السادس عشر

155K 3.5K 160
                                    

تفاجأت بهذا الذي ظهر امامها...
رددت بجبين مقطب : بابا
قال هشام برجاء وهو ينظر اليها باشتياق: ممكن نتكلم ياسيرين
هزت راسها وغالبت مشاعرها سارت بضع خطوات ليقول بنبرة راجيه : اسمعيني خمس دقايق بس يابنتي 
نظرت اليه بعيون مليئة باللوم والعتاب لتنكسر نظراته وقد كان دوما مثلها الأعلي ولم تتخيل يوما ان يكون خائن وسارق.... حتي حينما كانت تستمع لما حدث بينه وبين والدتها منذ سنوات لم تكن تلومه فهذا شئ، بينه وبين والدتها لم تكن تعلم ماالذي دفعه للزواج عليها  ولكن كأب لها فهو بالفعل كان ونعم الاب الذي كان دوما بجوارها وكانت دوما تتفاخر به كان صديقها ووالدها وقريب منها لذا كانت صدمتها به قويه للغاية...
قال بانكسار وهو لايقوي علي النظر لعيونها التي تعاتبه بتلك القسوة ; حقك متبقيش عاوزة تبصي في وشي ياسيرين.... حقك تمشي وتسبيني.....بس انا مش جاي اقولك اني مش غلطان.... انا غلطان وخاين وغدرت بأبن الراجل اللي وثق فيا سنين وابنه وثق فيا من غير حساب بعده ... مفيش حاجة ولا سبب يشفعلي ويبرر خيانتي وغدري... بس والله وحياتك عندي ماكنت اعرف ان سيدرا ناويه علي كل الشر ده.... اسمعيني الاول وبعدين احكمي.... اللي هقوله مهم اوي     علي الاقل اعرفي اني بحاول أصلح غلطتي
كانت شفتاها ترتجف تكتم تلك الغصه التي وقفت بحقلها وهي تستمع لنبره ابيها النادمة المكسورة بتلك الطريقه..... حبست الدموع التي لمعت بعيونهابعيونها  وخرج صوتها متحشرجا وهي تسأله : هترجع لحمزة فلوسة
طأطأ راسه وقال بقله حيله :  ياريت كنت اقدر
خفضت عيونها بأسي : امال هتصلح غلطتك ازاي
: هساعد حمزة يوصل لسيدرا ووقتها هياخد حقه منها 
لاتعرف لماذا انتفض قلبها حينما تحدث عن سيدرا فهل يقابلها حمزة مرة اخري.....
رددت بلا وعي : مش عاوز يعرف طريقها.... حمزة نسي
رفع هشام عيناه بانكار : نسي اية....
شردت في الفراغ ليقول هشام باستعطاف
: اديني فرصه وخلينا نتكلم ياسيرين لو ليا غلاوة عندك
سرت رعشة قوية بجسدها بتلك اللحظة حينما تعالي رنين هاتفها ووجدته حمزة....
قالت بصوت حاولت أن يبدو طبيعا: الو
جاءتها نبره صوته المرتاحة : اية ياجميل خلصتي شغل
قالت برجفه اااه... ااا
: طيب اية... مالك ياسيرين؟
قالت بخفوت : لا مفيش انا كويسة 
: طيب تمام.... استنيني انا دقايق واكون عندك
قالت بسرعه ; لا انا...
قاطعها قائلا : لا اية.... انا وصلت خلاص عندك.... دقايق الإشارة هتفتح واكون قدامك
ارتجف جسدها بقوة كرده فعل لتخيل مواجهه بين حمزة والدها...!!
لا لن تحتمل مواجهه اخري..... لن تحتمل ان تري هذا الوجه لحمزة مرة اخري... لن تحتمل ان تري والدها بهذا الموضع مجددا.... لا... داهمت تلك الذكريات راسها وتخبطت الصور بعيونها لتقول بصوت مهزوز :  بابا حمزة جاي امشي دلوقتي
قال هشام برجاء، : سيرين.... لازم اتكلم معاكي اللي هقوله ليكي مهم اوي
هزت راسها : مش هينفع دلوقتي.... بابا امشي عشان خاطري
نظر اليها هشام لتقول :  بكرة هتصل بيك ونتقابل نتكلم
ارتجفت شفتاه بابتسامه باهته لتقول برجاء ; بس امشي دلوقتي عشان خاطري
اومأ لها بانكسار لتسحب سيرين نفس عميق تهديء بها خلجات جسدها ماان استدارت ورأت سياره حمزة تقترب....
توقف امامها ومال ليفتح لها باب السيارة بابتسامه لتغتصب ابتسامه ترسمها علي شفتيها وهي تحاول أن تبدو طبيعيه امامه.... ماان تحرك بالسيارة حتي اختطفت نظرة بالاتجاه الاخر حيث سار هشام لتغزو الدموع عيونها حينما رأته واقف خلف المبني ينظر اليها ويطمئن انها انصرفت برفقة حمزة لتتقابل عيونها بعيونه فتنغرس سكين بقلبها لرؤيه انكسار ابيها بتلك الطريقه
التفت اليها حمزة بينما اندهش لصمتها قائلا : اية ياسيري مالك؟
هزت كتفها : مفيش... بس مستغربه انت اية اللي جابك
ضحك قائلا : اية اللي جابك..؟! ... بقي دي جزاتي اني جيت اخد مراتي وام ابني نروح سوا...
لماذا فقد كل شئ طعمه حتي الكلام لم تعد تستطيع اخراجة من حلقها بالرغم من انها كانت لتطير فرحت من اهتمامه
التفت لها حمزة قائلا : عموما يا قمر  انا هعديلك ( انت اية اللي جابك) دي من غير سبب عشان تقدري تقولي كده اني اخدت علي طول لسانك
ابتسمت بزيف لينظر اليها قائلا بابتسامه :  انا كل يوم هبقي اجي اخدك نروح سوا وابقي انزل تاني بعد الضهر
: بس... بس انت كدة هتتعب
هز راسه : ولا تعب ولاحاجة...وبعدين انا هعمل كدة عشان نتغدي مع بعض واطمن انك اكلتي واكلتي عاصم باشا اللي اكيد هيجوع وانتي بتطنشي وجبه الغدا
رفعت حاجبيها باستفهام ; عاصم ؟!
اومأ لها بابتسامته الحلوة : اه عاصم حمزة عاصم السيوفي
ابتسمت لرؤيه تلك السعاده تتراقص بعيناه فرحا بحملها ولم تعد تستطيع منع تلك الدمعه من التي انفلتت من عيونها.... قطب حمزة جبينه بقلق واوقف السيارة جانبا علي الفور حينما رأي دموعها :سيرين مالك بتعيطي ليه؟
هزت راسها وتابعت الدموع النزول من عيونها ليدب الهلع باوصاله فهي لاتدري مقدار الخوف الذي انتابه منذ أن علم بحملها ويحاول جاهدا اخفاؤه عنها بسبب تكرار ماحدث لها سابقا ولكنه لايريد ان يقلقها لذا انتوي ان يهتم بها قدر استطاعته
وضع وجهها بين كفيه ينظر اليها بقلق قائلا: انتي تعبانه... حاجة بتوجعك تحبي نروح للدكتور
هزت راسها ليقول وهو يمسح دموعها : امال في أية.. حد في الشغل ضايقك
هزت راسها وفجأه ارتمت بين ذراعيه تقول بصوت مختنق بالبكاء : معرفش بس حسيت اني عاوزة اعيط
تنهد بارتياح ومرر يداه بحنان علي خصلات شعرها ليقول بمرح بعد ان هدات قليلا ;دي شكلها كدة والله اعلم الهرمونات
رفعت راسها من علي كتفه وابتسمت له مردده حتي لايشك اكثر ; شكلها كدة
داعب وجنتها بحنو قائلا ; طيب ياستي خليها ترجع مش طايقاني تاني انا موافق بس بلاش دموعك دي
غزت الدموع عيونها مجددا ولأول مرة تتساءل كيف كان بإمكان سيدرا ان تجرحة وتغدر به بتلك الطريقه.... لقد كانت زوجته لعامان بينما هي تعرفه منذ بضعه أشهر واصبحت تكن له كل هذا الحب وكيف لاتقع بحبه وهو بهذا الحنان أسفل تلك القسوة... ان كان لديها رجل كهذا فأي قيمه لتلك الأموال بوجوده...
سألها باهتمام ; ها بقي تحبي تاكلي اية؟
قالت بصوت متحشرج ; اي حاجة
: يعني مش نفسك في حاجة معينه
هزت راسها ;لا
أوقف السيارة امام احدي المطاعم الشهيرة ونزل ليحضر الطعام لتحاول سيرين ان تنظم أنفاسها حتي لا يدرك حمزة تغير احوالها بسبب مقابلتها لابيها التي جعلت قلبها ينكمش حزنا والما علي رؤيته بهذا الشكل
وضع حمزة أكياس الطعام بالخلف وركب بجوارها ليخرج من جيب سترته بضع اغلفه من الشيكولاته قائلا :  شيكولاته سيرين هانم
ابتسمت له بصدق فكم تعشق تدليله لها واهتمامه بالتفاصيل التي تجعلها سعيده فلم يغفل يوما عن إحضار الشيكولاته منذ أن عرف انها تحبها.... ولم يترك يوما شئ يسعدها الا ويفعله لهذا يعتصر قلبها تفكيرها بأن كل هذا كيف سيكون ان عاد لرؤيتها مجددا انها ابنه هشام واخت سيدرا
ماان بدإت بتوضيب الطعام حتي امسك يدها يوقفها  قائلا  ; توؤ توء... متعمليش حاجة
نظرت اليه ليبتسم وهو يجلسها قائلا : انا هجيب الأطباق واجهز كل حاجة انتي بس اقعدي ارتاحي
; بس ياحمزة انا كويسة انت متتعبش، نفسك اكتر من كدة
هزت كتفه قائلا : ومين قال اني تعبان
وضعت يدها بحنان علي وجنته قائلة : انت بتتعب في شغلك طول اليوم... سيبني انا هعمل كل حاجة وبعدين ده انا هجيب الأطباق والشوك بس
هز راسه قائلا : مش عاوزك تعملي حاجة غير انك تاخدي بالك من نفسك ومن الباشا ده وبس
رفعت عيناها اليه لتفلت منها الكلمات المختنقه بالدموع : خايف يحصله اللي حصل قبل كدة
جذبها لحضنه سريعا وهو يقول : مش هيحصله  اي حاجة ان شاء الله
ربت علي ظهرها مطمئنا حتي هدات ليقول بعدها بمرح ; عارفة لو هتعيطي تاني.... هسحب كلامي ده ومش هساعدك ولاهجيبلك شيكولاته كمان
............
.. بعد انتهاء الغداء وقف ليعد لنفسه كوب من القهوة ويعد لها كوب من العصير.. تناولته من يده بابتسامه...
انتهي من قهوته وجمع أوراقه قائلا بينما يطبع قبله علي جبينها: انا هنزل ياسيري عاوزة حاجة
هزت راسها ليرتدي سترته ويأخذ حقيبته ويعتدل واقفا ويتجه الي الباب
اوقفته : حمزة
التفت اليها لتركض اليه بلحظة وترتمي بحضنه هامسه :انا بحبك اوي
تخبطت دقات قلبه فهو يعرف ويشعر بحبها له ولكن نطقها واعترافها بها شئ اخر
احتضنها وقبل راسها ورفع عيونها اليه قائلا : وانا بموت فيكي
كلاهما لم يتوقف لحظة عن تذكر تلك اللحظة فلا يوجد ماهو أجمل من اعتراف كلاهما بحب الاخر ولكن سيرين كانت سعادتها ممزوجه بالخوف من القادم
.........
زفرت نادية بضيق هاتفه بابنتها وزوجها : وبعدين بقي احنا مش هنخلص من الخناق ده
قال جمال ببرود :قولي لبنتك
لوت سيدرا شفتيها : تقولي اية... ماتقول انت لنفسك بطل طمع
تهكم جمال : طمع..!
اومات له بجديه : اه طمع ياجمال.... ترفض خمسه مليون تبقي طماع وفي الاخر هترسي علي ولا حاجة
قال بسخريه : ان سرقت اسرق جمل
سخرت هي الاخري : والطمع يقل ماجمع كمان
هتفت ناديه بغضب : ماكفايه بقي خلونا في اللي احنا فيه.. انتوا بتتخانقوا ومش عارفين كل يوم بيمر حمزة بيفكر ولا ناوي علي ايه
قال جمال بثقة : اتكلموا عن نفسكوا.... انا عن نفسي عارف كل حاجة
زمت سيدرا شفتيها فهو رجل ماكر يمسك بخيوط كثيرة تجعلها غير قادره علي التخلص منه.. قالت بسخط : عاوز اية.. ومتقوليش نص الفلوس
قال بثقة : عشرة مليون
اومات له ; ماشي ياجمال.. بس بشرط
نظر اليها ببرود : سامعك
: مش هتاخدهم بس هتشاركني بيهم.
:اشاركك في أية؟
: في شغل.. انت مش كنت عاوزنا نشغل الفلوس دي... هنشغلها بس بطريقتي
نظر اليها بسخريه : مبشتغلش مع حريم
هتفت به نادية بغضب : جمال وبعدين ماهي سيدرا اهي بتتفاهم معاك لازمته اية اللي بتعمله
التفت اليها قائلا : اية يانادية انتي فاكراني عيل صغير ولا انا مش فاهم ان بنتك دي زي العقربه وماهتصدق اطمن لها وتلدغني
نظرت اليه سيدرا ببرود بينما زجرته ناديه بحنق : انا عقربه وانت تعبان ياجمال.... معروفه خلينا نتفق احسن
اومأ لها : طلباتك
: تعرفني كل اللي تعرفه عن حمزة وتحط ايدك في أيدي نأمن نفسنا ضده
:والفلوس
: مالها
: فين؟
: وانت مالك؟
:يعني مش مأمنالي
: ولا بأمن حتي لصوابع ايديا.... الفلوس دي في مكان محدش هيوصله... ولعلمك حتي لو حمزة وصلني برضه مش هيوصل للفلوس.... عشان من الاخر الفلوس دي حقي
ضحك جمال عاليا : حقك.... حقك منين
اومات له بغل : اه حقي ياجمال... حقي اللي اخدته بأيدي من الدنيا
رفع جمال أصبعه امامها بتحذير : بأيدينا... مش بايدك انتي لوحدك
اومات له علي مضض : ايدينا ياجمال... ماشي
خلينا بقي نشوف هنعمل اية.؟
جلس جمال واضعا ساق فوق الاخري وهو يقول : افهم اللي في دماغك وبعدين اقولك
جلست وهي تقول : تمام... عزام الصاوي
هو الوسيط بين شركة حمزة والشركة الاجنبيه اللي بتورد له المعدات لو سيطرنا عليه بقت روح حمزة في ايدينا ووقتها حتي لو وصل لينا مش هيقدر يعمل لينا اي حاجة
رفع حاجبه : حلو... وانتي ناوية ازاي تخلي عزام يوافق علي حاجة زي دي
: هتحاول انت معاه انه يديك الشغل ده من الباطن مقابل ربح اكيد مش هيرفضه
: وانتي واثقة
: واثقة ان الفلوس محدش يقولها لا
قال جمال بخبث : والجمال كمان
رفعت عيناها اليه ليقول بمغزي : معتقدش عزام الصاوي هيقاوم جمالك
لمعت عيناها لتساله بمكر ; ودي نعملها ازاي
: سهله.... احنا هنقابله ونتعرف عليه علي انك  شريكتي ووقتها انتي وشطارتك
: ولو عرفني
: هيعرفك منين... قابلتيه قبل كدة
: لا...
: يبقي خلينا نلعب بثقة
اومات له وسألته بخبث : واللي تعرفه عن حمزة
: هتعرفيه في الوقت المناسب.... بس خليني أحذرك حمزة رجع واقوي من الاول.... كفاية ان جده واقف في ضهره
ابتلعت لعابها وشردت في الفراغ تحاول أن تؤكد لنفسها انها بأمان ليتشفي جمال في ذاك الخوف الذي جاهدت لتخفيه : خفتي ياحلوة
هزت كتفها ببرود : لا طبعا.. ومتنساش ان حمزة بيحبني وعمره ماهيأذيني
ضحك جمال بقوة حتي دمعت عيناه..... هتفت بغضب : بتضحك علي اية؟
: علي اللي بتقوليه.. مين اللي بيحبك
ويحبك علي اية
.... ده انتي غدرتي بيه وسرقتيه
: هقوله هشام اللي رتب كل حاجة وهو اللي سرق الفلوس وانه هددني وعشان كدة خفت وهربت
نظر اليها جمال لتنظر اليه بخبث ودهاء : مش هغلب وقتها....
: وانتي فاكراه برياله
: لا بس وثق فيا قبل كدة
; عشان كان مش مخونك.. دلوقتي مخون كل اللي حواليه.... احسنلك ياسيدرا بلاش الثقة الزايده دي في نفسك بدل ماتلاقي نفسك واقعه علي جدور رقبتك...

ضائعه في غابة ظنونهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن