الفصل الأول

5.5K 65 2
                                    

أريــــد حيــــــاتي

تعرفت عليه بعد خطبة فاشلة خانني فيها خطيبي مع أقرب صيدقاتي عانيت بسببها آلاماً مريرة،لم تدم خطبتنا كثيراً وتزوجنا بسرعة أحببته بجنون وأردت بشدة أن أنسي معه هذه التجربة ، وكنت أخاف أن يتركني ولم أكن أعرف سبباً لهذا الشعور إلا بعد أن ذهبنا لنعيش فى مسقط رأسه حيث أننا تزوجنا فى الدوحه حيث كنت أعمل فيها بشركة طيران شهيرة ،كانت عائلتي معارضة لهذا الزواج بشدة ، ولكن مع إصراري عليه ووقوفى فى وجه الجميع رضخت عائلتي لرغبتي وتزوجته وأقمت حفلة عرسي فى بلدي ، عشت معه ثلاثة أشهر كانت من أجمل قصة حب قبل الزواج ، وأربعة بعد زواجنا ولكن هذا كان قبل أن نذهب إلى مسقط رأسه ونعيش مع أمه في بيت واحد،من أول ليلة وصلنا فيها إلى بيتهم لاحظت أن هناك خطأ ما ولكن لم أفهمه ، فمثلاً لم يتركوني أنام أو أبقي مع زوجى أول يوم وحدنا بل أخذتني أخته الكبيرة لأنام فى بيتها وهو نام فى بيت أمه بالرغم من أن أمه تعيش وحدها هي وأبوه في شقة كبيرة إلاَّ أنهم كانوا حريصين أن يبعدونا عن بعدنا ، وفي اليوم التالي صعدت إلى شقتنا حيث أخبرونى أن المستأجر خرج من الشقة ودخلت أنا ووجدت كل شيئ قديم وقذر فبدأت أنظف وأشتري أثات وفرش وسجاد جديد وغيُرت دهان الشقة ولم أكن أعرف أن هذا سيتسبب فى غيرة حماتي وأبنتيها الكبيرة والصغيرة ، مع العلم أنني صرفت على كل شيئ من نقودي الخاصة ، ومن أول يوم دخلت فيه شقتي

بدأت الحرب مع أمه وأخته الكبيرة ضدى،لم يتروكوا شيئاً إلا وفعلوه بي فكانوا يتلذذون فى أهانتي وإلامي بشتي الطرق،فحماتي دائماً مريضة وتريد ولدها الوحيد أن يظل بجوراها ، بالرغم من أنهم عرضوها على أكبر الأطباء ولم يعرفوا سبباً لمرضها الذى لا ينتهي أبداً إلا بوجود إبنها فقط بجوراها حتى عندما كنا نريد أن نسرق لأنفسنا وقتٍ من الزمن، وفى أشد الأوقات خصوصية الأوقات كانت تتصل على هاتفه المحمول وإذا لم يجيب تتصل على هاتف الشقة ونضطر عندها ألا نكمل ما بدأناه بل ينتهى بمشكلة كبيرة بينى وبين زوجي،كان يحرم عليَّ الطبخ فى شقتي لأننا لا نستطيع أن نأكل إلا من طهي أمه...

يوم الجمعة كان اليوم الذى تجتمع فيه العائلة وتأتي أخته الكبيرة والصغيرة وأكون أنا الدمية التى يضحكون عليها جميعهم وخصوصاً إذا تكلمت بلغة بلدي أكون سخرية لهم فكانوا لايراعون أنني من بلد أخر له لكنة غير لكنتهم ،حتى زوجي كان يضحك معهم ،لم أره يحرك ساكناً للدفاع عني ولو مرة واحدة ، وأقنعوه أن أغُير طريقة ملابسي وأرتدى الحجاب بالرغم أنني كنت مضيفة طيران وهو تزوجني كما رآني ؛ بالطبع لا أذم فى الحجاب ولكني لست متقبلة الطريقة السيئة التى كانوا يتكلمون بها على ملابسي وكأنني أرتدى بدلة رقص وأثير الفتنة بها..

ظلت تمر الأيام وكل يوم أرى زوجي تتغير معاملته معي للأسوأ إلى أن حملت بأبني الوحيد وبدأ يهتم بي قليلاً وبدأنا نجهز لأستقبال طفلنا القادم ،كانت توجد فى شقتنا غرفة كنا نستخدمها كمخزن ، دخلت لكي أنظفها وأفرغها لنضع فيها غرفة الطفل جلست لكي أفرز الأشياء قبل رميها فصادفني الكثير من "السي دي هات" فأضطررت أن أشاهدها كلها خوفاً أن يكون زوجي فى حاجة لها حيث أنه كان يعمل فى مجال الكمبيوتر وإذا بي أفرز واحداً تلوا الأخر وأشاهدهم فإذا بي أشاهد عرس كبير فجلست أحدق عينايى وأنا أضحك لأنني وجدت شيئ يسلينى قليلاً ولكن ما هى إلا لحظات وأنا أحدق فى العروسة فإذا بالمفاجئة الكبرى التى صعقتنى أن العريس هو زوجي ولكن لم أكن أنا العروس بل كانت إمرأة غيري ، شعرت أن قلبي توقف كلياً من المفاجئة وأنتابتنى حالة من الغضب الشديد وأخذت أصرخ وأبكي وأنظر إلى بطني المنتفخ ؛ بطفل من رجل لا أعرفه ، رجل خدعني وكذب عليَّ،كنت سأتصل بأمي ولكني خفت من ملامتها ليَّ ، فهو الرجل ذاته الذى تزوجته رغماً عن عائلتي، التى وقفت فى وجههم من أجله، فبلعت خيبة أملي وجلست أنتظر عودته من العمل، دخل عليَّ وسألنى ماذا بك فكانت عيناني متورمتان من كثرة البكاء فواجهته بالشريط فنكس رأسه فى الأرض مثل النعامة وأخذ يبكي ويقول سامحينى حبيبتى فلقد خفت أن أخبرك فتتركينى وأنا كنت وقعت في حبك ولم أكن أستطيع التراجع،وهذه الزيجة كانت أكبر خطأ فى حياتي فأنا لم أكن أصدق نفسي يوماً أنني سأتزوج بهكذا إنسانة فلقد تعرفت عليها بالصدفة، فقد كانت تسكن فى نفس البناية التى كنت أسكن فيها فى دبي وذات يوماً رأيتها كانت تبكي وكان وجهها متورماً من أثار الضرب الذى أخذته من القواد الذى كانت تعمل لديه، من بعد ما ألقي بها فى الشارع من دون نقود أو ملابس فأشفقت عليها وأخذتها فى شقتي وأعطيتها بعض النصائح كي تترك هذا الطريق وتعيش حياة نظيفة ووعدتها بأن أساعدها فى البحث عن عمل لها ، وذات مرة أخذت تتقرب مني بطريقة ما وبشدة فَضَعُفْتُ أمامها ووقعت فى الوحل الذى سقطت فيه هي ، حاولت أن أبتعد عنها ولكنها لم تتركنى بحالي وكانت تتصل عليَّ دائماً ؛كنت أراها فى كل مكان وكانت تنظر إليَّ نظرة توسل أن أنقذها من بئر الوحل الذى تعيش فيه وكان ضميري من الأساس يأنبنى بسبب ما حدث بيننا وكنت أخاف غضب الله، وأقنعت نفسي أنني لو تزوجتها سأكسب ثوابها وأسترها لتعيش حياة شريفة فأخذتها إلى بلدي وتزوجتها ولكن كل يوم كان يمر عليَّ معها لم أكن أشعر بالسعادة أبداً ، فكان ماضيها دائماً يقف عائقاً بيننا ، حتى أنني لم أكن ألمسها لأنني كنت أعوفها عندما أتذكر أنها كانت محطة للرجال ، وأخذ يبكي ويتسولني أن أسامحة وبدل أن أكون أنا الضحية أنه خدعنى ولم يخبرنى أنه كان متزوجاً من قبلي ؛ أصبح هو ضحية ضميره ،خفت أن أخبر أمي وتذكرت يوم قالت لي من الأفضل أن تأتي مطلقة على أن تأتي مذلولة ومكسورة ، ومرت هذه أيضاً إلى أن ذهبنا إلى الطبيبة للمتابعة وبالطبع كانت أمه معنا فكان ممنوع عليَّ أن أخرج مع زوجي أبداً وحدنا فلابد من وجود "مَحْرَم" معنا ، وإذا كانت أمه مشغولة ترسل معنا حفيدها من أجل مراقبتنا ، يومها سألتني الطبيبة إذا كنت أريد أن أعرف جنس الجنين فأخبرتها أنني أريدها مفاجأة عند ولادتي ، عندها قامت قيامتى ولم تقعد، فكيف أعطي لنفسي هذا الحق أنني الأم فى وجود حماتي فهي فقط من لها الحق فى ذلك حتى هذا لم يعطوني الحق أن أفرح به ، وأثناء عودتنا من عند الطبيبة ولأننى كان محرم عليَّ الجلوس بجوار زوجي فى السيارة فحدث ما حدث فأثناء قيادته السيارة صادفه مطباً صناعياً جعل رأسي يطير ويلمس سقف السيارة فشعرت بألم فى بطني حتى أنني أخبرت حماتي بذلك فقالت أنني أتدلل لا أكثر،فعدت إلى شقتى وشعرت أن الألم يزداد بسرعة فأتصلت على أختى وهى طبيبة نسائية فأخبرتنى أن هذه أعراض ولادة مبكرة ، فأعطتني أسماء بعد الأدوية والحقن ليوقف أنقبضات الرحم ، فأعطيتها لزوجي فذهب ليشتري الدواء ولكنه قبل هذا مر على أمه ليخبرها فأخذت تتشاجر معه وتقول لا يمكن أن تشترى هذا الدواء قبل أن نعرضها على طبيبتنا النسائية غداً ، فعاد زوجي من دون الدواء ، ففهمت أنها أوامر من أمه فلم أناقشه لأنني كنت فى حال لا يسمح للمشاجرة معه فقد كنت أتألم بشدة ، نام زوجى وأنا جلست فى الصالون وحدي آخذه ذهاباً وآياباً بدون توقف إلى أن جاء الصباح وأستيقظ زوجي ونظر إلى وجهي فأرتعب من منظره فقد أصبح لونه أزرق فلم ينطق بكلمة واحدة وذهب إلى أمه على الفور وأخبرها بما رأى فصعدت معه بسرعة وعندما نظرت لي قالت له هيا بنا نذهب إلى الطبيبة الآن فقال لها أتركينى أغير ملابسها أولاً فقالت لا يوجد وقت هيا بنا وذهبنا إلى الطبيبة وهناك أخبرتنا أنها ولادة مبكرة كما أخبرتنى أختى ليلة أمس، فأعطيتها أسماء الأديوية التى أعطتني إيها شقيقتي فقالت لي لا أنا قد كتبت لك أفضل منها وأعطتنى حقنة عندها على أساس أنها ستوقف المغص، وعدت إلى المنزل وهناك أتصلت بشقيقتي وأخبرتها بأسماء الداوء والحقنة التى أعطتني إياهم الطبيبة وعلى الفور قالت أختى يالا المصيبة هذه الأدوية ستزيد من إنقبضات الرحم وعلى الأكثر سألد مساء الغد، فأخبرت زوجي بما أخبرتنى به شقيقتي فأخذ يسخر من شقيقتى هو وأمه على أساس أن طبيبتهم أفضل منها، ومرت الليلة عليَّ كسنة وتحقق ما كنت أخشاه أن يحدث فالمغص زاد بسرعة غير طبيعية وأصبحت أعض على يدي من شدة الألم وزوجي نائم مكانه إلى أن كدت أنفجر فأيقظته من النوم وقلت له إنجدني فهناك ماء ينزل مني ، فقام على الفور وأخذنى من يدي ونزلنا إلى أمه التى صرخت عندما رأتنى فأخذوني بسرعة إلى المشفي وهناك بدأت مأساتي فقد دخلت غرفة الولادة وأنجبت ولدي مبكراً قبل أن يدخل حتى الشهر السابع فأخذوه إلى الحاضنة ووضعوه فيها إلى أن دخل الشهر السابع، وهناك بالمشفي فتحوا لي جرح وأنا كنت قد أخبرت الطبيبة وزوجي وأمه يعرفان أننى عندى حساسية من المخدر والديتول ومع هذا أعطونى حقنة مخدر أدخلتني فى غيبوبة لمدة يومين فقت منها ووجدت جسدى عليه أثار زرقاء كأنني ضربت عليه ضرباً مبرحاً أثاراً لكي أفيق من الغيبوبة، وجاء وقت الخروج من المشفي وأنا التى دفعت كل التكاليف حتى متابعتى،وعدت إلى بيت حماتي لتبدأ لي معاناة أخري مع أمه فهى كانت مُصَّرة على أن أنظف الجرح بالديتول مع العلم أنني أتحسس منه ومع هذا لم تتركنى بحالى إلا بعد أن ألتهب وتقرح جرحي من الحساسية من الديتول ولن أتكلم عن المعاناة والألم الذى عانيته منه،حماتي أصرت على أن أجلس عندها بعد أن خرجت من المشفي لكي تتلذذ بتعيذيبي فكانت تسلق لي الدجاج وتجبرني على أكله فى الشروبا مع العلم فى حياتي كلها ما أكلته هكذا ولكنها حماتي التي كانت طوال الوقت تشتكي لزوجي وتردد تعبت من الوقوف طوال اليوم فى المطبخ مع أنها أكثر من طبخ الدجاجة لي لا تفعل شيئاً أخر،مر أسبوع على ولادتي وحماتي كانت تقف لي إذا طلبت من ولدها أن يأخذني لأرى ولدي الصغير بالمشفي كان قلبي يحترق شوقاً لرؤيته وكنت لا أعرف عنه شيئاً سوى ما أسمعه منهم فقط،ومع هذا لم أره إلا بعد عشرة أيام، وصعدت إلى شقتي وذهبت وأخذت ولدي الصغير إلى حضني ومر أربعون يوماً على ولادتي وعدت لممارسة حياتي الطبيعية مع زوجي ولكن كان هناك شيئاً ما مختلف هذه المرة فلم أعد أشعر بشيئ معه وأصبح هذا الموضع يسبب له ولي الضيق،ولكن كنت أقول له ربما يكون هذا من أختلاف هرمونات الحمل والولادة والرضاعة وربما بعدما أفطم الولد أعود كما كنت معك،ذات يومٍ قرأت أعلاناً عن وظيفة فى الجريدة فذهبت وأجريت مقابلة وأخذت الوظيفة وبدأت المشاكل التى لا تنتهى فالمشكلة هذه المرة أنني أتقاضي راتب أكبر منه وبسبب وسوستهم المستمرة له كنا نتشاجر ونتضارب طوال الوقت وزيادة على ذلك كانت نقودى قد أنتهت، إلى أن أتصلت بأصدقائي فى قطر ووجدوا له عملاً هناك وحمدت الله كثيراً على ذلك ولكن قبل ذهابنا إلى هناك دَبَّت بيني وبين شقيقته الكبري مشاجرة كبيرة جداً بسبب غيرتها الشديدة مني والتى أزدادت بعد أن علمت بخبر سفرنا فأخذت تتربص بي فى كل كلمة أقولها كبيرة كانت أم صغيرة وتقيم الدنيا على رأسي ولا تقعدها وزوجي كالعادة يقف يتفرج فقط فهو لا يجيد أكثر من هذا الدور، أخر كلمة أذكرها لشقيقته"سترين"وسافرنا بعدها إلى العمل الجديد وأنا أيضاً حصلت على عمل ،لن أقول أنني بعد أبتعادى عن عائلته عادت حياتي معه طبيعية كالسابق قبل أن نذهب للأقامة فى بلده ،لم أعد أنا نفس الفتاة التى أغرمت به وتزوجته وكنت لا أستطع النوم أو الأستيقاظ إلا على رائحة أنفاسه،ليس هذا فقط بل أشياء كثيرة تغيرت داخلي وأصبحت العلاقة الزوجية بيننا ليست كما كانت بالطبع العامل النفسي كان له أثر كبير فى ذلك ، ولكن الشيئ الوحيد الذى كان يحيرنى أنني تغيرت جسدياً وشعرت أنه حدث خطاً ما بي بسبب الظروف النفسية التى مررت بها ومازلت أعيشها ؛ وعلى هذا الحال ظلت تمر الأيام بنا كئيبةٍ ومريرة بدون طعم للحياة إلى أن قرر أن نسافر فى العطلة السنوية إلى بلدة لقضاء العيد مع عائلته لم أعترض وسافرنا معاً وهناك كانت المفاجأة التى لم تخطر على بالي يوماً فبمجرد دخولنا شقة أمه ونحن نسلم عليهم إذا بطفلين يجريان نحو زوجى وهما يعنقانه ويقولان "بابا.بابا" لن أنسي هذه اللحظة أبداً ما حيت فهذه كانت القشة التى قصمت كل شيئ داخلي وقتلتنى لدرجة أن الدماء تجمدت فى عروقي وأنعقد لسانى ولم أستطع أن أعلق أو أتكلم ولكن كانت هناك صرخة كبيرة بداخلي لو أنني أطلقتها حينها لكانت حطمت كل من أمامي وعبرت عن ظلم نعيشه نحن النساء....

عندما يعجز الصمتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن