شرد في احداث الماضي، تنهد بالم وهو يتخيل مقدار كره ابنته له ، يتردد صوتها في رأسه < بابا م تخليني ، انا بحبك، بابا م تخليني ، انا بحبك> ، لا يصدق أن من أتت هذه هي ابنته!....
صارت ناجحة في حياتها، لكن خالية من المشاعر، صارت كامرأة آلية، كتلة من البرود و الصلابة..
ردة فعل طبيعية، لم تحظى بدفء أسري، ولا لين ابوي ، لا حنان اموي، فقدت الاسرة في حياتها، لتصير جدتها هي محور حياتها، جدتها التي هي امه!..
آفاق من شروده على يد حنون ، توضع على كتفه، رفع رأسه، ليجد آمل التي قالت بحزن:
-احكي ليها الحقيقة يا هاشم، متأكدة انها ح تسامحك ..
ابتسم بحزن، لزوجته التي تفهمه دون أن يتكلم:
-خلاص يا آمل، البت كرهتني..
-لا، ما في ولد بكره أمه، ولا بت بتكره ابوها ، احكي ليها عشان تسامحك..
ابتسم وقال بحزن نجح في اخفائه :
-أن شاء الله يا آمل، اسي جهزي لي هدومي الحقها هي رئبال في المكتب..
قالت بفرحة وقد ظنت انها اخرجته من دوامة احزان الماضي:
-حاضر من عيوني..
ذهبت ليغوص مجددا في حياته الماضية، وابنته التي سبباً لتعاستها..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أغلقت المكالمة الهاتفية التي انهتها قبل قليل، لتقتحم ذكرى زوجها الراحل ذاكرتها..تذكر اخر ما اخبرها به، اخبرها عن القضية التي ستكون حديث الناس لعقد من الزمان، ليآتيها خبر توسطه للنهر، مات غرقاً، وهي ان تلك القضية المشؤومة هي السبب..
كانت ممسكة بتلك الورقة التي وجدت فيها رسالة، من ابنتها مزن، تخبرها أنها برفقة فارس، ذاك الفتى التي تثق فيه بشدة، فقد ربته مع ابنتها..
وتتذكر جيدا وقفته معهم، عند وفاة زوجها، وتعهده بحماية مزن ، فهي تعلم تهور ابنتها في الصحافة وكل امور الحياة، لكن مع حماية فارس لها، تطمئن قليلاَ لعلمها بكمية التعقل في ذاك الفتى..
تنهدت بقوة وقالت:
-الله يهديك يا مزن يا بت بطني..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت تلك السيدة الخمسينية من العمر، تجلس قرب النافذة، لم يظهر عمرها، فمن يراها يقسم انها اصغر بعقدين...تنظر من نافذة حجرتها، شاردة في احداث الماضي، استشهاد زوجها الذي حولها من الحنان إلى القسوة، مع ابنها رئبال، بحجة جعله رجلاً، متناسية ان الرجولة ليست قسوة وتحجر، بل حنان ودفء، فقده ابنها، ليبخل حتى عليها بذاك الحنان..
قضايا ، مأموريات ومهام، صارت هكذا حياته، لم تنظن انها ستندم على على ادخاله كلية الشرطة، لكنها الآن قائلة يا ليت الزمن يعود، لتصح ما اقترفت يداها في حق ابنها، حلمها الوحيد ان ترى حفيد لها..
أنت تقرأ
جثث النيل/دم بين الاروقة
Humorكان دائماً عنواناً للحياة، لترقد الآن عليه الجثث، فيما يرقد عليه الآن سمي عليه.. "جثث النيل".. بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. ----- ***** بين تلك الازقة بقعات دم،في الريف الشمالي، لترسم بوضوح.. "دم بين الاروقة" بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. _...