12

38.4K 642 93
                                    

شجن : طيب ديم تقصد ذياب ، انتي من تقصدين ؟
رسيل : محد ، يعني عشان اعجبني الكلام صرت احب ، لاتصيرين سخيفه بليز
شجن ضحكت وطلعت ديم بالقهوه والحلا وقهوتهم وسحبت رسيل منها القهوه : ارتاحي مو ضيوف حنا
ابتسمت ديم وجلست : صدمه ماقد قالت لي تذكار انك بنت عمها
رسيل : ودي احش بس اختها جنبي خليها اذا صرنا لحالنا
ديم ابتسمت وسرعان ماتلاشت ابتسامتها لما طق الباب بقوه وشهقت ووقفت وطاح منها فنجال القهوه واستغربوا شجن ورسيل ، صح انهم خافوا من صوت الباب لكن انصدموا من ردة فعلها.
شجن راحت فتحت ودخل ابوها ولما شافها قال بصرامه : وش جايبك هنا تبينا نتورط فيك مثل ماتورطنا بعمك
شجن : يبه هد اعصابك جينا نتعرف على ديم و.
ابوها سحبها وطلعها برا وقال بصرامه : لاشوفك مقربه لها ، وانتي يارسيل اطلعي يالله
رسيل بقوه : لا ماني طالعه
عمها بحده : اقول يالله اطلعي واهربي بعمرك
حوّل نظراته لديم : لاتجلسين عند الساحره بنت الساحره اللي اخذت ذياب وخربت حياته
ديم حست بصداع من الصدمه والخوف لما قرب لها ، رجعت لين ضربت بالجدار وقف قبالها ورفع سبابته بتهديد : يمين بالله ، اذا ماطلعتي من حياة ذياب ، اني لااشرشح فيك بين الله وخلقه ، والله لااجرجرك بالمحاكم والسجون لو ادفع عمري كله مو خساره على ذياب
كان متوّقعها تبكي وتتوسل له كما هو واضح بملامحها ، لمعت عيونها وصدت شوي استرجعت احداث كثير مدت يدينها ودفته عنها بقوه وصرخت بكل حبال صوتها : تعقــب ، والله مايبعدني عن ذياب الا هـو ، وعلم اللي وصلت لك كلام عني اني ارقى منهـا ومن تفكيرها الواطي ، بس ماعليها ملام دام ابوها انـت ، الظلم عندكم بريال لكن يجي يوم وينصفني ربي من خبثكم
ابو هادي انصدم من ردها وكلامها ، ناظر لرسيل اللي لازالت واقفه وتناظر ببرود قال بقوه : اطلعي لاتسحرك
رسيل : ماني طالعه ، ابيها تسحرني بكيفي
ابو هادي بقهر من رسيل : زين خليك ليتها تسحرك وتخليك مثل البنات ، مو كذا شكلك يسد النفس
رسيل : متصالحه مع ذاتي
ابو هادي : عموماً ديم جاك العلم ، اذا ماطلعتي بهدوئك بركات امك بتطلعك..
ديم تكلمت بكل قوّتها الضعيفه وعيونها غرقانه وصوتها مبحوح : والله ، مايبعدني عن ذياب الا رب ذيـاب
حس بخوف منها ويأس لكن نظراته كانت تتحدى ديم ، ولف بيطلع شاف شجن واقفه وتناظر بشتات قال بصرامه : امشي انتي بعد ، تقروشنا بك ارمله مانبي نتقروش بك مسحوره بعد
شجن ناظرت فيه ثواني مصدومه من كلامه ، لو ضربها اهون من هالكلام حست قلبها ينجرح وجرح كبير من اقرب الناس لها ، عطته ظهرها وطلعت بسرعه وطلع وراها وقلبه منكسر عليها لما استوعب اللي قاله.

رسيل ضربت وراه الباب بقوه ، ديم جلست وسرحت بالفراغ اللي قدامها ولمت حالها ناسيه وجود رسيل ، تحس احلامها اللي بنتها بلحظات قاعده تتلاشى وتتحطم ، بسبب وحده حسبتها صديقه لكن طلعت عدوّه.
رسيل جلست جنبها واخذت نفس وقالت بهدوء : ديم لاتخافين منهم ترا ماعندهم الا الكلام
ديم غمضت عيونها واستجمعت نفسها وهمست : مابي ذياب يعرف باللي صار
رسيل : لالا خليه يعرف ويوقفهم عند حدهم ، مو بزر هو عشان يتحكمون فيه
على طاريه فتح الباب ودخل وناظروا فيه ، عقد حواجبه لما شاف رسيل ، وديم جنبها واضح الضيق بملامحها ولمعة عيونها.
قرب لهم وقال بتساؤل :شفيها ديم ؟ وش قلتي لها ؟
رسيل : ريلاكس عمو ماسويت شي
سحبها من جاكيتها بقوه وطلعها للباب : اعترفي وش قايله
رسيل : اقسم بالله مو انا اتركني واقولك
تركها وكملت : عمي سطام جاها وقال لها انتي ساحره ولدنا واذا ماطلعتي من حياته بجيك شي مايسرك
ذياب انصدم حس الدنيا تدور فيه ودخل وسكر الباب..
تأففت بضيق وعدلت جاكيتها وطلعت الورقه من جيبها وقعدت تقراها ومدت يدها بتدخل شقة هادي لكن انفتح الباب طلع بوجهها هادي معصب وشهقت : بسم الله
هادي : وين كنتي
رسيل : بشقة عمي ، بعدين شفيك حاشرني وتحاسبني على طلعتي وعايش دور ولي الأمر ، بليز لاتخليني اندم لإني وثقت فيك
هادي : مو سالفة ولي امر بس دامني طلعتك من بيت امك ومن بيتك صرت مسؤول عنك ، وش الورقه هذي
رجعت يدها تخبيها لكن يده كانت اسرع اخذها وقرا اللي فيها حرف حرف وابتسم : ممتاز
رسيل : وش اللي ممتاز تقرا اختبار انت ؟
هادي : اعجبني الكلام ، من تقصدين فيه
رسيل تكتفت : مو انا ، ديم كاتبته
هادي : يابخته ذياب بديم حلوه ومثقفه
غمز لرسيل : واهم من جمالها انوثتها
رسيل : خير تغازل زوجته عيني عينك ؟
يارب يسمعك ، وبعدين وين شفت ديم ؟
هادي : حسيت
رسيل : لاعاد تحس.

ذياب جلس جنبها وهو معصب من اخوه ، وضاقت فيه الدنيا من شاف شكلها ، يدري انها مستحيل تتكلم التفت عليها وقال بهدوء : ديم اذا..
سكت لما طاحت بحضنه ، ضمته بقوه وبكت ، عجزت تتحمل اكثر وانفجرت بكاء لما شد عليها وحضنها..
ذياب عيونه عجزت ترمش من الصدمه ، بكت بشكل غريب ، كانت حاضنته بقوه وكل ماتذكر كلام ابو هادي شدت عليه اكثر ولمّت نفسها كلها له..
ذياب خاف عليها وقال بهدوء : ديم ،ديم هدي نفسك ماصار شي ، لاتخافين منه ارفعي راسك ارفعيه وناظري لي
رفعت راسها بصعوبه وانصعق من منظر وجهها ودموعها همس بصرامه : والله ماخليها له اللي نزل دموعك
ديم سندت راسها على صدره وقالت بغصه : يقول اني .. ساحرتك
ذياب : امسحي دموعك وتعالي معي ، بواجه الكل فيك.

بعد خمس شهور :
ديم تحسنت نفسيتها كثير رغم انها فقدت صديقاتها والفرحه اللي كانت معاهم لكن متأكده ان اللي صار خيره لها ويكفيها ان الله عوّضها بذياب اللي غير مجرى حياتها وبدل خوفها لأمان رغم انشغاله عنها ، كل ماقررت تروح لبيت اخوها وتحاول تساعد عبير تحس في شي يمنعها وتتراجع ، حالياً تنتظر بكل فرح موعد رجوع ميس من الجنوب لأنها قالت لها بترجع بعد خمس شهور، وبكذا ديم ماراح تحتاج لاحد دام معاها اطيب خلق الله ذياب، وميس ، ورسيل اللي صارت اقرب وحده لها الفتره الماضيه..
ذياب كان متجاهل أخوانه بشكل كبير لإنهم حسوا بغلطهم ، لكن وش ينفع الندم والإحساس بالذنب بوقت متأخر جداً ، كان يشتغل الليل والنهار غير دوامه الأساسي ، ماكان له هدف بهالحياه لكن بعد مادخلت ديم حياته صار له اهداف ، واولها حياه هاديه وسعيده بينه وبينها ، وبيت غير هالبيت يعيشون فيه ، وعيال ينسونهم سوء احوالهم ، اجتهد كثير علشان يحقق اهدافه.
هادي كانت حياته عِباره عن " فراغ " من جميع النواحي ، المشاكل اللي بين اهله اجبرته يغيب عنهم ، واساساً لو كان موجود ماراح يفقدونه ولايستلذ بجمعتهم ، وصار يقضي اغلب وقته سفريات مع اصدقائه ، كل اصدقاءه علاقتهم عاديه معه لكن اقرب صديق له " رسيل " بالشهور اللي فاتت ماصار بينهم الا رسايل ، لكن عرفتهم على بعض اكثر ، كان يفضفض لها وهي تعطيه نصايح وحلول ، واذا تضايقت هي تفضفض له ويهديها، لكن ماشافها ابد رغم انه مسؤول عنها لكن متطمن عليها دامها عند ذياب وديم..
رسيل تعمّقت علاقتها مع ديم صاروا يروحون ويجون مع بعض لكل مكان ، وبالجامعه دايماً مع بعض وعلاقتهم قاهره تذكار وشروق بشكل لايُوصف ، لكنهم مطنشين لين خلصت السنه ونجحوا بمُعدلات حلوه ، حاول عزام انه يستلطفها لكنها صادته على اكمل وجه ، ومحملته ذنب اللي صار لها ، علاقتها مع امها مستمره لكن ماعادت تشوفها زي قبل ، اما متعب مارفع قضيه عليها لإن السالفه " فضيحه " بالنسبه له ومايبي احد يقول عنه ان وجهه احترق بسبب بنت حاول يعتدي عليها ودافعت عن نفسها..
شجن طاب خاطرها من كل شي ، حاولت اكثر من مره انها تستأجر بيت وتجلس فيه كونها موّظفه وقادره تعز نفسها ، اوجعها كثير كلام ابوها عنها رغم انه اعتذر ، لكن الأنسان تطلع خفاياه وقت الغضب ، وهو بانت خفاياه ، مو قادر يتحمل مسؤليتها ، وكل مايعرف انها لقت بيت يرفض خروجها ويوضح لها انه يبيها لكن شجن ملزمه ، كل ماتحاول تنسى موضوع وافي تتذكر فيصل وولدها اكثر واكثر ، كثرت روحاتها لبيت ام وافي بس عشان اذا رجع مره ثانيه تبلغ عنه بسرعه.

مـيـس ؛ علاقتها مع ريم تعدت مسمى الخوات ، تحس نفسها عاجزه قدام ريم وياسر وفضلهم عليها محتاره كيف ترده لهم وهم اكرموها وفتحوا لها بيتهم وعدوها وحده منهم وفيهم ، تعد الأيام والساعات منتظره لحظة لقاء ، بينها وبين امها وصديقاتها اللي كانت تشوفهم " خوات " ماتدري باللي صار بعدها ، اشتاقت لكل شي ، عشر شهور ماشافتهم ، احياناً تتحمس لرجعة عناد وتتخيل اشياء كثير وتستانس لكن سرعان ماتتنكد وتتضايق اذا تذكرت اللي ينتظرهم ، خايفه كثير على نفسها وسمعتها ، وخايفه على وافي ، وخايفه من فراق عناد.
عناد وياسر باقي يوم بالضبط على موعد رجعتهم لأهاليهم ، الدنيا مو سايعه فرحتهم رغم انهم نفسهم يحاربون ويدافعون لآخر نفس ، لكن الشوق للأهل قاسي ، سنه ماشاف ياسر بناته وصل لدرجه انه ماينام الليل من كثر التفكير ، صبر عشر شهور ولاهو قادر يصبر هاليومين ،عجز يجلس كان يتمشى بتوتر ويناظر للساعه ، وعناد جالس مع الشباب ويناظر فيه وملاحظ تصرفاته ،ماكان اقل منه توتر لكنه مهدي نفسه ، بكره بنفس الوقت بيطلع من هالمكان اللي شهد ذكريات كثيره ، وحمل قصة حب لو حصلت لغيره كان ماصدقها من غرابتها ، كثر فرحته كثر خوفه ، خايف ويحس بشعور غريب كاتم على انفاسه ، مرت بين عيونه صورة امه وغمض عيونه بقوه وشد قبض يده على التراب ، وبيده الثانيه فتح سحاب جاكيته من فوق ، مرت صورة ميس وضحكتها وبراءتها ودموعها وتعبها ، تذكر لما قصت شعرها اول ماجت ، مد يده لجيبه وطلع شعرها كان مربوط ، استنشق ريحته بقوه وباسه وكأن ميس تشوفه وتسمعه همس : سامحيني لو عطيتك امل كذاب ، الدنيا اقدار
حس بيد تربت على كتفه : عناد علامك ياخوك
عناد استوعب ورفع راسه وقال بصوت مبحوح : الله يجيرك احس بضيق وماني قادر اتنفس ، خايف ، وكثر ماكنت متحمس لبكره كثر ماني كارهه الحين
صديقه : توكل على الله وقم صل لك ركعتين تريحك
عناد وهو يقوم : احس اليوم اخر يوم لي بهالدنيا والحمدلله على هالإحساس
صديقه : اذا مت فأنت شهيد و يكفيك شرف وفخر ورفعه ، لكن لاتتفاول على نفسك ياخوك وقم صل وتعوذ من ابليس..
عناد مشى بدون مايرد وعيونه بعيون ياسر الذابله ، ياسر سمع كلامه لكن ماقدر يرد عليه ، مشى وراه لين وصلو للمصلى ، توضى عناد ودخل فرش السجاده ووقف بيصلي ، وقف جنبه ياسر وصلّى معاه بكل خشوع وابتهال لله عزوجلٌ.
عناد سجد وهمس بصوت كسير : اللهم اني توّكلت عليك وفوضّت امري إليك فلاتكلني إلى نفسي ،وأصلح لي شأني كله.
ياسر همس بدُعائه الدائم : اللهم اغفر لي ما مضى وأصلح لي ما بقى.. يارب ودّعتك بيتي واهلي وخواتيم اعمالي.

ذياب صار له اسبوعين يتصلون عليه اخوانه ولا يرد ، ويرسلون له انهم محتاجينه بموضوع مهم ، ولا عطاهم اي ردة فعل..
الساعه ٤ العصر ، طلع من دوامه وصلته رساله من عزام ، كاتب له " تعال لهذا الموقع بسرعه ترا واقفين ننتظرك "
دخل على الموقع وكان قريب منه ، زفر بضيق ماوده يروح لكن مل من كثر اتصالاتهم ورسايلهم ، قرر يشوف وش عندهم ، ومشى لهم ، دقيقتين ووصل شافهم كلهم مجتمعين , نزل بهدوء ، كانوا يناظرون فيه بنظرات مافهمها بس عرف انهم مستانسين.
نزل وقال ببرود : عندكم شي استعجلوا ماعندكم خلوني امشي
ابو هادي مدّ له اوراق ملكيّه وهو يأشر على البيت اللي جنبهم : هذا البيت هديه مننا لك ، وقليل بحقك
عزام قرب له ومسك يده وحط فيها مفتاح واشر على سيّاره جنبهم فخمه وقال بفخر : هذي هديه مني لك ، واعذرنا من القصور وانا اخوك ، لو حطيت الدنيا بيدك ماوفيتك جزاك ، سامحني
ابو عناد : ذياب اصغرنا لكنه اكبرنا قلب وعقل ، والشيطان شاطر ياخوي لاتخليه يفرقنا اكثر من كذا ، الدنيا رايحه
استبشروا خير من ابتسامة ذياب ، مايدرون انها ابتسامه شامته ، نزل راسه لحظات ورفعه وناظر فيهم كلهم ثم ناظر لعزام وقال بصوت هادي : سيّارتك بترجع امي ؟
عزام بهتت ملامحه ونزل راسه ، ذياب كمل بصرامه : ياليت هداياكم ترجع ابوي يوم واحد بس ، ابيه يعرف ان امي ماتت بسبب عزام ، مو بسببي انا ، ابي عزام يذوق حرقة غضب الأب ، والأقسى من غضبه انه مات ولا شفته ، ماتوا ومابقى لي الا انتم ياخواني ، وباللحظه اللي كنت محتاج وقفتكم جحدتوني وقللتوا من قيمتي ، اسمي بالمجالس ماتذكرونه رغم اني رجل ولا علي قصور ، كان حلم امي تشوفني معرس وعندي بيت وعيال ، ماتت ولا فرحت بهالشيء ، طابت نفسي من كل شي بعدها قلت بضغط على حالي واتزوج عشان ابوي ، ابيه يفرح فيني لكن مااهتم ولا خطب لي ، جيتكم ابيكم توقفون معي وقفة اخوان ماوقفتوا ، صديتوا وتركتوني مادسمتوا شاربي ولا شديتوا ظهري ، مافرحت امي وابوي ، شفهم راحوا وانا مالحقت جزاهم.. ليش كل هذا ؟
ناظر لعزام بنظرات قاسيه : لإن الأخ عزام اناني واختار سعادته وراحته على تعاسة غيره ، لكن ماعليك عتب دام بنتك وهي بنتك تاركها عند رجال غريب ومسافر تشبّع نفسك..
عزام هنا حس انه طاح من برج عالي ، ضربتين بالراس توجـع ، كلام ذياب وموضوع رسيل قال بهدوء : ذياب تـ.
قاطعه ذياب ورمى عليه مفتاح السياره واوراق البيت : خذ سيّارتك ، وخوذوا بيتكم ، الله لايحدني عليكم ولايحوجني لكم ، دامكم ماوقفتوا معي بشدتي لاتوقفون معي بالرخا..
.
ياما انبنى من حلم فينا وهدّوه
وقتً غريب ، وناس اكثر غرابه.
.
.

اليوم الثاني ؛
عناد وياسر وقفوا عند سيّاراتهم والشباب يودعونهم ، ركبوا اغراضهم وضموا بعض وكان ياسر يستهبل عليهم لآخر لحظه وهم يضحكون رغم ضيقتهم من فراق بعض.
ياسر : عناد لو ماني عارف انك مشتاق للوالده كنت حلفت عليك اغديك واعشيك ثلاث ايام
عناد : خيرك سابق يابو ميس اجيك بعدين ان شاءالله
ياسر : يالله توكل على الله ، شباب خدمه شي
كلهم : سلامتك ، توصلون بالسلامه ، الله ييسر لكم
ياسر : نسأل الله انه ينصركم ويثبت اقدامكم ، مع السلامه نشوفكم على خير
ركب سيّارته وركب عناد ومشى قبله ، ومشوا وكانت نيّتهم يتسابقون على الخط لكن ياسر كانت عينه على المرايا ويشوف اللي وراه شاف حالة استنفار صابت اصدقائه بعد مامشى وسمع صوت اطلاق سحب بريك ولف السيّاره ورجع لهم ، وعناد بما انه سابقه ماسمع الصوت لكن شاف ياسر يرجع واستغرب بدون تردد لف سيّارته ورجع وراه لين وصلوا ، نزل ياسر ونزل عناد بسرعه ركض لين وصله ومسكه ووّقفه : ليش رجعت وين بتـروح ؟
ياسر : ياولد علينا هجوم خلنا نرجع نحارب
عناد : انتهى دوامك يارجل ، خويانا يكفون ويوفون
ياسر : بس مابعد ابعدت عن هالمكان وطالما اني اسمع صوت المنادي بلبيه ونذر ماامشي لين احارب
سبق عناد ودخل حس بشعور غريب ووقف غصب عنه التفت على عناد وقال بقوه : ارجع ياعناد وانا وراك
عناد ركض له لين سبقه ودخل قبله : لا والله ماارجع ، بنهاجم
دخلوا مخزن الأسلحه وسحبوا اسلحتهم وطلع ياسر قبل عناد وصعد فوق الجبل بكل سرعه رفع سلاحه وبدا يطلق بحماس ، عناد انسدح جنبه وبدأ يطلق ويهاوش عليه : ياسر اجلس ، اجلللللس
ياسر بصوت عالي : عناد استمر ، استمروا ياشباب لايوقفكم شي ، استمروا مابقى شي
عناد بقمة تركيزه حس برطوبه على يدّه استنكر الشعور وكمل يطلق لين اعتلت اصواتهم : اللـه اكبـر انتصرنا عليهم بيض الله وجيهكم ياوحوش
عناد اول مره ماتخلّص ذخيرته ، لإن ياسر ماترك له مجال يطلق كثير ، سند راسه واخذ نفس وزفر براحه : اللهم لك الحمد
رفع راسه وطاحت عينه على يده ورجع له شعوره بالرطوبه ، شاف نقطة دم ، اظلمت بعينه الدنيا ولف بسرعه وشاف اللي ماتمنى يشوفه ، بهاليوم تحديداً ، اليوم اللي طالمـا انتظره ياسر وعدّ الوقت عشان يشوف بناته ، شاف ياسر مستلقي على جنبه ورافع سبابته ودمّه يحكي قصة بطوله ، وقف بسرعه وجلس عنده والتموا حوله الشباب.
عناد : ياسـر ، شباب تعالوا نشيله
سند ظهره علشان يشيله وطاحت يده ، واتضحت لهم ملامحه الساكنه.
عناد ناظر لاصدقائه واحد واحد و رجع ناظر لياسر وضرب خده بخفيف : ياسر تسمعني ؟
جلسوا جنبه وربت على كتف عناد : شهيد ياعناد ، ياسر شهيد

عناد كان يتكلم بدون احساس بنفسه : انا..لكن ياسر ..ياسر كان بيطلع يشوف بناته ، الله وكيلك ياخوي عشر شهور ماشافهم ، تكفون يالربع شيلوه للمستشفى تكفون
صديقه بضيق : ياعناد اذكر الله الرجال مات
عناد : ربك كريم ربك ارحم من انه ياخذ ياسر وهو ماروى قلبه بشوفة بناته ، يالله نشيله
شالوه مع عناد ونزلوا فيه بسرعه لسيّارة الإسعاف ، المصابين يسعفونهم اسعافات اوليه ثم ينقلونهم للمستشفى.
لكن ياسر ماكان مُصاب ، ركب معاه عناد وناظر للمسعفين بقهر : اسعفـوه
الممرض : شهيد
عناد : توكل على الله وأسعفه ، ياسر له شهور ينتظر هاليوم لازم مايموت
الممرض : يومه
هنا عناد ناظر لياسر بهدوء ، دقايق طويله ، مرت اكثر من عشر دقايق لين وصلوا المستشفى وحملوه ، نزل وراهم وعينه عليهم ، على صاحبه اللي مالقى له اشباه ، للمستشفى ، المكان اللي حمل نصف ذكرياته مع ياسر ، ضحكاتهم بهالمكان على موضوع ريم واريج ، وكيف ياسر تحدى الشباب يركضون علشان يخفي انظارهم عن ميس ، ويوم ضحى بيدّه عشان عناد يتطمّن على ميس.
وقفت عنده ام سعيد صاحبة محل الورد وعطته وشاح من الورد وقالت بنبرتها الدايمه : يالله ياولدي ادخل لبّس خويك الورد ، وقبل تمشون امانه مروني البسكم ورد مره ثانيه
عناد اخذ منها الورد وقال بصوت حزين : يوم صار الوصل ضمن المعجزات مات الورد وشاب قلبً ما يشيب..
ام سعيد ابتسمت بفخر وبعيون دامعه : لا ياولدي الورد مامات ، الورد حي مادامهم احياء عند ربّهم
تلَت عليه الآيه بصوت عذب : "ولاتَحْسَبنّ الذينَ قُتِلُوا فِي سَبيل الله امْواتاً بل احْياءٌ عِنْدَ ربّهم يُرزقُون"
عناد ابتسم لإبتسامتها وغمض عيونه وقال بتعب : الحمدلله، الله يرحمه ويعوضه بجنّات النعيم .

وافي عايش بينهم ، حولهم وحواليهم لكنه متخفّي ، يعرف اخبار امه ومتطمن عليها ، لكن متأكد لو رجع مره ثانيه بيمسكونه وياخذونه ، كان ينتظر شي ، ويدور عليه بكل مكان ، انعدمت حياته بسبب هالشيء ، واللي ذابحه اكثر اخته ميس وسفرها اللي طوّل ، لاهو قادر يجيبها ولاهو قادر يخلص نفسه ، عايش مسجون بحياته..
كان يتمشى بالمكان الضيّق اللي هو فيه بتوتر ، جمع قبضة يده وضرب الجدار بقوه وقال بصوت مقهور : لازم تنتهي ، هالمشكله لازم تنحل ، هذي ماهي حاله ، سنتين هارب ومتخبي وحتى الخبز بالحسره اكله ، كم مره مرضت ولا رحت للمستشفى ، ادري ان اسمي متعمم بكل مكان ، لاصاحب ولااخ يساندني ، مالي الا امي العاجزه ، مالها غيري يارب ساعدني ارجع لها ساعدني.
وزاد بقلبه ضيق الحياه وقرر يتصرف ، لازم يتصرف وبأسرع وقت ممكن ، مافي حلّ الا انه يسلم نفسه ويرتاح..

بعد يومين ؛
ريم كانت منسدحه على الكنب ،وميس جنبها جلسه ولامه حالها وسرحانه ، المفروض عناد وياسر راجعين من يومين ، وجهزوا لهم ، وريم غيّرت من نفسها وزينت البيت احتفاء برجعته ، لكن الى الآن ماجاء منهم خبر.
ميس استجمعت نفسها وقالت بهدوء : ترا عادي احياناً بعضهم يزيدون دوامهم كم يوم اضافي
ريم بغصه : وليش مايردون طيب
ميس ابتسمت تبي تلطف جوّها : ريم اذكري الله لاتخلين الشيطان يوسوس لك ، عندي احساس انهم بيرجعون اليوم ، قومي استشوري شعرك صار يفشل بعد ماقصيتيه لازم يظل مستشور دايماً ،يالله قومي تزيني لاتفجعين الرجال
ريم : تزينت قبل يومين ومارجع
ميس : يابنت الحلال قلنا تفائلي
ريم ابتسمت وقامت وهي تدعي من اعماقها مجرد ماطلعت من الغرفه رنّ الجرس ورجعت ناظرت لميس بعدم تصديق.
ميس توسعت ابتسامتها وحست انها بتطيح من الفرحه.
ريم بخجل : اسمعي بروح اتزين لايدخل ياسر لغرفتي
ميس : وانا شدخلني فيكم تخيلي بس اقوله لاتدخل غرفتك بيصكني كف يعميني
ريم ضحكت : روحي افتحي لهم بسرعه
ميس طلعت مرتبكه ونادت لمى وميس بنات ياسر : تعالوا سلموا على بابا
سبقوها للباب فتحته ميس الصغيره وهي مستانسه ودخل وحضنوا رجوله وهم يصارخون "بـابـا"
ماانتبه لهم وعيونه تركزت بعيون ميس ، ميس رجعت خطوتين وغرقت عيونها لما شافته داخل لحاله ، بثوب أبيض وشماغ بدون عقال وعيون حمرا وملامح باهته وحزينه.
عناد لمح دموعها ونزل راسه بسرعه وناظر لبنات ياسر كيف ضامينه ومستانسين بشكل لايُوصف ، بدون شعور انحنى لهم واخذهم بحضنه ، ولمّهم بكل مشاعر الأبوه اللي شافها بعيون ياسر ، من كثر مايحكي له ياسر عن شوقه لهم صار يتخيل شكله اذا رجع كيف يضمهم ووش يقول لهم ، ونفذ خيالاته عليهم ، باس كل وحده فيهم وهو يحسّ ان قلبه بيطلع من مكانه من بشاعة الشعور اللي يحس فيه ، كان حاس من قبل وفاة ياسر ان بيصير شي ، وحس انه هو اللي بيموت وماتوّقع لو قليل ان ياسر يموت لكن رب العالمين ارحم على عباده احياء وأموات.
ابعدت عنه لمى وهربت وهي تصارخ : بروح انادي ماما
دخلت وراها ميس اختها واتجهوا لأمهم ، عناد عذبّته نظرات ميس فوق عذابه كانت تبكي بصمت والصدمه سيّدة ملامحها وعرف انها حست قرب لها وقال بهدوء : الحين بتجي ريم واعلمها ، خليك قويه عشانها
ميس شهقت وغطت وجهها عناد كمل : ميس والله ادري انه صعب عليك ، تماسكي لو شوي بس ، علشان ريم ، طلبتك لاترديني
رفعت راسها ومسحت دموعها وغمضت عيونها بقوه لما سمعت صوت ريم تزغرد ، اول ماوصلت للحوش وشافت عناد شهقت ورجعت بسرعه ، لبست عبايتها وتحجبت وطلعت وعقدت حواجبها : انت عناد صح ، وين ياسر ؟

وقفت قدام عناد وقالت بصوت مهزوز : مالقيته ، وينه ياسر وينـه ؟
عناد ماعرف كيف يقول لها وهو عارف ان هاللحظه اصعب لحظات حياته اخذ نفس وقال بهدوء : ياسر عند ربه
شاف ملامحها تتغير وقال بسرعه : شهيد ، لاتنسين انه شهيد ، لاتبكينه اعتراض ولاتبكينه حزن ، ابكيه فرح وفخر
ريم عجزت تشيلها رجُولها ، فقدت توازنها وقبل تطيح مسكتها ميس وجلستها وجلست جنبها ، ريم كانت تناظر للأرض بشتات وتحاول تبكي ماهي قادره قالت بوجع : آه ياياسـر .. آه ياقلبي عليك اخذك الموت قبل لاتشوفنا ، ياليتني ماسمحت لك تروح ، ياليتني على الأقل جبت لك بناتك ، ليت الله اخذني ولا اخذك ، انت اللي استاهل انت ماتستاهل يانظر عيني
ميس بصوت باكي : استغفري ربك حرام عليك هالكلام ، هذا يومه ومكتوب له ، عظم الله اجرك
عناد : ابكي ياريم لاتكتمينها بس مو قدام بناتك
ريم مجرد ماقال عناد ابكي انفجرت تصيح بشكل يقطع القلب وقامت بسرعه هربت داخل وقفلت الباب عليها وبكت ايِامها وسنينها اللي مع ياسر واللي بدونه.. كيف كذا برمشة عين يتبدل الحال ، كانت تبكي من قلب قلبها وكل ماتحس انها معترضه تستغفر وبدال ماتنطق بـ " ياليت " صارت تنطق بالحمدلله.

ميس ماتحركت من مكانها ولا وقفت ، عناد جلس قدامها ودموعها اجبرته إجبار انه ياخذها لحضنه منها يطيب خاطره ومنها تهدى هي ، ضمها وهو محتاج منهو يضمه ويواسيه.
همس لها : ماتحبين ياسر اكثر مني ، وشوفيني متماسك
ميس بصراخ : ليــش ليش الطيبين يموتون ، والخبيثين يظلون بالدنيا
عناد بنفس هدوءه : كنتي تقولين لريم لاتجزعين وحرام عليك ، صرتي ازود منها ، رغم انها زوجته لكنها مسكت نفسها ، انتي وش عذرك تجزعين ؟ لايكون تحبينه ؟
رفع راسها وناظر بعيونها وقال بإبتسامه : صارحيني تحبين ياسر ولا تحبيني ؟
ميس بشتات وبصوت مهزوز : احبـ.. ياسر ، ماكان يناديني الا يابنتي ، انا اطلقت النار عليه ومع ذلك مابلّغ عني ، ستر علي وساعدني ودخلني بيته وعدني وحده من بناته ، هذ بالله عليك ياعناد شلون ماابكي عليه شلون
عناد سند جبينه على جبينها وشد عليها وقال بهدوء عجيب رغم ان قلبه يتزلزل من كلامها : الله اختاره ورفعه عن الدنيا الكئيبه ، لإنه طيبّ الله مايبيه يتأثر بملذات الدنيا ، استانسي لأنه عند ارحم الراحمين ، ادعي له بس ، ياسر مايحتاج الا الدعاء الحين دموعك والله ماتنفعه ، لو تنفعه ابقعد اصيح لين انعمي لكن.. الحمدلله
وقف ووقفّها معاه وكمل : شدي حيلك وخليك قويه عشان ريم وبناتها.
ميس وهي تمسح دموعها : ان شاءالله

ذياب دخل شقته ، شاف ديم جالسه كانت تحسب وتعد على اصابعها ومندمجه ، استغرب وجلس جنبها : وش فيك وش تعدين
ديم : التاريخ ، المفروض ميس وعناد راجعين من يومين
ذياب : قلقانه عليها ؟
ديم : اي ، والله خايفه
ذياب : افا ، بكلمه الحين
اتصل رقم عناد ثواني وجاه الرد : هلا
ذياب بإستغراب : هلابك ، وش فيه صوتك
عناد : توفى صديق ليّ
ذياب : لاحول ولاقوة الا بالله ، عظم الله اجرك ، ومتى بترجع
عناد : اجرنا واجرك ، بعد ثلاث ايام
ذياب : على خير ، مع السلامه
قفل منه وقالت ديم بخوف : مين اللي مات
ذياب : خويه ، ثلاث ايام وبيرجعون
ديم : الله يرحمه
ذياب : ياليتني ميس
ديم : ليش
ذياب : لإنك مشتاقه لها الحين ؛ وانا جنبك مادريتي عني
ديم : ومن قالك مااشتاق لك
ذياب بهدوء : تصرفاتك وصدودك عني كل ما.. كل ماجيت مشتاقلك ابعدتي ، حتى نوم ماتنامين لين تتأكدين اني نمت
ديم برجفه : حركاتي عفويه لـ.
قاطعها : لا ، ماهي عفويه ، بس انتي خايفه من علاقتنا تنتهي قبل لاتبدأ ،وانا احاول ابديّها واشيل هالخوف منك
قام وقال بدون مايناظر فيها : صحيني الفجر
دخل غرفته وسكرالباب ، ديم تنهدت بضيق من نفسها ، ومن عصبيته عليها ، صحيح انها تصده وتتهرب منه لكن غصب عنها ، رغم انها ارتاحت لكن للحين باقي فيها خوف من امها وتذكار ، هدوئهم مو مطمّنها ابداً.

بعد ثلاث ايّام.
ميس بلغها عناد انهم بيرجعون اليوم ، وتضايقت اكثر ماكانت بتترك ريم لين ع الأقل يمر شهر ، لكن الظروف اقوى.
رغم ان ريم جداً صابره ومحتسبه الأجر ، انهارت باليوم الأول ، ولما راحت تشوف ياسر سبحان من زرع فيها قوه وربط على قلبها وارتاحت ، وودعته بكل حب ، والسبعين الف اللي قال لها انه بيتزوج فيهم ، وزعتها كلها صدقات بنيّته..
كان بيت ريم مليان بأهلها خواتها وقريباتها لكن قلبها ماحن الا لميس ، اشتاقت لها وفقدتها قبل لا تسافر قالت بهدوء : ميس ، عناد ينتظرك
ميس : يشهد الله ماودي اروح واخليك
ريم : الايام جايه ، بنشوف بعض كثير
ميس ابتسمت بضيق وقامت وقامت ريم معاها ولحقتهم ام ريم وخواتها قبل لاتطلع من الباب وقفت وقالت بغصه : شكراً ياريم ، شكراً على كل شي ، فضلكم ماراح انساه بحياتي
ريم : ماسوينا شي ، انتبهي لنفسك وكلميني كل يوم
ميس : ان شاءالله
انحنت باست " ميس " بنت ياسر اللي كانت اكثر شي يشتاق له ياسر ، باستها بكل لهفه ووقفت بسرعه ماتبي تبكي قدام ريم قالت بهدوء : يالله، نشوفكم على خير
ريم وامها : مع السلامه ، استودعناكم الله
طلعت ميس واخذ عند شنطتها وركبها بالسيّاره ، وركبت هي ورا ، عناد سلم على اخوان ياسر وقرايبه وركب سيّارته ومشى.

ناظر لميس بالمرايا كانت منزله راسها وتبكي ، تركها على راحتها تفرغ اللي داخلها ، من يوم عرفت بالخبر وهي كاتمه دموعها عشان ريم ، تركها الحين تبكي براحتها لين نعست وحس فيها تغفي اذا طاح راسها تفزّ ، هدّا السرعه ورجع يده لها ومسك يدها وسندها وفزت بخوف وابتسم عناد : بسم الله عليك ، ارتاحي
ميس بصوت مبحوح : لالا، مافيني نوم
عناد : مافيك نوم وانتي تصقعين بالباب لك ساعه ، ارتاحي وغطي نفسك ورانا طريق طويل
ميس ماقدرت تقاوم اكثر ونامت بدون شعور وارتاح عناد.
بعد 4 ساعات وقف سيارته عناد على جنب ونزل يريّح شوي ، فرش فراشه ونزل عزبته وشب ناره وتلثّم بشماغه عن دخانها وعن البرد ، ميس كانت صاحيه من اول لكن ماقامت ، حست ظهرها بينكسر وجلست بتعب عدلت عبايتها وفتحت الباب ونزلت وعناد سرحان مانتبه لها ، ارهبها الجو المظلم وجلست قدامه وحطت يدينها قريب للنار وقالت بهدوء : الله يسامحك خوفتني صحيت مالقيتك والدنيا ظلام
عناد ناظر فيها ثم رجع ناظر للنار : ارتحتي ؟
ميس : اي صحيت وانا احس بإنشراح ، بقوم اصلي
اخذت قارورة مويا عشان تتوضا فيها وابعدت شوي عنه وهي خايفه من الظلام وعناد عارف انها خايفه قام ومشى لها ووقف قدامها : اساعدك
ميس بربكه : اي امسك لي المويا
مسك لها المويا وصب لها ولما وصلت عند راسها توهقت وابتسم عناد : مع اني شفتك كثير بس مايخالف بصد هالمره
صد عنها وميس مسحت على شعرها وعورها قلبها بعدماكان طويل صار الحين مايوصل اكتافها.
عناد فهم تفكيرها وقال بهدوء : بس لايق عليك
ميس ارتبكت ووقفت بسرعه وسحبت السجاده وفرشتها وصلّت المغرب والعشاء ودعت من كل قلبها لياسر..
خلصت وجلست شوي تقرا اذكارها وبعدها قامت واتجهت عند عناد وجلست قدامه قال بهدوء : اجلسي تعشي
ميس : مابي اتعشى ابي قهوه
عناد : تعشي وبعدين تقهوي
ميس : مالي نفس لشيء بس مشتهيه قهوه
عناد : ابشري فيها
جهز المويا على النار وميس اخذت القهوه بتحطها لكن وقفها عناد : لالا لحظه ، بسويها بطريقتي مو بطريقتكم المعروفه
ميس : بس القهوه لها طريقه وحده
عناد : بوريك الحين ، بعدها ماراح تشربين القهوه الا من يدي
ميس فركت ايدينها بتوتر من كلامه وهو ملزم يحرجها ، زيّن لها القهوه وشربت منها وابتسمت : تجنن ، ماتوقعتك تعرف تطبخ بعد مااحرقت الخبزه
عناد : الله اكبر انا احرقت الخبزه ؟ نسيتي وش اللي احرقها
ميس وهي تصب قهوه : اي نسيت
عناد : كنتي بردانه ولبستك الجاكيت ولبستيني اياه وبقينا على هالموّال لين احترقت خبزتنا
ميس ابتسمت ولما تذكرت هذيك الليله ضحكت بخجل : بس كانت حلوه حتى وهي محروقه
عناد تنهد : حلو ، كل شي كان حلو..

وافي دخل بيت امه وهو متأكد ان ام عناد وشجن عندها كالعاده ، ام عناد تجيها من طيب قلب ، لكن شجن تجيها علشان لو شافت وافي تبلغ عنه..
دخل وشافهم بالصاله ووقفوا لما شافوه وابتسمت امه بلهفه ودمعت عيونها : ياهلا ، ياهلا ياحبيب امك
شجن رجفت وجلست ثواني تناظر فيه قال بحده : وش تنتظرين ؟ وش انتي هنا عشانه ؟ مو عشان تبلغين عني ؟ يالله بلغي ولاتخلينها بخاطرك
استوعبت ومدت يدها لجوالها فتحته بسرعه وبيدين ترجف وضحك بشماته : لاتستعجلين ، قاعد انا ماراح امشي ، خليهم ياخذوني انا مستسلم
شجن ناظرت فيه بعيون تلمع وقالت بصوت راجف : انتظرتك سنتين ، خلني استعجل على جزاك
وافي اتجه لأمه وسلم عليها ومسكت ايدينه بقوه وقالت بغصه : ليش يايمه ، ليش تبي تسلم نفسك لييييش
وافي بنبرة بحه : تعبت يايمه ، تعبت من الحياه ، خليني اسلم نفسي وارتاح
امه : تسلم نفسك وانت مظلوم ؟ ماعندك دليل يانظر عيني اخاف يقصونك
وافي : ادعيلي ان ربي ينصفني ، ربي كريم يايمه
امه : ونعم بالله
وقف والتفت لشجن ، اخذ نفس وقال ببرود : ليه ماتبلغين
شجن صدت ومسحت دموعها ، حاسه من صوته انه مظلوم صارت بين نارين ، سحب منها جوالها وكانت مجهزه رقم الشرطه ، اتصل وانتظر لين جاه الرد ، وقال بصوت حاد : انا وافي ابن عبدالله الـ، سلمت نفسي
ناظروا فيه بصدمه، قفل الجوال وعطاه شجن اللي كانت عيونها متوسعه بصدمه ماستوعبت اللي صار.
دقايق وسمعوا صوت الشرطه مليّ الحي وبكت ام وافي بصوت مسموع ، قسى قلبه وغمض عيونه بقوه ثواني ثم ناظر لشجن بإنكسار ، ركز عيونه على ايدينها الراجفه وهمس لها بدون شعور : يا راسمه بأيام عمري تجاعيد ، يدينك انعم من سواياك والله..
شجن رجف كل شي فيها كثر ماتمنت هاللحظه تجي كثر ماتمنت يتوقف الزمن ويهرب مره ثانيه ، ضاع الكلام وماقدرت ترد وكانت دموعها الرد الوحيد ، انفتح الباب ودخلوا رجال الشرطه وسحبوا وافي بقوه ، تقيّدت يدينه وعيونه بعيون امه الباكيه لين طلع.

ميس وعناد وصلوا بالسلامه ، وميس ماتركت شارع ماركزت فيه من كثر شوقها ، لين وضح لها شارعهم وحارتهم وبيتهـم ابتسمت بعيون تلمع وهي ترجف من الفرحه ، شافت اضواء سيارات الشرطه وقبضها قلبها ، قربوا للبيت وشافتهم يطلعون وافي.
صرخت بأعلى صوتها : وافي ، عناد وقف هذا وافي اخوي ، وقف بسرعه تكفى بياخذونه وانا صار لي سنتين ماشفته
عناد لبق السياره على جنب ونزلت ميس تصارخ وتبكي بأعلى صوتها : وافــــــي ، وافــــي
التفت لها ومجرد ماشافها لمعت عيونه وابتسم لاشعورياً ، حاول يرفع ايدينه ويضمها ، نسى انه مقيّد..

حضنته بكل شوقها وعذابها تدور الأمان اللي راح مع روحته ، صوت بكاها الجم الموجودين ولا قدر احد يبعدها عنه من كثر ماشكلها يقطع القلب..
باس راسها وهمس بحرقه : الحمدلله على سلامتك ، ديري بالك على امي و..
ماكمل كلمته لإنهم سحبوه بقوه وسحبوا ميس عنه وهي تصيح وتناقز تبيه لكنهم ابعدوها ، وافي توجهت نظراته القاسيه المتوّسله لعنـاد ، عناد فهم معنى نظراته ، كان يوصيه على ميس وبنفس الوقت تهديد غير مباشر.
قرب لميس وسحبها لما ركبوا وافي للسياره ، ثبتها بقوه وقال بصرامه : اقصري حسك ، خلاص بتشوفينه بالسجن
ميس : لاياخذونه وربي هو مظلوم والله ، انا ماصدقت على الله القـاه
عناد : خلاص ، امك تنتظرك ادخلي يالله
شافها لازالت مو مستوعبه ، سحبها ودخل فيها للبيت وكان الباب مفتوح توّقع ان مافي الا امها ، دخل وشاف ثلاث اشخاص عرف امّه ونسى كل شي حوله..
بكت ميس وزادت شهقاتها لما شافت امها ومشت لها بخطوات راجفه، امها كانت تبكي بحرقه على وافي وسبحان من اخذ منها وافي وردّ لها ميس بنفس اللحظه ابتسمت وفتحت ايدينها وميس طاحت بحضنها ، وصاحت ونزلت دموعها اضعاف دموعها قبل هاللحظه..
ام عناد تحس نفسها بحلم احترت وشالت حجابها وقالت بعدم تصديق : يارب لطفك ، انت ولدي عناد ؟
عناد ابتسم ابتسامه خالطتها ضحكه وقرب لها : ايييه يمه انا عناد عناد
فتحت له يدينها وضمها بقوه وقالت بصوت باكي من الفرحه : يارب لك الحمد ، قرت عيوني بوليدي ، طول عمرك مشرفني ورافع راسي ، الحمدلله على سلامتك
عناد باس راسها بلهفه : الله يسلمك ، ليش تبكين ها
رفع ايدينها وباسهم بقوه : لاتبكين يمه والله دموعك غاليه ، ان اللي قرت عيوني بشوفتك عليم الله ماكني مريت بهموم بحياتي
امه بأبتسامه : الله يوفقك ويرضى عليك
ابتسم وصد وشاف ميس لازالت تصيح بحضن امها ، خاف عليها حسها مو طبيعيه ، قرب لها وجلس جنبها وقال بهدوء : ميس !
ام وافي كانت شاكه انها تعبانه لكن لما سمعت نبرة عناد رفعت راس ميس بسرعه : ميس حبيبتي ، ماما فيك شي
ميس كانت تغمض عيونها وتفتحهم وكأنها مو واعيه ، اختل توازنها وكانت بتطيح وسندها عناد على يده وشالها وصرخت امها : شفيها بنتي تكلم شفيها
عناد : اتوقع نزل ضغطها لأنها ماتاكل ولاتنام ، باخذها للمستشفى
ام وافي : بجي معك انتظر
عناد : ماله داعي بطمنك عليها
ميس بتعب : نزلني مـ، مافيني شي انت تبي تبعدني عن امي مره ثانيه
عناد ابتسم لها : كلها كم يوم وابعدك عن الدنيا كلها
ركبها السيّاره واخذها للمستشفى ، وهو مرتاح كثير بعد ماشاف امه ، بيتطمن على ميس وبعدها يشوف ابوه وعمامه.

وصفها بين العجب و المستحيل اخجلت عذب القصايد و الادبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن