"ماراثون لأجل الحياة" .. عند باب المشفى وقفت أتأمل الورقة الملونة المُلصقة على الجدار. عيناي تشبّثت بصورة الإعلان كطفل يرفض الابتعاد عن أمه.شدّت روحي كخُطاف وخفق قلبي المُتعب توقاً لها.
شابٌ قوي البنية وافر الصحة يقطع خط النهاية، يضحك ملء شدقه، يرتفع عن الأرض كأنه يطير بخطوة واسعة.
أيّ ابتهاج !
أي غبطة تلك التي يطفح بها وجهه !
أريد عيش لحظة كهذه ولو لمرة قبل أن يخطفني الموت، اشتقت للإحساس بالفرح.
كُتب أسفلها شرح يوضح أنه دورة تتبع لسلسلة من السباقات المحلية.
أنفاسي تسارعت بينما تلاحق بؤبؤتاي الكلمةَ إثر الأخرى : تنظمه جمعيات معنيّة ومراكز علاجيّة، يجمعون التبرعات ويلفتون الانتباه لتحفيز المواطنين على التبرع والمساندة.
الاشتراك مفتوح للجميع.
يكفي، اتخذت قراري وخرجت من المشفى.
الموت إيمان أفنى كل معتقداتي السابقة ومشاغل فكري، لكن ها أنا ذا ولأول مرة منذ زمن أجد نفسي أفكر بأمر عدا الموت.
بعد يومين من الاضطراب والكدّ مع الآثار الجانبية للجرعة خرجت لشراء زوج من الأحذية الرياضية.
لطالما أهّلني وجهي البشوش ومَبسمي للعمل في مكاتب الاستقبال وخلال السنة الأخيرة تدرّبت للعمل في شركة صِرافة، فاقتصر مظهري على الزي الرسميّ، ربطات العنق والأحذية الجلدية.
لم أرتدي حذاءً رياضياً منذ كنت طالباً في الثانوية.
سألتني الموظفة وهي تتطلع إلى مظهري في حيرة : أي نوع من الأحذية تريده؟ و لأي نوع من التمارين؟
"حذاء أصفر" هذا كل ما فكرت به، أردته بلون الإعلان رغم أنه لونٌ مريض.
ضحكت السيدة ونظرت إليّ كما يُنظر لجاهل، ثم عرضت عليّ عدة أنواع اخترت منها الأزهد ثمناً.
في يوم السباق خرجت من البيت فوجدت عمتي بانتظاري بسيارتها، رافقتني صامتة. امتننت لصمتها أكثر من امتناني لوجودها. لا تُبدي رأياً أو اعتراضاً تلتزم واجبها وحسب.
وقفت بين الجموع تحت الشمس أُحمي وجهي بقبعة، لم أكن بأفضل حال، حين أخطو أشعر بقدمي تغوص أعمق من الأرض المستوية ولا أستطيع موازنة جسدي بسهولة، كما شعرت بالشمس تخترقني حتى النخاع، إلا أن إصراري كان الأقوى.
عدد كبير احتشد في طريق قريب من المتنزه العام.
كان حدثاً اجتماعياً أكثر من كونه سباقاً.
أُعلنت البداية وتحرك الناس بجموع كبيرة وتحركت معهم.
تواجد المئات.
عرفت فيما بعد أن هذا الماراثون لا يُعنى بمن يسبق من، يكفي أن تصل وأن تستطيع الاستمرار للنهاية، لذا يجذب شتى أنواع المشاركين.
حتى الجاهلين أمثالي.
لا أعرف أيّ الكلمات أستخدم لوصف الوقت الذي طاردت به وهم الفرح والمسرّة المُتخيّلة ..
هرولت؟
جريت؟
عدوت؟
لقد كابدت، كابدت لركض خمسةَ كيلو مترات كاملة واستغرقني ذلك حوالي سبعين دقيقة.
لم أقم بأي تمرين إحماء قبل الشروع بالركض، ظننت أن كوني نحيلاً يعني أنني رشيق بما يكفي، لكنني كنت مخطئاً.
ودفعت ثمن خطأي ثمناً باهظاً.
ركضت كآلةٍ مُحطمة، لم يكن فيّ عضو يعمل كما يجب، وكان ذلك أشد ألمٍ عرفته في حياتي !
ركضت بعناد، وكدت أصل الموت قبل خط النهاية.
أتممته آملاً _على الأقل_ بلوغَ نشوة الإنجاز وعاطفة السرور لكني وصلت مُحطماً.
كذبَ رجل الإعلان.
لم أشعر بالسعادة .. هبطت راكعاً بعد أمتار من خط النهاية إذ فقدت ساقاي قوتها، وكاد نقص الأوكسجين يفقدني وعيي، أعمتني غباشة سميكة وشعرت بالوجع ينهش أطرافي وباطني، يهاجمني من كل نقطة في جسدي.
رميت بنفسي إلى حضن العذاب بتهور وتكفّل الناس الطيبون بنقلي إلى المشفى.
كان أفظع أيام حياتي وأول يوم بالانتكاسة الحقيقية.
هل سمعت عن موتى يتسابقون؟ تبدو فكرة جيدة لفلم رعب.
أنا ميت.
________
.
.
.
.☹ لا أظن السباق كان فكرة سديدة، ها؟
هل يستحق النص نجمة؟ ⭐ 👇
أنت تقرأ
MONSTA X BRO |✔| REMEDY بلسم
Fanfiction#مكتمل كنت خارج حدود الطبيعة، أعي ما حولي عبر حاجز من الألم وكل شيء بدا مختلفاً عما عرفته. فصول قصيرة شونو × ونهو #BRO_ MANCE