●Awake

273 34 40
                                    

ضُرِب الحديدُ بالحديد للبوابة الأمامية مُخلفاً صداً قوياً في الحي النائم.

فتحت عيناي والتفت من فوري إلى الخزانة المجاورة لسريري، ساعة المنبّه حدّقت في وجهي المنتفّخ وقد أشارت إلى الخامسة صباحاً إلا خمس دقائق.

ذات التوقيت اليومي.

تبادلنا النظرات، الساعة وأنا، دون هدف محدد.

كل رمشة من عينيّ ترد عليها بتكّة من عقرب الثواني. حتى أتمت خمس دورات. وفي تمام الخامسة نبح الكلب في الأسفل ثم ساد السكون من جديد.

نقلتُ عيناي إلى السقف لم أقدر على تحريك إصبع.

عضلاتي ضَمُرت، صدري مُثقل بالكسل والتململ، ذهني فارغ.

لا شيء يغويني لأنهض، لا شيء سيبهجني لأستيقظ.

كل شيء حولي يبدو ذابلاً، كئيباً، حتى الزمن

ينحل

ويتفسّخ.

الموت يجتاحني ببطء، نفسي تسابق نفسي إلى حتفها.

نتيجة التشخيص، إعلان نهايتي، احتجت لنوم ستة أيام أو أكثر لأستوعب صدمة كهذه. لم أعد غاضباً الآن ولا شيء يهمني بالمُطلق.

الحياة تخلت عني لذا لن أتمسك بها.

لن اخضع لعلاج.

كان هذا القرار موجوداً منذ لحظة إعلامي بالمرض، لكنه الآن أكثر تبلوراً وصرامة. وفي حال أُجبرت عليه أعلم عِلم اليقين أنه لن يُجدي نفعاً.

لن يجدي نفعاً.

نعم صدّقت.

الآن أشعر بكل حواسي أني مريض ومُقبل على الموت.

وأنا مستعد لتلقي حتفي دون أي مقاومة.

أغمضت عيناي واستسلمت لنومي السقيم.

________

أُغلق باب الحديد بقوة وفتحت عيناي.

إلى متى سيُلحّ الصوت لإيقاظي؟

الساعة مُعطلة، توقفت عند الثالثة فجراً، لكن احساسي يخبرني أنها الخامسة إلا خمس دقائق.

انتظرت،

أصغيت لأخفت الأصوات القادمة من الخارج. النافذة مُغلقة ومن الصعب سماع ما يحصل.

لا بدّ أن ينبح الجرو في أي لحظة. ركّزت وأرهفت السمع.

لا شيء.

بحثت حولي ربما يوجد ساعة أخرى، الغرفة مُعتمة.

شعرت بضيق الترقب يضغط صدري.

لم ينبح الحيوان الصغير.

كم الساعة؟

تحرك جسدي من تلقاء ذاته. أزحت الغطاء ونهضت جالساً على حافة السرير. ضرب دوار قوي صدغي فأمسكت رأسي خشية أن يسقط مني.

كم مرّ من وقت؟؟

اندفعت إلى النافذة أترنّح وسحبتها بقوة لتنبهر عيناي بنور الفجر في اللحظة ذاتها التي نبح بها الجرو.

تنفست براحة وأبصرت في الأسفل شاباً تحرك لتوه يهرول خلف جرو صغير.

إذاً هذا من يوقظني؟

تتبعت حركتهما حتى نهاية الشارع. وغابا عن ذهني حالما اختفيا عند المنعطف.

هواء أيلول البارد خطفني من نفسي.

لفح وجهي المتبلّد وغاص عميقاً في رئتَيّ.

باغتني ودخل الغرفة.

تطلّعت عيناي إلى السماء بلونها البِكر وامتداد المدينة الحُرّ. الفجر قارس لكنه

طاهرٌ،

خفيف

ومنعش.

وقفت هناك أُمعن في الحياة التي سأتركها، كنت ألهث، لا أدري منذ متى وما السبب. أتنفس

بقوة،

بجوع،

بعطش

وبتوق كبير للتنفس.

كنت ألهث كمن ركض لأميال، وقلبي يضرب بقوة بينما تتباهى الدنيا بجمالها أمام ناظريّ.

على أقل من مهلـها وبترويّ ملكيّ بدّلت السماءُ لونها من جميل إلى خلّاب، تُهللُ لسطوع الشمس.

يومها لم تشبع عيناي من النظر إليها، لدرجة أني كرهت إغماض عيناي للنوم ذلك المساء.

من المؤسف أني لن أعيش طويلاً لأرى هذا كل يوم.

_______
.
.
.
.

🐱 ملاحظة : بخصوص النوم الزائد، يمكنكم اعتبارها احدى أوجه الاكتئاب.

وحسب شخصية ونهو رأيت أن اللجوء للنوم هو أكثر رد فعل محتمل. (مبدئياً فقط 🙂🐱)

هل يستحق النص نجمة؟ ⭐ 👇

MONSTA X BRO |✔| REMEDY  بلسم  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن