❤️ القبلة الخامسة والعشرون ❤️
هرولت بأقصى قوتها وهى حافية القدمين تحت أنفاسها الثقيلة بين الأشجار ولا تعبئ إلى الحجارة التي تشرخ قدميها بألم وعلى حين غرة وجدت انها لم تعد تلمس الارض وخطواتها أصبحت أسرع علمت انها الجنية العجوز من جديد تسللت داخل جسدها حتى نجحت في الهروب من زياد.
وحين وصلت الى السرايا دلفت الى غرفتها وهى منهكة في التفكير بشقيقها وبما فعلته جدتها حفيظة به وبوالدته. الان عرفت كل شيء يخص حفيظة بأنها اخت جدتها رحمها الله أم آبيها التي توفت في ريعان شبابها وتركت ابيها سيد نصير بمفرده طفلا رضيعا ،فاختار جدها الزواج من شقيقتها حفيظة كي تقوم برعايته من بعدها ولكن ظهرت أنها ساحرة تتعامل مع الجن ، سحرت الجميع وحتى ابن شقيقتها سيد وجعلته متسلطا على الجميع اكتر مما كان عليه، ومع مرور السنين خشت أن يكون له ابن يحصل على الإرث بالكامل ويترك ابناءها الصغار دون أي شيء ، فهي تعلم ان سيد نصير به جبروت والده ،فقامت بقتل كل ذكر يتم ولادته له بنفس الطريقة ويشاء القدر إن بتم انقاذ ولد واحد .
تنهدت أماني وهى مستلقية على الفراش بتعب بعد أن جاء بخاطرها أنها ان قامت بالاعتراف بحسام كشقيق لها سينقسم الإرث بينهم فلذكر مثل حظ الانثيين)، مما سيجعل خطتها تتدمر، عزمت على الذهاب هناك مجددا لكى تعرف ما هي قصته ومن قام بتربيته حتى أصبح رجلا يبدو عليه المركزية وأيضا ماهي علاقته بزياد .
سبت الجنية العجوز في بالها فلما لا تخبرها بكل شيء دفعه واحدة بدلا من جعلها تبحث عن الحقائق وتتسلل داخل جسدها. بغتةً.... التفتت أماني لكي تشرب من الخزينة التى بجانبها رأت العجوز تحدق بها من بعيد ففزعت ووضعت يدها على صدرها لكي تلتقط انفاسها بهدوء ، قالت الجنية العجوز ..
_ انت فكيتي عقدة واحدة ، ولسه الباقى حولى تخلصي منهم قبل عودة مرجانة وقولتلك قبل كده خليك بنهار بلاش بليل... يمكن حد يأذيك.. وقت نشاطنا بيبدأ المغرب.. تخيلي تبقي لوحدك وسط الشياطين دي كلها.. المرة دي جيت من عند ربنا ومحدش جه جنبك.... منعرفش المرة الجاية هيبقي فيه ايه...
حدقت بها أماني بفتور وهى تهتف
_ مصلحتك ايه من كل ده ؟
_ قولتلك قبل كده.. برد جميل سناء..
_ ولما أنت بتردي الجميل ..طب ماترديه صح وتشيلى العقد دي ..وتعرفيني على كل الاسرار اللى حصلت في السرايا .
_ صعب جدا ...كل حاجة هتتحل وتظهر قدامك لو فكيتي العقد.. انا مش بالقوة الكافيه اللى انت متخيلاها بالعكس انا ضعيفة جدا
وصدقيني لو كان ينفع كنت عملت كده من زمان... وانا مربوطة بالبلد دي بقالي سنين وما صدقت حسام يرجع تاني هنا..
_ إسمه حسام....!!!
هففففف
يعني أنت عوزاني احررك كمان ..واحرر الاستاذ التاني ده كمان ..
_ لازم تعترفي بأخوك.. الحق لا زم يوصل لاصحابه
دي امانه..._طب أنا هستفيد ايه من كل ده ..؟
وايه اللى يخليك تساعدي واحد مش من ذرية سناء...
لثمت العجوز من أمانى بعض الخيبة والجشع فقالت وهى تتنهد
_ كنت بتمني لو كنتِ زي سِتك ..بس واضح أنك طلعتي لأبوك .
اعرفي
المارد اللى جوه اخوك لازم تخليه يقابل حفيظة والا بيوت كتير هتدمر...
واولهم انت واخواتك...
نجات اخوك من نجاتك.. لو عاوزة تعيشي مرتاحة انت واخواتك... اسمعي كلامي...
اختفت العجوز بعد تلك الكلمات وتركت أمانى غارقة في أوهام كلماتها ، تريد أن لا تشغل بالها بتلك الأمور وترجع الى القاهرة لتبدأ عملها من جديد وتعيد احياء خطتها ، ولكن التفكير يأكل في بدنها من كلام الجنية العجوز، وكيف تكون نجاتها مرتبطة بنجاة اخيها... وما أمر هذا المارد..؟
******
كانت الأيام تمر على اسراء بصعوبة شديدة فحماتها لا تجعل يوم يمر حتي تنهكها فى الاعمال المنزلية حتى تدق الساعه الثانية عشر صباحا فتذهب الى غرفتها وهى خائرة القوي.
تتنهد بتعب وهى تخطو نحو الحمام وعيناها على وشك ان تغلق من شدة النعاس، مرت دقائق وهى تغتسل لكي تظهر فى ابهي صورة أمام زوجها، فهو يتعرض كل ساعة الى كلام والدته المتسلطة بأن يتركها هى والاولاد ويذهب الى القاهرة ،فما بيدها حيلة سوي ان تجذبه إليها وتجعله متمسك بقوله بحنانها.
وحين انتهت من تهيئ اطفالها لنوم، ذهبت لكي تتزين، ولكن فجأة....
صدر صوت طرقات على باب غرفتها، ذهبت مسرعة لكي تفتح الباب لتفاجأ بأنه حماها، بقي يتصفحها بدقة بنظرات لم تعجبها وهى ترتدي ملابسها المهترئة الكاشفة بعض الشيء والتي لا تملك سواها ،رجعت الى وراء الباب تخفى نفسها خشية ان اغلقت الباب فى وجه تفتح ابواب الجحيم عليها.
_خير يا عمى. عاوز حاجه اعملها ليك..
ضيق عيناه بخبث وهو يقول
_تعالي چبيلي البطانية من فوق الدولاب.
ابتلعت ريقها بتوتر فشيء ما يجعلها لا ترتاح من نبرته، ذهبت وراءه بعد أن ارتدت عباءتها الباهتة وهى تستمع الى خطوات قدمه العارجة الخشبية الثقيلة.
وقفت امام الغرفة الخاصة بوالدة جبل وابيه بخوف، فهى لم تدخلها ابدا فى حياتها، اشار اليها حماها بان تدخل ، بقت تتصفح الغرفة الكبيرة حتي سقطت عيناها على هذا الكرسي الصغير الذي يحمله حماها ويضعه مقابلا له ويشير اليها بأن تقف فوقه وتقوم بسحب البطانية من فوق الدولاب .
لم تسطع ان تقف على الكرسي فان وقفت ستكون مقربة من جسده جدا، فظلت واقفه فى مكانها ويدها ترتعش بخوف حتى اقترب منها وسحبها من كتفيها وجعلها تقف على الكرسي.
رفعت يدها لكي تسحب البطانية بسرعة حتي تعود الى غرفتها، لينتفض جسدها بصدمة حتى كادت تسقط من على الكرسي بسبب يد حماها التى ارتفعت على جسدها فى مناطقه مخجله.
_ اوعاك تتحركي... على اجل من مهلك...
يهتف بها حماها بنبرة هادئة مليئة بالخبث، سقطت دمعه علي وجنتيها بحرقة وهى لا تعرف كيف تتصرف، وما ان تجرأ ورفع يده يده على مناطق اخرى سحبت البطانية لتسقط على رأس حماها كردة فعل سريعة
_يابنت التيييتت كسرتي نفوخي...
هرعت الى غرفتها برعب وقلبها يتواثب بجنون أغلقت الباب خلفها وهي ممسكه بمقود الباب ويدها لا تزال ترتعش وتجد صعوبة فى التقاط انفاسها .
_ مالك ياحبيبتي فيك اي؟
التفتت وراءها بخوف وجسدها بالكامل ينتفض لنجد إنه جبل يجلس على الفراش بجانب أطفالها، ردت عليه بشفاه مرتعشة وأعين جاحظة وتوتر بالغ
_ مفيش.. انا كويسة... احنا بخير
أخذها جبل فى احضانه وهو يقول لها
_ خلاص يااسراء بكرة هنسافر ان شاء الله. ونبدأ حياتنا الخاصة بينا احنا والأولاد..
ابتلعت غصتها فى حلقها وبدأت تبكي، وعزمت على الا تخبره بأي شئ حتي لا تفتح ابواب الجحيم عليها بالمشاكل التى لا تنتهي .
وبعد عدة ساعات..
كانت تنام فى احضانه وتنصت الى دقات قلبه الهادئة، كم تعشقها وتشعرها بالراحة..
(ااااااااه)
صدرت صرخة كبيرة اهتزت لها اركان السرايا بالكامل وجعلت الطيور فى الخارج ترتعد حتي طارت من على الاشجار التى تحوط السرايا بصوتها المريب .
انتفض كلا من بالسرايا وهرعوا الى مصدر الصوت...
ليتفاجئ الجميع.... بالدماء الملطخة امام جدار غرفة المربية التى كانت تتلقى العلاج بها...
دخل جبل واسراء الى الغرفة بقلب على وشك ان يتوقف من كثر الخفق.
توقف جبل عن الخطي وهو يرى مربيته العزيزة مذبوحة كالطائر وعلى وشك ان تسقط رأسها من جسدها فالقاتل ذبحها بوحشية .
لم يتوقف الجميع عن النواح والبكاء على تلك السيدة التى سلبت روحها بدون وجه حق... فلم تقدم للجميع سوي المعاملة الطيبة.
اقتربت والدة جبل من فراش المربية وبقت تبكي وتزيح باقى الغطاء عن الجثة ليسقط الغطاء على الارض ومن فوقه إسواره بلاستيكية خاصة بالأطفال .
حدق بها الجميع بلوعة للحظات ثم ارتفعت الانظار على اسراء، فهم يعلمون ان تلك الإسوار ملك لإسراء منذ دخولها لسرايا .
اقتربت والدة جبل من اسراء تمسك معصمها بقوة حتى تآوهت بوجع وترفعه امام وجهها وتصيح وهي ممسكة بالإسوار أمام عين جبل ...
_ انت اللى جتلتيها.. ما حد غيرك يجدر يجتلها غيرك...
وده الدليل.
خرت اسراء من صدمتها على الأرض وحدقت بحماتها بقوة ولا تستوعب ما تقوله وما حدث مع المربية فبقت جاحظة العينان لا تتفوه بأي كلمة.
اتجهت حماتها صوب جبل وبقت تصيح بخوف على فلذة كبدها وتقول...
_مراتك اللى جتلتها ياجبل..
ياعيني عليك يا ولدي...
مفيش حظ ليك فى الدنيا..
جوزناك لعنه.. واتحدفت علينا كلياتنا..
اااه يا ولدي اااه
جتلتها عشان مش عوزاها تعيش وياها فى مصر...
لم يعلق جبل على اى شئ فهو يشعر انه بكابوس مرعب.. وانه سيستيقظ بعد قليل وسيذهب الى القاهرة مع زوجته واولاده ومربيته حتي تتلقى العلاج بشكل افضل.
فاقت اسراء من صدمتها على اتهامها امام جبل فانتفضت مسرعه اليه وهى تقول ببكاء
_ والله ماقتلتها... انا كنت معاك.. يا جبل فى الاوضه... مروحتش هنا ولا هنا...
فجأة شعر جبل انه بالواقع وهو يتذكر اسراء وهى تدخل الى الغرفة بتوتر بالغ...
علمت اسراء انه يتهمها بعيناه فأسرعت تهتف...
_ والله ماقتلتها.. انا كنت ساعتها مع عمي فى الاوضة...
جحظت أعين لجميع وهم ينظرون اليها والى والد جبل.. فهتفت حماتها بغضب
_ وين...؟ عمك؟؟
ثم وجهت انظارها الى زوجها وهى تردف
_ كانت معاك فى الاوضة...؟
جحظت عينه من تلك الجريمة التى تلقيها عليه هو الأخر أمام زوجته التى تحدق به مثل الوحش المخيف.. فقال مسرعا بتوتر
_ انت بتصدجوا البت التعبانه دي..
والله ما شوفتها..
صاحت اسراء بجبل بحسرة..
_ والله ماقتلتها.. والله....
امسك جبل يد اسراء وهو يضغط على معصمها ويقول بنبرة لا تتناسب مع كلماته
_ انا مصدقك... متحلفيش
شعرت إسراء بانتفاض جسده مع كل كلمة ينطقها وعيناه على وشك ان تغرق داخل دموعه المنهمرة بانهيار .
*****
عزمت اماني على الذهاب الى السرايا العتابي هذا الصباح رغم تعبها الشديد.
وما إن وصلت لم تجد احد أمام البوابة الرئيسية فقامت بفتحها ودخلت تتصفح كل ركن بها من الخارج بتوجس ، وجدت أنها سرايا ضخمة تملك أركان بكل مكان وبها حدائق واسعة لا تقارن بما يملك ابيها ، لمحت من بعيدا رجلا عجوزا جدا يشير إليها بأن لا تتحرك، وما ان اقترب هتف بصياح
_ بتعملى اى إهنه يابت انت.. وعاوزة مين....
حدقت به أماني باحتقار وغرور ،
فتمعن الرجل فى وجهها ليندهش وهو يردف
_ انت بت مني... ستك سناء يابت..
ضيقت عيناها وقالت حتى تشبع فصولها قليلا
_انت تعرف اهل السرايا دوول..
_ وين ستك يابت... لساتها عايشة..؟
ولا أبوك جتلها ِ..
تأففت أماني وهى تقول
_ مين أصحاب السرايا دي....!!
_ شكلك طالعة لابوك... يجيله جلطة مطرح ما جعد... دمرنا اللهي يجطع الخلف...
_ ابوي مات...
دهش الرجل واردف
_ جد.. مات والله فرحتيني وأنا من زمان ما شوفت فرحة...
هيهيهيه.. فرحة دي تبجي مرتي... هيهيهي...
_ ده إنت راجل رخم
تهمس بها اماني وقد استحقرت العجوز ، فاخبرت نفسها بتساؤل لما تقف معه وتتحدث مع أهل تلك البلدة التى تمقتها ،فاستدارت إلى جهة الخروج فنادي عليها العجوز وهو يقول
_هدول أحفاد العتابي... ولد ولده يونس حسام بيه.. جه إهنه يبيع الأراضي أللى شيفاها دي واللي جنبها أها.
نظرت أماني على إشارة العجوز لترى أراضي كثيرة فردت عليه بدهشة
_ الأراضي دي كلها...!!!
_إيوة... لحد السور أللى هناك ..
أصل سعادة البيه راجل كبير قوووى معاه أراضي فكل مكان ده غير مصر بلاوي يامَا.... اغني من أبوك بكتير جوى...
بس جوليلي إيه أللى جابك إهنه..
إهيييه لتكوني عاوزة تشترى الارض أللى عرضها للبيع معجول ؟
ابتعدت اماني إلى خارج بوابة السرايا ولم تعلق على العجوز الذي ظل ينادي عليها، علمت ان اخيها تربي وسط عائلة ثرية للغاية فوقت أمام بوابة السرايا من الخارج تحدق بها...
فجأة..... سمعت صوت سيارة تقترب منها فالتفتت اليها وهى تشعر ببعض القلق لتجد أنه... حسام الذي أوقف سيارته عندما لمحها وخطي اليها .
وقف قبالتها وبقت ترمقه بنظرات غريبة ، ارتسمت على شفتاه بسمة طفيفة حتى شعرت ان به شيء منها ومن شقيقاتها .
_ إنت بتعملى عينك كده ليه؟
شعر بتوترها قليلا فاردف
_ ولا هما كده...!!! فيهم حول....!!!
رغم اهانته الواضحة لها لم تشعر بالضيق أو النقص أمامه فبقت تحدق به بصمت طويل ، شعرت ببعض الألفة بعد أن تذكرت نفسها وهى صغيره وكم كانت تتمني أن يكون لها شقيق حتى يقوم بحمايتها وإمساكها من يديها ان تعثرت على الارض، كما كانت ترى في أبناء الجيران مع شقيقاتهم ،فهتفت وصوتها يتناغم مع الرياح التى تُراقص أوراق الشجر بتلك النغمة الهادئة
_ واضح ان اللى رباك كان اغني من ابوك ..؟
مرت عيناها عليه بالكامل تتصفحه ثم اردفت..
_وعشت عيشة ولاد الذوات ..
رمقها حسام بغرابة وهو يحس بأن تلك الفتاة وأسلوبها وحركات عيناها الملاوعة تشبهه كثير فقال بنبرة استفزازية
_ جيتي هنا ليه...
عجبك المكان ؟
ولا أصحاب المكان ؟
علمت انه يقوم بالاستخفاف بها فقامت بإلقاء كلمات جعلت عقله يفكر..
_اوعا تحفر في اللى فات وعيش في حضن اللى ربوك وانسي اللى من دمك ..
تهتف بها امانى ومن ثم تستدير الى خارج السرايا بعد أن تركت حسام شاردا في تفكيره بكلماتها التي تبدو له بدون معني ..
فالتفتت تحدق به بعيون حزينة وقد ألمها الماضي بحذافيره ، فأردفت له ببعض الحزن على حالها هي وشقيقتها...
_ على الأقل في حد من ولاد سيد عاش مبسوط ..
_ أنت تقصدي ايه بكلامك ده ..وايه من دمك ..، ومتدورش في الماضي ..
تفاجأت أماني من تحدثه فأرادت أن تتأكد من شكوكها فقالت بغرابة
_ ايه ده ..هو محدش قالك انهم لقوكك في المقابر ..
_ مقابر!! ..لقوني ..؟؟أنت شكلك مجنونة .
_ تصدق والله ناس طيبين ..
أللى يضحك فعلا ان كنت خايفة انك هتبص على الورث ..بس واضح أنك دخلت قصر من دهب ..
عيش مرتاح...وأوعه تدور ...خليك أعمى عن ماضيك لتخسر ويبقى حالك وسمعتك فى الأرض.
لم تشعر بنفسها وهى تقول تلك الكلمات لشقيقها ،فدائما لم تتمني لأحد السعادة يوما بل كانت تحقد على كل كائن تراه يضحك، ولكن ربما شعرت بالألفة اتجاهه مع الحزن على ما مرت به مع امها واخواتها ، ابتعدت عنه وتركته تحت سحابة الغموض ،وحين وصلت إلى غرفتها ندمت على ما حدث بشدة .
*****
تململت على الفراش ولا تصدق انها أخيرا ستسافر مبتعدة عن هؤلاء الصعاليك في الصباح الباكر وستبدأ حياتها من جديد بجانب زوجها وأولادها، كانت تعتقد إنه سيؤجل سفرهم بسبب قتل مربيته الغالية ولكنه اثر على السفر، لا تعلم هذا التغير الرهيب الذي حدث له واصبح حنونا ولا يستطيع النوم الا بجانبها هي والأطفال ، تعرف فقط أنها تتمني لو اصبح هكذا دائما، رفعت يدها تناجي ربها أن يقوم بحفظه لها ويديم له الصحة والعافية فلن تنسي له أبدا انه وقف امام عائلته مدافعا عنها وصدقها ورفض فكرة إنها هى من قامت بقتل مربيته.
جلست بقربه داخل السيارة تحت أنظار حماتها وبناتها النارية المليئة بالحقد والحسد عليهما ، لم تستطيع أن تلتفت اليهم لتلق نظرة أخيرة ، وبقت تنظر الى الجانب الاخر وهى تقول في نفسها .
_ خلاص يا اسراء .. هتبني حياة جديدة خاصة بيك أنت واولادك وزوجك انتهي خلاص موسم الدموع لحد هنا .
كانت الابتسامة لا تفارق وجه اسراء طوال الطريق ، تلتفت الى زوجها تارة والى أولادها تارة أخرى تُلقى إليهم نظرات حنونة ، حتى انتبهت الى سيارة حمراء geb تسير خلفهم لمدة طويلة على الطريق الصحراوي ، شعرت بالقلق منها وظلت عيناها تراقبها من النافذة.
_ لسه قدامنا كتير
تهتف بها اسراء بقلق وهى تنظر الى السيارة التي تسير على خط متساوي مع سيارتهم الخضراء الصغيرة .
_ خلاص قربنا يا حبيبتي ...كلها ساعة بالكثير .
كم شعرت بالأمان في تلك اللحظة عندما مرت عليها كلمة حبيبتي ، فقد كسرت القلق الذي بقلبها وبقت تنظر اليه بحنو .
مرت نصف ساعة على الطريق الصحراوي وبقت تختفى السيارات المجاورة تلو الأخرى حتى أصبحوا بمفردهم مع تلك السيارة الحمراء، فجأة..... أسرعت السيارة الحمراء لتقف امامهم بسرعة بالغة ، فضغط جبل على المكابح حتى لا ترتطم بتلك السيارة الفارهة.
جحظت عين اسراء بعد لحظات الرعب التي عاشتها من تلك السيارة وهى ترى فتاة يافعة في سن الخامس والعشرين تنزل من السيارة وترفع نظارتها الشمسية من على عيناها وتضعها فوق راسها بابتسامه واسعة وتتوجه الى مقعد جبل بسيارته ، وتنحني إلى نافذة السيارة وتقترب منه وتقول بدلال
_ شوف زي ما وعدتك بالظبط...
علمت اسراء انه يعرف تلك الفتاة من نظراته الباسمة لها ايضا فضاعت في نسيخ الغموض بالبحث عن إجابة .
هتف جبل لاسراء بعد ثوان ..
_ اعرفك ..دي لمياء ..صحبتي ..
حدقت اسراء به بغرابة وتوتر فأردف
_ متخافيش كده ..دي اللى هنأجر شقة عندها ..
نزلى بس الولاد من العربية يركبوا معاها .. على بال لما نروح مشوار مهم الأول .
شعرت اسراء بالخوف الشديد عندما رمقتها تلك الفتاة بنظرة غامضة ، فداخلها إحساس يخبرها بانها ليست طبيعية فبها ملامح الشر .فردت بتوتر على جبل
_ ملوش لازمة ..العيال معانا ..أنا ..أنا مش هعرف اتحرك من غيرهم .
نزل جبل من السيارة بهدوء وأخذ اطفاله بعد ان طمأنهم ان تلك السيدة خالتها وانها ستريهم الشقة الجديدة بالقاهرة وانه مجرد مشوار قصير وسيعود اليهم .
نزلت اسراء من السيارة وهى تسحب ابنيها من جبل وتقول ..
_ جبل ماتخليهم معانا ..مشوار ايه اللى نروحه من غيرهم .
_ ماخلاص بقا يا اسراء ..
(تنهيدة )
اهدي انت خايفة ليه ..دي صحبتي وزملتى في الشغل ليها أفضال عليا متحرجنيش قدامها ياحبيبتي ..
يهمس بكلماته الأخيرة وهو يرفع احدي يديه على كتفيها لكى يطمئنها ، حاولت اسراء ان تلقى هواجسها بعيدا بعد أن رأت ابتسامه جبل الهادئة لها وقالت لنفسها بأنه لا يجب عليها أن تعكر الأجواء فهى تريد بداية سعيدة ، فمالت رأسها بإيجاب له وبعض القلق يتغلل داخل عروقها .
أدخلها جبل الى سيارته وبقت تراقبه مع لمياء وهما يحملا أبنائها ويدخلونهما الى سيارتها .
رجع جبل إليها بابتسامة ناعمة مليئة بالفرحة فبادلته البسمة ولكن كانت مزيفة فالقلق لا يتركها وشأنها ، شعرت حين تحركت سيارة لمياء من أمامها بذهاب روحها فقالت لجبل
_ انت متاكد أنها هتهتم بيهم ..
زفر جبل وانقلب هدوءه فجأة وصاح
_ يوووه ...مالك كده النهاردة مش مظبوطة .
لم تعلق إسراء عليه رغم غضبه الكبير الا انها قلقه على أطفالها، فبدا جبل فى سواقه السيارة ثم وقف فجأة وقال وهو يوجهه انظاره إلى إسراء..
_متخافيش لمياء مش وحشة زي أمي هاااه .. هى هتحافظ على عيالك كويس اووي...
حدقت به بغرابة شعرت إنه يتحدث عن مربيته وليست والدته البيولوجية، وما اخافها إن عيناه بها غرابة وكأنها بئر غويط تخشي إن حدقت به أكثر يقوم بابتلاعها..
فهتفت بتوتر
_ طب يلا نمشي وراهم عشان نلحقهم ..
قاد جبل السيارة بسرعة بغضب حتى وصل إلى خط سير سيارة لمياء ولكن فجأة.. تباطء في السير قليلا لتقول إسراء..
_ سبقونا ...يلا نلحقهم ..
زفر جبل بقوة وركل المقود بكافه يده بعنف حتى صدر صوت بوق السيارة فقال وهو يتنهد
_ العربية اتعطلت ...
_ بجد!!! ازاااى.... طب اتصل ...بلمياء بسرعة ..خليها تيجي تاخدنا معاها ..
كان التوتر على وشك ان يوقف قلبها بخوف لا ارادي مما جعل يديها الاثنان ترتعشان بقوة وتنفسها اصبح ثقيل وهى ترى أن سيارة لمياء تبتعد بسرعة حتى اصبحت على وشك ان تختفى من امام اعينهما ..
رد عليها جبل بهدوء ..
_ معلشي يا اسراء انزلى بس ادي زقه للعربية يمكن تتحرك ..
_ ايه ؟؟؟
_يلا بسرعة عشان العيال...
يهتف بها وهو يقوم بدفعها بهدوء لكي تخرج من السيارة.
صدمت اسراء من طريقته في التحدث معها ولكن لم تعلق لانها ستفعل المستحيل حتى تطمئن على ابناءها ، فنزلت من السيارة وحاولت أن تدفعها قليلا لكنها لم تستطع مهما دفعتها بكل قوتها ، وما ان عادت باستلام لجبل شهقت وهى ترى أن السيارة تتحرك و تبتعد عنها ..ظلت تصيح باعلى صوتها وتهرول وراء السيارة وتتبادر الهواجس الى ذهنها ، فسقطت الدموع من عيناها بغزارة ولم تتوقف عن الجرى خلفها ، وعلى حين غرة توقفت السيارة فاستمرت بالهرولة اليها ولكن توقفت اقدامها عن الحركة وهى ترى أن السيارة تلتفت لتعود اليها ، فجاء بخاطرها أن جبل يريد ان يلعب باعصابها قليلا فلا يمكن أن يترك زوجته وام أولاده في الصحراء بمفردها ، فابتسمت وسط دموعها بأمل وهى تحدق بالسيارة تاتى اليها والتي لم تستمر طويلا عندما شعرت ان السرعة تزداد في القدوم اليها ،
اتسعت حدقتيها وهى تلتقى بعينان جبل التي ترمقها خلف زجاج السيارة والتي تغيرت بتلك الهالة المليئة بالحقد الدفين وهو يقود سيارته بسرعه هائلة اتجاهها، كان المشهد يمر ببطي أمامها حتى شعرت انها يمكن أن تهرب من أمامها، لكن صدمتها شلتها فورا عن أي حركة لتدفعها السيارة ويطيح جسدها إلى أمتار ويسقط على الارض ويرتطم راسها فى الرصيف بقوة لتنفجر الدماء منه بغزاره .....
تآوهات تملأ جسدها ولا تسطيع ان تبوح بها ، انفتحت عيناها بتعب مُميت والدماء تغرق وجهها وتمر عبر عيناها ولكن لم تعيق عن رؤيتها لتراه يعود بالسياره ويستدير إليها بسرعة شديدة ، فهل يفكر فى دهسها بوحشية أيضا ،لا شيء يهمها في تلك اللحظة سوي أبنائها ..مر شريط حياتها سريعا دون العبء الى جبل الذي يعود أدراجه لكى يقوم بدهسها بسيارته والذي لم ينتبه الى السيارة المقابلة له المسرعة والتي قامت بالارتطام به فجأة وجعلت سيارته تتهاوي في الهواء ثم سقطت و تدحرجت على الرصيف ثم اكلتها نياران الانفجار.
تجمعت الدموع حتى فرت دمعة تزيح بعض قطرات الدماء من عيناها وهى ترى نهايته السيئة فهل لاحد ان يتخيل حزنها على أبناءنا ومن سيقوم بتربيتهم !!! فى هذا الوقت، عمت رؤية ضبابية داخل عيناها ثم اللون الأبيض الذي سحبها الى عالم لا تعرف نهايته ..
يتبع..#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوى
أنت تقرأ
مئة قبلة مع عدوي "مكتملة"
Lãng mạnمحامية ممتازة يضعها القدر فى موقف عجيب فتجبر على الزواج من شاب مراهق من قبيلة بدوية، ترى كيف ستتصرف؟