28

29K 523 37
                                    

عنـاد ؛ دخل الحد وأول ماشافوه اصدقائه من بعيد ارتفعت اصواتهم كـ تعبير عن فرحتهم برجعته ، نزل وناظر للمكان كله ورجّعته ذاكرته سنتين ورا ، اول لقاء بينه وبين ميس كان بهالمكان ، اول موقف بينهم ، لما عصب بعد ماضربت ياسر ، ولما قصت شعرها علشان ماتنكشف ، ولما كان يعلمها الرمي بالسلاح ، ولما قطعت اسوارتها علشان تشغل نفسها بتصليحها ، ولما طبخوا الخبز واحترق ، ولما علمها طريقته بالقهوه ، ولما اعترف لها بحبه وقال لها تنتظره ، وكل لحظه صارت بينه وبينها تنهد بضيق وقفل باب السياره ومشى لأصدقائه بخطوات بطيئه رغم حماسهم وترحيبهم كان تفكيره بمكان ثاني ، سلم عليهم واحد ودخلوا جميع وكالعاده جاهم امر بالهجوم واستعدوا كلهم ووتوّزعوا بكل مكان ع الجبال وعناد كان يناظر بقلة حيله للحين مااستلم سلاح وصوت الضرب بالنار شوّش راسه مسك واحد من خوياه قبل يروح ، ماعطاه مجال للرفض سحب منه سلاحه وصعد فوق الجبل بأسرع ماعنده صار يركض ويرمي بالسلاح بكل حيله وبدون شعور ، انسدح بسرعه والطلق يجي من فوقه عشّق السلاح ورفع نفسه شوي وبدا يضرب بكل قوّته لين نفذت ذخيرته وسند نفسه ع الأرض وناظر يمينه شاف اثنين من اصدقائه مصابين زحف لهم واخذ سلاح وكمل يضرب.
صاحبه : عناد انتبه ياعناد انتبه البس خوذتي ، انت جاي تحارب وعاصب راسك بشماغ
عناد مارد ولاسمعهم ، كان يضرب بدون شعور ، ماله حيله وهو يشوف اخوياه نصهم انصابوا ، حس الدنيا قفلت بوجهه لبُرهه لكن الهمه ربه واخذ السلاح الثاني وصار معاه سلاحين وقعد يضرب فيهم بكل قوته ، الباقي لما شافوا الوضع هجد شوي شدوا على انفسهم وقاموا يضربون معاه ماهي الا دقيقتين و ارتفعت رصاصة النهايه محمّله بتكبيرات النصر كالعاده.. كانوا مصدومين من موقف عناد كونه توه واصل وهجم بهالقوه وبدون اي مقوّمات للدفاع لولا الله ثم اسلحة اصدقائه كان رايح فيها.
فاجئهم صوت طلق من سلاح واحد وجلسوا كلهم، لكن عناد هجم وماسمع ندائاتهم المتوسله والمحذره وقف على راس الجبل بكل شموخ واطلق النار وفرغ كل الطلقات بصدر الشخص اللي هجم عليهم وماوقفه الا انتهاء الذخيره طاح منه السلاح وطاح هو لما شاف المكان اللي قدامه احمر وكل من حوله يسبح بالدم حتى هـو ، جته رصاصه في ساقه ، من قوة الألم حسها انبترت لكن ماجلس لين خلّص على الشر ومحاه من هالمكان ، جلس ومد رجله وتنفس بصعوبه ابتسم لخوياه واشر لهم انه طيب واصابته خفيفه..
جو عنده وجلسوا ووقفوا نزيفه وكلهم يرددون " كفو ياعناد"
عناد همس بصعوبه وهو يناظر لكل شبر بالمكان : قليل ماسويت ، نذرً علي لأحرسه وأفديه واغير ، ديني وعرضي فيه واغلى حلالي..

في بيت مشاري ؛ تحديداً بغرفة عبير اللي زادت سرير ثالث صغير لـ سديم ، كانت ديم بسريرها وتجدّل شعرها اما عبير كانت واقفه عند سرير سديم وتناظر فيها بتأمل.
وصلت رساله لديم وابتسمت لما شافتها بالإشعارات "شخبارك اليوم انتي وحلُوتي "
ردت له : تمام بس متعبتني شوي
ذياب : ليش شفيها
ديم : مافيها شي بس كل شوي تبكي ماتخليني انام مع ان عبير ماقصرت شايلتها عني
ذياب : عبير تستاهل هديه صراحه ، ولازم تكون هديه عليها الكلام
ديم : اي صح ، وانا محتاره وش اهديها
ذياب : هديتها عندي ، وجاهزه بعد
ديم تحمست : وش هي ؟
ذياب : قدمت اسمها كفنانه تشكيليه بمعرض الرسم ، وطلبوا حضورها ورسماتها
ديم رجفت يدها من حلو الخبر وكمّل ذياب : ثقي بي ، انا متبني موهبتها
ديم ردت : بقول لها الحين ، والله يكتب لك اجر فرحتها
عبير كانت تناظر فيها مستغربه من ابتسامتها وفرحتها الواضحه ، ديم تركت جوالها وقالت بهدوء : ابشرك، انقبلتي بمعرض الرسوم ، وطالبينك يافنانه
عبير ارتخت ملامحها وسكتت ثواني تستوعب ، لمعت عيونها وقالت بإبتسامه : كيف بهالسهوله ؟
ديم : ذياب تكفل بكل شي ، بس انتي عليك تروحين وتقابلينهم
عبير عجزت تعبر عن فرحتها : والله ماعرف شلون اشكركم بس الله يسعدكم يارب، وناسه بروح اقول لتذكار
طلعت وديم فرحانه لها اضعاف فرحتها لنفسها ، مافي احد منهم ماعانى بحياته بسبب ام ديم ، لكن عبير غير عنهم ، ولاتُقارن فيهم ، كانت حبيسة غرفتها عشر سنوات ، لو ربها مالطف بحالها وارسل لها ديم كان انتكست حالتها اكثر واكثر ، لكن لطف الله ورحمته اكبر من الدنيا واهلها..

ميـس ؛
كانت تقضي اسبوعها يومين عند امها ويومين عند ام عناد ونفسيتها كانت حلوه رغم الضيق اللي يجيها اذا جلست تفكر بعناد لكنها ماتخليه يسيطر عليها.. كان وافي يتقهوى جنب امه ويسولفون وميس ع الكنب تلعب بشعرها وتناظر لهم بهدوء لكن تركيزها مو معاهم ، تفكّر بأحلامها اللي غريبه لكن مالها تفسير من غرابتها مجرد انها تكتم على انفاسها وتخليها تفكر بدون اي نتيجه ، قلبها ناغزها على عناد لكن مطمنه حالها رغم انها عارفه بالصعوبات اللي يواجهونها..
وافي قام : يالله جاهزه
ميس : اي بلبس عبايتي واجيك
قامت لغرفتها وهو طلع لبست عبايتها وطلعت معاه رايحه لديـم ، اتصل جوالها وكان رقم غريب.
وافي : شفيك ردي
ميس : رقم غريب
وافي : ردي يمكن عناد
ميس فز قلبها وردت بدون شعور : الو
صوت ناعم : ميس ؟
ميس استغربت : مين ؟
ردت بربكه : شروق
ميس سكتت شوي وكملت شروق بصوت راجف : آسفـه على إزعاجك.. بس ابي اشوفك ، ضايقه فيني الدنيا ولا ادري اكلم مين ، مابقى لي احد.

ميس اوجعها قلبها عليها واضح انها منهاره داخلياً، وقالت بضيق : شروق ، هدي نفسك انا طالعه الحين اول مارجع بكلمك ونتفق وين نتقابل
شروق : طيب ، مع السلامه
قفلت ميس وهي متضايقه عليها ، وافي استغرب لكن ماسأل ، وصلوا ونزلت ميس وبنفس الوقت نزلت شجن من سيّاره غريبه ، وافي عرفه واستغرب وناظر للي جابها لين راح ، نزل بسرعه واتجه لها وقال بحده : منهو هذا ؟
شجن كانت عارفه انه بيفهم غلط قالت بهدوء : سواق
وافي : ماشاءالله سواق سعودي ؟
شجن : ايـه ، مو مصدق
ميس : بسم الله شفيكم ، وافي هذا تطبيقات بالجوال تطلب سواق ويجيها عادي ليش مستغرب
وافي : ليه وين اخوك وابوك ؟
شجن : مشغولين
وافي : اتصلي فيني مو تركبين مع احد غريب ، بالله هذي سالفه عاد وش كبرك و اعلمك السنع
شجن بصدمه : سنع؟ ترا ماسويت مصيبه لاتهوّل السالفه
ميس : وافي خلاص روح يالله ، تعالي شجن
سحبتها ودخلتها وشجن ماصدت عن وافي كانت تناظر له بقهر وهو مبادلها بنظرات مافهمتها ، دخلتها ميس وسكرت الباب : انتي شفيك ماتدرين ان وافي يغار حيل ، خوذي هذا درس لك تراه عصبي ومايحب الغلط
شجن : ماكون شجن اذا ماكسرت عصبيته الغبيه !
دخلت قبلها وميس مستغربه منهم ، كانت تحسبهم اهدأ اثنين مع بعض ومايعصبون ابد ، لكن اتضح لها العكس.
دخلت وسلمت ع البنات وجلسوا يسولفون ومستانسين على سديـم وطايرين فيها ، نور كانت جالسه معاهم وتحاول تتقرب لهم وتذكار وعبير مستغربين منها..
ميس : بنات شروق اتصلت علي
ديم وتذكار ناظروا بعضهم ، تذكار بلعت غصتها وناظرت للأرض بسرعه ، ديم قالت بهدوء : وش تبي ؟
ميس : تقول بشوفك ضاقت فيني الدنيا ومابقى لي احد
تذكار هنا غرقت عيونها " جعلها بقلبي الضيقه ياشروق ولابقلبك"
ميس تنهدت : قطعت قلبي الصراحه ، اعتذر منك ديم بس بقابلـ.
ديم قاطعتها : لاتعتذرين ، قابليها وشوفي وش عندها ، اتمنى تكون بخير دايماً
عبير كانت جنبها وباست خدها وعيونها بعيون نور : ليت بعض الناس يصيرون مثل قلبك الطيب
نور : تقصديني ؟
عبير : انا قلت بعض الناس عاد مين هم ماادري
نور خزتها بإستحقار وطلعت بدون اي كلمه وهي تسمع ضحكات عبير : شرايك فيني تذكار اخذت حقك منها
تذكار ابتسمت بضيق ، نور زاد غليلها على عبير وطلعت وهي تهمس : وانا من ياخذ حقي منك وانتي ناشبه بحياتي يالمجنونه ، بسيطه ، حقي انا راح اخـذه بيدي..

قبل فوات الاوان ، يعرف الإنسان غلطه ويمديه يتراجع عنه ، يمديه يطهر قلبه ويهيئ نفسه للتوبه ويجدد حياته ويجدد علاقاته مع الناس ويستسمح من اللي أذاهم ويطلب رضى ربه قبل كل شي ويصير ضميره مرتاح لإن استغنم الفرص وراجع نفسه..
لكن بعد فـوات الأوان.. بعد خسارة رضا رب العالمين وخسارة الراحه بالدنيا قبل الآخره ، يصير الندم شعور قاتل ، وهذا اللي حاسه فيه ام ديــم ، صارت تتمنى الموت ولاتحس بهالشعور اللي ارهقها واتعبها وخلاها تنجن بين قضبان السجون ، خسرت كل شي بحياتها والأدهى والأمر من هذا كله خسرت رحمة ربها وانطردت منها ولا هي عارفه وش تسوي بالساعات القليله اللي بقت من حياتها ، مالها مهرب من تنفيذ حكمها ، كانت عارفه ان حد الساحر ضربة بالسيف وكانت عارفه لو استمرت بيجيها هاليوم لامحاله لكنها استمرت لين وصل فيها الحال الى ماهي عليه الآن.
دخلوا عليها كلهم وكانت مكلبشه وجالسه بقلة حيله قربوا لها وصرخت فيهم صراخ غريب ماهتموا ومسكوها بقوه وبكت بصوت عالي وطلعوها معاهم متجاهلين توسلاتها ، استجمعت قوتها وجلست وقالت بصوت مهزوز : ابي اشوف بنتي ، بس بشوفها لو من بعيد
الضابط بعصبيه : تخسين والله ماتشوفين احد وتحملي جزاء افعالك
الضابط الثاني"صاحب ذياب" : لحظه ياشباب
جلس قدامها وقال بهدوء : رحمه بحالك بقول لك اخبار بنتك فقط ، بنتك بخير وولدت وجابت بنت ، بإذن الله تكون ام صالحه تقدّر النعمه اللي رزقها ربها فيها.. ماتصير مثلك فوق ماجحدتي نعمة ربك عصيتيـه !
غمضت عيونها بإستسلام ، وسالت دمعة ندم حاره من حرارة قلبها وقسوة شعورها ، ماخسرت يوم وشهور وسنه ، خسرت عمرها كله ، قامت معاهم ولسان حالها يقول خوذوني للموت وريحوني من هالشعـور

وصفها بين العجب و المستحيل اخجلت عذب القصايد و الادبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن