الله هو مدبر🌸

141 21 1
                                    

تقدم لخطبتي مرتين ورُفض، وفى المرة الثالثة أصرّ أبي وقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"
قلت: "لا أحبه يا أبي"
فقال: "الحبُ لا يبني البيوتَ يا بنيتي، لا أدري ما سر تمسكه بكِ، الشابُ خلوقٌ لا تضيعيه ونحسبه عند الله من الصالحين، قابليه ولو لمرة وإن لم تألفيه فأعدكِ بألا أضغط عليكِ بعد الآن"
كل حُججي باءَت بالفشل ولم أكن بالشجاعة الكافية لأخبر أبي أن ابنته متيمةٌ بآخر! المشكلة كانت تكمن في أنه خلوق.

قبل مقابلتهِ بساعاتٍ قليلة تلقيتُ دعوةً لحضور حفل خِطبة المحبوب... فبكيت مرتين مرة لضياع المحبوب ومرة لإقبال الخلوق، عزمت على أن يرفضني قبل أن أرفضه كرهته وقتها دون مبالغة
ومن ثم قابلته: محافظٌٌ على صلاة الجماعة، حامل لكتاب الله، ورده اليومي ثابت، صارمٌ بشأن ضوابط الخطوبة، حريصٌ على الأذكار، أما بشأن حفل الزفاف الإسلامي فلم يعترض بل طلب! ليس بشعا كما تصورته! كان وسيما بدرجة زادتني كرها على كرهي المشكلة أنه كان كما أردت!
كل ذلك لا يهم قد يكون خلوقا ولا نتفق، ربما لم نخلق لبعضنا البعض، ما عليّ إلا صلاة الإستخارة...
كنت أشعر براحةٍ ولا أدرى ما السبب، كذّبت نفسي وقلت سأرفض وما الضرر لو نفيت! فتذكرت ابن حزم حين قال: "الحب هو اتصالٌ بين أجزاء النفوسِ التي قسم الله لها أن تحب"
فقلت: "ولكنني أحببت من قبل فكيف للشخص أن يعشق مرتين!؟"
ولا أدّعي إن قلت بأن عبارة طرأت ببالي سمعتها منذ أن كنت فى الإعدادية تقول: "إذا وقعت في حب شخصين فى الوقت ذاته فاختار الثاني لأنك لو كنت تحب الأول لما وقعت فى حب الآخر"
وكلتُ أمري لله وقبلتْ ولكن بداخلي كنت أدرك أنه ليس بحب على الإطلاق، الحب جربّته من قبل كان شعورا أعمق من ذلك...
مرت الخطوبة وأنا بين نارين تارة أميل إليه وتارة أشتاق إلى المحبوب السري. كرهت نفسي وكرهته وكرهته وكرهت كل شيء كنت أشعر بالنفاق في تصرفاتي... كيف سنعقد القران عما قريب وأنا معلقة بآخر، سجدت في إحدى الليالي وبكيت، لا أعلم هل كنت أبكي لأجله أم لأجلي ولكن وجدتني أردد:
"اللهم دبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير"

كنت أقرأ رواية "اكتشفت زوجي فى الأتوبيس" انتهيت منها ثم ابتسمت وقلت: "ترى متى سأكتشفك يا سيد يُوسف؟"
المحبوب خطب قريبتي ولأنه لا أحد يدرى بحبي فكنت مضطرة للذهاب، كنت أدرى أنه ليس بالشخص المناسب ولكن تغاضيت عن ذلك ولم أر إلا محاسنه أمامي وكما يقال: "مرآة الحب عمياء"
كان أبي مسافرا فأوصلنا السيد يُوسف بسيارته واكتمل اليوم واصطدمت السيارة بأخرى لم يكن الخطأ على يوسف كان الأخرق الآخر هو من يقود بهمجية، وصوت الموسيقى في سيارته أصابنا بالصمم والعجيب أنه لم يعتذر بل أخذ يسب ويشتم! والمحبب أن يُوسف ابتسم! حسنا لا تسألوا هل هذا وقت الابتسام؟ حتى أنا قلت ذلك ولكن ابتسامته كانت فاتنة لا أنكر ذلك، المهم ابتسم وقال: "ربنا يهديك..."

وكأنه سبّه مثلا لكي يزداد الآخر عصبية ويتفوه بعبارات مقززة تشبه...، الأمر أزعجبني فخرجت من السيارة ولا أدري لماذا!، الصادم أنه كان المحبوب! رأيته والعجيب لم يخفق قلبي كما اعتاد!؟ رأيت الاثنين أمامي ولكن شتّان ما بين الشابين وقتها ابتسمت وتذكرت عبارة أبي: "الحبُ لا يبني البيوتَ يا بنيتي..."
ترى ماذا لو أحبني المحبوب وتقدم لي بدلا من يوسف كنت كالحمقاء سأقبل! وقتها رددت: "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
اكتشفتك على قارعة الطريق يا سيد يُوسُف.

عقدنا القران فنظر إليّ وابتسم، تبا له إن ابتسامته تفتتني!
فقلت: "تقدمت لخطبتي مرتين ورُفضت، حتى أنني منتقبة ولم تراني! فلماذا تمسكت؟!"
هاهو يبتسم مرة أخرى! أحقا يدري مفعول ابتسامته عليّ أم أنه يبتسم قدرا؟

فقال: "رُبما لن يقنعكِ جوابي لو قلت لا أدري! قالوا مهذبةٌٌ ففكرت، علمتُ أنكِ منتقبة فأحببتُ، سألتُ عنكِ فأقدمتُ رُفضت مرة فقلت لا بأس حاولت بعد عامٍ لعل وعسى فرفضتي مرة أخرى! قلت ربما ليست لك... ولكن كان جزءا أعمق يخبرني: بلى إنها خلقت لك"، دعوت فى رمضان في صلاة القيام، تمنيتكِ وقلت: "اللهم إني فوضت أمري إليك"، ولا أدري حتى الآن ما سر ميلي إليكِ..."

أدهشني ردّه!، رُبما من فرط صدقه أبكاني، فارتيمت بأحضانه وبكيت، فابتسم بدوره وقال: "كنت أظن أن نيل عناق عقد القران بالأمر الصعب!"

طلب أن نصلّي ركعتين فأحببت ذلك، وتمنيت صوتا عذبا كما أردت، ومن يومها أدركت أن الحب وحده لا يبني البيوتَ ولكن المودة والرحمة تدعّمها، حتى وقتها لم أكن أفهم قولي بأن الحب فى ذاته شعور منقوص، ما بين حور ويُوسف" لم يكن حبا بل كان أعمق من أن يوصف...
لقد جعل الله بينهما مودة ورحمة.

#أروى_محمود.

رحلتنا الي عفَافَ🌿💙حيث تعيش القصص. اكتشف الآن