القبلة العشرون
حل الصباح محملا بنسمات خريفية ناعمة تمر على وجنتيها الدافئتان فتنعش بريق عيناها الممزوج بندي السحب داخل مقلتيها الرطبتين .لثمت دفعه هوائية لكى تملأ رئتيها من الشرفة ثم أطلقت زفرة طويلة معلنة بها أنها ستترك الطاقة السلبية التي تملأ جوفها الأن، دلفت الى حجرتها وهى تعيد ترتيب حجابها لكى تبدأ بالصلاة لتندهش من رؤية حسام أمام بصرها ممددا على مضجعها عارى الصدر يكتفى ببنطال بذلته الرمادي ،فتيقنت انه لم يمر وقت على عودته من العمل ، فاستدارت بعد أن سحبت سجادة الصلاة الموضوعة على جانبي السرير وهمت بفرشها على الأرض ، وقف على قدميه وخطي اليها حتى وقف قبالتها أمام سجادة الصلاة ليوقفها عن البدأ فقالت وهى تشير اليه بان يبتعد.
_ هصلي .
مرت عيناها دون تحكم على صدره العارى الذي يغزوه الشعر بكثرة، فمال ببصره الى وضع عيناها ورفع يده على صدره يغطيه بكلتا يديه بسخرية وهو يقول
_ بقيتي قليلة الحيا ياجيجي ..وبتبصي بجراءة .
رمقته بنظرة غامضة لم يعرف بما ترمز ،فضيق عيناه وهو يرنوا اليها ويردف بتدلل
_ هاه مش هتخليك ناصحة وتقوليلي ماهر ناوي على ايه؟.
تأففت ثم ابتعدت عنه خطوتان حتى تتجنب جسده الذي يقترب منها بسهو، وكبَرت (الله اكبر) ثم دخلت في الصلاة مسرعة ،فتراجع الى الوراء ولايزال يتصفحها وعندما اطالت فى الصلاة شعر انها تتجنبه فجلس على الفراش بأريحية فسعل صغيرها فارتبكت وهى تصلي ، ولكنه وضع يده على صدر الصغير يربت عليه دون تركيز فعيناه تتصفح جسدها وهى تركع وتسجد وعندما انهت الصلاة بسبب قلقها على بكاء طفلها استدارت وهى تحمل سجادة الصلاة فرأته يحمل صغيرها على كتفه ويقوم بهزه بسكينه كالأمهات التى يهدئن اطفالهن لكي يناموا .
فهتف وقد هدأ صغيرها
_ ياواد يامؤمن ...
حدقت به قليلا مضيقة عيناها فقالت بسخرية وهى تبسط يدها لكي تأخد منه الطفل
_ عقبالك !!
أشاح كتفه الذي يحمل عليه الصغير بعيدا ورجع خطوه الى الوراء وظل متمسكا بحمل الطفل وهو يقول
_ تعرفي اخر مرة صليت امتي ؟ .
كانت تحاول ان تتجنبه لكن أذناها تنصتان اليه بقوة ،فهناك شيء داخلها يريد أن يعرف عنه الكثير فظلت عيناها معلقة به وانزلت يدها دون وعي ونست انه يحمل طفلها .
فأردف رافعا احدي حاجبيه بتفاخر وهو يرنوا اليها وقد شعر بأن فضولها يزداد
_ من يوم وفاة بابا ، كنت انا الامام فى صلاة الجنازة
اتسعت عيناها بدهشة، فوالدته رغم ثراءها الفاحش تذهب لتصلي بالمسجد وتستعد قبل كل صلاة وأيضا تهتم بكافة امور المسجد .
وقفت الكلمات في حلقها مترددة على الخروج ،فهى تعلم ان تلك الشخصية شياطنية لن يتقبل رأيها أين كان هو، وأيضا لا تريد أن تجعله يشعر انها تهتم لأمره.
ظلت صامته تحدق به بشرود، لا تنكر أن قلقها الكبير على طفلها قد تلاشي بعض الشئ من ناحية النسب ،فبعد التفكير طوال الليل فيما حدث لها البارحة ومن اتهامه لها بأمور غير محمودة امام طليقها وزوجته فهو يملك بعض الاسباب المنطقية فلا أحد مطلقا يحب ان ينسب اليه طفلا غريبا ويأخذ كل مستحقات الابن الأصلي ، لكن يوجد داخلها خوف منه فتصرفاته غير متوقعة ويملك الكثير من الغموض ، حتى وان لم تصل الى والد الطفل الحقيقي بسبب صعوبة ما اخبرها به قبلا بأن المتبرعين رجال من كافة البلدان ومن الصعب العثور عليه وسط تلك الدوامة الضخمة التي تعمل في السر ، ربما يهددها مستقبلا ولكن في صميم قلبها كل شيء يهون أمام طفلها ، هي لا تعلم مالذي ستفعله أو ما سيحدث معها ،فقط ستترك الامر كله بيد الله ، فالذي يهدا روعها قليلا انه ربما يفعل ذلك شفقة بطفلها كما فعل والده مع زياد مع انها تعلم انه لا يشبه والده ابدا.. ولكن الان مابيدها اي حيلة أمامه لذا ستترك الامر كله لله.
_ بتفكرى في ايه ؟؟؟
يهتف بها وهو يتصفح ملامحها الشاردة في عيناه وكأنها تبحث عن إجابات كثيرة.
هناك شك كبير داخله أن تلك الفتاة ربما تكون جاسوسة وضعها ماهر لديه ، حتى وان كانت دموعها التى ذرفتها بذلك الالم الواضح وحكايتها العجيبة حقيقة فلن يتركها ماهر بعد أن علما انها زوجته الان ، لذا جميع الاتجاهات فى ناهية الامر تبين انها جاسوسة وليس فى مصلحته قربها منه ابدا ولكنه يحب المغامرة لذا سيقوم بفتح الباب مسرعا لكي توشك على البدأ وينتهي فضوله بهما. .
بالرغم من انتشارالصمت بينهما الى ان بكل عقل منهما حرب لا يعلم صاحبها متي ستنتهي، خرجت من شرودها على اقترابه منها واعطاءها طفلها فسحبت الهواء الى رئتيها رويدا ثم زفرته بقوة عندما خرج من غرفتها .
دعت الله تضرعا أن ييسر لها الأمور وان يجعلها حكيمة في افعالها ، وان يرسم لها طريق الخير، جلست على الفراش بجانب طفلها الصغير وبدأت تتصفح ملامحه وبدأت تفكر في حالها الان وتدرس بما مرت به فى الماضي ، فجاء بخاطرها انها الان افضل من ذي قبل ، فطفلها يملك اسما رباعيا ولديها مكان تنام وترتاح به ،حتى وان لم يكن طفلها نسب الى اسم أبيه الحقيقي فذلك افضل من ان يكون متروكا ويطلق عليه الجميع لقيط، تنهدت وهى شاردة بحسام وفى اول لقاء جمعهما تذكرت عناقه الدافئ واقترابه منها ولمساته التي تلهب قلبها بهذا الشعور الذي لم تجد له اسما ،هزت رأسها لكى تهرب من تفكيرها ولكن هيهات .
_ أنا لو مكنتش دخلت الجامع ده مكنتش هقابل الست دي
ولو حسام مكنش عرف أن طليقة ماهر مكنش اتجوزنى ..
ولو مكنتش حكيت له حكايتي ..مكنش ربط اسمه بابني ..مع انى معرفش نيته ايه ..بس انا لازم اخد شهادة الميلاد معايا .
تهمس بها جيهان وهى حائرة في حالها الذي تغير تماما ، في تلك اللحظة رفعت بصرها تتصفح سقف الشقة لتنتبه لأول مرة انه مرصع بأحجار يظهر انها غالية بعض الشئ ، كلما تنظر الى شيء فى مكان تراه فاخرا وكأن همها ومصائبها لم تجعلها تنتبه لبعض الامور .
همست جيهان تقاطع حبل تفكيرها بهزيمة
-حتى لو كان زفت الزفت وبتاع نسوان ..انا دلوقتى وقعت في الفخ وحملت بسبب عملته السودة .. دلوقتي بقي فيه طفل مش عارفه اعمل ايه معاه هو كمان..
تنهدت بألم ثم أردفت
أنا لازم اختار صح المرة دي، لو فضلت عايشة بالمنظر ده.. مش هفلح.. منك لله يا حسام
دمرتني.. على الاخر
****
داخلها يريد ان يهرب من رؤيته بكل مكان ، لا تعلم بما يخطط ولكن ب محاورته لماهر وطليقته والافصاح عن اتهامات لم تحدث كل ذلك يظهر ان نيته لا تبشر بالخير.
تنفست الصعداء بعد ان توصلت الى هذا الشي الذي ستحاربه به، فلم يعد بيدها اي شئ تفعله أمام جبروته ، رفعت هاتفها المحمول امام بصرها وبدأت فى البحث على الانترنت فى كيفية التعامل مع الرجل وجعله خاتما فى يد زوجته، فقد فقدت الثقة فى نفسها بعد زواجها من ماهر.
زفرت زفرة حادة وهى تنظر الى المرآة وتحدق بقسماتها وهى تقول
_ انسي اللى فات ياجيهان عشان تعرفي تعيشي.. ابدأى صفحه جديدة فى حياتك.. عشان ابنك والغلبان اللى فى بطنك ده..
انسي كل حاجة مش عشانك.. عشان عيالك..
تعلم انها مجرد كلمات فقط فالجرح لا يلتئم ولو مر عليه دهرا ، تنهدت وهى تزيح المشبك الذي يربط شعرها فلم يكن املسا الى درجه كبيرا يبدو عليه الاعتدال فى مظهره المنسدل على ظهرها، قامت بفتح باب غرفتها وهى تسحب الهواء الى رئتيها بتشجيع و خرجت الى الصالة وما ان رأته واقفا فى الخارج أمامها وتلاقت اعينهما لبرهة رجعت الى غرفتها بسرعه واغلقت الباب بقوة وهى تهتف مغمضة العينان
_مش قادرة.. مش قادرة.. بني ادم رخم..
هرولت الى فراشها والقت نفسها عليه وهى تضرب بباطن يدها الملائة، صدر صوتا من داخلها يخبرها
( اسحريه.. قبل مايظهر اللى تاخده.منك وفى الاخر هتترمي بعيالك بره.. مش ده اللى تستني عليه.. بالعكس جوازك منه يا هبلة اكبر مصلحة ليك.. حاولى تحبيه.. )
وضعت يدها على اذناها لكي تمنع نفسها من سماع هذا الصوت ففشلت.. فهذا الصوت ييقبع داخل نفسها المنهزمة التى تريد الفوز قبل القضاء عليها ، انتفضت جالسة على الفراش وتتصفح الهاتف المحمول لكي تنشغل به فقابلها منشورا بالمنتدي فبدأت تقرأه مسرعةً حتى وصلت الى ذلك المقطع والذي ترك داخلها اثرا..
( اتغدي بيه قبل مايتعشي بيكي)
فى تلك الاثناء تبادر داخل ذهنها بانها يجب عليها ان تنظر الى حسام على انه مهمة يجب ان تحارب من اجل ان تفوز بها.. سواء بعقلها ام بقلبها.
اعادت النظر الى المرآة وقامت بترتيب شعرها مجددا وخرجت من الغرفة.. فوجدته يجلس فى الصالة بجانب ابناءه فحدقت به بقوة ولم يعرف ان عيناها ترمي اليه برموز حربية فبادلها بنظرة طبيعية لا ترمي الى اى شيء .
لا تعلم ماذا تفعل لكي تجعله يسقط داخل شباكها فبقت واقفة كالصنم لا تتحرك حتي اشار لها وهو يقول
_ خير... !
اهتز جسدها من التوتر فقالت برجفة
_ هااه.. مفيش...
دخلت الى المطبخ مسرعة لكي تحفظ ماء وجهها وقامت باعداد الفطور فكانت ترمقه بين الحين والأخر نظرة ولم تنتبه انها كانت تخرج منها نظرات عدوانية . كلما تتلاقى اعينهما يشعر بغرابة الموقف حتى ابتسم بسخرية وهى تقدم له الفطور وتحاول جاهدة بقوة أن تبتسم في وجهه .
_ بلاش تعملى حاجه غصب عنك شكلك بيبقي اهبل .
اختفت البسمة التي عانت كي تمثلها أمامه وعاد وجهها الى طبيعته فأردف وهو يتناول بعض الاطعمه الخفيفة .
_ خليكي طبيعية. ، ومش لازم تتعبي نفسك بانك تفردى شعرك انا مبهتمش بالحاجات دي.
يهتف بها ويده ترتفع من الخلف دون انتباه منها وتنزل بضربة على أسفل ظهرها ولم يعطي بالا بوجود الاطفال الذين ضحكوا بقوة، فشهقت ونظرت اليه بغضب وما ان جاءت لتنفجر فيه ببعض الكلمات أردف قاطعا
_شوفتي هو ده الوش اللى اتعودت عليه
فقام من مجلسه وهو يهمس بابتسامة .
_ كويس ان مخك بدأ يشتغل ياجيهان
بس متزعليش مني انت ..ملكيش في سهوكة البنات .
فرفعت بصرها اليه باحراج متمازج مع بعض الغضب،
بسط يده لها واعطاها ببعض الأموال وهو يردف
_ روحي اشترى حاجات المسقعة عشان هناكلها بليل
خليكي صاحية عشان فى حاجه مهمة هقولها ليك لما ارجع .
اختلج قلبها بالفضول عما يريد أن يخبرها به ف الليل فبقت صامته بشرود به وهو يخرج من المنزل، حتى فاقت على صوت الأطفال حولها فانتبهت الى تلك الأموال التي بيدها فهتفت مندهشة .
_ كل دي فلوس ..!!!
****
دلف سلطان الى السرايا حاملا أمانى بين ذراعيه ومن خلفه هنادي واطفالها ، وفى ذات الوقت كانت منى تجلس في الصالة تسند ذقنها على باطن يدها بحسرة على فقدانها لابنتها مونى التي لا تعرف عنها أي شيء منذ أن اختفت، وعندما سمعت صوت سلطان ينادي على أهل البيت انتفضت واقفة وهى تستدير اليهم ، وثب قلبها بالخوف على رؤيتها لأمانى بتلك الطريقة فهى تبدو كالجثة الواهنة بشفتاها الزراقاء الجافة، ضربت بباطن يدهاعلى صدرها بصدمة وهى تقول بعينين متحسرتين
_ بتي ..
لم يعطي سلطان بالا لمني ونواحها وأخذ أماني وصعد بها على الدرج الي غرفتها بسرعة.
لم ترى هنادي والدتها منذ سنوات وعندما رأتها للمرة الأولى رمقتها بنظرة عتاب طويلة وبحزن وفير يملأ قلبها ببعض الكراهية لها فهى لم تزورها سوي مرة واحدة بعد زواجها ، تعلم ان طليقها حرمها من هاتفها الجوال حتى لا تتواصل مع أي شخص تعرفه لكن نهرت أهلها في مخيلتها ألف مرة وهى لا تراهم حتي يقوموا بزيارتها، الم يشعروا بالخوف عليها من عدم اتصالها بهم منذ مدة طويلة جدا؟،
فكل ما مرت به من مأساة كانت بسبب أن ظهرها وسندها لم يكن مهتما بوجودها حتي ، فلم يتعب ابيها حتى بالاتصال لكى يشعر طليقها أن لديها عائلة ، حتى ولو كان يعذبها ويعنفها دائما فما الفرق! بينهما. فهما يتشاركان فى نفس الشي.
ظلت محدقة بأمها طويلا والتي كانت تندب حظها على رؤيتها لابنتها أماني بذلك الوضع، قالت هنادي ساخرة وهى ترى ان والدتها لم تنتبه حتي لقدومها .
_ طول عمرك مبتشوفيش غير أمانى وموني ..أنت يامه قلبك قاسي اووى، مهنش عليك حتى تسألى عليا لما عرفتي انى اطلقت. التفتت منى اليها لتنتبه لصاحبة الصوت الذي يأتي من خلفها لتنصدم من وجود ابنتها هنادي مع طفليها .
فهتفت بدهشة
_ وااه هنادي شو ليجابك يابتي ووينه چوزك ..
ابتسمت هنادي والدموع تهرب الى عيناها حتى أصبحت لامعة تحجب الرؤية عن مقلتيها .
_ مكنتش أتوقع ان تكون أول كلمة بينا بعد السنين العذاب دي كلها انك تقولى انا هنا ليه .
_ ياحجة مني..
يهتف بها سلطان وهو علي قمة السلم ويشير اليها بان تأتي، لتستدير منى اليه تارة والى هنادي تارة أخرى مترددة الى اين تبقي ، فرمقت هنادي بنظرة من رأسها الى اسفل قدميها ببطئ متصفحة تغيرها الكامل وقد وثبت دقات قلبها بتوتر خشية مما تعتقده بأمرها الغريب .
_ وينه زوجك يابتي ؟
ولج الغضب الى وجنتيها لتخرج صيحة وهى تقول
_ متقوليش جوزك ..أنا اطلقت ...أطلقت ..انسي .
جحظت عين منى بصدمة وتدلى فكها السفلي الى اسفل وهى تقول بشفاه مرتعشة .
_ كيف؟؟ ... انت اتچننتي ..مش هو ده اللى كنت عاوزاه ..وتجولى القاهرة ..وتبعد عن الزريبة ..ليه اطلجتني ..معندناشي حريم يطلج عاد ..لازم ترجعي لجوزك .
خرجت هنادي من صوابها وهى ترد عليها كالقنبلة .
_ ملكيش دعوة بحياتي ..انا حرة ..حرة
حدقت بها منى بعيون متسعة، متوعدة ، وتقول وهى تضرب بيدها على فخذيها بحسرة
_ طول عمرك وجعالى جلبي على العند بتاعك ..
ومن ثم استدارت واتجهت لغرفة أمانى وتردد
_ حسبي الله في ابوك ...كله من تحت راسه ..الله يجحمك ياسيد .
جثت هنادي على ركبتيها تبكي بحرقة على حالها وهى تتذكر طفولتها ومراهقتها في هذا البيت وكم كانت قاسية ، تتذكر أيضا عندما اخبرتها أمانى عن وفاة أبيها فلم تنم طوال الليل فقد جرى اليها شعورا غريبا لم تعرفه الا الان ، تعلم فقط أنه ليس حزنا ، فلم تذرف دمعة واحدة سوي على حياتها وحياة أطفالها .
دلفت منى الى غرفة أمانى فوجدت سلطان يتلو بعض الآيات على كوب من الماء ثم يجعل أمانى تتجرعه وهى فاقدة الوعي .
_ مالها ياسلطان ..حصل لها ايه ياولدي ؟
_ سحر ...
ضربت بيدها على صدرها بدهشة وبقت تفكر لثوان حتى علا صوتها فجأة
_ ياخربيتك يا حفيظة أنت وحلويات كمان عملتى للبت الغلبانه دي..
تهتف بها وهى رافعه كلتا يديها على رأسها وتندب وتنوح على حال ابنتها ،فقال لها سلطان مهدئا
_لا تخافي مرات عمى راح تكون بخير ..اول لازم نوصل لرجال يلي جابوني هنا ..اريد أروح لسيناء بأسرع وقت .
لم تعقب منى على كلماته فقد خرجت مسرعة الى حلويات في الجناح المقابل لها و تصيح باسمها بأعلى صوتها وهى تصعد الدرج المقابل لدرج الاخر ، فتجمع كل من بالسرايا وخرجت حلويات من غرفتها بفزع من صوت منى الصارخ.
هجمت منى على حلويات وقامت بضربها على ظهرها حتي سقطت على الارض وجذبتها من شعرها بقسوة كل ذلك امام بناتها وتقول بصياح باكي .
_ عملت سحر لبتي ..يامرة يامفترية ..أنا هجتلك لو ما بطلتيه .
لم تعطي منى فرصة الى حلويات بالتحدث فقد دفنت رأسها داخل الارض بكفه يدها ثم سحبتها من شعرها الى غرفة أمانى مطرقة الرأس بهزيمة فكانت يد منى قوية جدا مقارنة بحلويات ذات الهيكل الرفيع، حاوت بناتها تحريرها من يد مني لكن لم يستطعن مهما حاولن بكل جهدهن فكانت كالذئبة الشرسة على وشك ان تقتلع رؤسهن بأنيابها الحادة .
دلفت مني ومعها حلويات الى غرفة أمانى مطرقة الرأس حتى رفعتها منى بجذبها من شعرها لتشهق حلويات من الألم ومن رؤية ما يحدث أمامها وبسبب قدرتها على رؤية خيالات الجن، رأت حلقة كاملة دائرية من الجان النارى تعلم انه الاقوي على الاطلاق ، فلم تتعامل مطلقا مع هؤلاء الفئة من الجن فهم مؤذيين ولا يعرفون الرحمة، فسري الرعب في أطرافها وعيناها الملعونة تمر على كل الجان في الغرفة، هي لا تراهم بهيئتهم الحقيقية بل بخيالاتهم المتشكلة التي يراها الساحرون ، تغير لون وجهها بالازرق وكأن الدماء اختفت بالكامل من جسدها وهرب الى قلبها الذي يدق بجنون و على وشك التوقف فصاحت
_ ابعدي عني سبيني ..دول وحوش ...هيجتلونا ..
_ لاه حد الله ماهسيبك يا ملعونة غير لما تبطلى السحر اللى عملتيه لبتي ..
_ مش انا ..مش أنا والله مظلومة ..حب على يدك سبيني ..
تهتف بها حلويات بصراخ حاد ملئ بالخوف وهى تجذب معصمها من يد مني وتصارع على النجاة بقوة وبالرغم من اصرار مني وقوة جسدها تمكنت حلويات من تحرير نفسها من هول الموقف لتهرب من أمامهم ، ولكن حصل لها ما كانت تخشاه... فقد رأت مرجانة تقف حذوها.. وتسللت جسدها بكل سهولة بسبب ضعف روحها من الخوف، متحكمة بكل ذرة بها، فرجعت حلويات بعيون متسعة جاحظة وملامح جادة مخيفة الى غرفة أمانى وعيناها متصلبة على سلطان وتقول بنبرة ممزوجة بصوتين يتردد صداهما بكامل الغرفة .
_ لو عوزين أمانى تعيش ابعدوها عن سلطان ...
علم سلطان في الحال ان بداخلها جن بسبب صدور صوتين من حنجرتها وايضا الهالة حولها تشبه هالة المضيئة للجنية التي ظهرت له في المقابر حتي شك انها بداخلها تلك الجنية .
اقتربت منى من حلويات بغضب مقتنعه انها تقول هكذا غيرةً لان فتياتها لم يتزوجن بعد ،وهى تجهل حقيقة انها تم الاستيلاء على جسدها من قبل جنية ملعونة ، وما ان اقتربت منى لكى تدفعها عنوة قامت الجنية هي بدفعها من صدرها بقوة لتطير في الهواء وتسقط على نافذة الغرفة التي تحطمت اثر العنف وسقطت على الأرض فاقدة الوعي .
لتردف الجنية الى سلطان .
_ كل واحد منهم هيدخل فى كل عضو بجسدمها ومش هيسيبه غير لما يدمره ..وكله بايدك لو عاوز تنقذها ابعد عنها ..وتعالى معايا ..
بدأت الرموز الشيطانية ترتسم على جسد أماني بسرعة مخيفة ورطوبة جسدها تجف رويدا هرع الخوف الى قلب سلطان على امانى فرفع بصره على حلويات وهو يقرأ سورة الزلزلة بصوتا يملأه الخشوع عدة مرات فارتسمت رموز بحروف عربية على جسد حلويات باسم مرجانة ثم سقطت على الأرض، واختفت الهالة الخاصة بالجن ، بدأت منى تستعيد وعيها وهى تفيق متأوه بوجع اثر ارتطام رأسها بزجاج النافذة بقوة فانتفض اليها سلطان يهتف .
_ ...لازم اوصل لقبيلتي..
وقفت منى بصعوبة وهى تمشي متأرجحة وعلى وشك فقدان وعيها، لكنها عزمت على الذهاب فعضت على شفتاه وأسرعت بالذهاب الى الغفير ليذهب الى بيوت هؤلاء الرجال الذين كانوا يبحثون عن مالك وسلطان بأمر من زوجها قبلا ، وفى دقائق قليلة جمعت كل أحدا منهم ، وتم تجهيز السيارة التي تتحمل صحراء سيناء..
وبدأت رحلة السفر..
ولاتزال أمانى فاقدة الوعي ويزيد من جفاء جسدها كلما يمر الوقت .
_ أمانى أنت مرة قوية تقدرى تتغلبي عليهم ماتكونى ضعيفة... لسه فى اشياء لازم تجاوبي عليها .
يهمس بها سلطان بحزن وهو يضع رأسها على احدي كتفيه ويربت عليها ويتلو بعض الاذكار في السيارة وبعد مرور ساعات قام برفع احدي جفن عيناها بعد ان شعر ان نبضها ضعيف ليري بؤبؤ عيناها مائلا الى زاوية الانف وبياض عيناها منقلبا الى الأحمر الدامي .
****
طوال الطريق تحدق الى عيناه المنعكسة فى المرأة المعلقة فى مقدمة السيارة وهى جالسة فى الكرسي الخلفى ، فلا تسطيع الشمس أن تجعل عيناها تبتعد عنه وان كانت تصيبها بالعمي لبعض الوقت ولا كلمات حسنية المتأففة .
بعض الكلمات تريد أن تتحرر من شفتاها لتخرج له حتى يرتاح قلبها من سجن اعترافها بحروف الحب له، لكن ثغرها أبى أن يحررها واختار ان يرتدي عباءة الصمت لحفظ القليل من كرامتها أمامه المبعثرة، تعلم انه من المستحيل لرجل أن يحب فتاة قام والدها بقتل ابيه دون رحمة وليس هذا فحسب فمن اعتراف حسنية لها بكل مافعله اباها بهم جعل رأسها مطأطأ أمام حبها المليء بالغلب، فما تملكه من مشاعر وان كانت معالجة لشروخ قلبه لن تجعل ألامه وصدماته من أن تشتفي ولو قليلا أمام عينها .
لمح نظرتها له من مرآة السيارة وقرأ ما بها من حروف ، لكن رفضتها عيناه دون أن يمهلها القليل من الوقت بأن تخرج له من حكايات .
عيناها المنكسرة جعلتها تفقد الأمل ، فاستدارت الى نافذة السيارة شاردة في حياتها الماضية ولم تعبى لاشعة الشمس القوية وبقت تساوم كل ما مرت به وما ستمر به مقابلا لاحتضان شفتاه وعناقه كما اخر مرة قام بها هذا الشاب الذي ظهر بحياتها كمريض عقلي فلم تجد ولن تجد مثله ابدا فشخص غيره كان ليقتلها بالسر او يعنفها لكن اقل شئ لم يستطع ان يفعله كان يحرمها من الطعام مثلا، بل كان يملأ الثلاجة بأشهي الاطعمة وكأنه يخشي عليها من الا تتناول الطعام .
تنهدت بحزن على تلك الأيام التي مرت بدون اى شيء لمصلحتها ، وها هي تعود الى بيتها وعائلتها المليء بالاكتئاب والحزن .
وبعد مرور عدة ساعات وصل زياد بالسيارة الى البلدة الخاصة بموني ، فبقت في السيارة لا تتحرك ولم تنصت الى حسنية التي كانت على وشك الخروج من السيارة وسحبها منها بعنف لكن زياد سبقها وخرج من السيارة وقام بفتح الباب وجذبها بهدوء من السيارة، ووقف قبالتها وهى مطرقة الرأس بحزن شديد، تنهد وهو يخرج ورقة من جيب بناطله ويعطيها لها في يدها ، فرأت انها ورقة طلاق ، وعندما خطي نحو سيارته أوقفته وهى تقول
_ ..خدني معاك ..
لم يلتفت اليها واكمل الخطي نحو سيارته ولم يعلق على كلماتها ، فهرولت اليه وهى ممسكه بمعصمه وتردف .
_ أنا ابويا كان بيأذيني وأنا صغيرة .. عمره ما اعتبرني بنته ..انا ماليش ذنب في كل اللى حصل بينكم ..
سحب مصمه من يدها وزفر بقوة فقد شعر بأن كلماتها تستفز كل ذرة به فقال لها بنبرة ساخرة .
_ عارفة
كان ممكن انسي لو كنت انت حد تاني ..بس أنت بشخصيتك دي عمرك ما تتحبي ..
انت ابوك محبكيش يبقي أنا هحبك ..؟
صدمت من تصريحه فالتمعت الدموع بعيناها وردت بحزن
_ وانى فيني ايه؟
هتف بها وكأنه يخرج ما بجبعته من غضب منذ أمد طويل
_انت جريئة ومتربتيش ..كل حاجه فيكي بكرها ..
وعارف كويس ومتوقع أنك هتهدديني انك هتعملى عليا قضاوي .وحوارت...
وانا بقولك اهو.. اعملى ..وعندك أختك أمانى محامية شاطرة ..
سقطت دمعتان من مقلتيها بعد ان جرت كلماته حول اذناها كعصافير مزعجة تردد كل كلمة وبقت تصارع فى ابعادهم من اذناها. رجعت الى الوراء لكى تمر السيارة وهى تنظر اليهما وتشير بيديها مودعة وهى تشعر بالغباء، وفجأة وجدت قدماها تجرى وراءهما بسرعة ، فراقبها زياد من مرآة سيارته وهو يزفر بشدة متأفف من تصرفاتها الصبيانية فأوقف السيارة ليري ماذا تريد فهي لا تتوقف عن متابعتهما .وما ان اقتربت منهما حتى مدت يدها داخل نافذة السيارة المقابلة لزيادة وبخطفة واحده قامت بسحب ساعته الفضية الثمينة من معصمه بقوة حتى قامت بجرحه من الجزء الحاد عند تفككها ومن ثم هرولت مبتعدة عنهما .
_ بنى ادمة غبية ..
يهمس بها زياد ووجهه ممتعض بغضب وتراقبه والدته وهى تزفر وتسبها هي وعائلتها وتصيح بغضب على جرحها ليد ابنها بتلك الطريقة .
وبعد دقائق ..
ارتسمت ابتسامة على ثغره انعكست على مرآة سيارته ورأتها والدته فذهلت، ثم علت ضحكة على ردة فعلها الغبية وهو يلمح الدماء التي تتساقط بغزارة من معصمه اثر جرحه من الساعة فبذهابها قد تركت علامة بيده .
****
كانت جيهان تعمل طوال اليوم فى الشقة دون اخذ غفوة لبعض الوقت ، ولم تقم حماتها بمساعدتها بأى شيء ولم تحمل عنها طفلها مثل كل مرة كانت تفعل فشعرت أن بها شيء غريب اعتقدت ان أصابها داء الغيرة بطريقة مرضية فكل يوما عن يوم تزداد معاملتها للأسوء فمنذ أخر محادثة تجمعهما لم تكن لطيفة ابدا حتى انها لم تتوقف عن التعليق على كل شيء تقوم به بطريقة سلبية ، من شقاوة الأطفال التى ليس بها شأن الى صغيرها الى تنظيف الشقة بكل محتوياتها فقد تغيرت فى معاملتها معها مئة وثمانين درجة .
ألقت جسدها على مضجعها وهى تتأوه بدون حول ولا قوة اثر التعب الشديد من ضغط البيت ،وقررت أنها لن تكرر هذا الخطأ وستذهب الى العمل فى المشفى مهما حدث فقدت اكتشفت ان حماتها متسلطة وتتحدث بطريقة عدوانية معها كلما خالطتها، تساءلت لما تغيرت هكذا بين يوم وليلة؟ ولما كل ذلك؟
وعلى حين غفلة هربت روحها من جسدها الى الموتة الصغرى وكأنها لم تذق طعم النوم لأيام، مر الليل سريعا مرور الكرام وبزغت شمس الصباح تصبح على نافذتها بضوئها المشع الدافئ مع زوارها المحبوبين ترحب بالجميع بزقزقة تشعر من يسمعها بالنشاط والأمل .
استيقظت من نومها فزعة بشهقة تلتقط أنفاسها المسرعة لتفاجئ بوجود حسام بجانبها وهى نائمة، احست بالوهن الشديد وهو يرمقها بخبث فعلمت نواياه، وهل تتوقع منه ان يعاملها بالحسنى بعد أن قام باستغلالها واغتصابها بالمشفى في الظلام .
تريد ان تدفعه بعيدا لكي يبتعد عنها، تشعر ان قلبها على وشك ان يتوقف من ضعف جسدها فهى لا تملك القوة لفعل ذلك المجهود ، ولكن تخشي منه، ان رفضته قد يعاقبها بشئ اسوء. فمن الصعب أن تريد شئ وهى في افواه الكلاب ، فلا تملك سوى مراوضته لكي تسحبها من بين انيابه لكى لا تتأذي ، نام بجانبها على الفراش وهو يقول بعد أن قام بمعانقتها .
_ انا عارف انك بتكرهيني. وساكته ومتحملة عشان ابنك..
كانت جيهان تلتقط أنفاسها بصعوبة وعيناها على وشك ان تغيب، فجاءتها نوبة تكتم انفاسها وكأن روحها تنسحب. دق الرعب في قلب حسام عندما وجدها في تلك الحالة المخيفة ، فانتفض مسرعا الى المطبخ وقلبه يدق بجنون واخذ كوبا من الماء ووضع به حبات السكر .حمل رأسها على ذراعيه وقام برفعها واسقاها على مَهل ، هدأت أنفاسها قليلا ، فقال وهو يشعر ببعض الندم .
_ بقيتي كويسة ...؟
أمالت رأسها بايجاب بصعوبة وهى تشعر انها لاشئ حتي فرت دمعة على وجنتيها ،أبعدته عنها بوهن ورجعت بظهرها تستريح على الفراش وتقلبت على الجهة المخالفة له ، ويقبع بقلبها حزنا ينهش في جسدها .
تابعها وقام بالنوم بجانبها ليعطي لها عناقا من الخلف ويهمس في اذناها .
_ شكلك زعلتى ..؟؟
أغمضت عيناها بحسرة وهى تهز رأسها بالنفى والدموع تتسرب منها لا أردايا على وسادتها التي اعتادت أن تكون مستودعا لدموع المالحة .
_وحشتيني.
دهشت من تصريحه فتسرب اليها الغضب، لو كانت بصحتها لنهرته ولكن هي ضعيفة وعلى وشك ان تفقد وعيها ، تحاول أن تتماسك حتى لا يفعل شئ يزعجها .
فردت عليه بنبرة جافة
_ تعبانة ..
_ ايه ؟؟
اممم ..الف سلامة ..
ران الصمت عليهما لدقيقة كاملة حتى قاطعه بنبرة حنق .
_ على فكرة أنا مكنتش هاجي أنام جنبك على السرير ،غير ما حستيت إنك النهاردة يعني بتحاولي تدلعي.. .
ثم أردف بسخرية وهو يعانقها بقوة
_بس مهما تعملى هتفضلي عبصمد....
بقولك ايه؟...
تيجي احكيلك قصة ؟
لم ينتظر منها ردا فبدأ في سرد القصة بنبرة لا تملك الشغف سوي بشئ معين
_ بصي ياستي كان في اتنين متجوزين مش بيطيقوا بعض خالص ، بس كان البنت عندها مصلحة معاه فبدأت تقوله كلام حلو وكل يوم بليل تلبس قمصان وتحط برفان وتغنى له وتهتم بيه
هأأأه ؟؟
سمعاني ياجيجي ؟يهتف كلمته الأخيرة وهو يرفع رأسه من على الوسادة الى وجهها يرنوا اليها في الجهة الأخري فخرج صوتا من حلقها وهى تشعر بالتقزز منه وتريد الهروب بأى طريقة فردت عليه وهى تكتم الغضب داخل ثغرها .
_ ايوة ؟
_ المهم ..وفضلت تلبسه ..الاحمر والأسود والأبيض ..هااه ؟
و ترقص له...
ظل يسرد اليها باقى الحكاية السخيفة، فجحظت عيناها واختفى تعبها رويدا من صدمتها، وظهرت قوة داخلها لكي تدفعه من رسغها وتنتفض من الفراش واقفة أمامه وتنظر اليه بازدراء وهى تقول .
_ أنا مش هقول انك قليل الادب عشان واضح انك مشفتش تربية اصلا .
بقي ينظر الى جسدها قليلا متصفحا إياه بجراءة ولم يعلق على كلماتها ، فانتبهت جيهان انها ترتدي ملابس منزلية خفيفة، فبحثت في اركان الغرفة على اى ملبس فوجدت قميصه فوضعته على جسدها وخطت نحو باب الغرفة فهتف بغضب
_ ماانت كويسة اهو وفيكي صحة يعني كنت بتضحكي عليا ؟
توقفت عن المشى والتفتت اليه وهى امام الغرفة و تهتف بنبرة حادة.
_ أنت انسان حقير ..
ثم أغلقت الباب خلفها بقوة ،ليأتى صوته من الداخل ردا على فعلها بنبرة أمره .
_ اياك اشوفك تنامي في الاوضة دي تاني ..ولا اشوفك لابسة بجامة ...
ثم غمغم
_اربع قطع يامفترية .
شعرت انها تتحاور مع مراهق وليس رجلا قد تخطي الثلاثين ، في الماضي تمنت لو تتزوج رجلا يجعلها تستيقظ لممارسة الحب والعاطفة ولكن ليس بتلك الطريقة فهى لم تحبها أبدا، ولجت الى الخلاء وبقت تتصفح نفسها في المرآة وتحدق بملامحها المرسومة بحنق شديد، وفجأة تلاشي الغضب رويدا ليخرج صوتا من ذاتها يردد كالصدي في اذناها .
(كنت بتتمني تحسي انك مرغوبة ...ليه اتغريتي لما حسيتي ان حد عيزك ؟
مش انت قولتى لازم تكسبيه ..!
انت ليه مترددة ..وكل شوية بكلام .. أنت عاوزة ترجعي للى فات وتترمي فى الشارع انت وابنك ..)
شعرت بالتأفف من الصوت الذي داخلها فعبثت بشعراتها حتي جعلتها مبعثرة وظلت تحدق في المرآة، قامت بفتح صنبور الماء وبسطت يدها تحته لتفاجئ بوجود خاتما ضخما داخل اصبعها، رفعت يدها امام بصرها تحدق فيه بعجب لتتأكد أنه من الألماس .
فعادت تنظر الى نفسها بغرابة داخل المرآة.
رجعت الى غرفتها مسرعةً لتبحث عنه وتسأله عن امر الخاتم فلم تجده فسارت نحو غرفته وقامت بفتح الباب دون ان تطرقه لترى انه يرتدي بنطال بجامته ولم ينبه الى وجودها ، رجعت الى الوراء خطوة وجعلت الباب مواربًا ووقفت خلفه فقد انتبهت الى شيء غريب ، فقبلا لم تركز عندما كانت معه منذ دقائق انه قام بحلق صدره ،فقد كان مشعرا جدا فكيف قام بغزو تلك الشعيرات الكثيفة بتلك الطريقة الذي جعلته املسا، تسائلت هل قام بازالته بالوسائل الصعبة الخاصة بالنساء كالشمع مثلا ؟
شعرت بالتفاهة من نفسها وهزت رأسها بلا مبالاة ورجعت الى الوراء عدة خطوات لكنها توقفت عن الحركة عندما لمحت من طرف عيناها التي تهرع عليه دون تحكم منها علامة جُرح فى صدره.
يتبع ..
#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوي
يا ترى اية توقعاتكم للحلقة الجاية؟
أنت تقرأ
مئة قبلة مع عدوي "مكتملة"
Romanceمحامية ممتازة يضعها القدر فى موقف عجيب فتجبر على الزواج من شاب مراهق من قبيلة بدوية، ترى كيف ستتصرف؟