القبلة الثامنة والعشرون

250 10 0
                                    

القبلة الثامنة والعشرون
جحظت عينا أمانى عندما لمحت مالك يقف أمامها بل وعيناه تتفرس فيها بغضب لتشرد في اخر لحظة جمعتهما معا حتى تذكرت صرخاتها في وقت الاعتداء عليها قبلا .
وثب قبلها بخوف وارتعشت أطرافها حتى أحست أن روحها خرجت من جسدها ثم دبت فيه بعنف لينتفض بهذا الشكل المخيف فهذا الانسان حقا يجعلها تفقد شخصيتها وذاتها ويسبب لها نوبة تجعل أنفاسها تثقل ولا تمر داخل صدرها الا بصعوبة ، كم تخشي منه حد الجنون فلم يبلغ خوفها من اى جني اكثر من هذا الوحش الذي اغتصب روحها قبل جسدها ،رجعت خطوات الى الوراء بتوتر بالغ وهى تبتلع غصتها في حلقها تعلم ان لا أحد يمكنه ان يفق قوته وهيكله الضخم ، تبادر بذهنها فورا أن تهرب مسرعة حتى ولو كان ما تراه حلما فقد أصبحت أحلامها شبه حقيقة بإتلاف روحها الممزقة ،هرولت وابتعدت مسرعة دون العبء لنداء والدتها لها. كان سلطان لا يصدق ما يراه أمامه من وصول شقيقه اليه بعد  كل تلك الصراعات ، فقد عزم على المضي قدما والبحث عنه بعد مراودة أماني ، فقال وهو يحدق به فرحا ويمسك بكلتا ذراعه باشتياق كبير ، بعد رؤية نظرته له بأنه قد استرجع ذاكرته .
_ مالك ..أخوى ...كيفك ..
التفت بوجهه اليه بنظرات عتاب بعد أن تابع هروب اماني من امامه تحت صرخات مونى ،وقال له
_  متى أخر مر شوفتني فيها .؟
_ لما كنا بالمشفى أخوى .وتركتني ..
_ يعني ما كان حلم ..كان حقيقي ..
اغلق مالك عينيه بحزن وأردف
_ شلون ابي..وش سوي ..لما اختفيت .
_ أهدي مالك ...احكيلي الأول شي اللى حصل معك .
تنهد مالك وقال وهو يهم بالدخول الى السرايا مع سلطان  تحت نظرات الجميع التي تعج بالصدمة والخوف في أن واحد .
_ كانو حلم ..  !!! البارحة كنت أعيش كواحد تاني . ونسيت الكل ..
_ تعى أخى أحكيلي جوى ..وارتاح شوي ..
يهتف بها سلطان وهو يجذب يد مالك الى داخل غرفته وحين وصلا جلسا على الفراش  بأرق فكل منهما يحمل هما داخله كبير.
_ لا الأول احكيلي وش حصل في غيابي .
تنهد سلطان وقال الشئ الذي يؤرقه طويلا ، ويتذبذب داخله بخوف  .
_ تزوجت ..أمانى ..
انتفض مالك  وقام بإمساك سلطان من جلبابه بعنف غير مصدق لما يسمعه فقال
_ كيف اتزوجتها ..ومتي ..
كان مالك أطول قامة من سلطان بكثير كما أنه عريض جدا مقارنةً به ،فقال سلطان بتوتر خشية من ان تهتز العلاقة التي بينهما .
_ لما تعرف الفلم الخيالي يلي حصل راح تعذرني ..كمان ليش انت غضبان أنت ما تحب امانى وكنت ناوي تتطلقها ..نسيت ليله زواجك شي حكيتلي  .
استدار مالك الى الجهة الأخرى  وقال بحنق
_ لمستها ..!!
ازدرد سلطان ريقه وقد وصلت الإجابة الى مالك بصمته ،  فهتف بغضب
_ تعلم أن زواجك منها باطل ..صحيح ..!! واللى حصل زنا ...مو غريب عليها انها تعمل هالحركات لانها بدون شرف ..لكن انت يا أخى ..كيف ..صدقت اني مت اصلا
دهش سلطان من كلمات أخيه وقد أيقن أن شقيقه لن يترك أمانى له بسهولة ..فقال
_  أنا اخذت شرفها ..
أفهم من كلامك انك هتطلقها ..؟
دهش مالك بأنها كانت فتاة عذراء فقد كان متأكد من أنها فقدتها منذ زمن مع أي رجل تصادقه فمنظرها أوحي له بانها لا تعرف الطريق المستقيم وضد عادات ابيها الصارمة  ، وأيضا كان قد اكتفى بمضاجعتها من الخلف حتى يقوم بكسرها في ليلة زواجه دون التأكد من ذلك الشئ ،فابتلع ريقه فقد نجح سلطان في جعله يتوتر ، وبقى امامه كالضعيف الذي لم يستطع ان يأخذ عذرية زوجته فى ليلة زفافه..فرد وهو يخفى توتره ..
_..سرت تتحدث مثلها ...
اسمع..انت اللى هطلقها وهاخدها معي لسيناء .
_ أعرفك  تريد تنتقم من البنت  بس يلي حصل لك كان بيد سحره.
..سامحها واتركها لي ...
_ لاه ..أنت حتي ما تعرف شِي اللى سوي عمك فينا ..لحتي تتمسك ..
يهتف بها مالك بعيون مليئة بالغضب  فعلم سلطان أن تلك النبرة لا يوجد بها رجوع فرد عليه بنفس النبرة ..
_ وش سوي قولى هالحين ..سرق اراضينا  انا ماراح اربط فعل الاب بالابنة اسمع يا مالك ..ابي يلي راح يحكم ..مين ..
رد مالك مقاطعا ..
_ ابشر ... بشرفي ما راح اخليك حتي تشوفها ولا باحلامك ..
أنا أخوك الكبير ونعلم مصلحتك زين .. بالله لولا انى مسؤل عنك كنت ذبحتك لانك قربت من حرمتي .
لم يستطع سلطان أن يعقب على مالك فقد رأى الغضب يستوطن داخل عيناه المتمردة فتملك الخوف منه وظل صامتا وعيناه بها دافع خفي .

                    ****
كان وليد يجلس على الاريكة في الصالة وهو يستنشق الطعام الذي يطهو على النار بشهيه كبيرة ، كان السمن البلدي المسكوب على المحشي يداعب انفه بحب حتى بدأ لعابه يكثر داخل فاه ويهم بالخروج على شفتاه ، فابتلع لعابه  وقد تمكن الجوع منه ليدخل الى المطبخ ،وقام بفتح وعاء الطعام واستنشق بلذة ما به  ، وقام باخذ الملعقة وتناول بعض اللقيمات لتتسع عيناه باعجاب كبير وهو يمضغه ببطء حتي يستمتع بكل تلك البهارات  ، سقط غطاء وعاء الطعام فجأة ، فجثا على ركبته ليأخذه ويعيد وضعه ليلمح ناهد وهى تنحني بأسفل ظهرها وتمسح الأرض دون أن تنتبه لوجوده فى الصالة، فتابع تحركاتها لترتسم على شفتاه بسمه ساخرة على شدة نحافة جسدها وظل يراقبها ذهابا وايابا وهى لا تنتبه له، بغتة ولجت عليهما شقيقته فرمقته وهى تضيق عيناها بخبث له وأبت ان تعلق باي شي أمام ناهد  ، وانتظرت بعد الغداء حتي دخل وليد الى غرفته تابعته شقيقته بكرسيها المتحرك وأغلقت الباب خلفها لتراه يجلس على الفراش بأريحية ويشرب الدخان بمتعه فقالت له وهى تحدق به طويلا
_ وليد ..أنا مش مطمنه ليك ومن حركاتك  ..دي بنت صغيره يا أخى ..
نظر وليد لها بغرابه وقام بإطفاء السجار وقال
_ تقصدي ايه يا نادية !! مش فاهم  حاجة .
تنهدت ناديه وقالت وهى تلوي شفتاها .
_ ناهد ..على طول بتعد تتكلم معاها وتهزر وتقولها تسلم ايدك وبتاع ..ده انت عمرك ما قولتها ليا  ..وكمان دي بنت صغيره انت مش خايف تتعلق بيك ..
تغيرت  قسمات وليد الي استهزاء لشقيقته  ..
_ أنت بتهزرى يا بنتي ..أنا هبص لعيله صغيرة قد عيالك ...دي بت غلبانه صعبانة عليا ...جبر الخواطر ..برضه ..يا نادية..
_ وليد ..كلامك مش مفهوم ..المهم ..لو انت نيتك طيبة ..خد بالك ..لتتعلق بيك ..احنا منعرفش عنها حاجة  ..ممكن تكون بتستعبط عشان نشفق عليها ومنسبهاش  .
تأفف وليد من تفكير شقيقته وغيرتها الغريبة من ناهد فقال بسخرية ..
_  متخافيش ياختي ..ناهد دي مش في الخريطه بتاعتي اطلاقا ..
ثانيا دي باين عليها غلب السنين .. بلاش تفكرى في سلبيات وهميه وتكرهيها ..
زفرت نادية بحنق وخرجت من الغرفة وقد بدأت تشعر بالقلق من شقيقتها، وحين دخل المساء تجمع الجميع على طاولة العشاء وكانت ناهد قد صنعت الفطير وقدمته مع العسل الاسود و الطحينة ، فأُعجب الجميع به وبخفته  ، هتفت احدي أبناء ناديه ..
_ خالو في رحلة طالعه من المدسة بليز ...سبونى أطلع  المرة دي ..
_ رحلة لإيه   ياختي ..
هتفت الابنه الأخرى بلهفه مقاطعه لكلام وليد
_ أأه يا خالو معلشي ..خليا نطلع ..دي للاقصر يعني أثار وبتاع وهتفيدنا فى الدراسة كمان  .
رد وليد وهو يمط شفتاه بسخرية.
_  .. إنت بتستعبطى إنت وهي... معندناش بنات تطلع رحلات.
تجمعت الفتيات حين شعرن بطراوة اعصابه حوله يعانقنه برجاء ..
_ خلاص خلاص هفكر...لو كده نروح الجيزة بالعربية بتاعتي طبعا .
_ لا انا عاوزة اروح الأقصر ..
تهتف بها احدي الفتيات ولكن صمت الجميع حين شاهدن نظرات خالهم التى انقلبت إلى الغضب فخشي من ان تأتي له الحالة العصبية الشديدة  فقالت احداهن ..
_ اللى تشوفه ياخالو.
ألتفت وليد إلى شقيقته  وقال..
_ انت شايفه ايه يا نادية ..
مالت ناديه راسها لاسفل فهى عاجزة عن الحركة وستعوقهم عن المتعة فى السفر  فقالت
- لا مليش فى  الرحلات اطلع انت والبنات ..
- _ لا هتيجي ..وهناخد كمان ناهد  .
رفعت ناديه بصرها تحدق بوليد بقوة فقال وليد ببعض الحرج من نظرات شقيقته  المهاجمة له حتى يجعلها تهدأ
_ نسبها لوحدها يعني ..غلبانه ..يا عيني.
رمى وليد تلك الكلمات ثم دخل الى غرفته فهو لا يحب نظرات شقيقته له ، فكم يشعر بالشفقة اتجاه ناهد فهى تذكره بشقيقته وبكسرتها ، ويرى انهما متشابهان جدا لكن لا يوجد اى احد بحياتها مثل وجوده فى حياة شقيقته.
  وبعد مرور دقائق  من الجلوس مع نفسه فى غرفته، فاق من شروده في زوج شقيقته الفاشل والذي لا يتحمل اى مسؤلية على دقات باب غرفته   .
_ ميين ..
علم انها ناهد فهى تظل لبعض الوقت حتي تتحدث ، وبالفعل بعد مرور دقائق دلفت ناهد عليه وهى تقول .
_  ..هتاخدوني معاكم ..
_ أنت لسه فاكرة .. ايوة هناخدك
تابع نظراتها الطفولية المليئة رغم حزنها الكبير بعينيها  ،فرمقها من اخمص قدميها الى اعلا رأسها فشعر بالشفقة عليها  فأردف وهى تخرج من الغرفة .
_ بت يا ناهد  تعالى ما أقولك ..
مالك يا بت رفيعه كده ..أنت ما بتكليش ..؟؟
ران الصمت طويلا  فاردف
_ عشان مرارتي ..
ابقى كلى ..ميهمكيش الأكل عمره ما هيخلص ..عوزك تاكلى وتتخنى شوية متتكسفيش .. ولو نفسك في حاجه ابقي عرفييني ..
تغيرت قسمات ناهد وبدأت تحدق به بقلق فرأى وليد هذا الخوف والقلق  فعبس وجهه وحين جاء ليتكلم قالت ناهد مقاطعه .
_ بص يا بيه انا غلبانه ااه بس اوعه تفتكرني اني برمي نفس عليكم ,, وانك تشوفني لحم رخيص ..
_ايه لحم رخيص ؟ ..روحي تك داء الماية ..اهو ده اخره اللى يعمل خير ..امشي يابت انشاله ما عنك اكلتى ..يوم ماا ابص هبص عليك انت ..ياعيله تعالي شوفى النساوين أللى على حق  قد شعر راسك بيجروا ورايا  ..لو شاورت بس ..
لمح وليد بعض الحزن على محيا ناهد فعلم انه نجح في شعورها بالنقص امامه حتي لا تشعر بانه ينظر لها على انها فريسة سهلة  يستحل وضعها وايضا حتي تشعر بالأمان في حضرته .
تعلم ناهد ان رجلا مثله وسيم وطبيب تهرول النساء وراءه، فصدقت كلماته وقالت
_ ربنا يرزقك ببنت الحلال أللى تهنيك يارب
مال براسه بايجاب بسخرية من كلماتها  وقال
_ومزة لو سمحتي...
                            ****
وقف حسام ينظر الى باب الشقة الخاصة بأماني بعد تفكير طويل وصراع مع عقله ، دق الباب عدة طرقات وانتظر حتي يرد عليه أحد ، مرت دقائق ولم يأتي له إجابة ، وفجأة خرج رجل عجوز من الشقة المقابلة له وهو يقول .
_ نعم ... جاي الساعة دي لمين   ..!!
رد حسام بتوتر
_ مش دي شقه محامية ..اسمها أمانى .؟
_ أه بس هي مجتش هنا بقالها كتير ..
تنهد حسام ثم استدار ليمشي في طريقه وهو يفكر بطريقة حتي يصل الى أمانى فأردف الرجل العجوز
_ انت تعرفها ..ولا من بيت أهلها ..
توقف حسام عن النزول على السلم والتفت إلى العجوز وقال
_ اشمعنا ..!!
_ اصل المدام ...مدفعتش ايجار ثلاث شهور واختها كل شوية تتحجج.. وتتهرب وقولتلها النهاردة لو مدفعتش الايجار هغير الكوالين ...ومن الصبح لسه مرجعتش ..
لمعت في عقل حسام فكرة في تلك اللحظة ليقول بلهفة  ..
_ عليها قد ايه ..
أخرج حسام حزمة من النقود وقام بدفعها للعجوز وقال وهو يقدمها له حتي تسحر عيناه بالنقود ولا ينتبه الا مايقوله ..
_ انا أخوها .. وامي بعتاني   ادي الفلوس دي لاختي التانية ..بس هي شكلها مش هنا ..لو تعطيي نسخه بس من المفتاح انتظرها لاني جاي من سفر .
حدق العجوز به بقوة ثم سحب الأموال من يده وقال
_ أوى ..اووى ...اتفضل .
اشتعل الحماس في عروقة وأخذ المفتاح وقام بفتح الشقة ويداه ترتعش ، تصفح كامل الشقة بالكامل ليجد ان اثاثها قديم  ومهترئ وعندما وصل إلى الحمام ورأي فرش الأسنان بقي ينظر إليهما وعقله يعمل  ،فأخذهما ووضعهما في جيبه بعد تفكير  ، ثم خرج مسرعا ...
                             ****
وقف بسيارته أمام معمل كبير وظل يحدق في المبني بشرود ، حتى عزم على دخوله  بعد صراع داخل عقله استمر ساعه كاملة .
وقف امام صديقا يعرفه منذ مدة ، وبعد حوار طويل يظهر مدي اشتياقهما ببعضهما قال له بجدية ..
_  شوف الحمض النووي في الفرشتين دول متقاربين بنسبه قد ايه مع حمض  الفرشة دي .
_ خير يا حسام ..!!
_  دي مشكله بيمر بيها واحد اعرفه وقولت له مش هتبان غير بكده .
_ عنيا يا حبيبي .
_ قدامك قد ايه
_ أسبوعين  ..
_ لا كتير اووى ...
_ خلاص هحاول على قد ما أقدر ..وساعه ماتظهر هكلمك ...
مال حسام راسه بايجاب والقلق باد على وجهه بكثرة ، رجع الى سيارته وهو يقدم رجل ويؤخر الأخرى ..
شيء ما يجعله  يكذب ما سمعه من والدته ومن تلك الفتاة أمانى ولكن معرفه الحقيقة تلح عليه ولما قامت عائلته بدفنه ولما لم يعترفوا به فهل كانت علاقه غير شرعيه ..اشياء كثيرة تهجم عليه بالتفكير القاتل فلن يستطيع ان يجارى مسار حياته حتي يعرف كل شيء .
رجع الى البيت ليجد والدته تجلس على الأرض وتبكي بحسرة ، قد اوجعه رؤيتها بهذا السوء ، فظل يحدق بها طويلا وشريط طفولته وشبابه يمر أمام عيناه ، لا يتذكر مطلقا بأن تلك السيدة أشعرته يوما بأنه ليس ابن بطنها بل كانت كل معاناته معها بسبب حبها الشديد له ،تسائل بندم بانه كيف وبخها من قبل على حبها له وهى التي تعبت في تربيته حتى صار رجلا لم يشكي يوما من قله طعام او ملبس او امتلاك للأموال؟  فقد كان متشبعا بكل شي وخاصةً الحب والحنان  ..!!
الحب الكبير الجنونى الذي تلاقاه من إمراة ورجل لم ينجباه .
نزل على ركبته وهو يمسك بيديها برقه وحنان وينظر اليهما بحب شديد حتي سقطت دموعه الدافئة علي يديها ، فرفعت اطرافها البارده على وجنتيه تمسح دموعه وهى تقول ..
_ انا حبيت الدنيا دي اووى رغم كل التعب المر اللى شوفته عشان انت كنت في حياتي انت وابوك الله يرحمه.
عشان كده عمرى ما هسمح انك تقول لحد غيري يا امي ..او حد تاني يابابا ..
احنا عيلتك الوحيدة ..
رد عيها بحزن قاتل .. وهو يمسك يديها الاثنان ويقبل باطنهما بامتنان كبير قد ألم قلبه  .
_ انت ست الستات وامي اللى بحبها وبخاف عليها ..عمرى ما هتعرف غير بكده ..بس انا عاوز اعرف هما ليه عملوا فيا كده ..!!
_ لا لا متدورش في اللى فات .. أنا مليش في الدنيا دي غيرك .. اخاف يؤذوك تاني
_ ارجوك يا أمى ..لازم تثقى بيا المرة دي  ..
شعرت أنها ان اعترضت اكثر ستجعله ينهار بتلك الدوامة التى هجمت عليه، وسيفعل اشياء من ورائها  فمالت برأسها بالموافقة وعباراتها تغرق مقلتيها بحزن وخوف ..
وقف من على الأرض ورفع والدته معه وأدخلها الى غرفتها وقام بإطعامها بيده وهو يتذكر طفولته معها وكم كانت تقوم بتدليله.
وفى الصباح الباكر ، استيقظ وهو في أحضان والدته ليري ان دموعها جفت على جفنها ولكن لمعتها لاتزال على وجنتيها ، فقبل جبينها وبقى يحدق بها طويلا ، وصل الى مسمعه فجأة صوت أطفاله مع جيهان خارج الغرفة ، فعلم انها تحضرهم لذهابهم الى المدرسة ، وحين نهض من الفراش قامت والدته بإمساكه من معصمه بقوة فشعر انها تسحب طاقتها من حبها له فقبض يده على أطرافها بدفء ونام بقربها ، في تلك اللحظة علم ان الله يحبه حتي أهدي اليه أما تملك قلبا يسع العالم بأكمله ومليء بالحب  فقط له .
                              ****
تململت جيهان على الفراش وهى تتذكر البارحة وهى تراقب حسام وهو يعانق والدته بذلك الحنان ، كم تمنت لو يقوما بعناقها هي الأخرى فهى تملك شرخا داخل قلبها يؤرقها ، تتساءل بحيرة عن حب تلك السيدة لحسام بعد أن اكتشفت انه كان طفلا لقيطا مثلها، لا تزال لا تصدق هذا الشئ الى الان وتشك في هذا الأمر .
لا تنكر ان قلبها بدا يرتجف كلما تراه لا تعلم اهو بسبب شفقتها عليه ام ان قلبها قد تعلق به رويدا ، الشيء الواحد الذي  تعلمه أنها لا تريده أن يبتعد عن المنزل حتى لا يعتريها القلق ، تحاول أن تتهرب من فكره انه أمانها فقد أذاها كثيرا ، لكن لا تنكر انه يحميها من أشياء كثيرة منها انه يضم فلذة كبدها الى عائلته وكم هي شاكرة لذلك .
تذكرت فجأة الصورة التي قد سقطت من الخزانه في ذلك اليوم فانتفضت من الفراش تبحث عن عباءتها التي قد اخفتها بها،  وحين وجدتها جلست على الفراش واشعلت الإضاءة الخافضة .
جحظت عيناها حين رأت طفلا يشبه طفلها تماما في الصورة يجلس على لعبه حديدية ملونه وبجانبه سيدة شقراء تتشابه ملامحها مع والدة حسام ، شهقت حتى رفعت باطن يدها على ثغرها بصدمة وكلمات ماهر تعود اليها من جديد داخل اذناه بانها وجدت اب طفلها ، فهل كان يتحدث بجدية ؟وأن اب طفلها هو حسام !!
لا شيء مؤكد  لها بعد ..!!
في تلك الاثناء تذكرت تلك الورقة واللفافة التي امرها ماهر بوضعها في تلك الخزانة ..فتسرب الخوف اليها من أن تفقد تلك السيدة حياتها وتفقد العائلة اتزانها ويبقي طفلها متأرجحا بين النسب والاكرامية حين يصطاد ماهر حسام بأخطاء يمكن أن تنهي مستقبل حياته.
خفق قلبها بعنف فجأة وقد شعرت ان الخطر على وشك أن يتحرك اتجاههم جميعا .. لا تصدق انها قد استمعت لكلام ماهر ووضعت تلك الأشياء حتي يتم ايذاء حسام  ، ووالدته هى التى اخذتها إلى بيتها وقدمت لها غرفة دافئة من الشتاء القارص ، فهل تقدم لها الشر أمام مساعدتها.
دق باب الشقة بقوة فانتفضت برعب تهرع الى الخارج لتجد غرفه حسام أمامها، ظلت تحدق بتوتر إلى  باب الشقة والغرفة حتي هرعت الى غرفه حسام، وبأصابع مرتعشة أخذت الورقة و اللفافة من الخزانة و خرجت من الغرفة ، صعقت حين  وجدت أمامها حسام ويقف بالقرب منه زياد ، فتنهدت براحه بأن ماهر لم يتحرك بعد  ولم تأخذ في بالها ان حسام رأى ما بيدها .. فران اليها الاثنان بغرابه وكلا منهما بداخله الكثير ..
خرج عن الصمت زياد وهو يقول بغضب بعد أن رمق جيهان بنظرات قلقة عليها .
_ أزاى  كذبت عليا بالعنوان ..؟؟
لم يعلق حسام عليه واتجه صوب جيهان التي تمسك بيدها اليسري اللفافه واليد الأخرى الورقة وحين انتبهت الي مابيدها  اقترب حسام منها وقال
_ كنت بتعملى ايه في الاوضة  ..
علا الخوف بها من شدة التوتر ولم يأتي فى بالها اى كلمه، فسقطت مغشيا عليها فجأة من شدة تسرع نبضات قلبها  ليهرع اليها زياد بقلق شديد ويحملها بين ذراعيه، صعق حسام مما يراه و هجم  على زياد وأقبل يأخذ جيهان من بين يديه بقوة وهو يقول ..
_ ابعد ايدك عنها ..
تركها زياد له بعد ان لمح في عينان حسام الصدمة من اندفاعه عليها فعلم انه وضع نفسه فى موقف مخجل ومثير لشك  ، وضعها حسام في غرفته نائمة على الفراش واغلق الباب خلفه في وجه زياد الذي تم نهش قلبه بالقلق على شقيقته .
جلس حسام على الفراش وبدأ يرنوا إلى  جيهان ويراقب نبضاتها من رسغها ، وحين شعر بأن نبضها قد هدأ قليلا أخرج من جيبه الورقة التي كانت بيدها واللفافة  وتفحصهما بغرابة، قام بفتح الورقة لتجحظ عيناه من هول المفاجئة ، يعلم ان تلك الورقة تظهر بأنه له يد في اعمال مشبوه بالمشفى ،كما ان تلك اللفافة التي وضعها على انفه جعلته ينتفض فهى مخدرات من النوع الخطير الذي لا يتهوان في الحكم عليه .
تأكد الأن من شكوكه من ماهر وجيهان وتربصهما به ، قضية مخدرات + اعمال مشبوه بالمشفى  تقضي على حياته بالكامل حتى يتسني له الفوز بالمشفى وحده .
انتفض واقفا وصاح بقوة وهو يمسك جيهان من ذراعيها وهو يقول
_  قومي .. بتنتقمى مني عشان اويتك ودخلتك بيتي ..هو ده جزائي .
فاقت جيهان على صياحه لتعود الى وعيها وارتعش جسدها بالكامل ،فقالت بعد قامت من الفراش و نزلت على ادامها تبكي بندم .
_ هو اللى لوى دراعي ... أنا مظلومة ..
مظلومة ..
قام حسام بإمساكها من معصمها يضغط عليه بعنف كبير ويتبادر في ذهنه ان يقوم بطردها فورا ، لكنه تذكر محنته وشفرة حياته التي يريد كشفها أولا ، فجز على اسنانه يكتم غضبه الكبير وقام بدفعها بقوة  من أمامه حتي سقطت على الأرض وارتطم رأسها في زاوية السرير لتسقط مخشي عليها .
كان زياد يأكله قلبه ويريد أن يكسر باب الغرفه عليهما حتي يرى ما يحدث  ،ولكن خوفه على شقيقته جعله يتمالك قليلا ، وحين فُتح الباب رمقه حسام بغضب ولم يعبئ سوي لرمي عيناه الى داخل الغرفة ولكنه لم يرى جيهان بسبب اغلاق حسام الباب خلفه بسرعه .
فقال بتوتر
_ مالك كده يا حسام ماتهدي شوية على مراتك ..
_ ملكش فيه مراتي وانا حر فيها ..
عض زياد على شفتاه بتماسك وغضب يتمني لو يقوم بلكمه فقال وهو يجز على اسنانه .
_ انا اعطيتك العنوان اللى طلبته ..ليه ضحكت عليا ..
ولاه حسام ظهره وخطي خارجا فتابعه زياد بإصرار ليرد عليه حسام  بنفاذ صبر
_ مضحكتش عليك   ده هو العنوان.
قال حسام نفس العنوان عدة مرات ..
فصمت زياد وهو يفكر بان ما مر به كان مستحيل عند وصوله للعنوان شقيقته الأخرى، فأردف حسام بغضب بعد أن توقف عن المشي واستدار له وبقي يحدق به ببعض الغضب .
_  مش شايف  انك بتحشر نفسك في حاجات ملهاش لازمة .. لو مراتي وقعت ولو ولعت حتي متلمسهاش ..
هنا ارتفع بصر زياد الى عين حسام ،لا ينكر أنه شعر ببعض السعاده من تلك الكلمات ، فأختار ان ينظر اليه متمردا وكأنه خصمه .
_ مستحيل ..تبقي مرات اخويا ..وما اساعدتش ازاى .
_ متخلنيش اعيد الكلام تاني ..
استدار زياد مبتعدا عنه ،فزفر حسام بقوة وخطي ناحيه سيارته وهو يحدق داخل الورقة بغضب هادر.
وحين وصل الى وجهته ، نزل من السيارة  ثم استقل المصعد ووقف امام باب الشقة ، وانتظر الإجابة بعد الضغط على جرس الشقة ،حاول ان يخفى ذهول عيناه حين رأى أسماء تفتح الباب له  ، كان يعتقد انها ستترك ماهر بعد أخر لقاء جمعهما .
_ حسام ..
تهتف بها أسماء بغرابة من رؤيته يقف أمام شقتها الزوجيه الخاصة بماهر ،دفعها من أمامه بقوة  ودخل الى الشقة بهجوم يبحث عن ماهر  ويقول وهو يفتح أبواب الغرف يبحث عنه ..
_ لو عايز تتعلم ..اعد على رجل المعلم يا تييييت ..
وعندما قام بفتح باب الحمام وجده يجلس على مقعد الخلاء ويمسك هاتفه ويتحدث به بخوف .
_ في واحد هجم عليا في شقتي ..
كان ماهر قد سمعه عندما دخل إلى منزله يصيح، فاختار ان يختبئ فى الحمام  ويتصل بالشرطة، قام حسام برمي الورقة واللفافة عليه بسخرية ثم سحب حزام بنطاله واندفع نحوه يعنفه ويقوم بجلده بقوة وهو يقول بانفاس مجهدة تحت انظار أسماء وصياح ماهر بألم  .
_ عاوز تدمرني تعلالي مش تهدد أهل بيتي  يا تييت.. وانا قاعد ساكت ومش عاوز افضح عمايلك السودة ،
عاوز تبلغ بلغ بس انت اللى هتضيع ..يابن 11؟1@.
توقف عن جلده بحزامه حين فقد ماهر وعيه فأعاد حسام الحزام الى بنطاله امام أسماء التي رمقها بنظرات غضب وسخرية ثم خطى مبتعدا الى الخارج ،وتوقف عند عتبه الباب وأردف وهو ينظر إليها بضيق
_هو ده اللى سبتيني أنا والعيال  عشانه..
بصق حسام على أسماء بعد تلك الكلمات  وذهب إلى سيارته وهو يزفر بقوة.
حدقت أسماء بماهر بتقزز وندم كبير على اختيارها الأسود فهمست أمامه بسبة مهينه جدا وصلت الى مسمعه حين عاد الى وعيه  ، فجز على اسنانه متوعدا بأمور غير محمودة  بعيون تملأها الغضب وهو يتذكر مراهقته وكم كان يعتدي عليه حسام بالضرب المبرح .
                            ****
تجمع الجميع في سرايا سيد نصير امام مالك  الذي حكي لهم كل شي مر به وما حصل معه في الأوان الأخيرة فصفقت مني بعجب وهى تقول
_ اغرب من الخيال ..ياولدى ..
يمكن  سحر اسود...
فهمست موني بجانب اذن والدتها  امام  الجميع بسخرية .
_ انت صدجتي يامه الهبل دِه ..ده اكيد خدعة عملها ..
وصلت الهمسات الى مالك ليقوم بالرد عليها باستهزاء ..
_ شنو ؟ ...خدعه .. وإنت إيه عندك عشان اضحك عليك. .
كانت الفتيات تتابع مالك  بعيون غير مصدقه وتنظر له على انه شخص خبيث جدا ، ولم يعبئ لهن، فكم يكرههم جميعا ، فبقي ينظر في كل أعين فتاة حوله فلثم منهن الخوف الشديد منه والكسرة  ،فيمكن له ان ينتقم منهن جميعا في غمضة عين لكن بعض الشفقة تسربت اليه حين رأى ضعفهن ظاهر بكل وضوح  الا اعين أمانى المتمردة ، ربما نظراتها المهاجمة وغرورها الذي يشبه ابيها هو من جعله يقدم على اذيتها  .
هنا طرق الباب عدة طرقات ، ذهبت موني وهى تقول
_ شكلها هنادي وصلت ..
قال مالك بغرابة
_ هنادي .. ..؟؟
ردت مني عليه ..
_ دي بتى الثالثة  اللى عيالها فوج ..ما جبلتها من جبل ..هى اتطلجت ..(تنهيده ) ..وعايشة بمصر .
.اياك تكون اماني اللى چيت ..البت من حسرتها جرت ياعيني .. لما شافتك
قامت مونى بفتح الباب لتهل عليها هنادي وتهرع الى الداخل حتي ترى أولادها ، لتتشنج أطرافها وتتوقف حين وجدت من لم يكن تتوقع وجوده، يقف امامها بذهول ..لتهمس بدهشة كبيرة
_ رحيم ..!!
فى تلك الاثناء دخل من الباب سيدة عاملة كانت تعمل لديهم حين أقدمت مونى على إغلاق الباب  وتقول بصدمة  ..
_ الحجي يا ست مني .. سمعت من الحچ ناصر  عم سيدي سيد .. جه من مصر ويجول إن الشرطة  بتدور على الورثة ..يجولو البنك هياخد كل الأراضي   ..بسبب القروض أللى ما تسددت..    سيدي سيد كان كاتب السرايا وكل الأراضي ضمان..  اهربوا من اهنه.. واصل.
يتبع..
#مئةقبلةمع_عدوى
#سارةمنصوردوارالشمس

مئة قبلة مع عدوي "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن