الرابع بعد الثلاثين

12.4K 619 97
                                    

الرابع بعد الثلاثين

كان هذا الطبيب الذى أوصاه به ضاحى مفيدا بالفعل فلأول مرة منذ سنوات طويلة لا يزعجه الرقص بالعصى ، بل لأول مرة لم يشدد على الجميع بعدم المشاركة به ، لم يكن يعلم أن ولديه وابن أخيه يجيدونه لهذه الدرجة ، كم أضاع من حياته !!

يثق أن بإمكانه أن يبدأ من جديد ، طالما هو على قيد الحياة فالفرصة سانحة .
وكضربا من ضروب الجنون الذى أدى لصمت الحضور بشكل مفزع ، مد سويلم عصاه بأنفاس لاهثة نحو صدر أبيه ، نظر له بتحدى مبتسما وكل منهما عينيه متعلقة بالآخر  .

اهتزت عينا رفيع لحظة واحدة لكن الصمت حوله يثبت أن الجميع ينتظر رد فعله ، تحركت عينيه ببطء ، إنه ليس أخيه .. ليس أخيه وما حدث في الماضي لن يتكرر .

نفض عباءته عن كتفيه ليعلو تصفيق وصفير يدرك أنه من ولده المجنون ، قبض كفه على العصى ليعود الاحتفال فى نفس اللحظة إلى صخبه المعروف ويلقى دياب عصاه نحو سويلم الذى تلقفاها بمرح .

****

ركضت سيلين نحو أمها التى ارسلتها لإستكشاف سبب صمت اقلق الجميع صارخة : ماما الحقى بابا بيحطب .
اتسعت عينا رنوة دون الفزع ، اتسعتا سعادة وفخر ، كانت تثق أنه قادر على ذلك .
طالما وثقت به وطالما لم يخيب ظنها فيه .
اندفعت نحو الشرفة لتراه للمرة الأولى بحياتها يتحرك بخفة هو وولدها ، لا يبدوان اب وابنه مطلقا ، كلاهما بارع بحق .ظلت تتابعهما بشغف حتى قرر هو أنه اكتفى ليضم صغيره بفخر .

تنفست بعمق اخيرا هذا هو رفيع الذى أحبته ، هذا هو الصعيدى الذى وكزته بأناملها منذ سنوات طويلة .

كم كان إعادته لنفسه أمرا شاقا استهلك من عمرهما الكثير ، لكنها الأن تراه بنفس الهيئة .. نفس النظرة التي التفت لها بها في تلك الليلة .. لقد عاد إليها .
عاد بالكامل .

لم يرغب سويلم في إنهاء احتفاله بليلته الأخيرة دونها ، إن استطاع لمدها حتى ليلته الأولى معها لكنه اكره على إنهائها .

كان يعلم أنه سيتعذب ، لكنه لم يظن أن هذا العذاب بهذه الوحشية .هو بفراشه منذ ساعة كاملة لكن هذا الفراش ليس ما اعتاد أن يأوى إليه ليرتاح ، زفر بضيق متطلعا لسقف الحجرة مجددا . متى يأتي الغد !!

***********

إنها ليلة مميزة ، انتقت لها رداءا مميزا أيضا  ، خبأته منذ عزم على مواجهة مخاوفه لليلة تحتفل فيها بإنتصاره على تلك المخاوف .. وها هى اليوم تراه يعود سنوات ماحيا الألم .. تراه الليلة كليلة عقد قرانهما  ، تلك الليلة التي لن تنساها مطلقا ، تراه الليلة بنفس صفائه ، تخلص اخيرا من أثقال انهكته واهلكته ارقا وخوفا  ، أسندت رأسها لقبضتها المضمومة تطالع انعاكسها في المرآة .
كأنها تسمع صوته يردد بفخر
ايوه بغير ..

الشرف ( الجزء الرابع) قسمة الشبينى   _ كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن