القبلة الرابعة والعشرون

311 7 0
                                    

♕♕♕♕ القبلة الرابعة والعشرون♕♕♕♕
حاول أن يهدأ من روعه قليلا وان يستعيد رباط جأشه ولكنه فشل، يظل يحدق بمونى التي تحدثه بألاف الكلمات والتي لا تصل الى مسمعه بسبب الصدمة الكبيرة التي سقطت على رأسه ، فهل كانت شقيقته طوال الوقت بقربه ولم يعرفها؟
هجمت عليه تساؤلات كثيرة فهى كانت تقطن فى بيت حسام ومع تلك الفتاة ألم تتعرف عليها رغم هذا الشبه الكبير بينها وبين زوجة عمها؟
فهتف بصياح
_ بناتها فين... تعرفي مكانهم...
كانت تحدق به بعينان دامعتان وتنتظر جوابا على مشاعرها التى أخبرته بها.. فانكسرت عندما رأته لا ينتبه اليها مطلقا ويسألها عن شئ أخر فردت عليه وهى تميل بوجهها الى الجهة الاخرى بعيدا عنه وعبارتها تتساقط بغذارة
_ طفشوا. منعرفشي لهم طريج
انزل يده من على كتفها وابتعد مسرعا الى السرايا باحثا عن شقيقته دون الانتباه الى مونى التي تنادي بصياح خلفه، وحين وصل كانت دقات قلبه تتواثب بسرعة هائلة وهو يبحث بكامل السرايا وبكل الغرف فلم يجدها في أي مكان ، اتجه مسرعا الى والدة حسام وهى تجلس على الأريكة بقرب الأطفال وقال لها بتساؤل وهو يلتقط انفاسه بسرعة أثر هرولته باحثا فى السرايا
_ فين جيجي ياجحة ؟
رفعت بصرها اليه وحدقت به بغرابة فانتبه زياد انه لا يجب ان يتكلم بتلك المشاعر وهو يسأل عنها فيمكن ان يضعها فى وضع غير محمود امام حماتها فهو يعلمها حق المعرفة رغم قلبها الحنون الا انها تخشي على ابنها من اقل شيء بسبب هواجسها الغريبة .
فتنحنح باحراج وقال
_ وحسام .؟
انحنت ببصرها ناحية الاطفال وهى تقول بتأفف
_ تقصد جيهان اللى متتسمي..
خادته يوصلها يزوروا اختها .
جحظت عين زياد بصدمة وغلت دمائه بقوة وهو يشعر ان موعد تجمعه مع شقيقتاه اقترب، فقال بلهفة
_ أختها ؟؟؟ أنت تعرفي مكانهم فين .
_ لا يابني معرفش ...بس ليه ..
في تلك اللحظة ظهرت نيلى وهى تتثاءب وتنزل من على الدرج وعيناها ناعسة وتهتف الى زياد .
_ زياد ... استني بقي نفطر سوي
التفت اليها زياد وقد تنهد براحة بظهورها ، فقد أنقذته من إجابة لا تتوفر على شفتاه ، فقام بالرد عليها بسخرية
_ فطار ايه يانيلي دلوقتى المغرب هيأذن ..
قالها ثم صعد الدرج مبتعدا عنهما ، واقبل على دخول غرفة جيهان ، يبحث بكل حاجاتها ، زفر بشدة بعد أن فشل في إيجاد أي شيء يخصها، عقله يحرقه بالنيران التساؤلات الغامضة ثم تذكر الصيحة التي أطلقتها والدته عندما رأت جيهان،فتبادر في ذهنه ما تخشي والدته منه .
****
تنظر اليه بتوجس وهو يقود السيارة الى العنوان الذي اعطته لها شقيقتها فتتلاقى اعينهما لبرهة بين الحين والأخر ، لم ترد ان يأتي معها مطلقا وهى تقوم بزيارة شقيقها فهى تعلم بأمر ماهر فقد شاهدته في صورة الزفاف التي كانت تحملها معها فوجود حسام سيفتح حوار كبيرا بينهما واشياء لا تريد أن تخبرها لشقيقتها .
_ بتفكري في ايه ؟
يهمس بها وهو يحدق بها لوهلة ثم ينظر الى الطريق .
_ ولا حاجة ..
ران الصمت لدقائق ثم أردفت
_ ينفع لما نوصل تستناني في العربية أنا مش هكمل حاجة على فكرة .
_ لا طبعا ..انا جاي مخصوص عشان اقابل اختك دي .
تنهدت بحنق تعلم انه عنيدا لن يتوقف حتى يقوم بفعل ما أل اليه عقله، وبعد عدة دقائق وصلوا الى وجهتهما ، حدقت جيهان من نافذة السيارة لترى أن المكان قد تغير بعض الشئ، نزلا من السيارة وتوجه الى السرايا ليقابلا الغفير الذي اعطي لهم مهلة حتى يأخذ الاذن من رب البيت.
في تلك الاثناء ، كانت اسراء تقف أمام منضدة الطعام الكبيرة المليء بكافة أنواع الأطعمة الشهية وبالرغم من رفض حماها طلب جبل بأن تجلس بقربهم على طاولة الطعام الا أن رؤية أطفالها يتناولون الطعام بالقرب من أبيهم كانت تسعدها للغاية وتشعر أن كل لقمة يتناولوها تنزل في قلبها حلاوة .
وقف الغفير امام باب السرايا وتنحنح وقال بصوت أجش
_ يابيه في راجل ومعاه ست بيجولوا أنهم تبع الست اسراء، جحظت عين اسراء وتبادر فى ذهنها فورا انها شقيقتها بالتأكيد فقد مر أعواما على اخر زيارة، فلم تشعر بأقدامها التي تهرع مسرعة الى بوابة السرايا حتى أنها لم تنصت الى حماتها التي تصيح بها بتهديد بأن تتوقف، رفع كبير العائلة احدي حاجبيه بغرابة وهو يلتهم قطعة اللحم بشراهة ثم قال .
_ من امتي حد بيجي للبنت دي ؟
فقالت زوجته وهى تجز على اسنانها
_ أكيد مقصوفة الرقبة أختها المنقبة دي ..
ثم حولت انظارها نحو الغفير وهى تردف بغضب
_أطلع جولها تيجي معندناش زيارات .
وقف جبل وهو يصيح في وجهه امه .
_ ماما. سبيها تعمل اللى عوزاه..
قام جبل بإسكات الجميع رغما عنهم فملأ الغضب قسماتهم الا السيدة الكبيرة والدته فقد عزمت على احياء خطتها قبل ان يأخذها معه الى القاهرة .
كان اللقاء حارا ممزوجا بالعناق والاشتياق والدموع الحزينة بين اسراء وجيهان ، لم تتماسك اسراء فبكت بصوت مرتفع وكانه يسرد لها ما عانته فى الايام السابقة عندما انقطع الاتصال بينهما، ابتعد حسام عنهما ودخل الى سيارته وهو يراقبهما وينصت الى كلماتهما وهما جالسين على الاريكة الخشبية أمام البوابة الرئيسية، مر الوقت سريعا وهما لا يزالا متلهفين على بعضهما بعبارات الاشتياق ، فقال اسراء
_ خلاص يا جيهان ..هاجي القاهرة مع جوزي انا واولادي وهبقي اجيلك على طول .
_ بجد ؟؟؟ ..ياريت يا حبيبتي ..ده مني العمر نبقي مع بعض على طول .
_ كان نفسي ادخل اجبلك الولاد من جوه تشوفيهم بس لو دخلت مش هطلع تاني ..
تهتف بها اسراء وهى تبكي بحسرة على حالها وتحاول ان تطمئن جيهان بأن حياتها تغيرت جزئيا وستتغير بالكامل عندما تترك هذا البيت .
وبعد مرور ساعة جاء الغفير يطلب من اسراء الدخول بأمر من حماها ، فودع كلا منهما الأخر بالدموع، فقالت اسراء وهى تحدق بإبن جيهان مودعة وتلقى نظرة على حسام وهو يجلس بالسيارة وينظر اليهما
_ بس ابنك سبحان الله شبه ابوه اووي .
صدمت جيهان من كلمات اسراء فعلمت انها نست وجهه ماهر واعتقدت انه هو حسام ، ولكن ما صعقها هو تصريحها بانه يشبه طفلها، فلم تعلق عليها.
_ قريب اووى وهاجي ازورك يا حبيبة قلبي .
تهتف بها اسراء الى شقيقتها وهى تدخل الى السرايا بحزن ، فمالت جيهان رأسها بايجاب والدموع تمنعها عن اخراج اي كلمة .
دخلت اسراء الى السرايا لتباشر عملها الذي اعتادت عليه تحت تسلط الجميع، ولم تتوقف جيهان عن ذرف الدموع ولا عن اخراج الشهقات المؤلمة من ثغرها طول الطريق ، فتسربت الشفقة دون تحكم الى حسام وهو يراها بتلك الطريقة فقال لها بمرح
_ أختك دي صغيرة أووى ..ليه اتجوزت بدرى كده .
كان يعتقد أنه سيقوم بسحبها من سحابة الدموع ولم يعلم انه ألقاها داخل بحيرة الألم أكثر، لم تستطيع ان تتحدث بأى كلمة بسبب البكاء المتحسر ،فمن الصعب ان ترى احباءك يتعذبون أمامك بشدة وانت لا تعرف ماذا تفعل ولا يوجد بيد شئ من الأساس لكي تساعد .
****
ذهب زياد مسرعا الى والدته وهو يضمر الغيظ داخل قلبه اتجاهها فقد اتفقت معه على انها ستقوم بمساعدته لإيجاد شقيقتاه بعد معاناة طويلة في اقناعها وحين أتت الفرصة لم تفصح عن شيء وظلت صامتة .
دلف الى غرفتها وقسماته مليئة بالغضب ليراها تجلس على فراشها خائرة القوي وشاردة في أحد أركان الحجرة ،فقال لها بصوت هادئ بمحاولة منه ان يمنع غضبه عليها .
_ جيهان ...
في تلك اللحظة شعرت به والدته حسنية أنه في غرفتها بقوله لذلك الاسم الذي جعلها ترتعد على الفور ، فنظرت اليه بخوف وتوتر وهى تقول متهربة من الكلام فى هذا الأمر.
_ انت زين يا جلب امك ؟
_ عرفتِ انها أختى من أمتى ؟
لم تستطع حسنية أن تتمالك عن إخفاء الامر كما كانت تعزم وتخطط فانهارت عندما شعرت انه علم بتلك السرعة التي لم تجعلها حتى تبحث عن كلمات تقنعه بها انها ليست شقيقته فهتفت بصوت متحشرج خرج منها دون وعي بما تقول .
_ لاه ..مش أختك ..دي بت يتيمة لا أم ولا أب ..
رد عليها بحزن شديد
_ مش لاقيه غير الكلمتين دول اللى تنكرى بيهم يا أمى ..
انا مصدوم أنك تبقي كده وتحاولى تبعديني عن أخواتى ..طب ازاى بعد ما وثقت فيك، تعملى كده ..كنت هتقبلي ان اختى تعيش قدام منى وانا معرفش ..
نزلت حسنية من فراشها وهى تهرع الى زياد وتقوم بامساكه من معصميه و تقول برجاء .
_ حب على يدك ياولدي بلاش ...أنت متعرفشي الست الكبيرة بتجول عليها ايه ..؟
ملأ الغضب قسماته ورد عليها بغضب ..
_ ماما ....دي أختى ...
جزت جسنية على أسنانها وهى تهتف بغضب
_ وانا أمك ...لازمن تسمع كلامي ..
_ أنت بتطلبي مني أعيش وانا شايفها قدام عيني وساكت كده ..
انا مقدرش اقبل بحاجة زى دي ابدا ..
شعرت بالهزيمة من جديد وهى تتحدث معه فقالت برجاء
_ ابوس ايدك ياحبيبي ..لو الست الكبيرة عرفت انها أختك ...هتكرهنا ..دى مش بطيق تبص في خلقتها ..
عشانها وعشانك ...بلاش ارجوك ..
أنت متعرفش الست الكبيرة قدي ..
دى هتحرمك من الورث وكل حاجة.
كان ينصت الى والدته وكل كلمة تصيب قلبه بأسهم نارية ، فكيف تقوم بطلب أن لا يعترف بأخته فقال لها بعد أن ران الصمت لثوان وهو يحدق داخل اعين والدته بدهشة
_ أنت فاكرة أنى هقبل أخد ورث مش من حقى ..
الملكيات دي كلها حق حسام الابن الشرعي لأبوه أنا مجرد حالة عندهم ..عمرى ما أقبل اى قرش مجاش من تعبي ..
جحظت عين حسنية وهى تستمع الى تصريحه فدب في قلبها الرعب ، فابتعدت عنه خطوتان وهى لا تزال تحدق به بذهول وقالت وهى تهمس وتتحرك بحركات غير ارادية تدل على انها على وشك فقدان عقلها .
_ انت بتجول ايه ياولدى؟
ده حقك ..وحق تعبي وخدمتي ليهم طول السنين دي ..
كل العمارات والمستشفى انت ليك نصيب فيهم ..غصب عن أي حد حد ..
لم يستطع أن ينظر الى والدته وهى تتحدث بتلك الطريقة الجشعة والطامعة فيما ليس ملك لهما ،فانصرف بعيدا عنها، واختار ان يجلس أمام السريا وهو يفكر فى بداية مقابلته لجيهان فى تلك الحديقة الذابلة التى مر عليها اعوام طويلة دون تجريف التربة او الاهتمام بها فأصبحت تشبه المقابر.
في تلك الاثناء
كانت سيارة حسام تدخل من بوابة السرايا الرئيسية فلم ينتبه زياد اليهما ،ولكن جيهان انتبهت اليه جيدا وقلبها يدق بعنف، دلف حسام الى السرايا وجيهان تمشي خلفه وعيناها متسلطة على زياد الذي يجلس على مقربه منهما.
وعندما دخلت غرفتها وضعت طفلها على الفراش وتأكدت من غفوته ثم تسللت بحذر الى مكان زياد الذي كان يجلس تائها في بحور حياته الهائجة .
_ لو سمحت ...!!
تهتف بها جيهان وهى تقف خلف زياد الذي يوليها ظهره ، ولم ينتبه اليها ولا الى كلماتها، سحبت الهواء الى رئتيها بتوتر وقلق وهى تتمني لو ينتهي الحديث بسرعة وتخرج ما يقبع داخل صدرها ويؤرقها لكى ترتاح قليلا..
فتنحنحت واتجهت لتقف امامه ، لتجحظ عيناه وهو ينظر اليها، فهتفت بسرعة بجمود متماسك.
_ لو سمحت يا أستاذ زياد ..متقولش لحسام أنى حامل ..وكده يعني ...سيبها شوية كده لحد ما.....
أحضرها له... يعني....
ممممم..
م.. مفاجأة ..
تمني لو يقوم بإزاحة هذا النقاب لكي ينظر ويتمعن في ملامح شقيقته ، كم يشعر وهو على مقربا منها بتلك الألفة القوية التي توجد بين الاشقاء وأنه مسؤولا عنها بالكامل، فهتف دون وعي
_ جيهان ..هو حسام بيعاملك حلو ..؟؟
تفاجأت من كلامه الغريب معها وتدخله في شؤن حياتها بتلك الطريقة ولكن شعرت ببعض الاحراج وقالت بتردد
_ أأكيد
_ متأكدة ..؟ أنا عارف ان حسام مش ثابت على حال.
كان يدرس تفاصيل نبرتها مع كل كلمه تمر على مسمعها حتي يفهم ما يعتريها
_ هو ايه اللى يفيد حضرتك بسؤالك ده ..مش معني انى اطلب منك خدمة. يبقي تتكلم...
رد عليها مقاطعا ببعض الغضب وقد أحس بما كان يخشي منه
_ ولية متعرفهوش أنك حامل ...؟
التفتت جيهان يمينا ويسارا بتوتر بالغ تبحث خوفا من مرور احد بجانبهما ينصت الى كلماته فقد ارتفع صوته جدا ، استدارت اليه وهى تقول .
_ لو سمحت وطي صوتك ..قولتلك انى هعمله مفاجأة ..
ضيق زياد عيناه بفتور كان يريد أن يدرس قسماتها مع كل كلمه تسمعها أو تنصت اليها ولكن ذلك النقاب يخفى الكثير .فرد عليها بجدية
_ اذا كان كده ماشي ...
ران الصمت لثوان ثم اردف وهو يراها تلتفت وتعود داخل السرايا...
_اسمعي لو زعلك او عمل حاجة تضيقك في أي وقت قوليلي ..
..أعتبريني .
تشتت قليلا عندما استدارت اليه فأردف
_.زي أخوك ..
_ نعم ؟؟
تهتف بها بغرابة وهى تراه يتحدث بتلك الطريقة فشعرت انه يستضعفها فقالت بهجوم
_ أنا اعرف اخد حقى بنفسي كويس أووى أنا مش ضعيفة على فكرة .
نجح زياد فى اختبارها لحتي يعلم حقيقة مشاعرها مع حسام فتحققت هواجسه وما جعله يغضب اكثر انها يظهر عليها من كلامها فتاة بريئة للغاية تتحدث بشكل عفوي مما زاد القلق داخله ، أراد بشدة أن يخبرها أنه شقيقها وانها ليست يتيمة وانه سيقوم بحمايتها أن تعرض لها أ أحد..والكثير.. الكثير ... لكن الخوف من كلام والدته جعله يخشي عليها أكثر.. من رده فعل والدة حسام فيمكن ان يتبادر الى ذهنها اشياء غريبة كأن تعتقد انها خطه قامو بدسها لديهم لكي تحتال على حسام ويستولون على الورث فهى درامية بحق، فعزم على اخفاء ذلك الامر لبعض الوقت ليظهره فى الوقت المناسب.
ذهبت جيهان فى طريقها الى غرفتها وهى تشعر بالخوف من زياد حتي جاء بخاطرها أنها يجب ان تنتبه منه رغم ملامحه البريئة الا ان دائما أصحاب الوجهه البريئة لهم اوجه متعددة .
جلس زياد على الاريكه فى الخارج خائر القوي بحزن على حاله وحال شقيقته،اراد ان يسألها عن شقيقتهما الصغرى،ولكن الأمر سيحتاج وقتا حتي يأخذهما داخل أحضانه، وفجأة أشتعل نور السيارة الامامية المركونة أمامه ليظهر حسام بداخلها فتلاقت أعينهما للحظات وكلا منهما يملأه الفضول.
_كانت بتقولك ايه؟
يهتف بها حسام بعد ان خرج من سيارته وخطي اليه..
انتبه زياد الى تلك النبرة فى كلام حسام فجعلته يأتي بخطة
فقال
_ تخيل طلبت مني ايه..؟
مش هتصدق..
حدق به حسام بقوة وبدأ الغضب يملأ قسماته فأردف زياد
_هاااه...تعتقد ايه ...
ارتسمت ابتسامه على شفاه حسام فقال له بسخرية
_ بلاش تلعب عليا بالكلام.. انت فاكر ني مش واثق فى مراتي...
_شكلك بيقول كده.
ضيق حسام عيناه وابتلع غضبه، بالفعل هو لا يثق بجيهان ابدا بل يشك بكل تفصيله بها، يهجم عليه الفضول ويتساءل لما كانت تتحدث معه بتلك القلقله التى احدثتها بتوترها وحركاتها المبالغ بها بيدها التى كانت تلوحها بالهواء مع كل كلمه تقولها مما جعلت زياد يتحدث بكل تلك الجدية معه.. فكل حركاتهما وهما يتحدثا تنبأ بحدوث امر هام .
فابتلع فضوله حتي لا يسقط الكلام منه مع زياد ويسحب منه معلومات كما اعتاد.منه فى الصغر .. فان كان لا يثق بها الا انه يثق بشقيقه جدا فقال له
_ مفيش واحد بيستمر مع مراته لو مش واثق فيها..
_اكيددد... طب لو الست؟
_تقصد ايه.. هى قالتلك انها مش واثقة فيا.
تلجلج قليلا وهو يقولها لزياد وانتظر جوابه بفارغ الصبر حتي لا يضيع فى دوامه نظراته الغامضة له والتى تجعله يغرق بالفضول، تسائل ما الذي يجعل جيهان تتحدث بالاساس مع زياد ، هل كان بينهما شئ فى المشفى لا يعلمه هو!!
_ لا.. بس انا متاكد من كده... انت والثقه يا حسام.. موجب وسالب...
فهم حسام مايرمي اليه فرفع يده يربت على ذراع شقيقه بفخر ويقول
_ انا عمرى ماجريت ورى واحده ست.. هما اللى بيجروا ورايا..
_ بس انا بجد. هموت واعرف انت اتجوزتها ازاى وانت لسه من فترة بتسال ان كانت حلوة ولاء...
معقول مكنتش تعرف ان مراتك بتشتغل معاك وتحت ايدك..
جحظت عين حسام فقال بغضب وهو يتحرك داخل السرايا
_ مش بقولك بتحب تلعب بالكلام وتخلق حوارات محصلتش.. هاروح العيال مستنيني...
اشوفك. بكرة
راقبه زياد وهو يدخل الى السرايا متهربا منه فتأكد من شئ ما.
****
فتحت أماني عيناها فجأة وهى نائمة فى الفراش وترى أنها تقوم وتتحرك الى خارج السرايا دون إرادة منها ، ارادت أن تصيح بعد أن شعرت أن هناك من يتحكم بجسدها رغما عنها لكن، هيهات... فكل ما تسطيع ان تفعله في تلك اللحظة هى الرؤية أمامها فقط .
تنظر الى اسفل قدميها بصدمة وهى ترى انها تسرح فى انحاء البلدة في الظلام و تهيم فوق الهواء وتتنقل من مكان لمكان اخر بسرعة شديدة، وبجانبها اشخاص يحدقون بها بخوف شديد ظلت ترنوا الى كل شخص منهم حتى تقوم بالتعرف عليهم ، وبعد ثوان.... عرفت انهم جيرانها في صباهم، وفجأة...
وجدت انها تمشي على الجسر المطل على البحر، لمحت عندما نظرت الى الماء فى الضوء الساطع من القمر وجه والدها فجحظت عيناها، لا تستطيع حتى الصياح ولا الدموع ، فتلك الاشياء كثيرة لحتى تتحملها ، علمت بعد ثوان من الخوف أنها ترى حياة والدها من قتل ونهب و كافة الأمور البشعة، وعندما استطاعت ان تتحكم فى عينيها اغلقتها بقوة وقامت بفتحها فلم يتغير شئ، بغتة... ظهر امامها والدها وهو يمسك سوطا كبيرة كما الماضي ويقترب منها بسرعة شديدة وهو يرفع السوط لاعلي وعندما جاء لينزل عليها مندفعا دهشت بانها استيقظت من النوم على الفراش وتلتقط أنفاسها بصعوبة كبيرة ، قامت بتحريك يدها وقدماها بتوتر ..فتنهدت بخوف كبير وهى تقول أنه كان كابوسا مزعجا .
ارتعش جسدها بالكامل وهى تبسط يدها على الخزانة الصغيرة بجانب فراشها لتبحث عن قنينة الماء لكى تبلل ريقها الذي جف بالكامل، شهقت وهى تتجرع الماء بشهية حتي خرج من أنفها وبقت تسعل بقوة عندما لمحت عجوزا واقفة أمامها تحدق بها بقوة ..
_عاش من شافك
جحظت عين أمانى بقوة وهى تنظر بتمعن الى تلك العجوز التي كانت تعشقها بالماضي بتلك النبرة الطاعنة فى السن التى لا تزال معلقة فى ذهنها ،لتهتف قائلة
_ ستي سناء !!!
ابتسمت العجوز ببسمة خفيفة ومن ثم قالت
_ لاه ..أنا صحبت ستك ..ظهرت ليك بشكلها عشان متخافيش .
لم تعلق امانى على كلماتها وبقت تتصفحها بتماسك فأردفت تلك الجنية بجدية
_ جيت اقولك على حاجه مهمة ولازم تعمليها بسرعة قبل ما مرجانة ترجع....
كم شعرت أمانى ببرودة وهى تحدق بها، وتلك الريبة من تحول وجهها الى الرمادي كلما يمر عليها الانارة الخارجية التى تتأرجح فى الخارج بفضل الهواء الشديد...
_كل يوم الصبح تحفرى حولين السرايا جنب كل شجرة قديمة هتلاقى هدوم وشوية حاجات لميهم وارمية في مسقط الترعي اللى جنب المقابر
عشان الارانب تبعد عن السرايا والهم يبعد عنكم.
هتفت اماني بتساؤل
_ وايه غرضك من كل ده...
_ غرضي ان الشر يبعد عنكم.
شعرت امانى بالحنق من تلك الجنية فقالت لها بغضب
_ وانت ليه مجتيش من بدرى ..
_ ما كنتش اعرف ادخل هنا ومرجانه موجودة .
_ بس انت ظهرتي قبل كده ..يوم ماقتلتى مالك .
_ لا يابنتي مش انا .. بس اللى عمل كده انقلبت الاية عليه....
المهم.....حاجة اخيره .. قبل ما امشي
خدي دهب ستك حفيظة كله وارميهم فى البحر ، أوعاك تاخديه ، دول حاجات اللى ماتو ظلم على يد حفيظة لو طمعتي فيه .. كل قرين واحد فيهم هينتقم منك ومش هيسيبك ابدا... لازم تتخلصي من كل ده..
_ ايه...؟
انا تعبت.. السرايا دي كلها ارواح وجن وهم اسود.. هو انا ليه الوحيدة اللى بيحصلي كده..؟
صمتت الجنية العجوز قليلا ومن ثم اردفت بمشاعر هادئة
_ عشان فيك حاجة من ستك سناء...
تنهدت اماني بالأخير فهى تريد ان تتخلص من مرجانه ومن تلك الطاقة السلبية التى تحيط بها فقالت
_بس انا مقدرش اعمل كده.. لوحدي..
_ هتلاقى اللى يساعدك وقتها...
همست بها الجنية وصوتها يردد فى انحاء الغرفة وهى تختفى تدريجيا تحت ضوء القمر المنبثق من النافذة على هيئة دخان ابيض .
عادت انفاس امانى الى الوضع المستقر وتنفست الصعداء ،تشعر بالخفة قليلا لكن يدها اليسري لا تتوقف عن الارتعاش، فكرت في كلام العجوز طويلا، تعلم حق المعرفة انها ليست مرجانة وانها شخص اخر يظهر على ملامحها ووقارها أنها من الجن الطيب.
نزلت من فراشها والفضول ينهش بعض اسارير قسماتها ، فوقفت أمام البوابة الكبرى تتصفح ما حول السرايا ،فاتجهت نحو الجزئية المقابلة لغرفتها وقامت بحفرها تحت تلك الشجرة الكبيرة صاحبه الاعوام الاكثر بينهم، لم تصدق عيناها وهى ترى أن تحت يدها ملمس لشئ غريب، سحبته مسرعة واقبلت تنظر اليه بدقة ، تبدو كقمشة بيضاء أكلها الزمن فأصبحت ممزقة ومهترئة ، سقطت منها اسورة ذهبية وهى تقوم بفك العقد التى بالقمشة وبعض الملحقات الصغيرة القذرة التي لا تستطيع أن تعرف محتواها، لم تشعر بنفسها وهى ترى ان الهواء يلتف حول جسدها بقوة، فجأة.....
وجدت نفسها أما مسقط البحيرة التي تكون بجانب المقابر، فقامت برمي تلك الملحقات في البحيرة كما اخبرتها تلك العجوز قبلا ، ولكن شعرت ان احد مايسحب قدماها الى الماء، وبين غمضة عين والاخرى رأت نفسها فى منتصف البحيرة ذهبت وهى تلمح بعيناها تحت ضوء القمر اشياء تتحرك تحت الماء، اعتقدت انها مجرد اسماك... لكن الامر كان غريبا، اقتربت من الماء لكى تلتقط اي شي بعيناها فكانت رؤية ضبابية غير واضحة فتمكن منها الفضول لتنزل راسها داخل الماء وتفتح عيناها ، شهقت بفزع وهى ترى أشخاص تحت الماء يتحركون فى تجمعات حول بعض المباني وكانه عالم اخر تماما... ظلت تراقب ما يحدث وهى ذاهلة تماما ولكن رويدا شعرت بالاختناق فرئتيها تحتاج الى اكسجين فرفعت رأسها بسرعة وهى تلتقط انفاسها بشهقة كبيرة ، وعلى حين غرة زغللة عيناها فقامت بفركهما حتي تتضح الرؤية وحين نظرت امامها وجدت دخان أبيض يلتف حولها فى البخيرة ورأت داخله ملابسات لمشاهد تحدث وكانه شريط مسجل يمر بسرعة امام عيناها دون صوت، وجدت نفسها أمام فتاة في سن المراهقة تلد وهى تصيح بألم وبجانبها الداية وجدتها حفيظة، مر الموقف سريعا امام عينها وهى ترى أن جدتها تأخذ الطفل الذكر وتقوم بجرحه بعلامة أكس ثم تقوم بدفنه في المقابر بعد أن ألقت امه عارية في بحيرة المسقط، تتابع ما يحدث أمامها وهى جاحظة العينين،كان هذا المشهد أرته لها مرجانة من قبل لكي تقوم بفضح حفيظة امامها ولكن تلك المرة كان يسير كاملا ..بظهور نفس الجنية العجوز واقفة أمامها وترمقها بنظرات ثم تحول بصرها الى الطفل الرضيع الذي يحمله رجلا فى منتصف الثلاثين بعد.ان وجده تحت الارض ومعه امرأته يظهر عليهم الثراء.
وبين شهقة والتقاط نفس طويل بصدمة وجدت نفسها أمام سرايا مهيبة تملك اثاثا فخما من الخارج ولكنه ملئ بالغبار بالكامل ، نظرت يمينا ويسارا وقد اعتلاها بعض الخوف الشديد .
_ عاوزة حاجة ؟
ارتعدت من سماع صوت بنبرة رجولية خلفها فاستدارت تنظر اليه بعينان مليئة بالصدمة ، رجلا فى بداية الثلاثين من عمره، طويل القامة عريض المنكبين يرتدي بذلة أنيقة على جانب صدره يرتسم خطا لامعا بالنار تحت قميصه ويأخذ حرف اكس تشبه العلامة التي صنعتها حفيظة على صدر الصبي الصغير .
علمت أنه هو نفس الطفل الصغير..شقيقها ، اعتقدت ان كل ما تمر به حلما، بل ارادت ان تصدق انه حلما فكانت تنتظر أن تفق من منامها أو تتحرك الى مكان أخر ، كما يحدث معها ، فهل يمكن لكل تلك الاسرار الكبيرة ان تكشف امامها فى اقل من ثوان وبتلك السهولة ؟
هتف الرجل اليها بعد أن رأها تتمايل الى الجانب الاخر كمن سيفقد الوعي
_ انت يا حلوة... جاية هنا لمين...؟
تلك النبرة بهذا التسلسل جعلتها ترتعد وهى تنصت اليها بهذا التركيز الكبير وترى ان بها شئ يشبه ابيها..عندما يتلاوع بخبث ، ارتعشت شفتاها وهى تحدق به بقوة و بذهول عندما اقترب منها اكثر فاتضحت قسماته فكان يملك نفس الهالة،الجسد بهيكله بالكامل، وتربيعه وجهه الا عيناه فكم كانت تشبه تلك المراهقة التى ماتت وهى تقوم بولادته... ، ارادت ان تهرب ولكن جسدها مقيد عن الحركة ، اقترب منها جدا ولم يعد بينهما سوى خطوةواحدة، انزل رأسه لكى يكون مقابل عيناها، تلك اللحظة تحكمت فى اهدابها واغلقتها بتوتر ثم شعرت بأطراف يدها الباردة وما ان جاءت لتتكلم سقط فاقدة الوعي بين ذراع الشاب.
****
تململت جيهان على الفراش وهى تشعر بالوهن الشديد فقد كانت ترضع صغيرها حتي غفلها النوم، جلست على الفراش وهى تتثاءب وتتمغط وكأن رائحة النوم لا تزال فى جوفها، فتحت عيناها بارهاق لتحدق أمامها وهى ترفرف اهدابها الناعسة بتعب، صدر صوت لصغيرها ينبأ بأنه استيقظ من نومته هو الاخر، فالتفتت اليه بحب، ذهلت عندما حدقت به لتجد ان عيناها ضبابية ولا ترى وجهه بشكل واضح فقامت بفرك عيناها بقوة فلم ينجح الامر فاستدارت الى كامل الغرفة ترنوا اليها لتراها بشكل واضح جدا، تسرب الخوف اليها بشدة حتي سمعت همسات حولها...
حدقت بكامل الغرفة لترى من أين تأتى تلك الاصوات ، وبقت تنصت بقوة حتى تلتقط اي صوت حتى ظهر صوتا بجانب أذناها يقول بنبرة رفيعة للغاية
_ انا مش هأذيك... احنا عوزينك تساعدينا..
واوعي تصوتي ليجي هنا ..
ارتعش جسد جيهان بخوف مما يحدث فهي تنظر فى المرآة المقابلة لها ولا يوجد سواها فبقت جاحظة صامته ولا تعلق على هذا الكلام بسبب رعبها الكبير.
فأردف
(جوزك بيأذينا بوجوده هنا... ياريت تمشوا فى اسرع وقت قبل مانتجمع عليكم ونرميكم بره.
ده مكانا من سنين طويلة ومن حقنا نكون فيه..)
ابتلعت جيهان غصتها وهمست بحذر بصوت متقطع من الخوف
_ بيأذيكم ازاى... وانتوا مين...
_ احنا جن...
جن مسالم...
والمكان ده مدرسة بنعلم فيها اولادنا
وجوزك ملموس من مارد بيأذينا كلنا... وعمال يضرب فينا وبيكشحنا..
لو مشيتوا بالذوق مش هنأذي حد.. واتمني يكون قريب.
قلبها يتواثب من الرعب فهذه المرة الاولى التي تقابل فيها جن ويتحدثون معها، مالت جيهان رأسها بايجاب بتوتر وعيناها مائلة الى طرفها اتجاه الصوت تحاول ان تلتقط اي شئ مجسد لهم بعيناها لكن لا يوجد اي شئ سوي هواء بارد يلحف وجهها مع كل حرف ينطقه الجن.
ران الصمت لثوان حتي لمحت بعيناها خيالات سوداء تخرج من الغرفة بمشهد مهيب مرعب، وفجأة...
وجدت نفسها تنتفض مستيقظة بفزع من النوم وهى تصيح وبجانبها طفلها يبكي ، علمت انه حلما راودها وكم كان مفسرا من تلقاء نفسه... فقد رأت نفس الخيال يخرج من وراء حسام وهو نائم ...
حدقت بجانبها وقلبها يدق بعنف لتجد المصحف الشريف بجانبها فتذكرت انها غفلت وهى تقرأ القرآن الكريم وأخر ما كانت تتلوه سورة الدخان ، كانت قد قرأت من قبل ان تلك السورة تظهر الحقائق المخفية كمن يضمر لك الشر تجعله يظهر امامك سواء بالحلم ام بالواقع بان يقع فى الكلام وتظهر نواياه ، ايضا تظهر من قام بعمل السحر للمسحور وتفضحه ، فتلك السورة بها الكثير من البركة، والأن تأكدت فهي أظهرت لها حقيقة حسام وحقيقة ذلك الخيال.
_سبحان الله.. جل جلاله.
تهتف بها وهى تتمسك بالمصحف وتتلوا بعض الأيات حتى لا يؤذيها أي جن، فقصدت سورة البقرة.. تتلوها بالكامل فأخذها بركة وتركها حسرة ولا يقدر عليها البطلة(السحرة)

*****
فى الصباح الباكر استيقظت أمانى وهى تشعر بألم شديد داخل رأسها ولكن تناست تماما عندما وجدت نفس الرجل وحوله مجموعة من الأشخاص يقفون امامها وهي نائمة على الاريكة بتعب، كانت تعتقد أنها بحلم حتى اقتربت منها فتاة ترتدي النقاب وتقرب منها كوبا من عصير البرتقال وهى تقول
_ اتفضلي يا أنسة اشربي .
حدقت بهم امانى ببعض الريبة وعيناها لا تتزحزح عن عين ذلك الرجل الذي لا ينتبه اليها ويحدق بتلك المنتقبة والى ذلك الشاب المقابل له بغضب والذي قاله له
_ انت متاكد انها مش جارتنا هنا أنا حاسس انى شوفتها قبل كده ..بس مش فاكر فين .
لم يعلق الرجل قصدا على كلامه ووجه كلامه الى تلك المنتقبة
_ ماتخصبيش عليها لو هي مش عاوزة ..سبيها براحتها .
فيرد ذلك الشاب الاخر
_ هي اكيد تعبانة ؟؟ ولازم تفوق ..عشان نعرف هي مين ..
كانت أمانى تتابعهم عن قرب وتنصت الى حوارهم تشعر بغضب كل منهم للأخر وخاصة ذلك الشاب الاخر الذي كان على وشك أن يقتل هذا الرجل.
جحظت عين امانى بخوف عندما وجدت تلك المنتقبة تذهب الى الاريكة المقابلة لها وتحمل طفلا صغيرا يشبه ذلك الطفل الذي تم سحره ودفنه من قبل جدتها حفيظة فى المقابر.
أخذت أمانى الطفل من أحضان المنتقبة بقوة والتي ارتعدت من سحبها إياه بتلك العزيمة فتركته لها خشية من أن يتضرر من سحب كل منهما له، قامت أمانى بسحب الجزء العلوي من ملابس الطفل وبقت تتصفح صدره فلم ترى أي علامة فرفعت بصرها الى ذلك الرجل ونظرت اليه بغرابة .
انتهزت المنتقبة الفرصة لتأخذ طفلها منها وتبتعد عدة خطوات عنها، اتجهت اماني الى الرجل بسرعة وقامت بتمزيق قميصه لتنظر الى صدره بإتساع حدقة عيناها وهى ترى تلك العلامة ، رفعت يديها لكى تلتمس ذلك الجرح القديم ، لكن يد فجأة أوقفتها وهى تقول
_ أنت مش مكسوفة من نفسك ..عيب على فكرة اللى بتعمليه ده .
التفتت امانى الى المنتقبة ونظرت اليها بغرابة وتقول وهى تشير الى طفلها وذلك الرجل .
_ ده ابنه ؟؟
لم تستطع المنتقبة أن تجد جوابا مناسبا فرفرفت اهدابها بتوتر وازدردت ريقها وابتعدت خطوة وبقت تنظر اليها صامتة.
استدارت اماني الى الرجل مرة أخرى وهى تقول
_ دي السرايا بتاعتك ...
مين اللى رباك طول الفترة دي ؟
رأى الشاب أن المنتقبة تشعر بالتوتر من وجود تلك الفتاة ومن اقترابها من الرجل بتلك الطريقة الجريئة، فوقف الشاب أمام أمانى ينظر اليها عن قرب بغضب
فتلاقت اعينهما لبرهة لتتبدل قسمات كل منهما الى الصدمة فهتف كلا منهما امام الاخر بصدمة
_ أمانى ..؟؟؟
_ زياد
جرى اليهما أخر ذكرى تجمعهما عند سقوطه في البحيرة من قبل والدها وعدم محاولتها حتي بإنقاذه وهو يستنجد بها برجاء.
فشهقت أمامه بخوف فتأكد زياد من شكوكه، التفتت أمانى تبحث عن مخرج السرايا ، لتهرع مسرعة الى الخارج ويتبعها زياد
يتبع ...
#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوي

مئة قبلة مع عدوي "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن