الثالث بعد العشرين

13K 602 67
                                    

الثالث بعد العشرين

طنين مزعج منع عنه أصوات الإحتفال الذى كان يذوب فيه بكيانه كاملا ، سحب من غيامات الغضب تراكمت أمام عينيه وهو يقترب منها بينما لازالت تنظر أرضا ولا تعلم سبب هذا الصمت .
وقف أمامها محاولا استجماع نفسه لترفع وجهها على استحياء ، مد كفه يرفع ما يحجبها عنه لتتقابل الأعين ، لم يكن صعبا عليها رؤية غضبه لتتساءل عينيها قبل أن تنشق شفتيها ناطقة : مالك ؟؟
لاحظت توتر ملامحه ليقول : فى حاچات لازمن نوضحها جبل اى حاچة .
وقفت عفاف ليضطرب قليلا بينما تقول : أسأل كيه ما بدك .
عاد خطوة للخلف هربا من سطوة قربها ليتساءل : عرفت انك كنت موعودة لواد عمك ؟
احتدت نظرات عفاف إلى حد ما : وده يهمك في ايه ؟
علت نبرة صوته : مايهمنيش .. بس يهمنى إن مرتى تكون ليا لحالى
شهقت عفاف ليقاطعها : ماجصديش إكده .
حمحم بحرج لتلين نبرة صوته اعتذارا عن خطئه الغير مقصود : انا بسأل عن جلبك
رددت بتعجب : جلبى !!
أولاها ظهره ليعود للهذيان : ايوه ماحبش تكونى على ذمتك وجلبك  مع راچل تانى .
اقتربت عفاف لتقف أمامه وتنظر له بغضب : اللى بتجوله ده يضيع فيه رجاب .. وانا هعمل روحى ماسمعتش بس كرامة لأول ليلة لينا سوا ولأنك ماتعرفنيش زين .
عقدت ساعديها وتابعت : وماهردش عليك كمان .
همت بالابتعاد ليمسك كفها حائلا دون ذلك ، نظرت لكفه ثم له بحدة ورفض ليحمحم : احممم ماجصديش ازعلك .
تنهدت وقالت : لأچل نجفل الموضوع ده خالص لازمن تعرف إن دياب مش واد عمى ، دياب سندى وعزوتى يعنى يوم ما أغضب منيك ماهروحش لابوى هروح ل دياب .
جذبها نحوة بحدة غير مقصودة تنبأ بفوران دمائه الحارة لينظر لها : وانا ماهغضبكيش من أساسه ولا هتروحى لبوكى ولا لواد عمك .
أغمضت عينيها وهمست : يدك بتوچعنى .
انتفض تاركا ذراعها لتلملم أطراف فستانها وتلملم معه كسر لن تبديه متجهة نحو الخزانة .
رغم رأسها المرفوع رأى الانكسار فى شموخها الزائف ،
عفاف
توقفت فورا لسماع اسمها بذلك الصوت الدافئ ، اقترب ورفع كفيه ليسندهما لكتفيها : والله ماجصدي اكسر جلبك إكده . أنا بس حبيت أتأكد انك مارايداش غيرى .
تقدمت خطوة ليهوى كفيه عنها : لو رايدة غيرك ماكنتش جبلت بيك . وكتر خيرك على حسن الظن .
كلما أراد أن يصلح نتيجة لحظة حماقة واحدة زاد الأمر سوءاً .
لم تنظر لذلك الرداء المنتظر لها فوق الفراش ، فهذه البداية الغير مبشرة لا تستحقه ستبحث عن آخر أكثر حشمة مادام رأسه تجول به الظنون السيئة  .
فتحت الخزانة باحثة بعينيها ليهبط ذلك الرداء أمام عينيها متعلقا بكفه ، شعرت بالغضب لمجرد التلميح وهمت بمهاجمته لتبتلع كلماتها مع شهقة فزعة وقد غمرها بدفء هامسا : لما طلبتى الهودچ چبته من غير ما افكر ، لكن الليلة وانت معايا لأول مرة افتكرت إن چوازنا ماكانش بكيفنا وممكن تكونى مغصوبة .. فكرتك بتشاورى بالهودچ للتجاليد اللى بتجول البت لواد عمها .
زفر براحة بعد أن صارحها بكل ظنونه هامسا : وزة شيطان ماتخليهاش تفرج بينا .
خطوة جيدة للأمام إن كانت المصارحة أساسا فهى افضل أساس ، اومأت بصمت ليستكين قلبه لرضاها فتقول : يا هاشم انا بنت اصول حط دى جدام اى ظن ياچى فى راسك بعد إكده .. كان لازمن تسأل بس اختار الكلمة .. الكلمة زى ما بتحيى بتجتل .
لهيب طال بشرتها لتدرك أنه أنفاسه حين طفت قدميها بالهواء وقبل أن تشعر بالصدمة هاجمها الفزع الذى يحتوى شهقاتها بنهم ، لم يكن صعبا عليه الشعور برجفتها المصدومة ، زادها دفئا متخليا عن شغفه ليبثها بعض السكينة التى هى في أشد الحاجة إليها دون أن يغيب شغفه بها أو لهفته لقربها .
************
نظر دياب لكفه الممدود الفارغ بخجل وتردد قبل أن تمسك سليمة كف دينا وتضعه فوقه.
شعرت برجفة كفه لمجرد ملامسة كفها ، ابتسمت دون أن ترفع وجهها ليضم أصابعه محيطا أناملها قبل أن تتجه معه للأعلى فزوجة عمه ستتولى أمر الحضور وسيكون المنزل لهما فقط في خلال دقائق .
أغلق دياب باب الغرفة لتهرول دينا بعيدا عنه بشكل افزعه ليتساءل : مالك ! بترمحى ليه ؟؟
تلجلجت دينا ونظرت له : بص فى المراية وانت تعرف .
اسرع نحو المرآة يستطلع سبب ركضها بعيدا عنه ، إنها هيئته التى يطالعها كل يوم ، هل ترفض ملابسه ؟؟
جدها يرتدى الجلباب وأبيها كذلك .
رفع كفيه يعيد ضبط عمامته متسائلا : مالى !!
نظر لها بتعجب لتجيب بدهشة : ماشايفش روحك !
عاد ينظر للمرآة : شايف روحى طبعا .. عادى مفيش حاچة غريبة .
أمسكت أطراف ثوبها وهى تتراجع بمبالغة ليتأفف : مالك يا بت الناس ؟
اختطفت نظرة له لتقول : خايفة منيك
استقر كفه فوق صدره بدهشة : خايفة منى . ليه ؟
بدأت تفرك ثوبها : اص.. اصلك يعنى ..
حثها بهدوء : اصلى إيه ماتخافيش
نظرت أرضا وقالت فورا : اصلك كد ضلفة الباب .
ظل على وضعه لحظات قبل أن ينفجر ضاحكا . ظلت تنظر أرضا مبتسمة بخبث وقد تأكدت أن رجفته المضطربة التي سيطرت عليه تلاشت تماما .

الشرف ( الجزء الرابع) قسمة الشبينى   _ كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن