جزء ٢٦

4.5K 184 13
                                    

الفصل السادس والعشرون :-
-جحطت عيناها بصدمة وهي تطالعه ومالبثت أن صاحت بإنفعال وهيي تحرر ذراعها :-
-أنت بتعمل أييه هنا ، وجاي لييه؟!
وقد وصل "سامر " اللتو وبحده عندما رأه يمسكها هكذا:-
-مين ده يارقية أنتي تعرفييه !؟
رمقه "بيبيرس" ببرود وبنظرة غير مبالية ليعاود النظر مرة أخري لها ليجاوبها بكارثه:-
-جاي عشانك أنتي !..
هربت الدماء من وجهها فور ذاك ، فعقد "سامر " حاجبيه بإستنكار شديد وهو يوزع نظره بينهما :-
- نعم ! ماتردي يارقية مين ده وتعرفييه منين !؟
كان أنضم إليهما "رباب وزوجها" بعدم فهم لما يدور،فأبتلعت ريقها عدة مرات بإرتباك واضح وعيناها لم تستقر في زاوية مطلقا و:-
-ده ااا !
ليتحدث "بيبرس " بدلا منها بثقة.:-
-ماتقوليليه أنا ميين يارقية مالك كده !؟
ثم وضع كلتا يديه في جيبه ببرود :-
-عموما تقدر تقول كده صاحبها اه وشبه مرتبطين !
عادت عيناها تتسع مجددا بذهول وصدمة ولكن من نوع أخر ، لم يختلف الأمر عند "سامر "الذي جحطت عيناه بصدمة وسرعان ماتحولت لكرة من غضب :-
-ماتردي ياهانم علي تخاريف البيه دي ..ساكته لييه أنطقي ؟!..
هزت رأسها بقوة نافية وقد بدأت العبرات تتجمع في مقلتيها ثم راحت تناظر ذاك بنظرات كادت أن تحرقه فلم يكترث للأمر وتابع:-
-عاوزها ترد تقول أييه ! أنها وافقت بيك بس إكراما لمرضك !؟؟؟..
لم يتحمل اكثر من ذلك وقام بلكمه بقوة في وجهه جعلت الدماء تسيل من فمه فأعتدل "بيبرس" في وقفته مجددا بعدم إتزان وعلي عكس مايضمره قال :-
-ماااشي مقبوله منك ياسيدي ، بس لولا إنك صاحب مرض كان زماني أتصرفت معاك تصرف تاني !.
وهذه المره جاء "محمد " من خلف شقيقه كالزوبعة جاذبا أياها من تلاببيه ثم أجتمع الأثنان معا في تسديد الضرب المبرح له، فشهقت "رباب " بهلع قبل أن تتحرك راكضة نحو شقيقتها التي لم تعد تحملها قدميها لتسقط علي الفور مغشيا علييها !..
..................................
سطحتها شقيقتها علي فرأشه وبغرفة نومها بعدما خلعت لها حذائها وحجابها تاركه خصلاتها تنفرد بعشوائية علي الوسادة خلفها ، فرمقتها بحزن قبل أن تنهض من جوارها لتبرح لها المكان بعدما أغلقت الأنوار وكذلك الباب ، وفي الصالة الخارجيية كان "محمد" يجلس بجوار شقيقه بغضب عارم علي عكسه فكان صامتا تماما ومتخاذلا بشدة وملامحه واجمة جامدة للغاية وكأنه يخفي بداخله بركان فقد حدق بالحائط أمامه وفكره لم يرحمه أبدا ، تشجعت "رباب" وراحت تقترب من زوجها بحذر :-
-علي اا فكره ده شكله بيكدب يامحمد اوعوا تصدقوه !
رمقها بنظرة حادة غاضبة قبل أن يصيح عاليا :-
--بيكدب ازاي وهو جه ورانا ايه اللي عرفه اني أحنا هناك من الأساس !.

حاولت خلق التبريرات من أجل براءة شقيقتها ا:-
-ي يمكن تكون صدفة عادي يعني..
محمد بغضب :-
-صدفة !!هو انتي واختك شايفينه عيال قدامكم ولا ايه ..اكيد المحروسة أختك هي اللي قالتله يجي ..!

صمتت رباب بخزئ ولم تدري مما تجيب ,فهي تجهل الحقيقة وبالرغم من ثقتها المفرطة في شقيقتها إلا أن الشك كان يراودها ، فتحولت أنظارها بعفوية لسامر فأسرعت تدنو منه لكي تنتشله من شروده هاتفه علي عجالة:-
-سامر انت أكييد ماصدقتش اللي حصل ده مش كده؟ ، رقية مش كده والله !
رمقها بنظرة تائهة ، وتلك الأفكار تلعب في رأسه هو دائما يسعي للسلم لم يحبذا ابدا المشاكل وماشابه ودائما كان يتجنبها فماذا عن حياته معها ! وخاصة بعد اعترافات والدته بالأمس وتصريحه المباشر برفضها عروس لإبنها فكيف سيكون شكلها! بالطبع جحييم وهو سيحترق في المنتصف بينهما ! وأخيرا تلك الوقعة التي ساءت من الوضع أكثر وزادته تعقيدا وزعت بداخله رغما عنه الشك ، زفر بقوة بعدما مسح علي وجهه وقد وصل لقرار أمن فبدون تردد خلع دبلته الفضية ووضعها علي الطاولة أمامه ثم نهض وبخشونة:-
-كل شئ قسمة ونصيب !..
تطلعت "رباب" لدبلته بصدمة ثم اسرعت تمسك به وتمنعه من الرحيل مع قولها:-
-سامر متتسرعش استني بس تصحي وبعدين نعرف منها الحكاية ..والله هي اكيد مظلومة رقية عمرها ماهتعمل كده !
نظر لها بخيبة أمل وغادر الغرفة ،بل  المنزل باكمله ، فأمتتدت أطرافها لتمسك بها بحزن بعد أختفاء طيفه من امامها ،فنظرت لزوجها بإنكسار    لتجده يرمقها بشماته واضحة ، فراح ينهض ويدنو منها بسخرية متهكمة:-
-لما تصحي الهانم اللي جوه خليها تمشي ..وابقي أمشي معاها بالمرة وأهو عشان تسليها !
وبنزق غادرها بعدما دفعها في كتفها لتسقط بثقل علي المقعد من خلفها لتبقي بمفردها تستقبل الصدمات الطارقة فوق رأسها أولها إنهاء خطوبة شقيقتها الصغري ثم طردها من منزلها بإستهانة فأشفقت علي حالها وبكت !
....................................
“ااااه براحه ياماما..خفي أيدك شويه”

هتف بها "بيبيرس"  بتذمر لولداته التي تضمم جروحه الناتجة عن إشتباكه مع "سامر ومحمد " فقد تلقي منهما ضربا مبرحا ،تركت ماجدة مافي يدها وبهلع أمومي:-
-لا بقا ما انا هسكت ولازم أعرف مين اللي عمل فيك ، ده أنت متخرمش خالص يابني !
تحسس موضع جروحه بألم وسط تهكمه الصريحه:-
-متخرشم ! بقا ده لفظ يصح يخرج منك يادكتورة ؟..
هبت واقفة بإنفعال :-
-هو أنت خليت فيها دكتورة بعمايلك دي ؟!  بربي وأطلع أجيال وانا للأسف عندي شحط مابيترباش أصلا
بيبيرس وهو يشعل سيجارته بلا أكتراث :-
-لازمته أيه بس الكلام ده ..ما انتي عارفه اني متربي احسن تربية !
جلست بجواره مجددا وقد تنهدت بحنو :-
-وبعدين يابني وأخرتها ،يابني انا نفسي ترجع زي زمان..أبني الجدع الطيب اللي الكل بيشكر فيه ..مش الإنسان اللي عاوز يأذي الناس وراجع ليا مضروب النهاردة .!.
ثم تابعت بحزن :-
-منها لله اللي كانت السبب ..
وكأنها ضغطت علي الزناد في لحظه حرجه فصاح بها بقوة :-
متجبيش سيرتها قدامي ،خلاص هي غارت وخلص الموضوع خلاص !
ماجده محاولة لتهدئته علي عجالة :-
-خلاص يابني أهدي كده ..تغور في داهية أهم حاجة انت ..
حاول ضبط أنفعالاته وثباته رغم صدرها الذي يهبط بغير إتزان :-
لا متخافيش انا كويس ..وقريب هبقي كويس أوووي …
ماجدة بحذر تساءلت:-.
طب هو الموضوع ليه علاقه باللي أسمها رقية دي !؟
اعتلت الإبتسامة ثغره بخبث وهو يجيبها :-
-ده هي الموضوع كله !
عقدت حاجبيها بعدم فهم وتركت حالها تفكر لثوان لتصيح فجاءة:-
-أوعي تقولي أنك ناوي تتجوزها اوعي !
-اه هتجوزها بس ادعي يكون خطيبها خلي عنده دم وسابهاا !
جحطت عيناها بصدمة أخري :-
– هي مخطوبة كمان  ، هي وصلت لكده؟
أجابها بثقة وهو ينفث دخان سيجارته :-
-كانت ، كانت مخطوبة !
...................................
_أستيقظت وهي تشعر بثقل في رأسها ،
ففتحت عيناها تدريجياً وهي تنظر حولها بتركيز تحاول معرفة أين هي الأن؟! فسرعان ماتبينت لها الصورة وأتضحت أنها غرفة شقيقتها ,فاعتدلت في نومتها بوهن ليقفز في ذهنها أخر مشهد التقطته  والذي جمع بين" سامر وذاك السمج ، فراح قلبها يخفق بشدة متخيلة رد فعله خطيبها عما حدث ؟ وماموقفها من الأمر ؟ فهبطت من الفرأش كالزوبعة وبينما هي ترتدي حذائها لمحت حقيبه سفر امامها ولم تغلق بعد وابن شقيقته يلهو بها ، فأندهشت ملامحه أكثر ونهضت باحثة عن شقيقتها وقبل أن تغادر الغرفة تقابلت معها عند عتبة الباب رمقتها الأخري بذبول وشحوب لم تفسره قط بل اسرعت بإستجوابها:-
-اييه الشنطة دي وبتاعة مين !؟..
كانت " رباب " تحمل في يدها بعض متعلقاتها والتي أحضرتها من الغرفة المجاورة فأجابتها بنبرة خالية من اي تعبير :-
-بجهز نفسي عشان أرجع معاكي لبيت أبويا !

..يتبع

لم أكن دميمة يوماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن