القبلة الحادية والعشرون
دققت النظر لثوان لتبحر عيناها دون إرادة منها على عضلات الجزء العلوى، ومع صعود مقلتيها لأعلى تلاقت نظراتهما لتشهق بصدمة وتنساب اعصابها ، أغلقت الباب خلفها بقوة وخطت مسرعة الى غرفتها، وقفت فجأة عن الخطى لتشعر ببلاهة موقفها فمنذ ساعتين كانت تعافر للخروج من احضانه فهل يأتي اليها الحياء الان .رفعت ظهرها ثم تنفست الصعداء وعادت الى غرفته تفتح الباب بثقه وتقول متسائلة بتماسك لكى تخفى توترها وترفع يدها التي ترتدي بها الخاتم .
_ ده ايه ؟
التفت حسام اليها وقد انتهي من ارتداء منامته واقترب منها ليرد بدون اهميه .
_ ااه ده خاتم لقيته في الدرج بتاع بابا القديم .
حدقت به بدون فهم ما يرمي اليه فأردف .
_ ايه مش عاجبك ؟
ضيقت حاجبيها ليختفى امالها باعتقادها انه قد اهداها إياه فكم شعرت بالاستهزاء فى تلك اللحظة لترد عليه مسرعة وهى تمط شفتاها بنبرة متأففة .
_ ايوة طبعا مش عجبني .
رفع يده مقابلا لها وقال بجدية
_ خلاص حاتيه .
لم تتوقع رده السريع فشعرت بالإحراج فرفعت يدها تخرج الخاتم بقوة من خنصرها ولكن كان ضيقا عليها ويؤلمها وهى تقوم بإزاحته .
فبسط يده اليها مطالبا به فأردفت .
_ ما انا بشيله اهو .
_ شكلك بتحججي وعينك عليه ..
خلاص انت حرة خلهولك.
يهتف بها وهو يمسك بمقود الباب الذي تقف خلفه مستندا عليه فابتعدت خطوة اثر سحبه للباب بهدوء ، فقالت مسرعة
_ لا طبعا مش عوزاه ..
_ خلاص هاتي اما أشيله انا .
يهتف بها وكأنه انته الفرصة ليقف خلفها معانقا ويمسك بيدها ويسحب الخاتم دون سابق انظار ، لتفاجئ من فعله الجريء باقترابه المبالغ منها.
لتقول بنبرة غيظ
_ ماانت مابتصدق صحيح..
رد حسام مقاطعا .
_ ..أنت اللى نيتك تييت ..أنت مش شايفه انى بشيله .
فران الصمت بينهما ولم يتحرك حسام قيد أنمله لكي يبتعد عنها و قام بوضع يديه على الخاتم دون محاولة في خلعه، فشعرت جيهان بالحنق وقامت بدفعه من ظهرها لكي يبتعد فأبي، فاستدارت اليه حتي صار بالقرب من شفتاها ومع محاولة خبيثة منه قامت هي بدفعه بيديها الاثنان ليرجع الى الوراء .
_ أنت مريض ..متحرش .
_ الحق عليا يعني انى بساعدك ..أنت حرة ..أنت أصلا مش وش خير ..
لم تعلق على كلماته وخرجت من غرفته ليوقفها بقوله .
_ انا مبقتش فاهمك ..مرة احس انك عوزانة تحوريني
ومرة احس انك مش طايقة تبصيلي ..ماتثبتيلك على حاجه بدل ماانت عاملة زي الارجوز التايه..
استدارت اليه وظلت تحدق به لثوان ثم تنهدت قبل ان تقول بنبرة هادئة
_ لما ترسي انت على حل ..كلامك غير افعالك معايا ....أنا اللى مش فهماك ..
كل لما تشوفنى تعد تهددني ..وبليل الاقي شخص تاني خالص .
ينصت الى كلماتها التي لا تختلف مع اعتقاده، هو بالفعل يريد أن يذيقها من العذاب فلا توجد لديه ثقة بها ولكن عندما يجن عليه الليل يشعر بالضعف كلما راقبها، كما يحس بداخله بأنها مِلكا له، وله الحق في فعل أي شيء معها وان كانت تتجسس عليه، يعلم حق المعرفة أنه الجائع الى العاطفة ومن يحركه هو قلبه وكم يكره ذلك، فبحث عن ردا على كلماتها ليؤرقها طوال الليل فهى دائما ما تجعله لا يشعر بالراحة .
_ أنا مش هسيب فيكي حاجه غير ما ادمرها لحد مااعرف ا نيتك وبتفكرى في ايه وانا بحذرك ..لو طلع اللى في دماخى صح ..اعتبري نفسك بقيتي عبدة عندي ..مش هتشوفى الشمس تاني .
تلاشي تفكيرها عند تلك النقطة فكم كانت تخشي أن يأتي يوم ويقوم برميها خارج البيت دون مأوى فطمئنت قليلا وقد عاد وعيها لتقول بذكاء بنبرة ساكنة
_ أنا مستعدة أعترفلك بكل حاجه لو بس دورت على أبو ابني الحقيقي .
التمعت عيناه عند تلك النقطة، لكن لما شعر فى تلك اللحظة انها تقوم باللعب عليه ؟ فرد بهجوم
_ أنت مبتفهميش ..قولتلك قبل كده دي منظمة مش هتعرفي توصلي لحاجه ..والست الى قالتلك انى بقف في المعمل دي غبية ..أنا كنت عميل مش أكتر ..
شعرت جيهان بالصدمة من تصريحه كما هو الحال لديه فلم يشعر بنفسه والكلمات تخرج من فاه، فران الصمت عليهما وتسأل كلا منهما بهل هناك قابليه لأن يكون هو اب طفلها ؟ ولما لا فهو أيضا كان يقدم سائله !!
كانت تلك التساؤلات تهجم على أفكارهما حتى رأى في عيناها البحرية بعض الكلمات وقبل ان تخرج منها كلمة رد قاطعا لحبل افكارها
_ مستحيل اللى بتفكرى فيه .
ثم همست أفكاره داخل عقله حتى ارتجف جسده
(ماهر عمره مايعمل حاجه زي كده وأنا عدوه .. صح ؟ ولا دي خطه عملها عشان يطلعنى غلطت مع مراته ويمسك عليا الغلط ويفضحني ويطلعنى من المستشفى .
معقول الاتنين دول اتفقوا عليا ؟
بس هي شكلها هتموت وتعرف مين الاب ..
لو كانت تعرف بالخطة دي مكنتش وافقت بالجواز منى ..!!
لان همها الوحيد هيكون الفلوس مش الستره ولا ايه؟؟.
كانت غائبة هي الاخرى داخل عيناه البلورية بتساؤل ..تريد أن ترمي اليه فضولها لكن تجربتها المسبقة معه اخبرتها بالهزيمة فهو شخص من الصعب ان يعطي إجابة بصدق فالتفتت الى غرفتها دون كلمة واحدة .
****
رفع حسام هاتفه الجوال بعد تفكير طويل داخل مكتبه وهو يجلس بالظلام مع نفسه وقام بالاتصال بصديق له يطلب منه خدمة، وعندما اغلق الاتصال ارتسمت على شفتاه بسمة انتصار، وتقدم نحو المطبخ يبحث عنها ليجدها جالسة على طاولة الطعام ويحوطها أطفاله وتطعم واحدا تلو الاخر، هز رأسه بالنفي ما جال برأسه عندما لثم حنانها يطبع على قسمات ابناءه وهى تطعمهم .تقدم وعلى رأسه يقبع الفضول من معرفه حقيقتها، فأخرج حزمة من النقود وقدمها اليها وهو يقول
_ خدي الفلوس دي روحي اشتري بيهم طلبات البيت ..
نظرت اليه بغرابة ثم قامت بالرد عليه
_ بس انا جبتهم امبارح ..وكمان لسه فاضل معايا فلوس .
_ لا في حاجات ناقصة ..
_ لا انا جبت كل حاجة ..
_ جبتي بطاطس ، طماطم ، سمك ،..
كلما يهتف بكلمه تميل برأسها بإيجابا حتى شعر بالضجر ، فأردف ..
_ توت ؟؟
_ لا ...
_ أنا عاوز توت ضرورى ..
_ خلاص بكرة هاجيبه ..
_ لا ..لازم النهاردة ..
كان لحوحا في طلبه بطريقة غير معقوله لا تتناسب مع رجلا قد تجاوز الثلاثين ، رأته كطفل صغير فتضايقت منه بشدة فهتفت بهزمية.
_ طيب ..
ارتدت ملابسها وخطت الى الباب أمام عيناه التى تراقبها بتوجس وهو يجلس على طاولة الطعام بجانب ابناءه ويتابع تحركاتها ، وما ان قامت بفتح الباب الشُقة وجدت أمامها من لم تتوقع فتسرب الخوف الى أطرافها ورجعت خطوة الى الوراء بعيون مندهشة .
_ يعنى كان كلامه صح أنه اتجوزك .!
تهتف بها اسماء وهى تزفر بغيظ وتحدق بجيهان بكره شديد.
انتفض حسام واقفا عندما وجد طليقته تدخل الى الشقة وتهرول الى ابناءها وتعانقهم، هربت الكلمات من شفتاه عندما وجد الاطفال يبكون عند رؤيتهم لوالدتهم ، فرفع يديه يشير الى جيهان بالذهاب في طريقها والتي كانت تنظر اليهم جميعا برعب كالمغتربة التى على وشك أن تسرق ارضها الجديدة، خرجت دون وعي وأغلقت الباب خلفها والغضب ينهش كيانها من وجود تلك المرأة .
****
ها قد وصلا سلطان وأماني الى صحراء سيناء وخاصة الى القبيلة التي يحكمها الشيخ تميم بعد عناء من السفر الطويل، ولا تزال أمانى فاقدة الوعى رغم الصهد القوي الذي يذيب الجلود من شمس سيناء ورغم العرق الذي اغرق ملابسها لم تستيقظ ابدا . حملها سلطان بين ذراعيه الى خيمة الشيخ تميم الذي قام برعايته منذ الصغر وزوج امه رحمة الله عليها. كان الشيخ تميم قابع بخيمته يملأ محياه الحزن على فقدان ولده الحبيب مالك فمنذ أن سمع خبر وفاته وهو في حالة يرثي لها ، نعم هو ليس من دمه ولكنه كان أحد أعمدته في كافه أعماله والوحيد بين ابناءه الذي يملك هالة قوية تجعله خليفه من بعده ، يعلم أنه أمر الله وهو مؤمن بالله ،ولكن قلبه الضعيف لا يقوي على الفراق فقد دخل في حالة مرضية جعلته واهنًا أكثر. دهش بشدة عندما دخل عليه سلطان وهو يحمل امانى التي كانت قسماتها باهتة من كثرة المرض وحول عيناها هالة سوداء كثيفة كظلام الليل، جلس سلطان أمام والده وقص عليه ما حدث بالتفاصيل فهو يعلم ان والده الشيخ يصادق بعض الجان المسلم وكان يساعد بعض افراد قبيلته من المس والسحر بإذن الله . ينصت الشيخ تميم الى سلطان وينظر الى أماني فكم شعر بالإشفاق عليها ورغم وهنه وقلة حيلته بعد موت مالك وافق على المساعدة على الفور واستخدم بعض الحيل حتى يصل الى بعض أصدقائه من الجن وبعد ساعات شعر سلطان بحركة خلفه وخيالا كبيرا يرتسم على الخيمة فرأى هيبه حضور ذلك الجني فعلم انه قوي للغاية ولا يستهان به وان هالته تبدو اقوي من أولئك الجان المتربصين بأماني . بدأ الشيخ تميم يتحدث مع هذا الجني قليلا بصوت هامس لا يصل بعضه الى سلطان ، ران الصمت لدقائق وأعاد الشيخ تميم النظر الى أماني النائمة أمامه ، ثم بدأ بتلاوة سورة الزلزلة ثلاث مرات بصوت يخشع له القلوب، وفجأة فتحت عين أمانى وظلت محدقة في سطح الخيمة دون اى حركة من مقلتيها لبعض الوقت ثم أغلقت مرة أخرى ، التفت الشيخ تميم الى الجني وبقي يميل برأسه إيجابا ، ثم يعاود النظر الى سلطان وأمانى ، حتى صدر صوت بنبرة مخيفة بجانب أذنا سلطان جعلت جسده ينتفض.
_ حُرمتك مسحورة بتسع من الجن النارى على يد جنية تبع جن القمر جواها حقد كبير ..لكن باذن الله انا أقوي فأنا من سلالة الجن الضوئي قادر على قتلهم بضربة واحدة ، ولكن انتبه تلك الفتاة ضعيفة للغاية ويبدو انها مبتعدة عن ذكر الله لهذا قاموا بالدخول الى كل أعضاءها بسهولة حتى يتلفونها حتى الموت ،سأساعدكم هذه المرة ولكن يمكن ان تتعاود الكَرة معها ، الشئ الوحيد الذي سيجعلها تختفى من أمام أعيننا نحن الجن ولن يقترب منها أي روح حاقدة مرة أخرى هي مواظبتها على سورة البقرة ودون ترك فرض من الصلاة والاذكار، ان فعلت كل تلك الأمور ستكون روحها قوية لن يقترب منها أي شيطان ، بل لن يراها ابدا بإذن الله، مال سلطان رأسه بايجاب وهو ينصت الى صوت الجن الضوئي باهتمام ويميل برأسه الى أمانى التي اصبح جسدها باردا، وبعد ثوان من الصمت قطعه الشيخ تميم وهو يقول بلغة فصحي حتي يفهمه الجن الضوئي المسلم
_ اسمع يا سلطان ...اذا ذكر القران من القلب بخشوع اجتمعت الملائكة حولنا .. والمعروف أن الجن يخشي الملائكة ..فيفر من الجسد على الفور خاصة ولو صدر القرآن من قلب طاهر .
كان سلطان ينصت الى أبيه فجاء بخاطره سؤال فقال له
_ اشوف ناس يصيحوا لما الجن يخرج منهم فى قبيلتنا ؟
_ لا هذا خطأ، هناك دجالين يتعاونون مع الجن الترابي والذي يتنقل من بين الجدران هما عديمي الرحمة يفعلون تلك الأمور لأجل المصلحة العامة ..يظهر الدجال على هيئة أنه شيخا ويتلو بعض الآيات من القرآن ولا يعلم من حوله ان بها بعض الأخطاء الكثيرة ليظهر أمام الناس انه يعالج بالقران والجن الذي يتعاونون معه يدخل في المرأة ان كانت ممسوسة من بعض الجان ويقوم بضربه فتبقي المرأة تصرخ وتستنجد حتى ينتصر الجن على الجن الاخر ولكن هذا الدجال لا يريد أن تشفى المرأة فيجعل الجن الخاص به يعود اليها ويفعل أمور غير محمودة كأن يجعلها تشعر ببعض الخنقة ويقوم بضربها مثلا او يقوم بالتحرش بها حتى ترجع اليه هذا الدجال مرة أخرى، ومنهم من يسحرهن لأجل ان تعشقه وترتكب معه الفواحش ومنهم من يجعلهن يذهبن اليه حتي يقوم بشراء بعض المستحضرات منه والتى لا تملك أي اهميه كالمسك المخشوش وخلطه بماء القران والاستحمام به ونثره فى جوانب الغرف وهذا ما يجعل الجن يثور أكثر على أهل البيت ومن اكثر الاخطاء ان يتم إلقاء ماء القرآن على الأرض حرام..حرام .فالعبرة ياولدي هي قرب الانسان من ربه
ان الله قد بعث لنا القرآن رحمة بنا ويوجد الكثير من البشر يهملونه وهذا مايسهل على الارواح الجاحدة ان تعبث معهم.
كان سلطان يميل برأسه بإيجاب وهو يتعلم من والده تلك الأمور الجديدة ..
فلمح أن أمانى تبتلع ريقها والهالة السوداء التي تقبع حول عيناها تختفى تدريجيا، أخذ الشيخ تميم كوبا من الماء وبدا يتلو عليه بعض الاذكار والآيات الخاصة بعلاج السحر ثم قدمه الى سلطان حتى يجعل امانى تشرب منه، ثم أخبره ان يبقي لعدة أيام هنا حتى تستفق أمانى من نومها وأن يقدم اليها التمر مع اللبن، ولان التمر يبعد الجن عن الجسد القابع فيه، قام سلطان بحمل أماني الى خيمة قد تم صنعها خصيصا لهما بكافة احتياجهما وفعل ما طلبه منه ابيه وظل يترقب استيقاظ أمانى والتي عادت أنفاسها الى طبيعتها .
****
دخلت مونى الى السرايا وعلى محياها الحزن، فها هي تعود الى همها من جديد والى سجنها الأوحد. لم ينتبه احد الى دخولها فكانت والدتها تجلس في الصالة على الاريكة تضع كافة يدها على رأسها بهزيمة وتسندها على ركبتيها ومن خلفها تجلس هنادى شاخصة البصر امامها دامعة العينين ويبدو أن الهم يتوج رأسيهما بالحسرة .أحست مونى بالقلق فور رؤيتهم بهذا الشكل البائس فهرعت الى والدتها تمسكها من كتفيها وهى تهتف باسم من جاء بخاطرها ..
_ ..أمانى وينها ..حصلها حاچة؟
رفعت منى بصرها الي مونى وهى جاحظة العينان وتهتف وقد أغرقت الدموع مقلتيها وهى تسرع وتعانقها ..
_ بتي ....بتي ..
_ مالك يا ماى ..وينها امانى ..
_ وين كنت ...قطعت عليك الصعيد كلياتها وبعت انفار يدورو عليك في البلاد اللى جنبينا ..
_ هچولك ياماه كل حاچة ..بس طمنينى عن امانى ..
_ اختك تعبانه جوى ..وچوزها خادها يعالجها بعيد ..
تهتف بها منى بحسرة وتشهق بين كل كلمة بالبكاء وتمسك بكلتا ذراع مونى لكى تجلس بجانبها وتطمئن على حالها فقدماها لم تعد بنفس القوة التى كانت عليها.
_ جوليلي انت كويسة الأول ..
مالت مونى رأسها بايجاب .
كانت تتابعها هنادى بقلق وتنصت اليهما فلم تكن تعرف ان مونى غائبة عن البيت لفترة، وبصمت وحسرة على بكاء والدتها على شقيقتها شعرت بالشفقة على نفسها فلم تتعب والدتها حتي في السؤال عنها بتلك الطريقة القلقة، فبقت الغيرة تنهش كيانها وسحابة الظلم تمطر عليها وحدها .
وبعد أن أخبرتهم موني بحكايتها مع زياد ، ران الصمت على قسمات والدتها حتى انفجرت باكية وهى تصيح بقولها
_ أبوك هو السبب دمرنا يابتي ..طمعه وحبه للفلوس خلاه دبح اخواته وعماله ، الله يلعن مطرح ماعمل حسبي الله فيك ياسيد .
حتى بعد موتك أذينا .
فجأة اتعست عينا مني بخوف فاستدارت بوجهها ناحية موني وهى تردف
_ زياد ﺟرب منك ..ولا عملك حاچة ..
حدقت بها موني بذهول ولم تلقى ردا على كلمات والدتها، فردت هنادي بسخرية
_ حتى لو عمل مش كان متجوزها ...من كلام بنتك واضح انها كانت مدلعة ..حتي شوفى تخنت ازاى ووشها نور ..
التفتت منى الى ابنتها هنادي وهى ترفع يدها فاردة اصابعها الخمسة وتقول بعبوس ._ الله أكبر ..
حدقت بها هنادي بتماسك لبعض الوقت بصدمة ، وتاه كل منهما في اعين الاخر ، فانهزمت عينا هنادي وانهمرت بالدموع بغزارة وبكت بنواح شديد وصراخ كالأطفال وهى تقول وتقطع ملابسها ليظهر جروحها اثر ضرب طليقها لها ..
_ مسألتيش عليا ولا مرة ..ياظالمة ولا جتيلي ..
أنا كنت متجوزة واحد زبالة دمرني وضربني حتى وانا رايحه أولد حياتي كلها كانت مر وعذاب ..ده انت حتي يوم ماجتلك في البيت مقولتيش كلمة حلوة وعماله تعيطي على بناتك ..هو انا مش بنتك برضه ..
ايقظت تلك الكلمه داخل منى شرخا كبيرا وجعلها تتذكر مرارته، فابتلعت غصتها بصعوبة وهى تقلب بصريها على طفليها الاثنان وهما يبكون معها، اقتربت منها مونى تبسط يدها لكي تربت على ظهرها لكن هنادي صاحت بها
_ ابعدي عني ..كلكم حظكم حلو الا انا ..
لا ام ولا اب ولا سند ..رمتونى ..رمية الكلاب ولا سألتوا عليا حتي .
ظلت منى واقفة لم تتحرك وهى تتابع ابنتها تنهار من البكاء أمامها تعلم أنها تحتاج الى عناق الان لكن قدماها وعيناها لم تتحرك اتجاهها بل تتهرب .
بقت منى طوال الليل شاردة في ما حدث مع هنادي ، فتسرب اليها شعور بالندم الشديد من كلامها ومن انها وافقت على اغترابها فى مدينة بعيدة عنها حتي تتناسي غلطة عمرها فهى ما تذكرها دائما بها ، خطت الى الغرفة التى تجلس بها هنادي بتوجس وألقت نظرة من فتحة الباب الصغيرة عليها، تنهدت عندما رأتها نائمة بجانب اطفالها ، فدخلت الى الغرفة بحذر وجلست تتصفح وجه هنادي وأطفالها على الأريكة الصغيرة المقابلة للفراش، أغرقت عباراتها وجنتيها وهى تتذكر الماضي وكم كانت تلك الفتاة مظلومة من الصغير والكبير، لا تتحدث ابدا أو تتدافع عن حالها ولا حتى تعاتب، فكلما كانت تتعرض لضرب من اى أحد كانت تخفى ما يحدث خشية من ابيها ، تبكي فقط دون حول منها او قوة .اعتقدت عندما قامت بتزوجيها أنها الان في حصن رجل يحميها وهى بخير طالما ابتعدت عن ابيها الظالم ، لم يخطر فى ذهنها ابدا ان يقوم زوجها بتعذيبها فهل ورثت خيبتها هى الأخرى؟
كانت تعتقد ان الله سيعوضها بزوج حنون ينسيها الحياة الظالمة التي تعرضت لها في السرايا، فرفعت يدها تبتهل الى ربها ببكاء صامت فجاء بخاطرها ما فعلته فى الماضي فعضت على شفتها بندم كبير .
وفى الصباح الباكر
همت هنادي بالذهاب الى المدينة لكى تعود الى عملها خشية من ان تفقده في ظروفها الصعبة وعزمت على الا تعود الى هنا مرة أخرى فما تبقي من عائلتها هى أمانى ، وما ان خرجت من باب السرايا الكبير سمعت صوت والدتها من خلفها وهى تقول
_ هتمشي من غير ماتسلمي عليا..
تسمرت هنادي مكانها والعبوس على قسماتها وأبت ان تستدير اليها حتي لا ترى دموعها المنكسرة ، فاقتربت منها مني ووقفت قبالتها وهى ترسم ابتسامة مليئة بالحسرة تحاول ان تخفى بها عباراتها التي على وشك النزول .
_ سامحيني يا بتي .. سامحيني يا نن عيني ..
في تلك اللحظة فشلت هنادي فى كتمان دموعها فانفجرت ببكاء من تصريح أمها فلم تحتاج منها سوي كلمة لطيفة فقط ، فاندفعت هنادي الى حصن أمها بعناقها بقوة . جلسا امام بعضهما وسردت لها هنادي ما حدث معها بالكامل فانهارت مني وغرقت في ندمها بالبكاء .
وهتفت ..
_ يعني امانى جبتلك حقك يا بتي ..
مالت هنادي رأسها بايجاب فأردفت منى وهى لاتزال عبارتها على محياها
_ ادعيلها ..تخف وتبجي معانا وفى حضننا ..أختك دي غلبانة غلب السنين .
تنهدت هنادي بحسرة وهى تدعو لها بحزن.
وبعد دقائق استعدت بالذهاب الى المدينة، فأردفت مني
_ أنت حرة اشتغلى وشوفى مصلحتك ..وانجحي . وعيشي سنك بس سبيلي عيالك اربيهم ليك.. لتنشغلي عنهم..
لم تتوقف منى على الالحاح على ابنتها فهى لا تريد أن تجعلها تشقى في حياتها الجديدة .
_ سبيهم معايا عشان اضمن انك سمحتيني وهتيجي تزوريني .
وافقت هنادي على طلب والدتها من شدة الإصرار واتفقا على انها ستأتى الى الصعيد كل أسبوع لكى تقوم بالزيارة، رغم ان بعدها عن اطفالها عسير الا ان عملها شاقا ولا تستطيع ان تتركهم في اى مكان فقد قلت الأموال التي كانت تنقلها اماني لها وأيضا النفقة التي تحصل عليها من طليقها قليله لن توفر لهم مكانا مناسبا في القاهرة لكى يتم الاهتمام بهما في غيابها فوجودهما مع جدتهما اكثر امان .
****
تجلس جيهان وهى مضجعه على فراشها منهكة التفكير في البارحة بما حدث ، تقطم أظفارها بأسنانها من شدة التوتر وهى تتسأل بضيق من دخول أسماء عليهم في ذلك الوقت ترى بما تخطط ؟ تعلم انها ليست هينة أبدا ويجب ان تحذر من ان تهدم حياتها الجديدة .تنهدت وهى تتذكر أنها لم تذهب فى ذلك اليوم الى السوق لكى تأتى بالتوت الذي قام بطلبه حسام منها وبقت تجلس بجانب البناية ضحية تفكيرها وتوترها الشديد وهى تنتظر خروج أسماء من المبني ، مرت ثلاث ساعات كاملة حتى رأتها تمشي صوب سيارتها الفارهة ، فخطت مسرعة الى الشقة وقلبها يخفق بانتفاض خائف حتى ترى الأمور التي حدثت في غيابها، كم شعرت بالحنق الشديد عندما وجدت حسام جالسا على الاريكة في الصالة شاردا أمامه وعلى شفتاه ابتسامة لم يطمئن لها قلبها ابدا بل أصبح قلبها يتواثب عندما لمحت أثر قبلة على وجنتيه وبقرب ثغره كما انها دهشت حين وجدته لم ينتبه الى وجودها وهى تقف أمامه متصفحة إياه بترقب.
تنهدت بحيرة وهى تتقلب على الفراش فى الجهة الأخرى المقابلة لطفلها النائم و تتذكر أيضا انه لم يقترب منها في تلك الليلة ولم يتحدث معها ولو بكلمة،فقط ظل يعمل على اصلاح الكاميرات المعلقة والتي تعطلت حديثا وهو يسب كل شيء ومن ثم ذهابه الى العمل وغيابه طوال الليل وعدم عودته حتى الان .
تسألت بخوف إن كان قد ذهب الي مقابلتها أو فكر بالعودة اليها ..فهمست تجيب على نفسها
_ بس هى متجوزة دلوقتي. انقلبت قسماتها من التوتر الى العبوس تعلم ان حسام بشخصيته البذيئة لن يفرق معه هذا الشئ فتسرب الرعب الى قلبها حتى صدر صوت رنين الجرس الخاص بالشقة فخرجت من شرودها ، لتقوم من مضجعها وتتجه نحو الباب وعقلها غائب عن الواقع .
قامت بفتح الباب ونست تماما أمر النقاب الذي تغطي به وجهها ، لتظهر أمام هذا الرجل بوجه منكشف، حدقت به بتساؤل عما يريد ، فابتسم الرجل لها وهو يخبرها بانه أتى من المحكمة بهذه الاظرف الطارئة ويخبرها بانها يجب ان توصلها الى حسام ، قامت بأخذها منه وهى تنظر اليها بفضول شديد، وما ان خطت الى الصالة رن الجرس مرة أخرى فاتجهت اليه لكى ترى من، لتجد رجلا أخر يملك حقيبة قماشية سوداء متوسطة الحجم مليئة بالاشياء الغامضة، فرفعت بصرها اليه بتساؤل ليأتى جوابه مسرعا وجسده يرتعش
_ يا أبله ادي دي لدكتور حسام وقوليله انى اسف انى اخذت الفلوس دي من وراه .. وانى رجعتها ..أنا اسمي ....... ومعتش هيشوف وشي تانى ..متنسيش يا ابله بالله عليك لانى مسافر ومعتش هرجع تاني .
قالها الرجل الغريب ثم هرول مسرعا ليختفى تماما من أمام عيناها المليئة بالدهشة.
رجعت الى فراشها بعد أن وضعت الحقيبة داخل غرفة حسام على مضجعه وظلت الاظرف معها، قامت بفتحها بحذر وقرأتها بفضول فاتسعت حدقتيها وهى تحسب الأملاك الضخمة الموجودة فى ورق المحكمة باسم حسام وشقيقه والتي فهمت من محتوى كتابتها أن المحكمة قامت بتصريح عرضها للبيع، تفاجأت عندما وقعت عيناها على كلمة الصعيد المذكورة في الورق فتذكرت شقيقتها اسراء التي اختفت ولم تعد تتصل بها منذ اخر مرة، فكانت قد عزمت علي زيارتها قبل حدوث تلك التعثرات التي مرت بها في الأوان الأخيرة ولكنها انشغلت بأمر طفلها ، عقدت حاجبيها بعد ان همت بالذهاب اليها في هذا الأسبوع ، وانتظرت حتى تقوم بإخبار حسام عندما يأتي الى المنزل ، وبقت على الفراش مستيقظة حتي اخر الليل، شهقت عندما وجدت ان الاظرف حولها مبعثرة ونست تماما ان ترجعها الى الغرفة الخاصة بحسام، فانتفضت مسرعة الى غرفته قبل ان يصل الي البيت ، ووضعت الاظرف على مكتبه، وعند خروجها لمحت الحقيبة مائلة على الفراش وعلى وشك ان تسقط، فاتجهت اليها لكي تعدلها فوجدت بعض الأموال تخرج من جهة ممزقة بالحقيبة فقامت بفتحها وسحبت النقود لكى تضعها بالداخل .
_ بتسرقى ايه ؟؟
انتفض جسدها من نبرته الغاضبة والتي ظهرت فجأة ، استدارت اليه وهى تنظر اليه بتوتر اثر دخوله بتوجس فأردف بغيظ مكتوم .
_ استغليتي ان الكاميرات بايظة عشان تسرقيني ..
يتبع ..
#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوي
أنت تقرأ
مئة قبلة مع عدوي "مكتملة"
Romantizmمحامية ممتازة يضعها القدر فى موقف عجيب فتجبر على الزواج من شاب مراهق من قبيلة بدوية، ترى كيف ستتصرف؟