القبلة الحادية عشر

428 12 7
                                    

الحلقة الحادية عشر
جحظت عيناها وهى تنصت بصدمة الى جدتها لأبيها التى تتحدث بطريقة غريبة تختلط نبرتها مع أصوات طائر البومة خارج السرايا.
_ ستي انت بتقولي ايه؟
_جنية عاشجة... اربع ليال يا أمانى بعد ما الجمر يطلع.. والا الجنية تدمر حياتك عاد...
تنصت أمانى والغضب يملأ وجهها حتى صبغت وجنتيها بالحمرة البركانية..
ولم تشعر بشفتاها التى تنطق وتتحدث دون وعي منها على لسان الجنية
_ما تسمعيش كلامها أمانى هى العجوز قتلت أخوك وقتلت كتير...  هى عاوزة تدمر حياتك أكثر عشان تنتقم من ابن أختها...
اتسعت عين العجوز وهى تستمع الى الكلمات التى تخرج من شفاه أمانى...  تعلم انها الشبح من تسلط عيناها بذلك الجمود والتحدي...
لكن يختلط عليها من هي تلك الجنية  .. فهناك الكثير من الجان يكرهها بعد ان كانوا تحت ذراعيها ...
_ يا ملعونة.... انت مين
_ انت اللعنة بحد ذاتها يا حفيظة؟
بسطت العجوز ذراعيها حول كتف أمانى وتقوم بهزها لكي تفق من دوامة الجنية التى وضعتها بها..
_ أمانى فوجي..  فوجي يابت..  ما تخليها تضحك عليك
.. هذي جنية عاشجة...  اسمعي الى جولتلك عليه.
لم تنصت أمانى الى كلام جدتها فقد طار وعيها الى ماقبل ثلاثين سنة...تري بأم عيناها انها واقفة فى نفس تلك الغرفة وترى أناس ليس غريبي الهيئة، وصوتا يردد داخلها يقول
_ شوفى أمانى هى العجوز هى خالة ابوك... قتلت الذكر اخوك وتركت البنات...
هى تريد تقتل كل واحد فى السرايا..لان ابوك قتل ولادها  اللى هما اخوات ابوك من جدك...
جحظت عين أمانى وهى ترى  جدتها  تقف بجانب الداية وهى تقوم بتوليد زوجات ابيها وعندما ترى ذكر تقوم بقتله...
وتدفنه فى التراب داخل المقابر بعد خنقه .
استمرت الجنية في التحدث داخل جسد أمانى تريها ما رأت من بلاء  في تلك السنوات ولم تهتم بنبضات امانى التي كانت على وشك التوقف من هول ماتراه .
_ فى منهم واحد لسة عايش...  لو مشيتي وراي راح اخيلك تعرفيه.
رجعت أمانى الى وعيها بعد تصلب شريانها مما ترى من عجب  وهى بين ذراع جدتها..  فنظرت اليها بعيون حمراء تتصارع مع ما رأته.. وساد الصمت لدقائق حتى  صاحت وهى تقول ...
_ ابعدي عني... ابعدي.. ليه قتلتى اخواتى... منين جبتي القوة دي....  انا هفضحك...  وهوديك فى داهيه...
شعرت حفيظة بثقل فى عظامها فخطتها المحكمة طوال تلك السنوات انهارت عند موت مالك حفيدها الى معرفة اماني حقيقتها البشعة .. فحاولت ان تتمالك اعصابها وهى تقول
_ لاااه...  ما تخليها تضحك عليك...  اللعنة تقع عليك يابتي... كيف اقتل ولاد ابني...
_ مش ابنك....  مش ابنك.....  اطلعى بره بره
تهتف بها أمانى بصرع وهى تدفع جدتها العجوز من كتفيها لترجع الى الوراء خطوة..
صمتت الجدة وهى تنظر الى عين أمانى طويلا وترجع الى الوراء.. حتى خرجت من الغرفة... ووقفت امام امانى  تعطي لها نظرات متوعدة مريرة...
أغلقت أمانى الباب صافقه اياه بقوة فى وجه حفيظة وصدرها يعلو ويهبط من كثرة التوتر..فما رأته ليس هينا، فلم تكن تعلم بأن جدتها بقلب اسود قاتل.
جزت على أسنانها وهى تستعيد مشهد الاطفال وهم يصرخون بأصوات ضعيفة عقب ولادتهم ومشهد قتلهم بقسوة .
رفعت يدها على صدرها فقد اعتصر قلبها حين شهدت من ابيها ظلما لنساء القرية وباقى الزوجات التى لم يلدنا ذكور...
وكل ذلك بسبب جدتها حفيظة ..
وفجأة  شعرت بذهاب تلك الجنية، فوقفت امام المرآة بعيون مات بريقها وظهرت علتها السوداء الباهته..
غفلت عيناها واغمضت وهى ترى ان الحول بعينها اختفى...
فأغلقت عيناها مرة اخرى بقوة عدة مرات  وتقترب من المرآة وتعيد فتحهما.
التفتت برأسها عندما شعرت بيد الجنية على كتفيها...
_ انا بأيدي أكلك دهب كل ليلة....
تابعت الجنية عينان أمانى التى تنظر اليها بحماس..
تعلم الجنية نقطة ضعفها وما بداخلها من كلمات واحلام... فأردفت..
_ عارفة انك عاوزة تِخفى اللى عرفتيه عن جدتك لحد متاخدي  الورث 
اسمعي انا هحقق كل احلامك  بشرط واحد...
اكون بجسدك لما يجي سلطان..
ابتلعت امانى ريقها..وساد الصمت لعدة دقائق  وبقت تنظر امانى الى الجنية التى تشبهها الى حد كبير ...وقالت وهى تتنهد
_ اتفقنا..  واللى شوفته محدش يعرفه غيرى انا وانت
_ ما تخافى  احنا الجان مش زيكم .
اختفت الجنية فجأة  وبقت أمانى بمفردها في غرفتها التي أصبحت سوداء داكنة من كثرة الشر والظلام القابع في قلبها ..
رفعت يدها الى قلبها وهى تقول بحسرة
_ أبويا وبعدين مالك ويجي سلطان وبعده زياد ..وكمان يطلع لي أخ   الله أعلم هو فين ..
ولو دورت عليه هيبقي همه الورث وهيرمينا كلنا ..
تنفست الصعداء وأنزلت يدها من على قلبها وأردفت ..
_ أنا لازم أحقق أحلامى ..اللى استحملت كتير عشانها ..
ومش هعمل لحد حساب غير نفسي ..
أنا ذنبي ايه أشيل هم أختى اللى اتخطفت دي  هما عملولى ايه ولا هستفاد منهم في ايه ؟؟
أنا هختار الحياة اللى بحلم بيها ،
سمحونى آنا تعبت عشان أوصل للى أنا فيه .

                              ***
التفتت مونى الى زياد بصدمة وهى على الفراش،  فانتفضت جالسة واخفت جهاز المحمول بجلبابها الاسود وقالت بصوت رفيع
_ زياد..
عض زياد على شفتيه بغضب واقترب منها وقام بسحبها من معصمها...  وادخلها الى تلك الغرفة المظلمة مرة اخرى.. وأغلق عليها الباب...
جلست مونى على الارض  تفكر طويلا ثم اخرجت الهاتف من جلبابها...
ونظرت اليه بصمت طويلا حتى بدأت الافكار بالمرور بعقلها..مرة أخرى 
وبدأت تتصفح الهاتف بعيون واسعة متحمسة..
_ تايه ومش واخد باله من اى حاچة.. لاما هو معتوه لاما دماخه مشغولة بحد. تاني..
انا وراك يازياد مانشوف اخرتها..
تهمس بها مونى وهى تتصفح جهات الاتصال الخاصة بالهاتف..  لترى كلمة حبيبتي ..
اشتعلت عيناها بالنار تريد حرق ما حولها، علمت أنها صاحبة الصور في الهاتف ،فضغطت على ذر الاتصال.. وانتظرت الاجابة.. بحماس قاتل .
تحاول حسابة بعض المخططات لتحصل على نتيجه سريعة وتنكشف الامور أمامها.. وحين سمعت صوت راقى  من فتاة..تأكدت من شكوكها..
_زياد انت فين..
_ زياد دلوجا اتجوز وما عتي يا مرة تتصلي عليه .. لان لو حصل هچيلك  واجطع خشمك بسناني
سمعت موني أنفاس الفتاة تتسارع بطريقة لا تقل عن نبضاتها .
ـ ايييه... مستحيل ..
جاء الرد معارض على كلامها فارتسمت ابتسامة انتصار على شفاة مونى وهى ترى غضب الفتاة من نبرتها وشدة تنفسها واغلاقها للهاتف ...
علا اسارير وجهها وهى ترى ان  المتعة الخاصة بها قد بدأت الان  فودعت الملل وهى تقوم بمسح  جميع صور الفتاة من الهاتف ..
(وفى مكان أخر في أنحاء الصعيد عند سرايا السيد نصير )
تجلس منى زوجة السيد نصير  الأولى وتندب حظها وحظ بناتها  ، فالأولى تغامر ويدها من زجاج  والأخرى لا تعلم أين هي .
دخلت عليها الزوجة الثانية  السيدة حلويات بايتسامة شامتة فكم تكون سعيدة عندما تراي مني تبكي بقهر .
جلست بجانبها وربتت عليها وهى تقول بلسان لاذع
_ ما تزعلى نفسك يا بت عمى اكيد هربت مع راجل تعرفه ..أنت اكيد تعرفي بتك واصل  وتفكيرها اللى موديها في داهية ..أكيد راح ترجع باكية  بس يا عيني ...بعد فوات الأوان  .
أنزلت منى يدها من على وجهها والتفتت اليها بعيون دائرية تحمل غضب السنين وترد عليها بصياح .
_ وأنت مالك ومال بتي خليك في ولادك اللى ماشافوا نص تربية قومى يامرة سبينى في نارى ..جبل ما اطلعها عليك واصل .
نفرت حلويات من منى وابتعدت عنها وهى تتحدث بالوعيد هامسة بينها وبين نفسها ..
_ والله يامني لأقطم ظهرك ..تريدي تاخدي الورث وتحرمي ولادي .. يبقي هتقرأي الفاتحة عليهم عن جريب .

                                 ****
عقلها لايتوقف عن سرد الماضي أمامها وعيناها تأبي ان ترى وان تسمع، فلما كل ما يؤرقها يغزو كيانها ؟
لا تتوقف عن التنهد بضيق تحاول ان تطرد ماتفكر به وتبدله بعرض الزواج الذي قام يونس بطلبه منها.
تعلم ان زواجها منه فرصة كبيرة فى الحصول على مُرادها وتحقيق ماتسعي اليه.
لكن هل تستطيع حقا ان تثق بيونس ؟
وهل هو اهلا لتلك المسؤولية..  وترى ما الذي يسعي اليه من هذا الزواج؟  وما هى المصلحة التى له مع ماهر؟
كل تلك التساؤلات تغزو عقلها بنهم تريد الحصول على اجابة تطمئنها ولو قليل..
تنهدت وهى تنقل بصرها الى هاتفها الجوال وهى جالسة على كرسي  فى غرفة الاستقبال ، لتشهق وهى ترى ان الساعة قد تجاوزت التاسعه مساء .
_ يانهار اسود الوقت عدي بسرعة كدا ليه...
انتفضت واقفة من الكرسي  وذهبت لترى ان كان يونس قد خرج من مكتبه ،  جحظت عيناها وتوقفت اقدامها عن الخطى وهى ترى نفس المرأة التى تلقب بأسماء تقف بجانب أطباء القسم الخاص بالولادة ومعها ماهر..
_ الدكتورة اسماء هتبقي رئيسة القسم الخاص بيكم ومن بكرة كله هيبقي تحت ايدها.
يهتف بها ماهر أمام الجميع بشموخ وهو ممسك بيد أسماء بقوة..  وعين أسماء  تتابع انفعال حسام الذى يقف بالقرب منها.
راقبت جيهان الجميع فنظراتهم لاتختلف عن نظراتها لماهر..  لكن تحول بصرها على يونس الواقف بصمت وينظر اليهما بملامح جامدة..
انتفضت جيهان مسرعة عندما رأت يونس ينظر الى ساعته ويخرج من امامهم الى الخارج..
تحت همسات الجميع التى لم تفهمها جيهان..
أشارت الى سيارة اجرة  لكى تسبق  سيارته..
ولكن عندما وصلت رأت حذائه الجلدي أمام الشقة فعلمت انه قد وصل..
فتنهدت وهى تدخل الى الشقة وتابعها الصغار وهم يحملون طفلها الصغير مستقبلين اياها  ، فأخذته منهم وذهبت الى غرفتها ووضعته على الفراش وهمست له
_ انا هعيش ليك وبس يا حبيب قلبي وهحاول على قد ما اقدر اخذلك حقك  ..
وبعد أن انتهت من كلامها  ذهبت الى باب غرفة يونس  بحذر تقدم رجلا وتأخر الأخرى ،وبعد أنا وصلت  شعرت بالتردد وهى تطرق الباب ولكن سرعان ما جاءت اجابته .
_اتفضلي..
تنصت الى صوته فيرتعد قلبها بخفقان جنونية تشعر انها ستخرج من صدرها.
تدخل الى الغرفة فتلثم عطرا فواحًا ترك فى نفسها اثر غريب..
فابتلعت ريقها وقالت
_اللى بتطلبه منى اسمه زواج بشرط وده حرام وباطل .
_ يعني ايه؟؟
_ يعنى لو وافقت هيكون شرعا باطل.. يعني مفيش حقوق بينا.. وانت فى اوضه وانا فى اوضة تانية.. عشان اكون واضحة وصريحة .
_ ومالك شاغلة نفسك بالحاجات دي.. انا اتكلمت معاك بوضوح فى البداية..
وهقولك على حاجه  بلاش سقف طموحك يعلى لان انت مش في خريطتي .
شعرت جيهان بالإهانة من طريقة تحدث يونس المبتذلة ونظراته المهينة لها فقالت بثقة ودون الاهتمام بغروره..
_ تمام .
رفع يونس هاتفه المحمول وطلب اتصال  أمام جيهان..
_جيب المأذون وتعالي حالا انت ووليد..
دهشت جيهان مما تسمعه.. فخرج من ثغرها كلمه دون وعي
_   دلوقتي ؟؟
ابعد يونس الهاتف عن اذنه وقال لها متسائلا.
_واية الفرق انهاردة من بكرة ...
_ ولا حاجه
تقولها جيهان بعد تفكير ، خرجت من غرفته لترى ان الاطفال خلفها.. يهتفون
_ يعني انت هتتجوزي بابا..
لم تعلق جيهان على اسئلة الاطفال وابتعدت بعد ان حملت ابنها من الاولاد الصغار وذهبت الى غرفتها..وعقلها غائب فى اللا مكان
...            
وبعد عدة دقائق 
ظهر صوت طرق لباب غرفتها  بصوت دقيق يحمل الكثير من الاندفاع والمثابرة مهما مر الوقت ..
ظلت جيهان تستمع الى صوت طرق الباب وعيناها تنظر اليه وتتساءل  داخل عقلها
((انت شايفة اللى بتعمليه ده صح ياجيهان ، انت بتدمرى نفسك
وهتدمرى ابنك بسبب تفكيرك الغلط ، انت اية اللى ضمنك ان يونس ممكن يساعدك فى انك تعرفي ابو ابنك ...
بلاش تتصرفى  دون تفكير ...))
اخرجت جيهان تلك الكلمات المحبطة الأتية من ضميرها وعزمت على ان لا تفكر سوي فى نجاح خطتها ..
فهى لم تعد ستتقبل الخسارة والهزيمة من جديد ..
فى تلك اللحظة فتح باب الغرفة ليخرج من وراءها يونس وملامحه العصبية البارزة على وجهه بطريقة غريبة ..يعلم انها مترددة لكن لن يسمح لترددها ان يوقفه عن خطته ..فقال بهدوء متحكمًا فى انفعاله الداخلى
_ المأذون وصل ..
وقفت جيهان على أهبة الاستعداد بعد أن تنفست الصعداء وقامت بوضع ابنها النائم على الفراش .
خطت وراء يونس وهى صامته جاحظة عن اى حركة بعيناها ..
جلست أمام المأذون وكيلة نفسها  ساخرة على حالها ...
فالدوام على بؤسها لا يزال قائما على خيباتها ...
حمدت الله أن وليد لم يأتي فهى تمقته ولا تريد أن تنظر الى وجهه فألم يكفيها وجود يونس في حياتها .
ها هى تقف أمام الخطر بمفردها  دون نقابها الذي هو حياتها.
وكل ذلك حتى  لا يتم التعرف عليها انها نفس جيهان التى تعمل فى المشفى ..
تحدث نفسها بكلمات حارقة  وكلمات المأذون تردد فى أرجاء المكان ولا تنتبه لها.
(( طول عمرك وحيدة  ياجيهان.. جوازتك اللي فاتت كان اللى متبني اختك الشراني هو وكيلي  ودلوقتي انا وكيلة نفسي  ....
هااااه  نفس الاحساس بالظبط
كانوا مش موجود
ايه اللى فرق  فى وجوده يعني يوميها
الوكيل مفروض يكون هو اللى هيقف مع البنت طول عمرها وسندها  لاما اب، اخ ، قريب ..جار ..
ومكنش ليا حد غيره
كنت فكراه هيخاف عليا .. انما هو نفسه مخفش على اختي لما رماها لواحد كبير عنها
   هو مجرد شئ اتحط فى مكان فاضي عشان يمنع الفراغ ..
انما لا سد ولا اخد مكان  فى حياتي .
ولا عمرى هسمح لحد ياخد مكان فى حياتي غير ابني
..ابني وبس ))
_موافقة يابنتي ...
رفعت جيهان بصرها الى المأذون بدهشة فقد اخرجها  بكلماته من شرودها بحزنها  والتقت عيناها بيونس ..
مالت برأسها ايجابا ..وسحبت العقد وقامت بالبصم عليه حتى تمنع أفكارها المهاجمة علي خطتها وبقي بصرها على العقد حتي شهقت وهى ترى الاسم الموضوع تحت صورة يونس ..
(حسام يونس العتابي )
فهمست بعجب 
__حسام !!!
رفعت بصرها الي يونس الاخر وهو يمضي على عقد الزواج ويبصم عليه بحماس غريب .
أما هي شعرت بنوبة خوف من نظراته لها وكأنها قطعة من اللحم قدمت الى كلبا جائع .
خرج الجميع ..وجلست  هى والجدة بمفردهما مع الأطفال ، أخبرتها الجدة بكل حب انها بمثابة ابنتها وهى أم حنونة منذ تلك اللحظة لتلك الأطفال و التى ستقوم براعيتهم ..
_ أنا وصيتي ليك أنك تربي العيال الغلابة دول يابنتي ، أنا مش هعيش ليهم ، أنا بحملك امانة كبيرة أووى .. ومتأكدة أنك هتعرفي تحافظى عليهم وتقدمي ليهم المحبة .
تنظر جيهان الى الجدة بغرابة وتميل بعيناها الى نظرات تلك الاطفال البريئة لها وخاصة ذلك الطفل الذي هو أكبرهم سنا ..
فالتفتت الى الجدة وردت عليها متسائلة بانتباه شديد
_ ايه اللى يخل حضرتك تثقى فيا لدرجة الكبيرة دي .
_ عشان فاقد الشيء يعطيه ..أنا مؤمنة بالمقولة دي أووى .
تقولها الجدة وهى تربت على كتفي جيهان بحنان ..
تنفست جيهان الصعداء وأطلقت بعدها تنهيده  فهي تريد أن تحصل على اجابات كثيرة لكى تخرج التساؤلات من عقلها الذي بات على وشك الانفجار ، فقالت للجدة متسائلة  بغرابة.
_  هو يونس اسمه حسام ياحجة ؟
التفتت اليها ورقتها بتعجب ثم ردت عليها وهى شاردة
_ ايوة يا بنتي هو يونس مقلش ليك ...
هو بيحب ان الناس المقربين له  ينادوه باسم ابوه .. اصله كان بيحبه اووى الله يرحمه ..
تقولها الجدة وهى ترفع يدها لاعلى السقف وتشير الى تلك الصورة  لذلك الرجل الوقور .. والتى لم تنتبه لها جيهان من قبل ...
فارتعدت وهى تنظر الى الصورة بعيون جاحظة ..وتقول فى نفسها
_ يونس العتابي !!
افتكرته تشابه اسماء ... .. هو ابو يونس اقصد حسام وزوج الحاجة الطيبة دي ...!!!
فى تلك اللحظة عادت ذاكرتها الى الوراء الى تلك السيدة التى اخبرتها من قبل ان الذي يمكن ان يساعدها هو الطبيب حسام فى التجارة بالحيوانات المنوية ... فهو من يكون بالمعمل معظم الوقت .
فالتفتت جيهان الى  يونس الذي هو حسام  والذي هو ايضا من تبحث عنه منذ دخولها الى المشفى  .. وبعض الصور المفرقة تركب فى ذهنها ليظهر  اليها بعض الاحداث ..
فالتمع الامل من جديد فى عيناها ،وشئ ما بداخلها يخبرها انه لم يعد هناك الكثير من الوقت فى الكشف عن والد طفلها الصغير ، فابتسمت بانتصار وهى تهمس وماتزال تنظر الي حسام
_مكنتش اعرف ان القدر  هيسهل طريقي لدرجة دي
بادلها حسام نفس النظرة ولكن بابتسامة تختلط بالخبث .
                               ****
لم يزور غبار النوم عين  هنادي منذ تلك الليلة التي رأت بها زوجها عند مكتب مديرها ، فهل هو يعلم شيء عن تجارتها الصغيرة ويريد تدميرها  ؟
رفعت يدها الاثنان على وجنتيها وتضغط عليهما بقوة بعصبية وغيظ ، فبداخلها نار تريد أن تنتقم منه ..
الم يكفيه انه دمرها نفسيًا  وجسديا ؟
أيريد تدمير مستقبل أولادها معها أيضا ؟؟
ذلك الشئ الذي لن تسمح به أبدا.
تنهدت بحسرة على نفسها .. فحاولت أن تهدأ من روعها وهى تقول ..
_ الماضي هنساه وهبدا حياة جديدة ..
حياة بعيدة عن كل آلم ..
قامت من فراشها وعزمت على الذهاب الى عملها فقد غادرت منذ أنا رأته هناك ولم تعد هناك مرة أخرى.
ارتدت ملابسها وخرجت مسرعة بكل ثقة ..
جلست أمام المدير بعيون جاحظة تبحث فيهما عن أي شر، لكن رأت أنه رجل شديد الاحترام يظهر بعينيه أن العمل رقم واحد لديه.
_ أستاذة هنادي ..أنا مش هسألك أنت مشيتي ليه من اخر مرة .. بس اتمني الموقف ده ميتكررش.
تنهدت هنادي وقالت له متسائلة لو أنه يعرف زوجها ..فأنكر ..
فأخبرته هنادي  كل شيء ببرائة طفلة بعد ان شعرت بالاطمئنان من أسلوب كلامه البسيط والراقي فقال لها .
_ انا مش بهتم أبدا بالحياة الشخصية ..أنا الحاجة الوحيدة الى تهمنى أنك تكوني متفرغة لشغلك ..
_ متقلقش .. والشركة جربت شغلى قبل كدة ..
_ عشان كدة سبت مكانك فاضي لحد ما ترجعي..
شعرت هنادي بالرحة من تحدثها مع المدير وشعرت بالامان بأنه لا يعرف زوجها، ندمت على تصرفها الضعيف في ذلك الموقف .. فحرصت على تشجيع نفسها وذهبت الى المكان الذي ستعمل به مع مديرها ..
نظرت هنادي باستحقار الى ذلك الرجل والمرأة التي رأتهما من قبل في وضع رديء ، وها هما  الان يقفا  مجددا بجانب بعضهما أمام جهاز الخاص بالمصنع  فى وضع مخجل .
فقالت هنادي بداخلها :
_ أنا لازم ابعد عن الاثنين دول بأي طريقة .. شكلهم بتوع مشاكل
أزاي تبقي رخيصة البنت دي لدرجة أنها تقف مع راجل بالمنظر الحقير ده ومش مهتمة ان حد يشوفها ..
_ أستاذة هنادي ده مكانك .. واستاذة نادين هتساعدك  وهتعرفك على كل كبيرة وصغيرة ..
يقولها المدير لهنادي التي كانت شاردة في وجهه نادين الفتاة التي رأتها مع رجل أمام سلم المكتب وهى بأحضانه ..
فانتبهت هنادي الى المدير وعبس وجهها عندما علمت أنها ستلازم نادين ،تريد ان تهرب من تلك المرأة لكنها لا تستطيع أن تخبر المدير بذلك الشيء فيمكن ان تضع نفسها في موقف محرج، فاستسلمت هنادي لأمرها وقالت أنها ستتكلم في أمور العمل فقط .
ابتسمت نادين لهنادي بعد ان أشار لها المدير بالذهاب معها لتقم بتعريفها خصوصية العمل وطريقته، وبالفعل أخذت نادين هنادى الى المكينات الخاصة بالتطريز ، فشردت هنادى مع المكينات الحديثة التي كانت تراها فقط في الهاتف .
_ انا بجد مش مصدقة عنيا أنتوا بتشتغلوا بالأجهزة دي.
لم تكمل هنادي كلامها بسبب تفاجئها من اقتراب ذلك الرجل السيء منهما وتطاوله في النظر اليها بطريقة غير محببة .
_ مش تعرفينا يانادين
شعرت نادين بالضيق من صديقها وهو ينظر الى هنادي بتلك الطريقة ومن اسلوبه فى الحديث  ، تعلم انه لعوب مهما قدمت له  فردت عليه بضيق وسخرية
_ هنادي ..جديدة هنا ..
نظر الرجل السيء الى هنادي عن قرب ..فتضايقت بشدة وابتعدت خطوة ..فرفع يديه اليها لكي يصافحها  ..
لكنها رفعت بصرها اليه بحنق فبرغم ردائة ملابسه الى أن وجهه وملامحه تظهر انه ولد بمعلقة من ذهب و مدلل ولا يستهان به
فقال الرجل متسائلا بخبث ساخر
_ ثوانى !! مش انت اللى وقعتي على السلم ...
ردت عليه هنادي  مهاجمة .
_ متتكلمش معايا خالص ابعد ...
تهتف بها هنادي وهى تبعد عنهما الاثنان بنفور ..
فقال بعد أنزاله ليده وعيناه تلمع بالخبث لنادين .
_ ايه المعقدة دي ..
عضت نادين شفتاها غيرة .. فهى تعلم أن صديقها ذئبا تهتاج عيناه أكثر عندما ترفضه فريسته ..
فردت عليه ناديت  كثعلبة ماكرة تريد ان تحطم أماله الفارغة على كل خيانته لها والتي تعلمها جيدا ..
_ وانت فاكر ان أي واحدة تتنازل زيي انها تمشي مع واحد بيلم زبالة الشغل ..!!
ابتسم ذلك الرجل بخباثة وقال لها بكل ثقة .. وهو يلقى اليها ذلك الخاتم الذي قدمته له من قبل بطرف أصابعه ..وولاها ظهره .
_ وتتنازلي ليه
جحظت عين نادين ندما وهتفت بحسرة وهى تهرول وراءه
_ رحيم ..!!!,, انا .. مقصدتش
                               ***
مرت ليلتان على قلبها بثقل شديد وعلى عيناها الحمراء بسبب تدفق الدموع باستمرار حزنا على حالها وعلى حال ولديها .
تنهدت وهى تمرر اطراف يدها على جفنها تمسح قطرات الدموع وتنظر الى سقف غرفتها  فلا تستطيع التقلب على أحد جانبيها بسبب الوجع الشديد بظهرها إثر ضرب عائلة زوجها عليه دائما .
التفتت عيناها الى اليسار عندما سمعت صوت باب غرفتها ينفتح رويدا ، لا تستطيع الحراك حتى تلمح من هناك .
تابعت بعيناها الجاحظتين  تحرك اقدام  الرجل بدبته المعهودة والتي تعرفها جيدًا .
_ عمي !!
قالتها إسراء ومن ثم تأوهت بألم وهى تحاول أن ترفع ظهرها من على مضجعها .
لا تعلم لما يراقبها اب زوجها (حماها ) دائما في الليل .
شعرت بالسكينة حين ابتعد وعادت الى اراحة جسدها على الفراش ، فلمحت طيف يدخل مجددا الى غرفتها  البالية بعد عدة دقائق، رفعت بصرها لترى من... لكن  الخطوات مختلفة تلك المرة ..
وفجأة أنطفئ النور الخارجي الذي يصل الى غرفتها بإضاءة قليلة لكن الظلام دامسا يمنعها من رؤية أي شيء ،أذناها تلتقط أنفاس لاهثة تقترب، لم يمر ثوانى حتى لاح شبح اضاءة قمرية على وجهه تنبثق من  اهتراء سقف الغرفة البالي وهو يضع يعتصر رقبتها  ويقرب منها سكين حاد..
_ ضربتي امى يا اسراء ..؟؟
جحظت عيناها لتعود الإضاءة الخافتة الى الغرفة وترى زوجها ..فقالت متألمة من عصر رقبتها بيديه الجافة ..
_ جبل؟؟ حرام عليك ...معملتش حاجة أنا مظلومة ..!!
_أخرسي متنطقيش الاسم ده على لسانك ..
طول السنين دي ومعيشك وسط اهلى .. وببعتلك فلوس ..وأنت تضربي أمى .. بتستقوي عليها عشان مريضة ..
يتبع ..
ممكن تصويت للحلقة ❤️
تعتقدوا ايه اللى هيحصل الحلقات الجاية ؟
#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوي

مئة قبلة مع عدوي "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن