جثث النيل*8*

140 9 5
                                    

غطت كتلة من القطن الرمادي، المليء بالدموع السماء، تلك الدموع التي تروي الاراضي الزراعية ، ظهر جمالها باختلاطها بعض شرارت الشمس، معلنة عن صباح جديد...

كان النسيم يداعب الأشجار، بينما علا صوت شجار في ذاك المقهى..

-كيف يعني الكلام ده؟..

هذا ما هتف به فارس، وهو في قمة الحنق من تلك الصديقة البلهاء، بينما هتفت هي مبررة:

-وانا ح اعرف من وين ، أنها بتحب زيارة المريض يعني، ثم ده اول شيء جا في راسي، اعمل شنو يعني؟..

قال رئبال بهدوء:

-خلاص يا فارس، ما في داعي للكواريك ، انا و روح موافقين نمثل اننا مخطوبين، عشان حجة سوسن م تعرف شيء عن القضية، و م تخاف عليها..

قالت مزن بفرحة وهي تصفق بيديها كالطفلة:

-الله ينصر دينك يا جنابو..

فقالت روح بشيء من القلق:

-لكن نحن م عندنا مريضة وكمان الليلة، دكتور ريمون جاي من انجلترا، مفترض نكون في استقباله..

تنتحنح رئبال ليقول بثبات:

-اتفقت مع واحد من اصحابي استقبله، م تخافي، لكن بجد م عندنا مريضة !..

قال جملته الاخيرة لمزن، التي ابتسمت بمكر قائلة:

-م على مزن جلال الدين..

ليقول فارس بجمود مضحك وهو يشير لمزن:

-شفتوا الجملة دي الضيعتني زمان، واسي كاسرة يدي..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
-ماما، امي ، حجة نرجس، يا حجة أنت، ردي امي...

كان هذا صوت غنوة العالي وهي تدق باب أمها بشدة ، ليقاطعه انفتاح الباب وصوت أمها المنفعل:

-شنو في شنو، البيت بتهدا، م براحة، اكسري الباب هدا ليه اكسريه، الله..

لتقول ابنتها بصوت طفولي:

-مالك يا نونو اخلاق ضيقة من الصباح..

فقالت أمها بغضب:

-تصبحي قرد ، انت خليتي فيها اخلاق ولا صباح، أنا عملت شنو يا ربي عشان ابتلى بالبت دي..

قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر للسقف وترفع يديها بهيئة الدعاء، فصاحت ابنتها:

-الله، انا اسي عملت شنو يا أمي؟..

-ولا حاجة عايزة شنو يا غنوة؟..

-عايزة اقول ليك انا ماشة اسي ، عشان عندي راوند في السلاح الطبي..

-خلاص مع السلامة، قولي بسم الله..

-بسم الله ، ونعم بالله..

وذهبت لتبتسم أمها في اثرها، على ابنتها المجنونة، لتسمع فجأة صوت عالي افزعها:

-عاااااد يا يمة السماحة والرشاقة اخلوها لغنوة...

جثث النيل/دم بين الاروقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن