في قلب كل شتاء ربيع يختلج
و وراء نقاب كل ليل فجر يبتسم…الشعور بـ أن الوقت توقف و الحركة تسكن من حولهما هو ما خيم و جثم على قلبها، والدها ينظر إليها بـ صدمةٍ دون التفوه بـ حرف، و ملامح وجهه تتقلص إما بـ ألم أو نفور هي لا تعلم و لكنها تتألم أكثر كُلما تُفكر أنه سيُقابلها بـ الرفض
لذلك تجرأت أريام و هتفت مُقتربة من والدها خطوة واحدة بـ ألم و إبتسامةٍ طفيفة
-وحشتني…
رأت حلقه يتحرك بـ صعوبة و كأن أشواك تنخر فيه فـ تُسبب ظهور تلك الملامح المُتألمة، و هنا و إنهزمت أمام صمته لتسقط أرضًا أسفل قدميه و تبكي بـ قوة هاتفة من بين بُكاءها
-والله لعب عليا و فهمني إني مراته، إتظلمت بس قابلة لكن ظُلمك ليا قتلني…
دفنت وجهها بين يديها و زاد بُكاءها قوة و لكنها هتفت بـ مرارة أثارت شفقة عُمران
-سامحني، سامحني و رجعني ليك تاني، سامحني أرجوك…
و إنهزم هو الآخر أمام ذلك المشهد الذي يُقطع نياط القلب و إنحنى يجذبها من ذراعها فـ ظنت أريام أنه ينوي دفعها فـ تمسكت بـ ساقهِ قائلة بـ توسل
-متبعدنيش، عشان خاطري لو لسه ليا خاطر عندك، هموت والله من غيركوا
-دمعت عينا عُمران وقال بـ تقطع:إسكتِ، بلاش تتكلمِ، أنا مسامحك من زمان…لم تُصدق أريام ما تسمعه إلا حينما رفعها عُمران و جذبها إلى أحضانهِ في عناقٍ حار، جعلها تبكي أكثر و أكثر حتى أوشكت عبراتها على النضوب، إلا أنها سعيدة، و سعيدة بـ شدة تكاد تشعر أنها تحلم كـ كُل مرة و لكن قوة عناق والدها لها آلمها و كان هذا الدليل على أنه حقيقة
لم ترد الإبتعاد عن عناقهِ الدافء ثم قالت بـ تلهف و نبرةٍ تتوسل الحقيقة
-أنا مش بحلم صح! أنت سامحتني!!...
رفع عُمران رأسه و قَبّل جبينها ثم قال مُبتسمًا و عيناه الحمراء تُؤازر نبرته الحنونة
-متخافيش يا أريام دي حقيقة و أنتِ مش هتطلعِ من هنا تاني، هترجعِ لمكانك الصح، سامحيني يا بنتي…
رفعت أريام يده و قَبّلتها بـ قوة ثم عانقته و قالت بـ إبتسامة حلوة
-أنا مزعلتش منك عشان أسامحك
-ربت عُمران على رأسها و قال:إرجعيلي يا بنتي، إرجعيلي يا أريام…إبتعدت أريام هذه المرة و قالت مُسرعة تتعثر بين حروفها و لكنها تمكنت من التعبير عن دواخلها و ما يموج بـ قلبها، ما قررته و ظنت أنه الأصح و ليس الصحيح
-هرجع يا بابا، هلبس حجابي تاني و هرجع أصلي و أدعي ربنا يغفرلي، أنا مليش غيره، و كدا هتقبلني صح!...