القبلة الثالثة عشر
تشنجت عينا سلطان عندما لمح هذا الوجه الذي بكى طوال الأشهر الماضية على فقدانه ، عقله يأبي ان يصدق ما يراه يخبره بأنه مخيلة دقيقة تُجسد أخاه واقفا أمامه يتحدث ، لكن قلبه يريد ان يلتمس ولو شيء بسيطا يخبره أن أخيه حيا .
تسارعت نبضات قلبه تخفق بجنون وكأنها تتحدث بكلمات ، ترسلها الى عقله حتى تتجسد على شفتاه، ولم يخرج منها سوي إسم شقيقه ، حتى شفتاه لا تصدق ماتراه عيناه .
قال سلطان بلوعة بشفاه مرتعشة وقد تجمعت قطرات الدموع في عيناه بعد محاولات كثيره.
_ أخووى ماالك ..
اخوي الغالي ..
والله قلبي ما صدق يوم انج مشيت .
يهتف بتلك الكلمات وعيناه تحصد له مشاهد طفولته معه فبرغم شدته الا أنه لم يكن له مجرد شقيق بل كان له أبا مربيا .
كان السائق والرجل ينظرا الى سلطان بغرابة ممزوجة بشفقة ،شعر ذلك الرجل ان سلطان يتحدث عن شخص اخر قد فقده فليس من العقل أنه يتحدث عنه هو.
أشار السائق الى الرجل الذي هو شقيقه لكى يتحدث مع سلطان بهدوء ، فيعلم ان أخيه صعب في التحدث وليس مرنا في المواقف الإنسانية ، فرد الرجل على سلطان وهو يتابع تأثيره الكبير الذي تولد بعيناه محاولا أن يكون رده لطيفا على ذلك المراهق .
_ أنا بصراحه مش عارف اقولك ايه ، بس أنا مش أخوك ..
ربنا يرحمه يارب ويصبرك على فراقه ..
هز سلطان رأسه بعدم تصديق وصدرت منه تنهيده متألمة بحسرة على حاله وحال شقيقه ، هو متأكد بأنه هو أخيه الكبير الذي تربي معه قرابه السابعة عشر عاما ، يراه صباحا ومساءا ويغفو بجانبه ، هل يصدق ان أخبره انه يعلم كم يتنفس في الدقيقة الواحدة ؟
برغم تغير لهجته وملابسه الا انه لا يشك بواحد بالمائة انه ليس شقيقة، فقال سلطان وقد بدأت عيناه في الابتسام من جديد بأمل
_ ... نعرف حق المعرفة انج اخوى مالك ..ما تحاول تنكر .. ...
صمت قليلا ومن ثم اردف بعد أن تذكر زوجته
_ امانى ...!!
في تلك اللحظة كانت ممرضة يظهر أنها متدربة بعمر صغير ، تقف خلفهم وتنتظر ان ينتهوا من الحديث حتى تتكلم ، لم تمر ثوان والتفت اليها سلطان لتندهش من رؤيته منهارا بتلك الطريقة ، فقالت له بتوتر.
_ حضرتك لازم تيجي معايا حالا تشوف الانسة اللى كانت معاك ..!!
لم يرد عليها سلطان بل التفت الي الرجل من جديد ويقول له وهو ممسك بكلتا ذراعيه بأمل .
_ اخووى راح أخليج تصدقج ..امانى تتذكرها ..حرمتج .
يهتف بها سلطان وهو يقوم بسحب الرجل من ذراعيه الى غرفة أمانى في المشفى .
انقلب حال الرجل الى عهدته المعروفة وتلاشي الهدوء الذي كان يحاول ان يتقنه بسبب شفقته والتي ليست من طبعه ، فقد تضايق بشدة من تصرف سلطان الطفولى .
حاول أن يمسك اعصابه لكى لا يظهر أمام المارة انه ينهر شابا مراهقا ويستقوى علي من هو اصغر منه سنًا ،فتابعه وهو يجز على أسنانه .
تركه سلطان بعد ان قام بفتح غرفة أمانى ودخل اليها وهى فاقدة الوعى تماما .تابعه الرجل وهو يراه يمسك بالفتاة ويحاول أن يجعلها تجلس على الفراش ويقوم بهزها لكى تستيقظ .
نظر الرجل يمينا ويسارا وجاء بخاطره فكرة فانتهزها ، واسرع الى أخر الرواق الذي كان يقف فيه مع شقيقه السائق وسحبه وهرب من المشفى .
لايزال سلطان عيناه تنهمر بالدموع، ينظر الى أمانى وهو يحاول جعلها تفيق بقوة ذراعيه لكنها غائبه في اللامكان، لم يعلم سلطان أن بهتفه لاسم أخيه مالك جعلها تعانى في أحلامها بتذكرها لتلك الليلة المشؤمة .
_ قومى أمانى ...اخووي مالك ... قومي قوليله أن اخويي .. وانى ماراح اتركه.
التفت سلطان خلفه لينظر الي الرجل ، لكنه رأى أن الغرفة خالية وأن رائحة العطر الذي كان يضعه لا يوجد له أثر، شعر بلوعة حارقة ، وخرج مسرعًا من الغرفة بعد أن سقطت أمانى من يده على الفراش، واسرع الى مكان السائق بخطوات لا يشعر بمجهودها الا قلبه ، فقلبه هو الذي يهرع الى صورة أخيه..
حدثه عقله أنه كان خيالا مرتسما بالوان زائفة .وقف بوضعيه ثابته ينظر الى المكان الذي كان يجلس به بجانب السائق وينظر الي الفراغ .
جاءته الممرضة مرة أخرى بالخلف تخبره أنه رجلا لايوجد به اى زوق فكيف له ان يجعلها واقفة دون أن يقوم بالرد عليها ،فالتفت اليها بوجه جامد و يقول بملامح جاءها صدمة قوية .
_ وين الرجل يلي كان معى هنا ..؟؟
_ انت ازاى كده ؟؟؟ أنت انسان قليل الادب ..
_ رد على سؤالي ..وينه ..
يقولها سلطان وهو يقترب من الممرضة بنفحات جحيمية على وشك االانفجار .
شعرت الممرضة بالخوف يسري في ضلوعها ، فقالت بتوتر خائف وهى تشير الى مخرج المشفى .
_ كانوا بيجروا من هنا ..
هرع سلطان الى خارج المشفى يبحث يمينا ويسارا وهو يخطوا بين المرة فلا يجد الا زحام السيارات وبشر بكافة الألوان .
****
رفعت مونى يدها الى سقف الغرفة شاردة في حياتها التي تغيرت مليون بالمئة ، تفكر في هدف زياد منها فكان يمكن ان يخطفها ويقوم بتعذيبها دون رحمة.
ويبقي السؤال لما قام بالزواج منها ؟ ألأجل الميراث ..أم لسبب أخر ؟
تنهدت وهى تنزل ببصرها الى الأرض وهى تتذكر كلمات حسنية القاسية لها، لا تعلم بما تفعله في تلك الحياة الان وكيف ستعيش؟
دخلت الى الغرفة التي نُهرت بسببها للمرة الألف ،تقم بالعبس بالاشياء الموجودة داخل كل درج ، لترى تلك المرة حاسوبًا في حقيبة صغيرة فقامت بأخذه ونفض التراب وتنظيف ثم قامت بفتحه ،ظلت تقلب بكل ما في داخله لكنه كان فارغا تماما .لمحت أنه مرتبط بشبكة واى فاى فلم تكن تصدق ذلك الحظ الوفير ،فقامت بتصفح الانترنت وبحثت على حسابها القديم الخاص بالمنتديات النسائية ،ابتسمت ابتسامة خبيثة وهى تنظر الى حساب شقيقتها هنادى، في تلك الاثناء سمعت صوت فتاة تصيح ببعض الكلمات خارج باب الشُقة ،فأسرعت تخفى الحاسوب في غرفتها المظلمة الخاصة بها، وعادت الى الباب الرئيسي لشقة ووضعت اذناها عليه لتنصت الى صوت الفتاة تتحدث بصياح الى زياد الذي كان يقوم بهدأتها بحب .
جحظت عيناها وهى تنصت الى تكذيب زياد بأنه قد تزوج فعلمت على الفور انها تلك الفتاة صاحبة الصور في الهاتف القديم .
حاولت ان تُهدأ من خفقان قلبها لكى تنصت الى باقي الحديث الذي انقلب الى حديث رومانسي لم يعجبها، وفجأة أنفتح باب الشقة فأسرعت الى غرفتها ووقفت خلف الباب وجعلته مواربا حتى تراقب زياد الذي دخل بمفرده .
رأته يخطوا الى طريق غرفتها فابتعدت الى أخر الغرفة تجلس على الأرض بصمت ،اعتقدت انه سيقوم بنهرها فور رؤيتها ، بسبب تحدثها مع الفتاة ،لكنه كان باردا تماما ، لا يعيرها أي أهتمام ، فبادلته نفس النظرة من بعيد وعقلها يأتى ببعض الأفكار .
*****
في سرايا السيد نصير في الصعيد..
تخطو حلويات الارملة الثانية لسيد نصير وهى تقوم بسب حماتها التي قد أتت اليها بالفقر بسبب المشي وراء خطتها السوداء الخبيثة ، ها هى حماتها تحاسب شر حساب على سوء ما فعلته في دنياها بأنها تفقد عقلها ولا يعود الى طبيعته الا بأوقات قليلة بالأسبوع وفى الليل الثقيل، فكلما تذهب اليها تراها تتحدث مع طائر البوم بأشياء غريبة أو تقوم بضرب رأسها في جدار غرفتها ، ولم تسأم بعد من التوكل على حماتها حفيظة لكى تحصل على كامل الميراث وتُلقى مُنى ضرتها وأولادها خارج المنزل ،فقد سَخرت حياتها على سماع كلام تلك الساحرة حماتها لكى تحصل على كامل الأموال ، كانت تخرج في ثلثي الليل لكى تقوم بإيذاء بعض الناس وأخذ العرق وأثر الرجال بسرقة ملابسهم لكى ينجح السحر وتسلب عقولهم ويعشقون النساء المخادعات.
حتى انها كانت تخطوا في الأراضي الزراعية في الليال السوداء لكى تقوم باصطياد الثعابين والحشرات ، فكم عانت معها .. والان بعد ما فعلته لأجلها تقوم بفقد عقلها بك سهولة،لن تسمح ابدا بالانهزام بعد ما حصل لجسدها وأجساد بناتها من تشوهات ، بسبب مبيت الجن معهن .
طرقت باب الغرفة وهى تدعوا الله أن يعود الي حماتها عقلها قبل ان تقتلها وتقوم بحرق جثتها البالية ، قامت بفتح الغرفة وهى تنظر الى الامام في ذلك الظلام ، لم تعد تشعر بالخوف كما كان قبلا فقد وضعتها حماتها في حياة صعبة برعب اكثر من رعب الظلام وما يحدث به من اسرار مخيفة، صاحت بأعلى صوتها داخل الغرفة تنادي عليها
_ وينك يا مرة ... عجلك لساته غايب ...الله يحرجك دنيا واخرة ..
بغتة صدر صوت ضحكات خبيثة في أجواء الغرفة المظلمة ليخرج دخانا أبيض متشكلا برياح دائرية حول اقدام حلويات ليرتفع وهو يحط جسدها ،ليخرج شبحا بشعر ابيض طويل وعيون بحدقة سوداء تملئ كل خلاياها بشكل مرعب
_ حلويات .. ماشفتك من يجي شهر تقريبا ..
ردت حلويات بصوت خائف بشدة فهى تهاب ذلك الشبح بكثرة .
_ مرجانة ....!!!!!
_ نعم ...ياملعونة ...أكيد جايا تشوفى حماتك .
لساتها ضايعة فى عقلها ...
عقبال عندك ..
ارتعشت حلويات وحاولت ان تخرج من الغرفة لكن مرجانة ابت أن تخرجها .. وسحبتها في أوهامها المخيفة لتتركها داخلها بعض الوقت تصرخ ، فكم تتلذذ بعذابها وخاصة انها من البشر المليء بالشر والحسد مما يسهل لمسها والاستحواذ عليها ،فزادتها قوة بخوفها فوضعتها مرجانة في دائرة خوفها داخل جدران لا تعرف الرحمة، وبعد عدة ساعات تركتها مرجانة ساقطة على الأرض فاقدة الوعي .
****
لم يتوقف عقل جيهان عن التفكير في كلمات حسام منذ تلك الليلة .رجفة ،خوف ، خجل ، جميعها مشاعر تختلط بعقلها قبل قلبها ، لا تعرف بما تفعله الشيء الوحيد الذي تعلمه انها يجب أن تصل الى اب طفلها .
تنهدت وأطلقت بعدها زفرة طويلة ومن ثم خطت الى غرفته وبقت جامدة تنظر الى الباب شاردة .
الجراءة وحدها لا تكفى لكى تتجسد بها ،فذلك الشخص الذي تعرفه في المشفى وهنا سيء لدرجة لا تعرف مقدارها بعد ، لكن تعلم انه سيء جدا، فكيف بها أن تجعله يسقط في شباكها ،تعلم انها امامه مجرد فرسة بعلقها البريء الذي حاولت مئة مرة لجعله خبيثا ، لكن كل مرة كانت تسقط بخيباتها .
ابتلعت ريقها ورفعت باطن يدها المرتعشة بتوتر بالغ تطرق الباب ، تريد أن تصل الى مبتغاها لكن تتمني لو لم يكن موجود في غرفته هذه الليلة .
طرقة خفيفة من يدها لا تصل الى المسمع ، وصلت اليه بسهولة ليخرج صوته متصدرا خارج الغرفة وهو يقول.
_ تعالى
دهشت عندما سمعت صوته اثر طرقها للغرفة طرقة خفيفة ،فتحت باب الغرفة وخطت داخلها بخطوات مرتعشة ، وكأنها غزالة تقدم لحمها الى ذئبا جائع، وجدته جالسا على الفراش وينظر اليها متصفحا من راسها الى قدميها ، فزاد توترها اكثر ، وتجمدت في وقفتها تنظر له ، واقدامها تهتز بتوتر .
_ ايه اللى انت لبساه ده ، أنت جاية تعزي
يهتف بها حسام ساخرا بملامح جادة مع شبح ابتسامه خبيثة على ثغره ، ويشير الى خزانة ملابسه ويردف اليها .
_الجزء ده فيه حاجات هتعجبك ، أختارى اللى عوزاه ..
كانت أقدام جيهان ترتجف وهى تنظر الى حسام بنظراته وتسريحه شعره الذي قام بتغيرها فقد أختار أن يكون منسدل على جبهته برطوبة على غير العادة فكان يطرحه الى الوراء مما يظهره أنه لم يمر الوقت على استحمامه ، فهل كان ينتظرها ويعلم إنها ستهرع إليه حتي يحقق هدفها من اقترابها منه ؟
حاولت أن تسحب طاقة الى رئتيها عن طريق شهيقا وخطت الى الخزانة وعقلها يخبرها كم هو خبيث فقد قام بشراء بعض الملابس متأكدا بأنها ستوافق على شرطه!.
قامت بفتح الجزء الذي أشار اليه حسام من الخزانة لترى كمية هائلة من الملابس النسائية معلقة بحافظتها البلاستيكية وعليها كرت بالثمن .
وقفت جيهان تنظر بدهشة الى كمية الملابس الموجودة ولم تنتبه الى اقتراب حسام منها وينظر معها الى الخزانة متصفحا .
_ مالك بتبصلي كده ... شوفتك حيرانه فقولت اجي اساعدك ...!!
المشاركة حلوة برضه ..!! ولا ايه ؟؟
يهتف بها حسام بعينين دائريتين بها لطافة بعض الشيء ، لكن تختفى اللطافة تدريجيا مع ابتسامته الخبيثة .
حاولت جيهان أن تخفى توترها الشديد وتبعد يدها التي ارتفعت على احدي الملابس فقد ظهر ارتعاشها أمامه ،فقالت بصوت هادئ مليء بالخوف.
_ طب ممكن تبعد شوية كده ..، وياريت لو تطلع بره الاوضة لما اخلص .
_ أنت مجنونة ..! أنت عارفة ....
حاول كتم كلماته واستبدلها بزفرة ..ومن ثم أردف ..
_ ماشي ..بسرعة ..
وخرج من الغرفة بخطوات باردة بطيئة واغلق الباب خلفه وهو ينظر اليها باستعلاء ويتمتم ..
_ من شوف اخرتها معاك .
تنهدت جيهان وهى تعيد بصرها الى الملابس وتتفحصهم جيدًا، رفعت احدي الملابس على وجهها تنظر الى السعر ، لتشهق مما تراه ..
فقد كانت قطعه رقيقة جدا لا يوجد بها أي انبهار وثمنها غالى للغاية، فهمست بحنق.
_ كان لازم اعرف ان زوقك تييييت ..
وبعد عدة دقائق ،تم فتح الباب من قبل حسام فجأة ،ليرى جيهان ترتدي قطعة من الملابس ليقترب منها بذهول وينظر اليها متصفحا ..
لتتغير ملامحه تماما .
_ كان قلبي حاسس انك هتلبسي القميص ده ... اهو ده الوحيد اللى مكنش عجبني والست دبستني فيه ..
صمت قليلا ورفع يده لكى يتحسس القمشة التي على الكتف ، لكن جيهان اسرعت وقامت بابعاد يده، ليقول لها ساخرا ..
_ تقريبا كان له طقيه ...هى فييين ..؟؟
جحظت عيناها فهى لم توافق على ارتداءها أبدا بسبب إنها تشبه اذني القطة، ألم يكفى انها ترتدي ذلك الشئ وأمامه..فقالت بهجوم وتوتر..
_ مستحيل البسها ...
_ بصي أنا عندي الطقية دي احسن من اللى انت لبساه ..
وبعدين ايه النشفان اللى انت فيه ده .. ماتهويها شوية يابت ..
يقولها حسام بصوت جريء ومن ثم يقوم برفع يده ويقوم بالضغط علي خديها الممتلئ بأصابعه بشهية .
اطلقت جيهان صيحة قوية بسبب ضغط يده الشديد ، فأسرع بوضع يده على ثغرها وهو يقول .
_ لا بقولك ايه البيت كله أطفال مش ناقصين .. هتلاقيهم هنا الثانية دي ..
أنا قعت انيم فيهم ثلاث ساعات .
يهمس بها حسام وهو يقوم بسحبها من كلتا ذراعيها الى الفراش وأجلسها عليه ، وكل ذلك وهى تشعر بالتقزز من ملامسته لها.
قام بوضع القبعة على رأسها لتظهرها بطريقة لطيفة للغاية مع عيناها الزرقاء، فنبض قلبه بخفقان فتنتها بقوة، حاول أن يقترب منها وعيناه مفتوحة بجراءة وإصرار .
خيل اليها انه يريد تقبيلها فشعرت بالخجل والخوف الشديد ، تريد أن تنتهى تلك الليلة بأسرع وقت ،فأغلقت عيناها بقوة وانتظرت لكى يبدأ هو ..
ومرت ثوانى ولم يحدث شيء فقامت بفتح عيناها اليسرى ببطيء لترى أن حسام ينظر اليها بملامح باردة لا تدل على أي شيء، ليخرج صوته عن الهدوء وهو يقول بعيون مليئة بالرغبة والغضب .
_ احنا متفقناش على كده ... هو ده منظر واحدة عاشقة ؟
لو ملكيش مزاج قولى ...ممكن ناجلها عادي .. بس كله محسوب .
_ (تنهيدة ) مفروض تقدر موقفى.. . أنا محروجة برضة ...
تهمس بها جيهان وهى تبعد عيناها عنه وتنظر في اتجاه أخر وتشعر انها على وشك ان يتوقف قلبها ، فلم تكن تتخيل أبدا أن توضع في ذلك الموقف ومع هذا الرجل الذي تكرهه .
_ هي أول مرة ؟؟... ما أنت مجربة قبل كده وفاهمة ..
يقولها حسام بسخرية، فوصل الخجل الى ذروته مع جيهان فهتفت بغضب وعيناها تنظر إلى الجهة الاخرى .
_ أنت ازاى تطلب منى أنا اللى أبدا .. أنت الراجل ولا أنا ..
ارتسمت ابتسامة على شفاه حسام ساخرة فقد نجح في الوصول الى مايريد ..
فرد عليها متعجرفا بسخرية ويعض على شفتيه وهو ينظر الى مفاتنها .
_ ما أنا يمكن بدايتي متعجبكيش .
انا بس كنت عاوز أعرف هاتبدئى ازاى عشان اعرف المرحلة اللى وصلها ماهر.
مكنتش اعرف ان كلمة واحده منك هتظهره على حقيقته ..
انت ازاى عيشتي معااه هااه ؟؟
....صمت يعم المكان فقط النظرات تتلاقى بينهما ..
استحقرت جيهان كلمات حسام لها بشدة فقد ظهر أنه سيء للغاية بدون أي خجل.
رأى حسام صمتها الطويل وشرودها فاقترب منها ببطىء واخذها بين ذراعيه يضمها بقوة تحت نظراتها المندهشة بخوف .
يضغط بقوة عليها وهو يضمها وهى تحاول أن تتمالك نبضات قلبها ، فجأة وجدته يرخى ظهرها الى الوراء لكى تكون اسفله ، حاولت أن تقاوم حركاته وتظل جالسة لكن ذراعيه واندفاعه كان أقوى، بدأ في تقبيل رقبتها بعد أن أبعدت شفتاها الى الناحية الأخرى ،
نجح في الإمساك بشفتاها بثغره عندما التفتت اليه وهى تقاوم بحرج.. حاولت أن تبعد أنفاسها وتقاوم لكنه قد تمكن منها ونجح في ايقاظ تلك المشاعر الدافئة داخلها والتى تحتاج إلى احتواء قليلا ..لتستسلم له تماما ..
وبعد دقائق توقف فجأة بعد ان سمع صوت طرق الباب من أحد ابناءه ، عاد من جديد الى عناقها ،لكن ابنه لم يتوقف عن النداء .
فقال بضيق ونفاذ صبر
_ مش هيسكتوا غير ما افتح ..
متتحركيش من مكانك ... هرجع تاني .
ابتعد حسام عنها وهى ماتزال أنفاسها متوترة ، وذهب الى ارتداء قميصه لينظر الى ذراعيه بصدمة ويقول بغضب .
_ ..شوفتي وإنت بتبعديني خربشتي دراعي إزاى.
..
بقت تنظر اليه بخجل وهو يرتدي قميصه،وتشعر بالخوف من ردة فعله نحيتها بسبب عدم تفاعلها معه.
اشعل سجار برائحة غريبة جدا واحرق منها ثلاث انفاس ومن ثم اطفئها وخرج وهو يزفر.
****
طوال الأيام الماضية لا يفعل اى شيء سوى مراقبة زوجته ،فبعد أن رأها تذهب الى ذلك المزارع وتحمل هاتفه وتتحدث مع أحد ، وصل اليه الشك بأن هناك شيء سيء ما يجمعهما .
واليوم هرع خلفها وهى تحمل بعض الخضراوات من الأرض الخاصة بهم وذاهبت في مكان ما ، حتى وصلت الى ذلك الكوخ الخشبي الصغير .
عندما وجد هذا المزارع القريب فى السن من زوجته وقف متخفيا وراء شجرة وحاول أن ينصت الى حديثهما .
_(ست اسراء أنت جيتي كنت فاكرك ماراح تيجي ابدا ..)
_(أنا جيت بسرعة لما بعتلى حد يقولى ان اختى اتصلت ... فين الموبايل اكلمها )
_ (أنا كذبت عليك ...أنا جبتك إهنه عشان اهربك من الظلمة دوول .. أنا راجل وماتخافى راح احميك منهم )
_( وأنت مالك ...هو أنا اشتكت لك )
لم يستطع جبل أن يصبر على حديثهما فقد وصل به الغضب الى الجحيم أفكاره، وظهر امامهم لتصيح اسراء بصدمة ..رفع جبل يده ليقوم بضرب اسراء كفا عصفت له الرياح وقامت بهز الأشجار .
وأمسك بذلك المزارع وقام بضربه في رأسه حتى نزف ومن أنفه بشدة ..
حاولت اسراء أن تبعد جبل عنه باقصي قوتها لكن أندفع وقوة ذراع جبل جعلها تقع على الأرض .
وبعد ان هدأ غضبه قليلا بعد فقدان المزارع لوعيه تماما ، سحب أسراء من حجابها حتى سقط وظهر شعرها فقام بسحبها منه الى السرايا وهى تبكي بألم شديد .
وبعد أن سحبها داخل غرفته والتى لم تدخلها سوي مرتان في حياتها .
، قال لها .
_ جالك الجرءة ازاى تخونيني !!
ليييه ؟
مش شيفاني راجل ؟؟
يصيح بها جبل وهو مايزال يمسك اسراء من شعرها جاذبا إياه بقسوة ودون رحمة، وهى فقط تبكي ولا تتكلم دفاعا عن حالها وتشعر بخوف شديد من نبرته الصارخة.
لا يتوقف عن نهرها والتعامل بقسوة ، يريد أن يحطمها فهل تراه ليس رجلا حقا ؟
_ انطقى مش شيفاني راجل ؟؟
هنا هتفت اسراء وصوتها شبيه بالنواح وتعطي له كلمات لا تعلم بأنها حطمت شيء دخله ..
_ وانت مش عندك ثقة في نفسك ؟؟
اعتبر جبل كلماتها شديدة السخرية برغم قوة شهقاتها ، فقام بجذب شعراها أكثر وهو يقول .
_ أومال جبت العيال دول ازاى ... بتلعبي بالكلام يااسراء عليا ..
عزم على تحطيم جسدها ببعض الضربات لكن عقله اصبح ضعيفا حساسا اتجاه كلماتها له فقد كان على وشك البكاء فتركها وابتعد عنها بحسرة على حاله فقد ضغطت على نقطه ضعفه بالقوي .
*****
ذهب سلطان الى الصعيد مسرعا وقلبه يخفق بجنون على حال شقيقه ،يعلم حق المعرفة أنه هو .
عزم على الذهاب الى المقابر لكى يتفقد قبر شقيقه مالك .
فبعد أن وصل الى الصعيد وقد تجاوزت الساعه الثانية عشر صباحا ،لم ينتظر حتي الصباح ، بل هرع اليها وكانت عيناه لا ترى سوي الدخان المليء بالمقبرة .
وقف ينظر الي المقبرة والى تلك اللوحة المكتوب عليها باسم شقيقه .
لم يستطيع أن ينتظر لكى يبحث عن شيء يحفر به فانتفض مسرعا يحفر بكلتا يديه ولم يأبي الى الجروح بل لم يشعر بها ، فالشيء الوحيد الذي يأبي له هو التأكد من الجثة .
وعندما أحس باقترابه من شيء ممسوس وبدا يظهر له قمشة الكفن سمع صوت تجمع طائر البوم حوله يصيحوا بقوة بمشهد مهيب .
لم يعبئ له ولم يعبئ أيضا لتلك الرياح القوية التي تجمع غبار الاتربة وتلقيها عليه في الأسفل مع الجثة .
وبقى ينظر الى الكفن لثوان ...بسط يده التي ارتعشت بقوة ... أمسك يده المرتعشة بيده الأخرى لكى تهدأ ، وأسرع في أزاحه الكفن من على الجثة لينتفض بصدمة قاتلة مع عيناه الجاحظة .صاح بقلب متألم وهو يعاين الجثة ..
وفجأة توقفت الرياح عن الحركة وصعدت لأعلى بشكل عاصف يتسلل بداخله ويتشكل جسد انثى .
وتنزل الى اسفل المقبرة وتخطوا أمام سلطان بعيون سوداء واسعة كالمحيط وشعر منسدل طويل أملس باللون اسود وبه في المقدمة خصلة بيضاء، بها جمال يعلو بك الى السماء سحرا وينزل بك الى اسفل الأرض خضوعا له .
شعر سلطان ببعض الرهبة من رؤية ذلك التجسيد فلم يفق بعد من صدمة الكفن والجثة .
يعلم حق المعرفة أنها جنية من النوع القوي فظل صامتًا ينظر اليها وهو يحاول أن يجمع قوته كي لا يفقد الوعي من هول الموقف الذي يمر به .
فقال متماسكا طاردًا لتوتر الذي بدأ في الظهور عليه حتى تجمعت قطرات العرق على جبينه ، وشعوره بالبرد القارص .
_ وش تبي ؟ .
كانت الجنية تهمس باسمه بصوت ناعم، بلهفة، وهدوء متمازجان بقوة خفية .
_ سلطان ... حبيبي ..
ارتعد سلطان عندما سمع اسمه على لسان الجنية بهذا اللحن الخبيث، فقرر ان يذكر الله ببعض الآيات الطاردة للجان التي قام أبيه الشيخ تميم بتعليمه ، خشية من الجن الذي يستوطن الصحراء ، وبرغم خوفه من تلك الجنية الا أنه يعلم نوعها جيدا فهذه ليست المرة الأولى التي يظهر أمامه جن ، فقد كانت حياته عبارة عن خيمة تتنقل في صحراء سيناء بعرضها وطولها وليلها ونهارها والتي هي عبارة عن موطن للجان بأنواعه .
قالت الجنية مسرعة له حتى تنتشله من أن يفكر و يأذيها ،فبعد ان رأته يطرد بعضا من أجناسها الجان المتشكلين بهيئة ارانب حول السرايا بتلك الجراءة ولم يعبئ الى أشكالهم المتحولة المخيفة أعجبت به بجنون وأقسمت على جعله ملكا لها .
_ ده مش أخوك ياسلطان .. بص له تاني ..
دهش سلطان من تصريح الجنية فتوقف عن سرد الايات وبقى صامتا جاحظا لثوان ..
وحول بصره الى جثة شقيقه ليتغير شكله تماما ويظهر رجلا أخر ،فانخلع قلبه يخفق ببطء حتى شعر ان انفاسه على وشك التوقف ..
فأردفت الجنية بحماس ..
_ دي جثة مسحورة ..
أخوك لسه عايش بلحمة ودمه ..
حاول سلطان أن يتمالك نفسه برغم نبضاته التي تولد بها الامل الا أن عقله يحاول أن يجعله يفق ويحرص من تلك الجنية ..
الأمل الوحيد الذي يمتلكه هو رؤية شقيقه بالمدينة ..
فقال لها بصوت مرتعش وعيون جاحظة ملتهبة بعروق دامية .
_ مين ؟؟
مين خطط لكل ..
_ردت الجنية مقاطعة قبل أن يكمل
_ ..أمانى ..حفيدة الارنبة
_ أمانى ..!!!
..يتبع ..
ممكن تصويت ♥️
أنت تقرأ
مئة قبلة مع عدوي "مكتملة"
Romanceمحامية ممتازة يضعها القدر فى موقف عجيب فتجبر على الزواج من شاب مراهق من قبيلة بدوية، ترى كيف ستتصرف؟