كان الجميع يحدق به بصدمة، من الجيد أن الوقت لازال باكراً، والمقهى ليس فيه غيرهم، تسآلت روح وهي ترى ملامح الانزعاج على وجهه رئبال، لم تقل تسأول من مزن و فارس، لتتكلم اخيرا محاولة الثبات:
-في شنو يا رئبال؟..
اجاب وهو يغلق الهاتف، وعلامات الضيق على وجهه:
-الجثمان الجديد بدون اطراف..
شهقت روح، بينما تجمد فارس في مكانه من الصدمة، فمن هذا المتوحش الذي يقتل الطفولة بهذا الشكل، بينما انتقلت بنظرها على وجههم، و قالت مزن باستغراب:
-يعني شنو؟..
ليرد فارس بعد أن ابتلع غصة في حلقه:
-يعني اليدين والرجلين مقاطعات..
لتكمل روح:
-ونحن اساسا بلقنا الجثث بدون ريسين..
ليكمل رئبال:
-الجثة الجديدة لا رأس ولا يدين ولا رجلين..
كانت تنظر لهم بابتسامة بلهاء، ليصور لها مخها ما قالوا وتتخيله، لتقع مغشياً عليها...
جرى كلاً من روح ورئبال إليها، ليضرب فارس كفيه قائلا:
-حقه نسوقها تشوفوا ، ممكن نلخص منها عديل...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تخللت اشعة الشمس الشمس الأجواء، في الريف في ضواحي مدينة الخرطوم، سمعت صوت دق على باب بيتها، وكالعادة سمعت انزعاج مدبرة منزلها...دلفت رحاب ، تلك المرأة التي تعد احد اهم، وسائل الإعلام في تلك القرية، دلفت وهي تقول لمدبرة المنزل بلا مبالاة:
-صباح الخير يا ماريا ، فوزية صحت؟..
فجاءها صوتها:
-اتفضلي يا رحاب البيت بيتك..
اتجهت للردهة، التي تجلس فيها تلك السيدة، التي اعتادت تصدر الصحف منذ اعوام، تلك التي ترتدي ثوب سوداني منزلي، فالعادة تجري ان من احترام الضيوف ارتدى الثوب، كانت الاعوام خطت بوضوح على ملامح تلك العجوز البالغة الخامسة بعد الستين من العمر، أحضرت ماريا الشاي، لتقول رحاب بحماس:
-عاد م شفتي يا فوزية يا ختي!..
ظهر الضيق جلياً على وجه فوزية، فهي متأكدة ان رحاب ، لن تتوقف عن عادة نشر الاخبار، السيء و الجيد، والحقيقي والكاذب ، ولطالما كرهت فوزية هذه العادة في الريف، لتقول بضيق جلي:
-رحاب عليك، م تجيبي لي سيرة...
لتقاطعها رحاب نافية:
-لا يا فوزية يا ختي، أنا م جايبة خبر ناس حيين، اسمعيني اول كدي..
لتتنهد، لتقول لرحاب بمضض:
-سامعاك يا رحاب..
-قالوا لي الخرطوم مقفلة لا داخل ولا مارق، قالوا لقوا شافع مقطع ومرمي في النيل..
أنت تقرأ
جثث النيل/دم بين الاروقة
Humorكان دائماً عنواناً للحياة، لترقد الآن عليه الجثث، فيما يرقد عليه الآن سمي عليه.. "جثث النيل".. بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. ----- ***** بين تلك الازقة بقعات دم،في الريف الشمالي، لترسم بوضوح.. "دم بين الاروقة" بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. _...