تراصصت المقاعد في منزل الرجال، كان جلوسهم فيما يسمى ' ديوان الرجال ' ، كانت نظرات ذاك الكهل ، تخترق رئبال وفارس، ليهمس فارس بتوتر:
-الراجل ده ماله بعاين لينا كده، التقول قتلنا ليه زول..
-انا ذاتي م عارف، م تبقى علي انت كمان وتوترني زيادة..
همس بها رئبال قرب اذن فارس، وهو يقابلان ذاك العجوز الخرف، الذي بلغ نهاية الثمانينات من عمره، وهو والد شيخ القرية، تنحنح رئبال بتوتر قائلاً بثبات:
-اخبارك يا حاج..
نظر له العجوز بحاجب مرفوع، اقترب منه الشيخ، قائلاً ببطء ، كأنه يحادث طفل في الرابعة:
-قوم يابا عشان تنوم بعد ده..
لم يرد العجوز ، بل اخذ يناظر ابنه كطفل يراقب اباه، انصاع له وهو ينهضه به متجهاً لحجرته، داخل المنزل..
اوصل العجوز احد احفاده، بينما جلس الشيخ بهدوء قائلاً:
-انت عارفين العمر، الحاج كبر خلاص..
تنهد بحرارة مردفاً:
-المهم باكر ح تاخدوا لفة في البلد ، أن شاء الله..
وختمت الليلة بالذبائح، التي تعد اهم دلالات الكرم في السودان بشكل عام..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
توشحت السماء بقماش مزرق، مزين بلألأة تلك الماسات، تنتصفها رقعة دائرية مكسوة بلون الفضة، يسميها الفلكيون "القمر"..خلد الجميع إلى أسرتهم، ففي ذاك الظلام الدامس، يصعب عليك رؤية يدك..
تسلل ببطء تام، وهو ينير كاشف هاتفه، لامس الجدار الذي يفصل منزلي الرجال والنساء، اخذ يهمس بتوتر:
-ملك، يا ملك..
-اي يا رويد..
قالتها وهي تبادله الهمس، بينما كسا صوتها أعتى ايات التوتر، همس بسرعة:
-يلا..
-يلا..
قالتها وهي تتحرك خارجة، تقابلا امام ابواب المنازل، همست له بهدف التأكد:
-عارف الخطة؟..
-عارفها..
-ابقى، ابدأ التنفيذ..
بينما هما يخططان لمقالبهم، سمعوا صوت فحيح افعى، همس رويد بخوف:
-سمعت الصوت ده يا ملك؟..
فقالت بهمس هي الاخرى، وتدعي الشجاعة رغم صوتها المهزوز:
-م عارفة، تعال نشوف..
وكهيبة اي رجل في سنه، جرها من يدها لتستقر خلفه، نافخاً صدره بحزم قائلاً:
-خليك وراي يا ملك، احتمال ابوك عرف بالمقلب الدايرين نعملوا له، فحابي اخوفنا..
أنت تقرأ
جثث النيل/دم بين الاروقة
Comédieكان دائماً عنواناً للحياة، لترقد الآن عليه الجثث، فيما يرقد عليه الآن سمي عليه.. "جثث النيل".. بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. ----- ***** بين تلك الازقة بقعات دم،في الريف الشمالي، لترسم بوضوح.. "دم بين الاروقة" بقلم: تسنيم العوض المسلمي *روح*.. _...