب أمامهما..
عدلت من خصلاتها في توتر لتُكمل:
أنا ما اعرفش دخلوها ا ا زي و...
قاطعها بغضب وا ا زه بانتصاب مفاجيء ليوجهها بحدة:
هتدخل ا ا زي يعني؟.. ماهو يا إما من الريسيبشن وساعتها مسؤوليتك أو من
البوابة الخلفية والحارس قبض علشان يسكت وبرده مسؤوليتك لأنه اختيارك
وأنتِ اللي إديتي التوصية.
يمشي
قالتها بابتسامة مباشرة وشفتين مصبوغتين باتقان قربتهما بج أ رة منه..
رفعت أ رسها لتتقابل شفتين ولو الحجة حديث..
تابعت ولكن بصوت أخفض وأكثر ثباتاً:

على الفور يمشي.. بس أنت ما تتعصبش.
لم يتأثر وبالطبع لم يتحرك قيد أنملة.. وكأنه ستتمكن منه امرأة!..
همس بنبرة مماثلة ولكن تحمل قسوة آمر:
المرة الجاية أنتِ اللي هتمشي..
خفتت ابتسامتها لوهلة ولكنها ما لبثت عن عادت وبثقة أكبر لتتابع:
ما فيش مرة جاية..
وفي حركة مجنونة رفعت يدها لتطوق رقبته مما أجفل ثباته ولكنها همهمت
بثقة:
واضح إن تميمة كانت نايمة على كتفك
سحبت خصلة بنية اللون يستفزها ضوء الشمس فتنبلج شقرتها, قبل أن تزيلها
بالكامل أمسك بمعصمها في قوة ثم سحب الخصلة بتأني ليضعها في جيبه وهو
ينظر نحوها بتحذير وجدت به متعة.
همست بخبث:
أو مش تميمة..
قالتها وتركت موقعها لتتوجه نحو مكتبها متفحصة بعض الأوراق بجدية تامة
وكأن شيئاً لم يكن..

ناولته ورقة صغيرة مستأذنة:
هحتاج توقيع حضرتك هنا علشان تصريح الحفلة.
وقع الورقة دون أن يزيح بصره عنها..
لا يدرك هل تستفزه ج أ رتها.. لهفتها.. شغفها به!
هي ماهرة بعملها ولكن ليست استثنائية..
ببساطة يفصلها ويرتاح من تماديها, ولكنه اليوم اعترف لنفسه أنه بدأ يستلذ
ذلك..
ببساطة رجل يستلذ ذلك..
*********************
بحلم على قدي
بش ا رع يعديني
بشموع تدفيني
بعيون تصون ودي
يقال أن أروع الأحلام أبسطها..
تلك الهواجس الدافئة التي تثلج صدورنا بحقيقة الصقيع.
قارب يتأرجح يميناً ويسا ا رً يناجي القمر تحت وقع أمواج..

اعتاد أن تكون تلك هي صومعته الصافية.. يسند أ رسه مواجهاً السماء.. يتأمل
ص ا رع النجوم بين توهج وخفوت فتلك نجمة الحظ, والآخرى نجمة الحب, أما
هذه فتحمل فتنة النساء, والبعيدة هي كبرياء رجل..
زفرة حارة أخرجها مع ذكرى تموج بعقله منذ ست سنوات..
ليلة حريق قلبه وروحه وكبرياءه.
ص ا رخ مُلِّح أخرجه من غفوة أفكاره..
يا حمزه.. حمزه.. نمت يا صاحبي؟
استقام ليدرك أن قاربه ابتعد كالعادة وسط الأمواج وقرر أمين متطوعاً أن
يسحبه بآخر..
ابتسم وهو يلمح سمرة وجه أمين اللامعة بغضب تحت ضوء القمر وتمتمته
بغيظ:
مرة بياخدك الموج وما ترجع.. البحر غدار يا حمزه.
عاد لنفس وضعيته مواجهاً السماء تاركاً الدفة لمنقذه وهمس بشرود:
البحر صادق يا أمين.. أمواجه بتضربك وأنت داخل بيقول لك ارجع.
ترك أمين قاربه بدوره للأمواج فأصبحا خاضعين بأمر مياه..
أخرج لفافة مهترئة من التبغ وسحب نارها محرقاً صدره وأشواقه..

أجاب بسلاسة مُجَرِّب:
بس بعدها بيسحبك يا صاحبي..
ابتسامة ساخرة مرت على ا زوية شفتيه..
لو أخبره أحدهم حينها أن مصيره سيكون بقارب متأرجح بجانب صعيدي متذمر,
لجزم بأنه مجنون..
اعتدل ليواجه أمين مختطفاً منه اللفافة ساحباً حريقها بدوره قبل أن يرميها في
المياه..
وقبل أن يتذمر أمين على باقي لفافته الغالية ضحك حمزه بشدة ساخ ا رً:
يخمس معانا بدل ما يغرقنا!!
قطب أمين جبينه واعتدل ليحرك القاربزاعقاً:
ليك نفس تنكت إياك!!
وأنت ليك نفس تنكد.. بوظت الليلة اتحرك يلا.
كان زعيق حمزه أعلى نبرة ولكنه كان مرحاً يستجدي ابتسامة..
لم يعقب أمين وظل شارداً يحرك القارب, تأمله حمزه لوهلة قبل أن يسأله:
أخبار الحاجة ايه؟
ابتسم أمين حينها بشوق ثم أتبع:

بتسأل عليك.. وباعتة لك ملتوت.
ابتسم حمزه متأث ا رً بعبق الوجبة الشهية التي لم يتذوقها بعد ثم أغاظ صديقه تلو
ذلك:
أيوة كده.. أهي حاجة عدلة من و ا ر سحنتك الكشرة!.. فكها يا فقري!!
صمت أمين لوهلة متأملاً سواد المياه القاسي ثم تابع بنبرة جافة:
سعاد مشيعة مكتوب, كلام يقطم الضهر وأنا مليت أكتر ما هي ملت بس ما
باليد حيلة.
سعاد زوجة أمين التي تركها بعد شهر واحد من الزفاف في سعي قاسٍ نحو
الرزق..
بعد أن رتب أمر زيجته ومعيشته فاجأت الرياح سفينته وقطعة أرضه التي
توسم فيها رزقه أصبحت ب ور بجبروت طامع..
ووجد نفسه في اختيار بين مجاورة العروس المليحة دون حيلة أو الحفر
بصخر الحياة طلباً للرزق..
خطا نحو المدينة الساحلية مثل غيره واستقر به الأمر عاملاً على أحد اليخوت
يجني ما يكفيها وأهله بالكاد ويقتات هو على الفُتات..
وسعاد ملَّت!!
زعق وهو يكررها بتبرم:
ببيتها وريح أهلها وبتنام في حضن بتي وتقول ملَّت.. أموت محروق أنا
أحسن!
كان يزفر بغضب يوجز اشتياقه نحوها ونحو بدرية صغيرته التي تكبر دونه يوماً
بعد يوم..
يتلهف لرؤيتها أيام معدودة كل عدة أشهر ويروي ظمأه منه بصورة يعلقها فوق
ف ا رشه.
صمت حمزه متأملاً وجع صديقه أم ربما وجع الحاجة التي أصبحت آفة الدنيا
الدائمة..
ربت فوق كتفه ليواسيه:
روق يا أبو بدرية.. الستات كلها نكدية أومال أنا مقاطعهم ليه؟!!
ضحك أمين يائساً:
مقاطعهم!.. والجا دي إيه إياك مش ست!!
ابتسم حمزه عابثاً بخصلاته ثم نظر للشاطئ الذي بات قريباً, أردف بمكر:
مقاطع الجواز.. والمصريات.
ابتسم بعدها بقسوة ليتابع بتباهِ:
أنا بقيت انترناشونال يا بني!!

ضحك أمين بشدة ثم رمق صديقه بخبث:
الفجر قرب والدعوة مستجابة.. هدعي لك دعوة حلوة اسم الوالدة ايه
بدون تفكير وبنية صافية أجاب حمزه:
نبيلة..
انتفخت أوداج أمين في سعادة غامضة قبل أن يزعق بدعوة خاصة جداً من
أجل صاحبه:
الهي تقع في المصرية اللي تربيك وتقلق ا رحة لياليك وتذوب في حبها زي
الغريق يا حمزه يا ابن الست نبيلة!
ملامح حمزه ادمعت عيناه من الضحك فلم يملك سوى أن يتابع:
قول آمين..
وقبل أن يقذفه حمزه في المياه كما انتوى وقبل أن يدركا المنادي على الشاطئ
اخترقت الكلمات ضحكاتهما الصاخبة وكتمت الضجيج بلفظ واحد:
يا أمين.. إلحق يا أمين.. الريس منصور..
انتفض أمين بقلق يصرخ في مناديه باستفسار:
في إيه؟
صمت المنادي واجماً ثم تابع بنبرة أخرى أتبعها صمت تام:

الريس منصور تعيش إنت.
**************************
على بعد خمسمائة متر فقط من أوب ا ر غارنييه وبمسافة قريبة لغاليري لافييت
اعتادت أن تأخذ قهوتها الصباحية..
المقهى هاديء فمرتاديه عادة ما يزيدون بعد التاسعة صباحاً وخاصة من
السائحين المتوجهين للغاليري..
حياها الجرسون بايماءة صامتة وقبل أن يحضر المنيو همست بفرنسية طليقة:
المعتاد..
باريس المدينة التي أنهت بها وجهتها, المحطة النهائية بعد علاج امتد لأشهر
حرص هو عليه عله يكتسب من شرها آماناً..
وخرجت فلم تجده ريحه واكتشفت أنه نسي حتى بشأن اعداءه.
لولا ما تبقى بحسابها البنكي ربما لتسولت ثمن تذكرة عودتها ولكنها لم تتسول
ولم تعد..
حجزت مقعداً طائ ا رً نحو باريس في رغبة ملحة لرؤية المونالي ا ز.
التشبع بتلك الابتسامة الغامضة التي تمنت لو ترسم مثلها أم ربما تجد من
يفهم حزنها مثلما أدرك دافنشي دواخل بطلته.
تأملت قهوتها وتأملت ست سنوات مرت على الحريق..

النهاية التي سطرتها بليلة غضب لتنقلب عليها دون رحمة..
الم أ رة التي أصبحت عليها والقهوة التي تحسب ثمنها قبل أن ترتشفها والتمايل
تحت شهوة أبصار تركت كل مآسيها واختزلتها بجسد.
صاحب المسرح الذي أبهرته العربية الحسناء, سطر لها رقصات ساحرة ستلهب
زواره خاصة السائحين العرب..
ولكنها اشترطت سيناريو عرضها ولم تتنازل ورضخ هو خاصة مع جمهورها
الذي ت ا زيد ليلة تلو أخرى ومن كافة الأجناس.
الجميع يود رؤية شهر ا زد التي خسرت بنهاية المطاف..
قتلها شهريار مثل كل ام أ رة ودفنت هي اسطورتها بجنون رقصة.
لم تنتصر شهر ا زد..
ولن تنتصر..
شهريار سيظل منتقم حتى النهاية...
خيُّل إليه أنه استمع إلى زفرتها الحارة من خلف الزجاج..
شهر ا زده الحم ا رء مثيرة جنونه على مر أشهر..
منذ لمحها أول مرة ترقص بألم فوق مسرح علم أنه أمام استثنائية..

أنثى لا تتكرر سوى كل مائة عام وهو قرر أن يكون خاطف تلك المائة. أرسل
مرسال.. واثنان.. وعشرة..
وهي ترفض..
بالطبع سوف ترفض..
هي ليست مجرد جسد..
خصر ونهد وأرداف لأجل حفل خاص..
هي لوحة يود أن يجسدها كما هي..
دماءها الحارة..
بريق الزرقة الصامتة بعينيها..
الخصلات المتناثرة تمرداً على الواقع والخيال..
تهديه كل ليلة نظرة..
متحدية..
متجبرة..
وهو يوازيها..
إن كانت هي كارمن بثوب شهر ا زد..
فهو سيكون أوتار ريمسكي وبيزيه مجتمعين..
لترقص فقط على أنغامه..
وترتمي بالنهاية بين ضلوعه إن شاء!..
بثقة انفرجت شفتان قاسيتان وبخطوات هادئة توجه نحوها..
وقبل أن تستدير لمواجهة متطفل صباحها تلجمت بدورها..
فها هو متطفل كل ليلة وصاحب الصك المفتوح دون ثمن من أجل ليلته
الخاصة كما يريد..
"مراد الغازي"
********************

صمت الجياد بقلم /مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن