القت بأبنائها ليقتحموا نوافذ الأرض، اشعة تسللت ببطء لتستقر على عينيه، لتسرق النوم منهما، لامست كفه مكانها بجواره، وجده خالياً، تحسسه بيده ، عقد حاجبيه باستغراب، ولايزال مغمضاً عينيه..
ان مكانها بارد، دلالة على نهوضها منذ زمن طويل، فتح عينيه بتكاسل، لقد غادرت الفراش قبل أن يستيقظ، يعلم جيداَ أين هي، تنهد بحرارة متمتماً بغيظ:
-اكيد قاعدة مع الحيوان داك، التقول معرساه هو م انا..
قال جملته الاخيرة بقليل من الذهول، نهض بنفس تكاسله متجهاً لدورة المياه، نعم يا سادة الفريق رئبال عماد الدين يغار من ابنه..
انهى طقوسه الصباحية بانزعاج، فهذا "الرويد" يسرق زوجته دائماً، بل يغيظه باخذه إياها، اتجه لغرفته وبلا طرق فتح الباب قليلاً ، ليجدهما يلعبان بألعاب رويد، صوت ضحكاتهما يقتحم جدران المنزل..
تعانقه بقوة بين الحين والاخر، تشعر أنها تعوض له حنان الام الذي فقدته هي، ابتسم لا ارادياً من طفولتهما، نعم أنه متزوج بطفلة، فمنذ أن تزوجوا تطالبه بمجموعة ألعاب شهرياً ، اجبرته على تعويضها حنان الأب، لكن كان ذلك مما يسر باله......
اختفت ابتسامته عندما اقتحمت ذكريات الماضي عقله، شرد في الذكريات وهو لايزال على باب الغرفة..
ذاك الطفل البالغ من العمر العشر سنوات، يناظر تلك الورقة التي بيد امه بخوف، وصل به لدرجة الارتجاف، دموع تتلألأ في عينيه، تناظره تلك السيدة بحزم..
قالت بصوت تغلفه القسوة تغليفاً:
-جايب لي في الرياضيات تمنية وعشرين من تلتين وراجيني اصفق ليك..
ليعلو صوتها وهي تصرخ فيه:
-رد ، دايرنا نصفق ليك، مش مفترض انك راجل البيت..
كان يرتجف بطريقة هستيرية، ينتضف بقوة، قطرات تشتت على خلايا خده، عيونه البريئة ترتجف مقلتها، تلك القطرات لم تكن سوى دموع طفولة مذبوحة..
قلبت عينيها بملل لدى رؤية دموعه ، ثم ناظرته بحزم وهي تقول:
-والله غنوة ارجل منك، كمان مشرط الورقة..
بينما اختبئت تلك الصغيرة خلف الباب، تستمع لكلمات أمها ودمعاتها تجري في سباق للهطول بغزارة، كانت تلك ورقتها هي!، نعم ورقتها هي ، فعندما كانت تبكي قرب باب المنزل، خائفة من ردة فعل أمها، اتى هو ومزق منطقة الاسم والصف ، واعطاها ورقته التي احتلت الدرجة الكاملة أعلاها بعد أن مزق اسمه و صفه..
علا صوت السياط الذي ينزل على جسد ذاك الطفل بلا رحمة، اختلط الصوت بصرخاته المتألمة، التي انتهت بآهات مكتومة من كثرة صراخه..
وقفت وهي تلهث بقوة قائلة بتعب:
-الليلة لا في غداء ولا عشاء ، عشان تاني تنزل راسي كده..
أنت تقرأ
جثث النيل/دم بين الاروقة
Humorكان دائماً عنواناً للحياة، لترقد الآن عليه الجثث، فيما يرقد عليه الآن سمي عليه.. "جثث النيل".. بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. ----- ***** بين تلك الازقة بقعات دم،في الريف الشمالي، لترسم بوضوح.. "دم بين الاروقة" بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. _...