القبلة الثانية والثلاثون
_اهدي.. هخليك تصدقى كلامي
يهتف بها بنبرة غضب وهو يخرج هاتفه من الجيب الداخل الخاص بجاكت بذلته ،ودخل على ملفات الصور وضغط على احدي الصور وأراها اياها وهو يراقب قسماتها الذاهلة
_دلوقتى صدقتي كلامي... دي مامتك... والراجل ده يبقي جدك..
جذبت منه الهاتف وظلت تنظر الي تلك الصورة القديمة التى بالهاتف بعجب، فملامح تلك الفتاة تشبها بطريقة غريبة فهل هى والدتها فى صباها، فكم تغيرت كثيرا حين كبرت وعجزت قبل أوانها ، هدأت قليلا ورمقت زياد عن قرب وقلبها يتواثب بجنون وظلت تتصفح ملامحه وعيناه البريئة التى تألفها، جحظت عيناها وهى تراه عن قرب فقد وجدت به ملامح كبيرة من شقيقتها إسراء.، فازدردت ريقها بعجب وعدم تصديق، فجأة مالت قسماتها إلى البكاء...
ربت عليها بحزن يريد أن يعانقها لكن يشعر ببعض الخجل ،فتنهد حتي يكتم دموعه هو الاخر.
وقف أمام والدته حسنية وطلب منها ان تقص على جيهان كامل القصة ،لتقف جيهان بذهول امامها فهل كانت طوال الوقت بجانب شقيقها الذي يعلم هوايتها وهى التي كانت تعيش بصيغه المجهول .
_ ولما انت كنت حاسس انى بتعذب مع حسام ..ليه معرفتنيش بسرعه ..
_ كنت مستني الوقت المناسب ..!!
ران الصمت بينهما ليرى حزن كبير داخل عيناها بكسرة وهى تحدق به بعتاب كبير ، فقالت بنبرة حزينة
_ انا ليا اخت اسمها اسراء ..
ظلت جيهان تحكي لهما قصة شقيقتها حتي ملأ الحزن زياد وهو يستمع اليها، فقال بصدمة ..
_ انا هطلقها منه وهتعيش معانا ...
صمتت قليلا ثم ضيقت عيناها وقالت وهى تتفرس في ملامحه
_ اسراء عندها ولدين ..انت هتقدر تصرف علينا ..
_ وعلى عشرة كمان ...انتم من لحمي ..محدش هيقدر يأذيكم طول ما أنا عايش ..وعلى فكرة مش انت الوحيده اللى عشتي مزيفة ..أنا زيك بالظبط ..عشت باسم غير اسم والدي ..
أنا عارف كويس اووى انكم شوفتوا كتير ..بس قسما بالله لكل يوم هيمر وانا معاكم ..هعوضكم فيه ...
يهتف بها وهو يربت على كتفها وهى لا تشعر باى شيء سوي البكاء .
_كان نفسي أووى بابا يكون عايش...
عض على شفتاه لكي يمنع سريان دموعه التى تلح عليه بالنزول.
_ ان شاء الله الصبح هنروح لاسراء ..
يهتف بها زياد بعد أن ترك جيهان داخل غرفة هيأها لها لكي ترتاح قليلا الليلة، مالت براسها بإيجاب وشيء ما يلمس كيانها بلطف ، تشك بأنه حلم كالذي يعاودها كل فترة بأن لها عائلة تحبها ، تخشي ان تنام رغم انهاكها وتعبها الشديد وترى ان ذلك حلما، فليست المشكله بها انما بشقيقها الصغيرة التى تعيش حياة جحيميه بالتنمر عليها من الجميع، فهي وانت كانت تم اذيتها بشكل كامل الا انها تعيش حرة فالرق على المسكينة الأخرى.. تتمني لو كان كل ذلك حقيقي حتي تنقذ إسراء.
****
وفى اليوم التالى ، ملأت شرفتها العصافير تزقزق بنشاط فداعبتها تلك الالحان بنعومة فتحت عيناها وهمت بالقيام لكنها شعرت بالاغماء فجلست على الفراش لمحت خيال رجل يقف أمامها وحين تقدم فى خطواته وظهر من هو هتفت مسرعةً
_ حسام ..أنت جيت ..؟
اقترب حسام منها وحدق بها بسعادة فجلس بجانبها وقام بمعانقتها بحنو ولتبادله الضمة وهى تغمض عيناها بأمان ، جحظت عيناها حين تذكرت أخر موقف يجمعهما وما حصل لها مع زياد لتشهق وتدفعه من صدره ليبتسم لها وهى لا تصدق ما تراه فهل صدق انها مظلومة وعاد مسرعا بتلك السرعة عندما أخبره زياد ؟
ظلت تحدق به بدون استيعاب وهو يقف امامها ويبتسم دون ابداء رد فعل على صدمتها ، تبادرت الهواجس داخلها ،وفجأة... فتح باب الغرفة ودلف زياد اليها فالتفتت اليه بتساؤل
وهى تقول
_ أنت قولت له ايه ؟؟
رمقها زياد بغرابه واتجه اليها يجلس بجانبها ويرد عليها
_ هو مين ؟ ..
كانت تقلب عينها على زياد مرة وعلى حسام مرة أخرى لتتوقف عند زياد وهى تشير الى حسام الواقف خلفه وتقول
- حسام ...
استدار بوجهه الى موضع يدها ،فلم يرى أي شيء فعاد بوجهه اليها وقد تبدلت قسماته وقال بعد ان ابتلع ريقه وهو يرفع ذراعه على كتفيها يربت بهدوء
_ انا عوزك تنسي كل حاجه شوفتيها مع حسام ؟؟ أنا لا يمكن اخليه يمس شعره منك بعد اللى عمله فيك ...أنا كنت بموت يوميا وانا عارف انه بيعاملك معامله قذرة .
لم تكن منتبه الى كلمات زياد لها فهى تبحث بعيناها عن حسام الذي تلاشي امام عيناها فجأة حتى خطف انتباها كلمات زياد الأخيرة ، فعلمت وهى تحدق بزياد بشرود انها في أحلام يقظة وتراه بسبب احتياجها اليه وعقلها الذي لا يستطيع ان ينساه ، فقالت لزياد بعتاب
_ بس ده اخوك ..وجوزي ..وانت عارف اني حامل ..مين هيربي العيال ..
انت عوزني احرم عيالي من ابوهم ..
رمقها بنظرة غريبة فرد عليها بهدوء رغم مرارة الكلمات
_ أنت معندكيش كرامة ..؟
ازاى تفكرى كده بعد اللى عمله معاك ..
أنا هربي عيالك احسن منه ..أنا بجد عاوز انسي ان اختي كانت عايشة مع البني ادم ده .. لمح منها نظرة تعجب من كلماته وكأنها لا تصدقه فصمت هينه واردف
_ هو ااه اخويا ..وعارف كل حاجة عنه ..عشان كده بقولك بلاش ..
زفرت بتعب وحزن بالغ وقالت
_ انت شايفني معنديش كرامة، وعاوزة الهم عشان افكر أعيش مع حسام تاني بعد اللى عمله ..
يمكن انت فكرت كده عشان مشوفتش اللى مريت بيه ، أنا عشت طول عمرى يتيمة مليش لا أم ولا أب ..لدرجة انى اتمنيت ان يكون ليا اب حتى لو بيعذبني او بيضربني كل يوم ..عشان الناس تشوف ان ليا اصل وعيلة ..ومحدش يطمع فيا ويستغلني ...اليتيم طول عمره مكسور يا زياد ..أنا فعلا مكسورة ...ودقت المر. ..عشان كده هعمل المستحيل عشان ولادي يعيشوا مع ابوهم وميشفوش اللى شوفته ...
لما ماهر خلاني احمل من حسام من غير ما أعرف ،رغم إنه مش بيخلف وفى الاخر طلقني... واتهمني بالغلط... انا الدنيا اسودت في وشي ..وكنت بموت الف مرة كل لما ابص لابني ..
لحد ما قبلت حسام وكتبه باسمه من غير حتي ما يعرف انه ابنه .. والجِميل ده هفضل شيلاه طول عمرى ..
توقف عقله عن الاستيعاب حين ذكرت اسم ماهر ليهتف مسرعا وقلبه يتواثب بقلق .
_ ماهر مين ده ..انت بتقولى ايه ...؟
_ ماهر ابن عم حسام ..؟
_ حسام ملهوش اعمام ..
ران الصمت للحظات لتجحظ عيناه وهو يردف
_ تقصدى ابن عم بابا يونس ..
ماهر ...
انا مش فاهم حاجة .. اتجوزك أمتي ؟
قامت جيهان بقص حياتها بالكامل لزياد ومع كل معلومة تصل الى زياد يتغير ملامحه للغضب أكثر ، ومع انتهائها جز على اسنانه وهو يقول بإيجابية بعد صمت طويل من الحزن فلم يعرف بما يقول حتى يصبرها على النار التي كانت بحياتها ...
_ اسمعي ياجيهان .. احنا مش هنكلم فى اللى فات.. لانه مات واعرفي ...انا مستحيل ارجعك لحسام لو ايه اللى حصل ..انسيه ...؟
وسيبي موضوع ماهر ده عليا.. أنا هعرف أربيه إزاى..
ودلوقتى هتقومى نجيب اسراء ..مش هخليها تعد مع الهباب اللى اسمه جبل ده وعيلته اللى واضح انهم متربوش ولا يفهموا في الأصول ،أنا وانت واسراء وامي هنعيش .وعيالكم هربيهم احسن تربية ...
قومى يلا عشان اوريك جدك ..
انتفضت جيهان وحدقت به بغرابه ، شيء ما داخلها نبض بفرحة لم تذقها لسنوات وهى تتذكر الصورة التى أراها اياها ، فقالت بصوت باكى من الفرحة
_ جدنا..!!!
_ لا جدك من امك انت ...انا مليش جدود ..بس لينا ولاد عم ..
ارتسمت ابتسامه على محياها وانتفضت من الفراش وارتدت ملابسها بسرعه وقامت بتجهيز طفلها ، وحين اتجهت الى غرفة زياد لمحت من اخر الرواق حسام يقف ويراقبها من بعيد ، علمت انها أحلام يقظة تعود اليها من جديد لكنها صدمت حين رأته يقترب منها ويشير لها بابتسام ، رأت زياد يمشي خلفه ، شلت أطرافها حين وجدت زياد يعبر من خلال جسد حسام لتشهق بخوف وصاحت وهى ترجع الى الوراء حتي كادت تسقط من الفزع ، فاسرع زياد اليها بقلق ، وهو يهتف
_ مالك ؟؟
قامت بترديد الاذكار بسرعه والخوف يسري بعروقها ،فاختفى حسام من أمامها وهو يرمقها بنظرات مخيفة .
***
دخل حسام السرايا الخاصة بجده العتابي وقرر انه سينام تلك الليلة بها فكان التعب يغزو كيانه بطريقة كبيرة ، دلف الى غرفه النوم وهو لم يعد يري امامه سقط على الفراش منهكا وهو يحاول ان يخلع حزام بنطاله ، شعر ان احد ما يحادثه فلم يستطع ان يفتح عينيه .
فجـأة علت الأضواء في مكان ما ليجد نفسه امام سرايا الغول وهو ينظر الى الشمس المرتفعة والى حرارتها الشديدة ،استدار الى الوراء ليجد سيد نصير على بعد خطوات منه يحدق به بعيون جاحظة ووجه اسود قاتم ، بغتةً رأى خيال اسود يهجم على والده وهو يحمل سوطا كبيرا ويقوم بجلده من رأسه تحت صراخه القوى واستنجاده به وهو يهرع اليه ولا يصل مهما يحاول
_ ساعدنى .. يا ولدى ....
دق الخوف في قلب حسام من رؤية هذا الخيال الأسود وهو يقوم بجلد سيد نصير بقوة حتى وصل صوت الضرب مرتفعا الى اذناه ، ليردف سيد نصير
_ حب على يدك ساعدني ..
رد عليه حسام بصوت متحشرج
_ لا ..لا ..
رأى أن العرق يتسرب من جبينه بكثرة حين اقترب منه ذلك الخيال بسوطه الكبير ، استدار حسام يهرع بقوة مبتعدا ، ليعلو صوتا داخل أذناه ..
_ أنا مش قولتلك متجيش هنا ...
رجعت ليه ..
نزل السوط بجلدة على ظهره بقوة لينتفض من الفراش وهو يصيح بألم ، ليري انه كابوس مرعب، التقط شهيقا بصعوبة وظل حتى هدا قليلا وهو يزفره بتعب ، شد عليه وجع ظهره فقام واشعل الإضاءة ووقف امام المرآة ليشهق حين رأى أثرا لضرب على جسده بالكامل والجرح القديم الذي بصدره يحرقه بشدة .
ذهب الى الحمام وقام بأخذ حماما طويلا ثم اتجه الى غرفته ، لمح في الطريق اليها أطفالا يجرون وراء بعضهم فأغمض عيناه وأعاد فتحها بصدمة ليختفوا من أمامه فجأة، بدأ الخوف يتسرب في عروقه مرة أخرى ، علم أن تلك السرايا قد سكنت بسبب تركها لمدة طويلة دون بشر ، فاتجه الى غرفته وقبل ان يضغط على ذر الإضاءة لمح طيف يمر من فوق فراشه ، عض على شفتاه بخوف وذهب مسرعا الى فراشه واخذ ملابسه وكافه اغراضه وجرى الى سيارته وصوت باكي يدوي في السرايا بالكامل .قاد سيارته مبتعدا عن السرايا بضع امتار وغفى بها دون وعي فقد أصابه الصداع من كثرة الخوف مما رأى .
****
تنهدت بتعب وهى تركب بجانب زياد في سيارته ليهتف فجأة وينتشلها من مواجهه افكارها المرهقة
_ فاكرة البنت اللى حسام جابها عندكم ..هى طويلة ورفيعة... اسمها مونى ..
ران الصمت لثوان في محاول تذكر تلك الفتاة ،لتقول هاتفه
_ أأاه مراتك..تصدق نسيت اسالك عنها .
_ لا... ..طلقتها .
_ المهم... دي تبقى بنت عمنا ...
تنهد بتعب ثم أردف
_عمنا اللى قتل ابونا ..
التفتت اليه بصدمه ليردف بوجع
_ ايوة كانت عيله كاره بعضها وبتجرى ورى الورث ..حكايات كتير هبقي احكيها ليك بعدين .. أنا طلبت من امي متعرفكيش المواضيع الحامية دي.. تسبها ليا أحسن .
لمح زياد قسماتها الحزينة بسبب حياتها البائسة فقال بمرح
_ شوفتى الدنيا صغيرة ازاى .!!
محدش بيموت من غير مايعرف كل حاجه ..والمكشوف كده كده بيبان ...
مالت جيهان راسها بإيجاب بحزن وظلت صامته تحدق في الطرقات بشرود ،وحين اقتربا من وجهتهما قامت جيهان بالإشارة الى جهة الطريق المؤدية الى السرايا التي تسكن بها اسراء ، وما ان وصل حتى هرع كليهما الى بوابة السرايا ، وبعد اخبراهما للغفير بانهما يريدا ان يقابلا رب العائلة ولم يقولا شيء عن اسراء حتي يوافق على دخولهما ، وما ان اتى الغفير بالموافقة ، ودخلا الى السرايا ، كانت والدة جبل وابيه في انتظارهما ..
جلس زياد وجيهان امامهما وقال بثقة
_ أنا اخو اسراء ..وانا عاوز اقابلها ..
صدم كلا من والدة جبل وزوجها وظلا يحدقان ببعضهما فانقلب وجههما الى الغضب ليندفع الرجل الى زياد فمنعته زوجته من الهجوم عليه وقامت بغمزه لكي يصمت ، جز الرجل على اسنانه وهو يمنع غضبه لتقول والدة جبل وعيناها متسعة بالكره والحقد الشديد ..
_ اختك جتلت ولدي ..قدام عيني ..وهربت من الشرطة ...
لو عندكم دم خلوها تيجي هنه تتحاكم ..حتي تشوف عيالها اللى مرمين ولا بياكلوا ولا يشربوا ..
رمقها والد جبل بغرابة ثم وجه انظاره الى جيهان وزياد وهما واقفان بصدمة بدون تصديق لتهتف جيهان فجأة بصياح وهى تتجه الى الدرج الموصل الى الغرف .
_ مستحيل اختى تعمل كده ...انتوا اكيد عملتوا فيها حاجة .
منعتها والدة جبل من الصعود الى الدرج بعنف ودفعتها من صدرها حتي سقطت على الأرض.
صاح بها زياد
_ انت مجنونة يا ست انت...
لولا إنك ست عجوزة لكنت كسرت أيدك.
لم يعرف ماذا يفعل زياد حين قالت والدة جبل ..
_ لو مامشيتو من اهنه عاد هتصل بالشرطة وخليكم تباتوا في السجن واصل ..الله ياخذكم وينتقم منكم مثل ماحرقتوا جلبي على ولدى ..
صدم زياد من كلامها فقام بسحب جيهان التي لا تتوقف عن النواح وهى تنادي باسم شقيقتها ، ليظهر طفلين اعلى الدرج وهما يقولا بحزن باكي حين سمعا اسم وادتهما
_ ماما ..
نظر كلا من جيهان وزياد اليهما ووالدة جبل تغلق باب السرايا الضخم في وجههما .
_ متقلقيش ..تعالى بس الأول ..مش هنسبها ..
ردت جيهان ببكاء وهى تقاوم يد زياد التي تجذبها الى سيارته ..
_ لا ..انت وعدتني انها هتيجي معانا ..
_ اسراء هربت ...الست كلمها صح ..
_ لا ..لا اختى عمرها ما تشك حد بدبوس ..يبقي هتقتل جوزها دي كانت بتحبه جدا
تنهد زياد وتوقف عن جذبها وقال متماسك القوة ،فإن ظهر ضعيفا أمامها ستتدمر.
_ لو عاوزة تدمرى مستقبل اختك اعدي زعقى عندهم ...
بعض المواقف مينفعش فيها عاطفتك دي ..لازم مخك يشتغل ...لو عاوزة مصلحه اختك تعالي معايا ..
بسط يده الى جيهان لكى تمسك بها وتثق به فتوقفت عن البكاء بصوت مرتفع وبدأت الدموع تنساب من عيناها بصمت وهى تحدق بيديه بتردد
فأردف زياد
_ هي أختى برضه ..ولا ايه ؟؟
عضت جيهان على شفتها لكى تمنع سريان دموعها المستمر وامسكت بيديه ، استقل زياد سيارته واخذ اسم والد جبل الكامل من جيهان ، ومشي عدة امتار حتي لمح رجلا يظهر انه غفيرا لدى جيرانهم ، فأخرج باقة من النقود يقدمها له وهو يسأله عن والد جبل ليخبره بأنه تاجرا كبيرا بالسوق ، فقال له
_ مين المنافس بتاعه في السوق ..
وعندما علم زياد من هو منافسه ، ذهب الى السرايا الخاصة بالعتابي جد حسام وترك بها جيهان وطفلها و اتجه سريعا الي المنافس ، يعلم أن لا أحد يستطيع أن يقول الحقيقة الا من يريد أن تنام تجارته ويفشل فلا يوجد سوي منافسيه، وحين ذهب اليه اظهر إنه مشترى ..وحين عرض احدي البائعين بضاعته على زياد أخبره أن والد جبل يبيعه بسعر منخفض فرد عليه البائع
_ مستحيل يابيه ..ده غشاش ..الحديد بتاعنا اصلي ..
هز زياد رأسه بتفهم وقال
_ تمام هاخد منك اللى هناك ده ..
ابتسم البائع وأخبره بأنه لن يندم أبدا وفرك يده بسعادة فرب العمل سيكافئه على بيعه لاشياء كثيرة فرد عليه زياد وهو يري فرحته
_ هو ابنه مات ..؟
رمقه بنظره تظهر بانه لا يفهم على من يتحدث فأشار زياد بوجه على المستودع المقابل له والذى هو ملك لوالد جبل ، ليفهم البائع ويرد عليه باهتمام
_ ايوة يابيه ..مات ..بعيد الشر عنك ..حادثة ..
_ أزاى ؟؟
_ كان مسافر هو ومرته لمصر ..وعربيه خبطتهم .لجوا العربية مدمره وجبل جواتها بس ملجوش جثه مرته ..اللى معرفهوشي ازاى بجي عياله الاثنين عيشين ...
جحظت عيناه وهو ينصت الى كلمات البائع ، وتركه وذهب مسرعا إلى سيارته دون الدفع تحت ذهول البائع الذي لم يتوقف عن سبه ، وعاد الى جيهان التي كانت تبكي بطريقة جنونية على شقيقتها الصغيرة التي لم ترى اى سعادة فى الدنيا.
اقترب منها وهو يشعر بالحزن الشديد عليها وهو يقول
_ اسراء مقتلتش حد ..اسراء عملت حادثه مع جوزها ..وهى اختفت ..يمكن اسراء تكون هربت من الخوف ..
لم يرد ان يخبرها إن جثتها مفقوده ،يريد أن يبعث الأمل داخلها وداخله فهناك فرصة بأنها هربت بنسبه كبيرة.
تلك الكلمات وضعت جيهان بالوهم القاتل حين اعتقدت ان اسراء ماتت لتبكي منهارة بصدمه كبيرة وهى تقول
_ اية... ؟.. يعني ماتت ..
..قال زياد بضيق من شخصيتها السلبية
_ متسبقيش الاحداث ...انا متاكد انها هربت ..ان شاء الله هنلقيها متوجعيش قلبي عليك ..ياجيهان ..
بغتةً سقطت جيهان مغشيا عليها على الاريكة ألتى بجانبها وهى تحمل صغيرها ليلحقها زياد ويسحب منها طفلها .
*****
في تلك الاثناء...
استيقظ حسام وهو يتمغط بتعب فظهره يؤلمه اثر نومه بالسيارة ، نظر من نافذه السيارة ليري الظلام تبادر فى ذهنه انه نام لعدة ساعات وحين رفع الهاتف الى بصره شهق بعد ان رأى تاريخ اليوم فقد نام ليوم كامل بالطول والعرض ، قاد السيارة وهو يعزم على الذهاب للمدينة ولكنه توقف حين مر امام سرايا جده ووجد إنارة الكشاف مفتوح، ملأ الخوف قلبه وعزم على عدم الدخول ، ولكنه دهش حين وجد سيارة زياد تقف امام الباب ، فابتلع ريقه وهو يتمنى الا تكون مجرد هواجس ، دلف الى السرايا بحذر وقام بفتح الباب بهدوء ليري امامه زياد يجلس على الأريكة وعلى فخذه رأس جيهان وهو يمسح على شعرها بنعومة وهى نائمة بعمق وطفلها ينام بجانبهما ، سقط الهاتف من يده بصدمه مما يراه ليهتف بصياح
_ بتعملوا ايه هنا ؟؟؟
تأكد من هواجسه الان حين رفع زياد بصره اليه بذهول ثم تحولت نظرته إلى التحدى حين قال له
_ وانت ايه اللى يهمك ..؟؟
رفع نبرته والغضب يغزو داخل عروقه.
_ بتعمل ايه يا زياد مع التيييت دى ..
_ احترم نفسك ..دى ..
دى حبيبتى . وهتبقي مراتي .
دق قلبه بعنف فقال بنبرة مندهشة وسخرية
_...ايه ؟؟ حبيبتك ...
وده من امتى ..؟
جز حسام على أسنانه يحاول أن يكتم غضبه ويهدأ قليلا، ويتساءل ان كان ما يمر به حلما ام لا ، فاقترب من زياد وقام بإمساك كتفه ليتأكد من إنه بالواقع ،فسحب شهيقا وحاول الا يتهور بسبب غضب الذي فاض به وعقله الذي يلح عليه بان يقوم بالهجوم على جيهان الخائنة ليقتلها ولكنه تماسك وأخذ طريق العقل مع شقيقه حين قال بنبرة مليئة بالغيظ ..
_ ال***فلة دى خانت اخوك ؟ ازاى تأمنها بعد كل ده ..
أللى يخون مرة يخون الف..
رفع زياد كافه يده لكى يصفع حسام على وجهه بسبب سبته التى ذبحته، فكيف له ان يهين شرف شقيقته البائس إمامه ؟ لكن يده توقفت فجأة ، ليرمقه حسام بصدمة ، فجز على اسنانه وبداخله حرب تمزق قلبه ..
_ هتتجوزها وهى على ذمتى ؟؟
رد عليه زياد وهو ينزل يده بغضب
_ لا ما انت هتطلقها ..؟
وعلي فكرة.. حملها نزل..
يتواثب قلبه فجاة وشعر إن قدميه لا تستطيع أن تحمله فقال بصوت مرتفع قبل أن يفقد توازنه ويظهر ضعفه امامه
_ على جثتى ...
اعلى ما فخيلك اركبه ، مستحيل اخليك تتجوز ..التيييت ..دى .
حاول أن يرسم بسمة استفزازية على قسماته لكنه فشل حين رأها نائمة على الأريكة رغم صياحه الذي يرج كل ركن بالسرايا وهى لا تتحرك قيد أنملة ورغم الحرب التي تقوم بسببها، فقال وهو على عتبه السرايا وبه شعورا يقتله
_ مش هسيبك غير اما ادمرك يا جيهان.. وابقي قبليني لو خليتك تضحكي على اخويا
، انت فاكرة انك بكده بتربيني... لا عاش ولا كان... أللى...
اتجه الى سيارته ولم يكمل كلمته وهو يشعر ان صخرة سقطت على رأسه بقوة حتى يخطو هكذا كالمنهزم ، ركب سيارته وقاد بسرعة جنونية الى القاهرة وجسده يغلى من الغضب .
***
مرت الأيام ،يحاول ان يجهد نفسه في العمل حتى لا يفكر بها وبأخيه الذي طعنه بتمسكه بتلك الخائنة ، فلن يهدأ له بال حتى ينتقم منها ، فكيف لها بعد ما فعلت به كل ذلك تتجه إلى شقيقه بتلك السهولة بألاعيبها الرخيصة .
وفى يوم في عز ليالي الصيف الحارة عاد بسيارته إلى مبني شقته بعد ذهابه مع وليد حتى يلعبون مع العاهرات ولكن انقلبت الأمسية الى نكد بسبب الحزن القابع بداخل وليد ومن شكواه المستمرة وحكاياته التى لا تنتهي و التي اسمها مغامرات وليد مع ناهد .
صعد الى جناح شقته ليتفاجأ بصدمة من وجود مجموعه من الفتيات يرتدون الأسود بشكل مخيف و يجلسون امام باب شقته ، جحظت عيناه عندما سقطت على مونى التي تهرع اليه وهى تقول
_ اخوى ..توحشتنا كتير ...
احنا جينا نعيشو وياك ..يا خير الرجال والسند
_ايه...؟
....
فى تلك الأثناء ،
دخل وليد إلى البيت وهو مخمورا ولا يعي ما يحدث ، فقط يفكر بأمر ناهد التى تذكره بدفء والدته بأكلها وصوتها ،فكيف يستغني عنها بتلك السهولة؟ كلما يفكر فى ذلك الأمر لا يستطيع أبدا...
وبدل ان يدخل إلى غرفته دلف إلى الغرفة الصغيرة الخاصة بناهد دون تركيز ، خلع ملابسه ورمي نفسه على الفراش، وبعد ثوان صدر صوت صراخ مرتفع من أسفله مكتوم تحت الغطاء ،فانتفض مفزعا وازاح الغطاء ليرى انه رمي نفسه فوق ناهد ولم يشعر بها بسبب جسدها النحيل ، بقت تحدق به لثوان بصدمة ،علم إنه الهدوء قبل العاصفة ،فأسرع اليها ووضع يده على فمها لكي يمنعها من الصراخ مرة أخرى، حمد الله ان علتها فى الاستيعاب قد اتي فى مصلحته.
فهمس داخل اذناها بصوت متقطع اثر سُكره
_ أنا أسف.. والله مقصدتش... أنا عمرى ما أذيك أبدا...
ده انت حبيبتي...
اقصد... زي بنت اختي..
فى تلك اللحظة دلفت نادية عليهما لتشهق بصدمة كبيرة من رؤية شقيقها بملابسه الداخلية ويتمايل بدون ثبات وقربه من ناهد المفرط فصاحت والنار تسكن عيناها
_ بتعملوا أيه يخربيتكم....
فجأة صمتت لبرهة لتأتيها فكرة فصاحت بأعلي صوتها وهى تقول
_ ... دخلت بيتنا تملية نجا*ة.. يا تيت...
كانت ناهد تحدق بها بصدمه هى ووليد الذي علم ان شقيقته بدأت برمي النار حتي تخرجها من المنزل.
شهقت الفتيات عندما تجمعن أمامهم بسبب الصياح المرتفع، فقال وليد
_ اخرسي أنا دخلت هنا غلط...
ردت نادية مقاطعه وهى تستغل ان شقيقها فاقد التركيز بسبب سُكره..
_امشي اطلعي بره يا تيييت
خرجوها يابنات.. دي عاوزة تأذي خالكم... وتعمله مصيبة ، هجمت الفتيات على ناهد وسحبوها بقوة ، تحت صراخها وهى تقول
_ معملتش حاجه والله... هو أللى هجم عليا....
دفعتها الفتيات خارج الشقه بكل حاجتها واغلقن الباب دون الاهتمام إلى بكاءها المتحسر وصدمتها...
فحبهن الكبير لخالهن جعلهن يفعلن كل ذلك رغم حبهن الشديد لناهد.
ظلت تطرق الباب طويلا بصوت باكي حتى جاء الصباح، خرجت اليها نادية خشيه من استيقظ وليد بعد اغماءه ليله البارحة بسبب سكره الشديد ، فقالت لها بخبث
_ إنت ليه مفهمتيش إن دي تمثليه عملها وليد عشان مش طايقك...
انا فضلت اترجاه يقعدك معانا بس هو صمم وطبعا ده بيته وأنا مقدرش افرض عليه حاجة
خدي الفلوس دي حقك شغلك
انا بعمل كل ده عشان خايفة يعملك حاجه..
رجعت نادية بالكرسي إلى الوراء وأغلقت الباب بعنف فى وجه ناهد لتنسكب دموعها بانهيار، فقد شعرت انها بين عائلتها
يتبع
#مئةقبلةمع_عدوى
#سارةمنصوردوارالشمس
أنت تقرأ
مئة قبلة مع عدوي "مكتملة"
Romanceمحامية ممتازة يضعها القدر فى موقف عجيب فتجبر على الزواج من شاب مراهق من قبيلة بدوية، ترى كيف ستتصرف؟