القبلة الثامنة

557 11 4
                                    

القبلة الثامنة
مرت دقائق على جيهان في تلك الغرفة المظلمة حتي شلت حركة جسدها بالكامل من واقع الصدمة فقط يرتعش  بخوف ولا يتحرك بها سوي دموعها المنهمرة التي تصرخ بالنجدة بعد أن قتلها هذا الذئب ونهب ارضها الخضراء .
ظلت ساقطة على الأرض تبكي بحسرة على حياتها التي أصبحت كالجحيم ،شعرت بابتعاد ذلك الرجل من سماع خطواته وهو يخرج من تلك الغرفة المشؤمة،
حاولت أن تستعيد قوتها من ضعفها وقلة حيلتها وتبسط زراعيها  تستند بها لكى تقوم من على الأرض .
وبالفعل نجحت بعد المحاولة الثالثة عشر بعد أن بكت حد الصياح...
أقبلت تعدل من ثيابها الملطخة بتلك الجريمة، وخط في طريقها الى سكنها وقلبها يربت عليها بدموع لكى تهدأ برغم ناره التي لا تنطفئ .
_ يارب انت اللى وحدك عالم ..انا حاسة انى هموت ،معتش قادرة أستحمل ..يارب خلصني من كل اللى أنا فيه .
تناجي ربها بعد منتصف الليل في موضع السجود والدموع لا تتوقف عن التدفق وكأنها أصبحت عادة يومية من مقلتيها الدامية .
وبعد أن انتهت من صلاتها واستغفارها، شعر بالجوع الشديد والضعف فجسدها لا يتوقف عن الارتعاش ، مضت الى المطبخ وهى ترتدى الحجاب وتغطى جوانب  وجهها خيفة من الكاميرات .
قامت بفتح الثلاجة وإخراج الطعام الذي قد أعدته لسيدة العجوز صباحا قبل ذهابها الى العمل، بدأت في الأكل بشراهة وبنهم على طاولة المطبخ .
وبعد ساعة كاملة خرجت من المطبخ وهى تشرب من قنينة الماء ، شهقت بولع وهى تشرب حتي خرج الماء من أنفها وهى ترى يونس يجلس امامها على الطاولة الكبيرة بالصالة وهو يشرب السيجار وينظر اليها بلا مبالاة ومن ثم ينقل بصره على بطاقة التى بيده.
نبض قلبها بعنف عندما سقطت عيناها على محتوي حقيبتها المبعثرة أمامه على الطاولة ..
هرولت بأقصى سرعتها أمامه وجمعت أغراضها المبعثرة وهى تنفخ بضيق ، على فعلته القبيحة بالبحث بدون وجه حق بحقيبتها.
رفعت بصرها اليه بغضب وهى تحمل حقيبتها ، لكن سرعان ما التقطت عيناها بطاقتها الشخصية التي بيده ،فصدمت حد الموت من كشف هويتها أمامه .
فمدت يدها تخطف البطاقة من يده لكنه كان الأسرع .. فوقف من مجلسه وابتعد خطوة ..فكانت قامته مرتفعة عنها بكثير .
تريد أن تخطفها منه مهما كان الثمن ، لكنها رأت بعيناه خبثًا واضحًا فكان يرفع يده ببطاقة هويتها امام عيناها إلى السقف  وعند اقترابها منه يرفعها الى الأعلى اكثر  ..
_ مينفعش اللى بتعمله ده  يا حضرت.. حات البطاقة بعد اذنك ..
تلك الابتسامة الخبيثة اشعلت غضبها أكثر فاقتربت منه لتأخذها  لكن سرعان ما رفع يده مرة أخرى، فشعرت بالحرج منه ومن تصرفاته الجريئة..
_ جيهان أحمد .....
_ اللى بتعمله ده عيب على فكرة .
يضخ قلبها الدماء بشدة تشعر أنها على وشك فقدان اعصابها ، لاتريده أن يقلبها الى الجهة الأخرى  ويعلم أنها زوجه ماهر ..مديره في المشفى .. فلن تكون معرفته نقطه في صالحها بل ستكون أسوء .
_ مواليد 97 أومال شكلك كأنه خمسين سنه ..
عضت على شفتها بغيظ ، لكن تحول الى رعب قاتل عندما رأته يقلبها الى الجهة الأخرى، ندمت ألف مرة على عدم تجديد بطاقتها فور الطلاق .
عزمت على الاقتراب منه وقامت برفع نفسها بالقفز  برشاقة حتى قامت بالوصول الى يده وسحبتها وهربت مسرعة الى غرفتها .. وتسمعه وهو يقول لها ..
_ خايفة على شكلك في البطاقة يعني ..نسوان غريبة ..
هاهاها
صمت قليلا  لكي يكمل شرب السيجار الذي يبدو  رائحته غريب ويبتسم بخبث فقد نجح فيما يريد الوصول اليه ، بأن يجعلها تقترب منه وتأخذ البطاقة. .
أغلقت جيهان  الباب صافقه اياه بعنف وكأن الغضب انتقل الى يدها فى تلك اللحظة.. وهى تقول .
_ راجل ناقص صحيح .
بس الحمد لله ... مشفش البلاوي اللى ورا ..(تنهيدة )
تهمس بها جيهان من خلف باب غرفتها بقهر .
وبعد مرور ساعة كاملة في غرفتها رفعت ابنها على صدرها وتقوم بإرضاعه لكى يتوقف عن البكاء
_ حسبي الله ونعم الوكيل في الرجاله كلها تييييييت ..
خمسين سنة ..هه بيحاول يحرق دمي وخلاص عشان ارد عليه .
جحظت عيناها فجأة وهى تمرر يدها على وجهها لتشهق وهى ترى أنها نسيت امر النقاب وانه قد رأى وجهها .
شعور حارق علا قلبها بضيق حاد
يوصل اليها إحساس  قاتل بأنها أصبحت آثمة .
فانهمرت الدموع من عيناها بوجع على الحال التى أصبحت بها  .. لم تمر ثوانى حتى صدر صوت طرق الباب بطريقة غير مألوفة .
_ مين ؟؟؟
مييينن ؟؟
قامت من الفراش وهى تتنهد بخوف والدموع قد انسابت على وجنتيها .
_ مييين ؟؟
_ أنا !! يا ماما ..
صدمت جيهان من صوت طفل يقف خلف الباب فقامت بفتح الباب لترى طفلا ذو مظهر لطيف للغاية ، يرفع يده على شفتاه ويقطم أظافره بتوتر .. قامت بمسح الدموع من على وجهها بحجابها وقالت
_ نعم ؟؟
_ عاوزة أروح الحمام ..
_ اييه ؟؟ أنت ابن مين يا شاطر ..
هنا ظهر صوت يونس وهو يهتف من مكانه على الطاولة .. وتجلس بقربه والدته ..
_ معلشي ياحاجة جيهان دخليه بس الحمام ..
علائم الدهشة أخذت من ملامحها موضعا .. فما أمر هذا الرجل العجيب ..؟؟
شردت جيهان في وجهه يونس من بعيد .. وتابعها نظراتها الغريبة ..
شيء ما يخبرها بخوف  أن لا ترتدي النقاب أمامه  وأن تبقي بالحجاب فقط خيفة من أنا يفضح أمرها بأنها هى التى معه بالمشفى .
رفع الصغير يده وامسك بعباءتها فخرجت من شرودها عليه و قامت بأخذه الى الخلاء وقامت بجعله يجلس  عليه ..
وانتظرت أمام الصغير وهو يحاول جاهدا أن يقضي حاجته ..
تصفحت وجهه بغرابة  فبادلها الصغير بسمة .. فابتسمت تلقائيا ..
_ أنت ابوك اسمه ايه ..
_  بابا ... حبيبي ... حسام
_ حسام ؟؟؟
فقالت جيهان في نفسها بغرابة (يعني مش ابن يونس  . )
وحين انتهي قامت باخذه من يده  الى يونس وقامت بإلقاء التحية على السيدة العجوز ،وعندما التفتت لمحت طفلين أخرين يجلسا بقربهم في الناحية المقابلة .
فنظرت اليهما بغرابة ..
فهتف الطفل ..
_ أنا جعان ...
_ وأنا كمان يا تيتة
فقام يونس بالنداء على جيهان بعد أن وصلت أمام غرفتها وعقلها مليء بالتساؤلات ..
_ يا حاجة ....أيوة أنت تعالى .. ياختي
أقتربت جيهان وهى تزفر وتنظر بغضب اليه وتقول متماسكة
_ نعم ..!!
_ معلشي بس جهزي للعيال الغلبانة أكل ..
عشان بس أمى رجليها وجعاها شوية ..
_ تمام ..
تقولها جيهان وهى تنظر للعجوز والى الأطفال  بسعادة .. والى يونس بحقد .
فدخلت الى المطبخ العصري المطل على كامل الشقة بمظهر فخم، واقبلت في تجهيز بعض الطعام .. فدخل خلفها يونس .. وهمس لها ..
_ ملكيش بركة الا العيال دوول .. ولاد صحبي .. ياعيني .وامهم  سبتهم  .. فا اهتمى بيهم طول مانت هنا .
تنصت جيهان اليه بانتباه وقد شعرت بالشفقة على الأطفال .. ولم تعلق على كلام يونس بأى شيء ..
فظهر فجأة صوت طفلها من غرفها يبكي بصياح ..
فاشار اليها يونس بيده لكى تكمل عملها ، وذهب هو  في طريق غرفتها .. تحت توترها الشديد .. فذهبت الى الغرفة بعده بدقائق  .. بعد ان خُيل اليها  عقلها  وهو يقوم بتفتيش غرفتها ..
انصدمت من رؤيته وهو يحمل طفلها بطريقة أشعرت بدنها ..
_ خايفة من ايه هاكله يعني .. يلا اجرى خلصي الاكل .. وهو معايا ...
يقولها يونس بغيظ وهو يخطو بجانبها ويذهب الى الطاولة ويجلس بالقرب من الأطفال .. ويردف
_ ياخلاثي ..
صمت قليلا وهو يتفحصه بدقة ليردف بتمعن امام والدته
_مش عارف ليه حاسس انى شوفت الخلقة دي قبل كدا.. بس مش فاكر ..
ذهبت جيهان  الى المطبخ وهى تتابعهم بطرف عيناها .. وصدمت من طريقته في مداعبة الطفل و التحدث معهم بتلك النبرة التى لا تناسب ملامح وجهه الحادة  ..  وتعلق الأطفال به ..كأنه شخص أخر .. حنون وطيب القلب .
فكيف بذلك الوهج الوحشي الذي بعيناه أن ينقلب انعكاسه كليا بحنان على تلك الأطفال .. ؟
هل ظلمته من تصرفه معها في أول مرة تراه من طريقه نظرته على جسدها .. ؟
قامت بتجهيز الطعام .. ووضعته امام الأطفال .. وتحدق بهم بشفقه وهم يتناولون الطعام بشراسة ..
طلبت من يونس ان يعطي لها طفلها لكنه ..لم يوافق ..
وظل الجميع صامتا ..حتى بدأ هو في التحدث بنبرة غريبة
_ أنتِ بقي مرات ماهر ؟؟
التفتت اليه بعد ان صعقتها تلك الكلمة واقبلت تنظر اليه بعيون جاحظة ..ليردف  بخبث
_ ماهر ده يبقي مدير مستشفي ..النور .
انت اكيد عارفة المستشفى دي ..
بس هو رماكي ليه أنت وابنك ..؟.
لمح صدمتها الكبيرة وتدلى فكها السفلي ببلاهة فاكمل الكلام بنبرة دقت الخوف فى قلبها.
_مالك كدا كانك شوفتى عفريت ...!!!
متقلقيش امى حكتلى على كل حاجة
نار لاهبة  داخل عقلها وقلبها فكيف رأى البطاقة ..هل كانت معه طويلا .. ولم تنتبه ..
قَلت أنفاسها تدريجيًا .. وعلى وشك انسحاب روحها من العالم ..
_ ماهر ده أصلا زميلي ..كان معايا من الابتدائي لحد الجامعة ..
وأعرفه شخصيا ..
(زفرة بغرور )..
أحمدي ربنا انه رماكي ..
واحد زي ده مينفعش زوج وفرق السن بينكم كبير ..
دا كان دفعتي وهو أكبر مننا بخمس سنين يعني  36 سنة .
وانت لسه داخله على 23 ومن كلام امى أنت يتيمة .. يعني اخدك عشان يستفرد بيك ويعمل اللى عاوزه ..
لم تتغير نظرتها الصادمة وقلبها لا يتوقف عن النبض بشدة ..
وصدمت أكثر وهى ترى يونس يحدق بطفلها بطريقة لم تعجبها  ويقول باستحقار  ..
_ مستحيل ده يكون ابن ماهر التييييت ..
_ تقصد ايه ..؟؟
تصيح بها جيهان بعصبية حادة .. ولا تشعر انها بوعيها ..
_ بتزعقى كدا ليه يابت انتِ
...
ساد الصمت لثوانى ..مع نبض قلبها المرتفع الذي يبدو كعاصفة ثلجية تريد تدمير من حولها .
ابتسم يونس وهو يري ارتعاش شفتاها .. وتوترها الزائد فتأكد  من شكوكه بأنها قامت بفعل شئ  سئ حتى قام ماهر بطردها ..  فحاول أن يجعل الموقف هادئا حتى لا تنتبه والدته .. فقال
_ في نظرية بتقول أن الطفل بيطلع لخاله .. يلا ربنا بيحبه ...
خرجت والدته عن صمتها لترد على ابنها فهي تفهم مايرمي إليه..
_ يونس عيب بقي.. إنت بتحرجني قدامها دلوقتي...
_ يامه ماأنت فشلتي فيا وانت عارفه ياحبيبي ..
يهتف بها يونس بسخرية وديعة ويقبل يد أمه خمس قبلات .. وبطرف عيناه يراقب جيهان
فالتفت اليها بغرور .. ويقول لها
_ مالك محموقة أوووى كدا عليه ؟؟
تعرفي طليقك ده ...
ياااااما أخد مني ضرب ..
كنت بعلقه في الحمام وانزل عليه بالخرطوم ..
كل سنة ياخد مني علقة .. و لحد دلوقتى قرفني ..
بس عشان امي بتحبك ..
هعرف اربهولك كويس  وأخليه يرجعك ..
على فكرة هو
... ابن عمي .. بس من بعيد..
طوال الوقت تنصت اليه والغضب يتوج رأسها رويدا رويدا حتى علا  الى اقصي درجة  وكأن الجحيم ينصب على رأسها بناره الحارقة في تلك الكلمة التي أظهرت أنهم أقارب ..
_ ... لا ..لا ..  ملكش دعوة .. بيا تهتف بها جيهان بعصبية حادة حتى خاف منها الأطفال وابتعدوا عنها ... وبكي صغيرها ..ولم تشعر بنفسها وهى ملقاه على الأرض فاقدة الوعي ..
***
اشتاقت مونى الى وجود عمر في السرايا فقد كان يشغل وحدتها ويسعد  أوقاتها ..هاهى تجبرها عائلاتها على الجلوس مع أحد رجال المزرعة لكى توافق به وتتزوج .. لكنها تهرب دائما فهى تعرفهم واحدا واحدا .. وتعلم أنه ليس الرجل الذي تحلم به .. هي فقط تريد رجلا يهز كيانها... أنوثتها ..
دخلت والدتها عليها الغرفة وهى تنهرها بشدة لأنها هربت من ذلك العريس مرة أخرى .
_ حرام عليك يا بتى وافجى بجى خلينا نفرحو ...من زمان واحنا مكتومين ..
_ لاه مستحيل أتزوج الولد المعفن ده ..
_ ليششش يابجرة ..
_  إكده ...مش مالى عيني ..يعني .مش هو ده يلي هصطبح على خلجته
_ يخربيتك يا جليلة الربابة  .. بتجولى ايه  .. ياريتك كنت راجل احسن .. ولا جيتي بنت عشان نسوان الدوار تترحم منك .. كنت هتمرمطيهم ياجادرة
_ خلاص ياماه .. والله كان يابختهم بيا ..كنت هكون مز السنين .
بثقت والدتها عليها وخرجت وهى تقوم باطلاق السباب بسخرية  ..
فقالت مونى .. وهى تجلس بالقرب من شباك غرفتها وتتابع أختها أمانى الجالسة في حديقة السرايا مع المحامي ..
_ يابختك يا أمانى هتتجوزى  للمرة الثانية من ولد مززز .. من وين جبتي كل الحظ ده يا بت ...أكيد انولدتي بحظنا كلنا ..
فقريين يابوي .. جبتلنا الفقر ..أففف
(تنهيدة ).. وحشينى ياعمر ... يابن جلبي ياواد ..أنت فيين ..الله ياخد أمك ..مطرح ماهى عايشة .. عشمتني بيك وخدتك ..
علا صوت طرق الباب فجأة فقالت مونى بصياح مرتفع هز جدران السرايا ..
_ مييين ؟؟
يوووه مييين اللى خبط
اللهى تخبطك عربية نجل يابعيد ..
تقولها مونى وهى تنزل من فراشها لفتح باب غرفتها .. ولا تجد أحدا .
فخرجت منها وخطت في الرواق حتى وصلت الى الشرفة الكبيرة في الدور الثاني بجناح الشمالي بالسرايا .
شعرت بأحد خلفها  فالتفتت لترى من هو ..لكن هجم عليها أحدهما وقام بتغطيه عيناها وكتم انفاسها بقطعه من القماش مليئة بالسائل ،فسقطت على ركبتيها فاقدة الوعي .
ولم يشعر بها أحد ..
وفى الليل مع بزوغ القمر الكبير في ليلة هادئة ، بدأ  زفاف جديد في السرايا لكنه اكتفى بالأضواء فقط وبقي السكون حليفها ، يظهر فقط صوت طائر البوم حول السرايا يرفرف بجناحيه حول الطابق الثالث ومن ناحية الشرفة الخاصة بغرفة أمانى .
ارتدت أمانى ملابس عادية دون أي مساحيق التجميل ودخلت الى الغرفة بعد زفافها  ،التفتت الى سلطان الذي يمشي خلفها وعلى وجهه ابتسامة بسيطة تعلم أن ورائها شئ .
_ نعم .. ماشي ورايا ليه.
تهتف بها أمانى وهى تقف امام غرفتها وتصد سلطان عن الدخول .
_ شو تقولين أمانى هذى ليلة عرسنا
_ لا بقولك ايه يا حبيبي ..دي ليلة فرحك أنت تروح تلعب مع السنيورة مراتك ، أما بقي أنا ...
ده أول عن أخر مجرد عقد ..
انقلبت قسمات سلطان الى الغرابة وبدأت موجه الغضب تعلو على كامل وجهه فقال بتماسك .
_ شنو ....عقد ؟
_ أنا عارفة أنت متجوزنى ليه .
أحب اقولك أنى هعطيك  فلوس فوق مخيلتك الصغيرة ..بس .
تسمع كلامى اللى هقولك عليه ..
لمحت أمانى صمته الهادئ فشعرت أنها قد استحوذت على نقطه ضعفه ، فاردفت وهى تبتسم بثقة .
_ الدوار كله ..
قال سلطان مقاطع لامانى بنبرة مسيطرة على التحدث ..
_ اسمعيني أمانى ..
اسمعيني ياحلوة ..
أنا ما تزوجتك لأجل  فلوس ، الله رزقني من كل مكان .. حتى شوفى خلجات زوجتي ..تعادل نص السرايا
انا وافق على الزواج لاسباب أخرى ..
و نسوان عمي  ماوراهم راجل .. لازم أكون انا  راجلكم مسؤل عليكم ..
ابتسمت امانى بسخرية وهى تقول وتقهقه ..
_ وانت فاكر نفسك راجل ..
أعرف بقي يا سلطان يا ضنايا
انت بالنسبة ليا بصراحة كدا حتت عيل لازقة ..جاى من الشارع ..
مش أنت اللى تعمل عليا راجل ..أنا واحدة ..
لم تنتبه امانى وهى رافعة رأسها لاعلى وتتحدث بتكبر ان صفعة ستنزل على وجهها بالكامل .
وان تلك الصيحة التي خرجت منها فور الصفعة القوية لم تصيحها من قبل في حياتها رغم عبور الكرباج على كامل جسدها من أبيها ..
_ اسمعي زين هقولها كلمة واحدة خلى زوجنا ابن ناس .. ماتخليني أقلب عليج .
_ أنت ازاى تضربني ...أنت عيل ..عيل
لمس الغضب رأس سلطان فقام بمسك يدها وقام بسحبها داخل غرفتها بعد أن قام بغلق  الباب بعنف .
_ تقولى عيل ... تعالى اوريك الرجولة زيين ..
شعرت أمانى بالخوف الشديد وخيل اليها عقلها بما حدث مع مالك فلم تتوقف عن الصياح كالمجانين ..
_ شوفى شو سويتي؟ الناس تقول عليج ايه...
يقولها سلطان بعد أن قام بدفع امانى على الفراش وجلس بجانبها يكتم فمها حتى يكتم الصياح .
_  هابعد يدي .. بس اسكتي وما تقولين كلام فارغ  والا  والله اعمل اللى ماتحبينه .
هدأت  أماني تدريجيا بعد ان أطمئنت انه لن يقترب منها  بسبب وهج عيناه الهادئ ، فمالت برأسها ايجابا بعد ان رطبت يد سلطان دموعها المتساقطة عليها  .
_حرمة حقى بس مو الان  ....
يهمس بها سلطان اليها .. بعد أن ابتعد واستلقى على الفراش بجانبها .. فأردف وهو ينظر اليها بغرابة وهى تقوم مبتعدة فقام بامساك معصمها لكي تتوقف  ..
_ لوين رايحة .. ماتخليني أقوم واكمل  اللى أجلته .. تعالى نامى هنا .
لا تستطيع أمانى أن تتحدث بأى كلمة فقد التهب صوتها من كثرة الصياح، ومع شعورها بالخوف ووعيدها الذي لا يهدأ رجعت الى الفراش بجانبه لكى تنام وهى تشعر بالضعف بأنها أنثى .
لم يزور النوم عيناها طوال الليل بقت تنظر الى المرآة في الظلام وتنظر الى شبح الطفلة ذات الشعر الأبيض  وهى تبكي .
فقالت في نفسها
0( ليه ربنا خلقنا أضعف من الرجالة ، عشان يؤذونا زي ماهم عيزين ؟
أنا ليه معنديش حظ في الرجالة ..
لا أب .. ولا زوج .. ولا أي حاجة ؟؟ ولا حتى حتت اخ
ياترى الحظ هيجي في طريقي
او حتى في شغلي ...
أنا بكره الدنيا دي مش عوزاها ..)
مع كل كلمة تحدث بها نفسها تأتى صورة شبح الفتاة ذات الشعر الأبيض وتهمس معها بنفس الكلام .
التفتت على الجانب الاخر من موضع الفراش بعيون دامية ، لترى سلطان يتابعها وهو يقرب منها بشدة .
حجظت عيناها وهى تتابعه ..
_ وش عملتى بهي الغرفة ، تريدى تربطيني ..
ابتعدت عيناه على مكان قدمها .. فنظرت اليها تلقائيا لترى أرانب بيضاء  تملأ الغرفة ..
فصاحت رغم حنجرتها الملتهبة ..
****
ظلت هنادي تعمل ليل نهار وتبحث عن ابتكار لشغل عملها لكى  ترتفع درجة ، وبالفعل ارتفعت درجات كثيرة .. حتى طلب منها رب العمل أنا تأتى وتعمل كمدربة للمبتدأين  فقد اعجب بعملها جدا .. وأخبرها أنها تملك زوق رفيع ..
فرحت للغاية بأن أخيرا هناك شيء جميل ظهر بحياتها
وبدأ في تغير نمط حياتها للأفضل .
وبدأ المال يأخذ مكان في محفظتها الخالية.
ذهبت الى أمكان لرعاية الأطفال الصغار للأمهات العاملات، ووضعت طفليها بهما .
وقصدت مكان عملها الجديد داخل تلك المؤسسة .
ووقفت أمام المصعد فرأته مزدحما بشكل كبير ، فخطت ناحية طريق السلم وصعدت بحماس كبير الى الدور الخامس والاحلام تنسج داخل عقلها  خيوط الأمل من جديد  .
_ يارب .. احميني من شر المكان ده وابعد عنى اى حاجة مؤذية وقرب منى الخير .
وعندما وصلت الى الدور الرابع شعرت بالارهاق  .. فوقفت تلتقط أنفاسها قليلا   وقامت بالصعود بهمة ونشاط متجدد .
وما ان وصلت  الى وجهتها لمحت مقابل الباب الخاص بالدور الخامس رجلا وسيدة يحتضون بعضهما ويقوم الرجل بالبدا فى تقبيلها، فشهقت بصدمة مما تراه . فالتفت اليها الرجل والفتاة  وتلاقت عيناها بعين الرجل بنظرات خاطفة، فشعرت بالخوف الشديد منه  وكان بهما شيطان كما انها أحست بالتقزز منهما والنفور .
فرمت اليهما نظرة استحقار وتقزز ودخلت مسرعة الى المبني الخامس ولم تنتبه الى العتبة الصغيرة ، فسقطت  هنادي على الأرض بقوة وارتطمت قدمها اليسري بحافة الباب  .
فقهقه الرجل والفتاة عليها بسخرية وظل يتابعها وهى تقوم من الأرض  .
شعرت هنادي بالضيق والاحراج  .. حاولت أن تطرد ما رأته من مخيلتها وقصدت مكتب المدير الخاص بعملها الجديد ..
وعندما دخلت لكى ترحب به وتخبره أنها من ناحية السيد الخاص بالعمل الاخر ، أنصدمت  وشلت قدماها ورفعت يدها على ثغرها بخوف ، وحيرة .
****
نامت جيهان فاقدة الوعي طوال الليلة السابقة وبجانبها العجوز ،تشعر بكل شيء حولها ، لكن لا تستطيع أن تتحرك
وفى الصباح الباكر ..
تسللت أشعة الشروق من شباك الغرفة على عيناها المغلقتين ..
تسمع همسات حولها جعلتها تفيق من نومها، حاولت بسطت يدها على الفراش لكى  تبحث عن صغيرها لكنها فشلت .
تحاول فتح عيناها بصعوبة حتى شعرت بلمسات يد تمشي على كافة يدها ثم احست بشي ثقيل فوق أطراف يدها.
فانفتحت عيناها بخوف وتعب شديد ..  لترى يونس
واضعًا رأسه على كافة يدها ويقلب راسه يمينا ويسارا ..ويغنى
_ شمس نهارى حارقة ليلي
وقمر ليلي مبرد نهارى
لا حضن دافى ولا يوم يداوي ..
وحلم تايه في ارض خاينة
غايب عنها حضن دافى .
...أنا عاوز احتواء...
تقابلت أعينهما لبرهة
نظرات مشتيهة لعناق مع نظرات مصدومة مشحونه بالخوف الشديد.
_ايه ده أنت قومتي ..
يهتف بها يونس الى جيهان وهو يرى تعبها الشديد باد على وجهها اثر ماحصل ليله البارحة من فقدان اعصابها .
فظهرت نظرات طامعة على عينان يونس وقال بخبث  ..
_ كنت شاكك لحد ما اتأكدت إنك خونتي   جوزك وانت على ذمته .. وجالك قلب تخلفى من حد تانى ... أأأه ياقادرة ...
مالك بتبصي كدا ..   عملالى مصدومة اووى
انا عارف كويس ان ماهر مبيخلفش اصلا ..
أنين يخرج منها يصدر صوتا مسموعا مليئ بالشحن ، يتابعه يونس مضيقا عيناه ليردف
_متزنيش بالصوت ده .. أنت هتعيطي.
جاء فى خاطره فكرة وهو يحدق بها  فقال وهو يلين قسماته ببعض الخبث
_ إيه رأيك اخل ماهر  يرجعلك راكع   مقابل انك تسمعي اللى هقولك عليه بالحرف ..
يتبع ..

#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوى

مئة قبلة مع عدوي "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن