القبلة الرابعة

647 15 9
                                    

القبلة الرابعة

_ حتى في بيتي مفيش خصوصية .. ازاى تدخلي بالمنظر ده .. حاتي مفتاح الشقة..
يهتف بها حسام بغضب الى أم زوجته الجالسة في غرفة الجلوس وتضع رجلا على الأخرى بتكبر .. وتنظر الى زوج ابنتها باستحقار .
_ ما ترحم نفسك ..مش كفاية بنتي مستحملاك .
_ اييه ؟؟؟ مستحملانى ؟؟
أيقن حسام من كلمات حماته أن أسماء قد حدثت والدتها بخصوصيتهما الزوجية ، فملأت قسماته الغضب ،
وما ان جاء حسام ليصب غضبه على ام زوجته أوقفته أسماء بقولها
_ أرجوك ياحسام اسكت ..محصلش حاجة العيال هتصحى.
لم يهدأ حسام وبدأ يتحدث مع حماته بغضب ..
_ اطلعى بره بيتي حالا ؟؟؟ ومعتيش تيجي هنا ..
بنتك تجيلك في بيتك ..
انما انت بالذات رجلك متعتبش شقتي
ده لو بتخافى على بنتك ..
جزت أسماء على اسنانها وقد وصل الغضب بها إلى ذروته..فقامت بالرد على زوجها بسخرية ..
_ انت بتهددنى يا حسام ..
طب على فكرة أنا اللى طلبت منها تيجي.. وتدخل علي الاوضة .
_ أنت بتقولى ايه؟؟
_ اللى سمعته
_ انت مراتى ولازم تسمعي كلامي ..
_ أنا زهقت ..
إنت ليه دايما بتستفزني
كل مدى مابكتشف غلطتى الأكبر انى وافقت أتجوز واحد زيك ..
لم يصدق حسام ما تسمعه أذناه فكان يعتقد أن زوجته تحبه وان زواجهما لم يكن تقليديا ابدا ، بل كان نابع عن قصة حب كبيرة من أيام الجامعة ..فهل كانت تخفى كرهها له وتقززها وراء هذا القناع المغلف بالحب الكاذب ؟ لكن ..كيف ؟؟ وهى...؟؟
كل تلك الأفكار تهجم على عقله قبل قلبه في ثوان معدودة ..يريد أن يهدأ عقله قليلا ..وأن يتوقف قلبه عن لومه ..
لم يشعر بنفسه ويده ترتفع وتنزل بصفعة قوية على وجه زوجته بدون أدنى رحمة ..حتى تردد صوت الصفعة فى اذن الجميع ..
ولم يتوقف عند هذا الأمر فحسب ، فقد أخذ أسماء تحت صراخها المستند إلى الغرفة وجذبها من شعرها وقام بتعنيفها ووالدتها تصيح..
_ طلقنى يامجرم .. طلقنى ....
لم يعبئ الى صرخات زوجته والى اظافرها التي تنهش ذراعه التي تبرز منها العروق بعصبية ، ولم يأبي أيضا الى أم زوجته التي كانت تطرق باب الغرفة عليهما وتعتذر له بحسرة حتى يترك ابنتها ولا يقوم بضربها
                     ****
خطت مونى بحذر خارج السرايا في وقت العصر وهى ترتدي ملابس تخفى هويتها ، وبعد أن تأكدت أن الجميع نائما بعد تناول وجبة دسمة للغداء قامت بالإشراف عليها خصيصًا .
وما إن وصلت الى بوابة السرايا الخارجية حتى هرولت الى ناحية البحيرة وتحت شجرة الصفصاف الكبيرة والتي مر عليها سنوات كثيرة حتى زبلت بعض أوراقها .
انتظرت تحت الشجرة وهى تأكل في اظافرها بتوتر شديد وتنظر يمينا ويسارا خشية أن يراها أحد ، وما ان رأت شابًا يخفى رأسه بوشاح عمامته .. قامت بإنزال وشاحها، وأشارت اليه حتى يراها ..
_ حسن !! وحشتني يا واد جوي ..
_ منى مني ..منى القمر مُناي وحبي ياولاد .. أنت اللى وحشتني يابت جوى ..
يهتف بها هذا الشاب بحماس وبعيون صفراء تلمع ببريق كاذب .
ضحكت مونى وهى تراه يقبل عليها ويحتضنها داخل صدره ، فقامت بوكزه بصدره برقه لكنها ألمته .. فابتلع ريقه كاتما لغضبه وهو يقول ..
_ مش ان الأوان يا مني العمر ..
_ ايييوة مش أن بجي ياحسن تروح تطلبني من أبوى ...
_ بس ..أبوك مش هيوافج وأنا تكلمت معاك في اكدا ... ومعتيش تفتحي الموضيع دي واصل ..
... ساد الصمت لثوان ومن ثم أردف اليها وهو يتابع قسمات وجها التي تتحول الى الضيق ..
_ بجولك ...ايه رايك نتزوج ونهرب سوي ..
_ أنت لساتك عايش في الاحلام والمسلسلات ياحسن .. لاااه يا ابن عمت ابوي ..ميحصلوش ابدا .. أنا نريد نتزوج مثل الخلق على سنة الله ورسوله ..
مال حسن وجهه الى العبوس ورد عليها ساخرا
_ ياسلام . متدينة جوى ياختي
_ أومال .. ماتصلي على الرسول ياواد ..
_ عليه الصلاة والسلام .. بجولك ايه يابت تعالى نفرحوا شويتين .. ونلعب ..أنا من زمان مالعبت معاك يا حبي.
يهتف بها حسن وهو يرتمي في أحضان مونى ويبسط يده على ذراعيها الناعمتين ..
فقامت مونى بإبعاده بأقصى قوتها وهى تضحك ،فرجع حسن برأسه الى الوراء اثر قوة دفعتها فاصطدم بالشجرة ،فتأوه متألما فعدل من جلسته وقام بإمساكها واقترب منها يحاول تقبيلها.
_ ابعد يا واد .. يا مجنون ..الله يحرقك أنت وامك ..
لم ينصت اليها حسن ، وسمح للعند ان يتحكم به فاقترب من شفتاها ، وهى تحاول أن تبعده بذراعيها ، في تلك اللحظة ارتمت صخرة تشق طريقها في الهواء الى رأس حسن من يد مجهولة .. فصرخ متألما .. وتشنجت أطرافه وهو يرى دماء مكان الألم .. ففقد وعيه وسقط على مونى التي لم تنتبه الى الصخرة التي اصطدمت به والى الدم ..، فقامت بدفعه عنها وهى تقول ..
_ أأه يا ... ايه اللي خلاني ابصلك ..
والله لوله ان محدش عاوز يتجوزنى بسبب ابوى ما كنت بصتلك ياابن القرعة ..
ايه ده طوبة يخرابي .. يلاهوووي
تقولها مونى وهى تنظر الى الشرق والغرب بعد أن رأت صخرة صغيرة بها دم من رأس حسن ، فلم تجد أحدا.. فنظرت الى أعلا .. فخرجت شهقة من شفتاها وهى ترى الشاب المجنون ابن حسنية الخادمة الخاصة بهن ..فأردفت بخوف وتوتر وهى تنظر الى المجنون وهو ينزل من الشجرة
_ ايه ده عمر .. تعالا انزل ..
عملت ايه كنت هتودينا في داهيه ..
اهم حاجة ان محدش شافنىي كنت همووت ..
وما ان نزل عمر قامت بسحبه من يده الى السرايا وهى تضع الشال على رأسها .. وتقول بصوت منخفض
_ عمر ياخوي .. أوعاك تقول على اللى شوفته ..
صمتت مونى قليلا وهى تنظر الى عمر بغرابة وتردف
_أأه يا غبائي نسيت انه أهبل ... الحمد لك والشكر يارب نجيتني .
وبعد ان دخلت مونى الى السرايا واخذت عمر الى والدته ... هي تقول ..
_ ربنا ياخدك ياحسنية .. عليك وعلى خلفتك الهباب .. يوم ماتخلفى تيجيبي مجنون ويكون مزز كدا زي بتوع الأفلام ...
طول عمرى حظ زفت ... أأه لو كان ينفع كنت اتزوجتك يابو عيون خضرة يا جشطة ..
تهتف بها مونى بحسرة وهى تصعد على سلم السرايا المؤدي الى غرفتها .. فتردف ..
_ودلوجتى هاروح لأوضتى المطينة ... وحيدة وحيدة يابوى ...
تقولها مونى وهى تقف امام غرفتها .. وتقوم بفتح الباب لتصعق برؤية امانى في الداخل وعلى وجهها علائم لا تبشر بالخير ..
_ اقرأ الفاتحة على نفوخك يامني
تقولها أمانى وهى تقوم برفع اكمام ملابسها .. وتضغط على قبضتها بانفعال ....
فتصرخ مونى وتهرولت الى سلم السرايا وتذهب الى غرفه والدتها والى الغرف الأخرى ... وهى تصيح
_ ابوك اللى جالي والله ... مليش ذنب .. هما السبب ..
ارحمونااااااييي .... أنتم كلكم عليا .. ده ظلم ...ظلم
نجحت مونى في الهروب من أمانى ودخلت الى غرفة الجلوس الصغيرة لكى تخفى نفسها ، وبعد عدة دقائق استقرت أنفاسها من التوتر ..فانفتح الباب فجأة... فعاد الخوف والتوتر اليها .. فكممت أنفاسها بيدها الاثنان وبقت خلف الأريكة متخفية ..
_ يارب ماتشوفنى ..
سمعت مونى صوت غلق الباب ..
شعرت باقتراب الخطوات منها .. فلم تعد تتحمل التوتر ..فوقفت تصيح بأعلا صوتها .. وعيناها مغمضتين من الخوف ..
_ أبوك السبب ..متجرفنيش .. هتضربيني يعني ..
لم يأتي اليها جواب بل ظل الصمت لثوانى ففتحت عينها اليسري ...لترى امامها .. عمر وليس أمانى ..
_ عمر يخربيتك ياواد كنت هموت .. الله يأخد...
سُرقت الكلمات من شفتاها لتدخل الى فم عمر الذي خطف شفتاها الرقيقة داخل ثغره بحركة سريعة ..
ظلت مونى جاحظة العينان وهى ترى عمر يقبلها بطريقة غريبة .. فارتفعت نبضاتها تخفق بجنون .. تعلو داخل الغرفة كقرع الطبول ..والتى ذاقت نسيج لغة لم تعتداها في حياتها ..والتى تحمل نكهة لذيذة لا تشبع روحها مما سحبت من أنفاسه.
                   ******                             
شعرت أن القمر يراقبها وينظر اليها بشفقة وينثر ضوئه في طريقها المظلم وهى تخطو على الرصيف ليلاً وتتابع المباني شاهقة الارتفاع، لا تعلم الى اين تذهب وكيف ستكون حياتها ، الشيء الوحيد الذي يصبرها على تلك الحياة الذائقة هو طفلها الصغير .
دخلت الى الجامع لتنام ليلتها فلم يعد معها المال ولم تقدر على الطلب المال من اى شخص ، فقد وافق طليقها ماهر على العمل في المشفى مقابل ان تتنازل عن كامل حقوقها وتظهر أمام معارفها أنها الفتاة السيئة الجائعة التي طلبت الطلاق لأجل المتعة الدائمة والتي لا ترحم زوجها ولا تشعر به وهو غارق في اعماله ..
تنهدت وهى ترفع طفلها الى صدرها لكى تقوم بإرضاعه وعيناها لا تتوقف عن سكب الدموع وهى تنظر الى عيناه البريئة والمضيئة صاحبة اللون الغريب والملامح المختلفة عنها قليلا وعن طليقها
بكت أكثر بانفعال وهى تقول
_ ربنا ينتقم منك ياماهر .. حرقت قلبي بابني ..
دلوقتى هعرف ابوه أزاي .. أأأأأأه ياربي ارحمني وساعدنى .....
_ أنت ياست انتى قومي يلا احنا بنقفل الجامع ...
تهتف بها سيدة عجوز بصرامة ، دهشت جيهان من طريقة كلام تلك السيدة فالتفتت لتنظر الى صاحبة الصوت.
فظلت تنظر بصمت حزين الى تلك السيدة العجوز ذات الملامح الصارمة والى ملابسها بالوانها الملفتة ..
فرأت السيدة العجوز قطرات الدموع تملأ عين جيهان ، فلانت ملامحها الصارمة وجلست السيدة العجوز على الأرض بجانب جيهان تربت على ظهرها ..وتقول
_ مالك يابنتي بتعيطي ليه .
_ ارجوك ياست ياكريمة تسبيني انام هنا النهاردة أنا معنديش مكان انام فيه ..
_ اهدي بس .. ومتعيطيش .. أنت بنت مين
_ أنا يتيمة ومليش حد في الدنيا دي ..وجوزى الوحيد اللى كان ليا طلقنى .. ورماني رمية الكلاب ..
ابوس ايدك سبيني أنام هنا أدفى ابني من البرد ..
عضت السيدة على شفتاها بحسرة على تلك الفتاة التي تبدو في بداية العشرين من العمر ، بعيناها الزرقاء اللامعة شديدة الفتنة تملك من الحزن مايعادل أطنان البحار ..
فتنهدت السيدة بحزن وشفقة .. وهى تقول ..
_ قومى يبت تعالى معايا .. متخافيش .. انا ست وحدانية زيك .. تعالى باتي معايا أهو تسليني شوية لحد ماتلاقيلك مكان ...
صمتت جيهان وهى تنظر الى تلك السيدة الصارمة والى نبرتها التي تغيرت الى الحنان .. والى كلماتها العطوفة .. فبكت اكثر وقالت ..
_ لا انا هنام هنا ..
_ يابنتي قومي الجامع ببقي برد مع دخول الليل أكتر لو خايفة على الولد قومى ..
قامت السيدة بإمساك جيهان من يدها اليسري لكي تقوم من الأرض
فقامت جيهان بإنزال نقابها الذي يخفى كل شيء بها ..
_ أنت يابنتي بتشوفى ازاى بالنقاب ده .. ماتكشفي عنيك حتى عشان تعرفي تمشي بدل ماتقعى ..
تقولها السيدة وهى تمشي في طريق مظلم عن الطرقات ، وماتزال تمسك بيد جيهان
_ لا ياحاجة أنا كويسة كدا ..
انصدمت جيهان وهى ترى أن سيدة العجوز تسحبها داخل بناية ضخمة متعددة الطوابق ششهقة الارتفاع ، فوقفت جيهان أمام المصعد الفخم تنظر الى السيدة بغرابة ...
_ مالك بتبصيلي كدا ..مستغربة يعني انى عايشة في مكان محترم .. ولبسي عادي.. تعالى يابنتي ادخلى ...
دخلت جيهان الى المصعد .. وظلت صامتة .. تنظر أمامها في شرود
فـأردفت العجوز ..
_...هتصدقى لو قولتلك ان العمارة دي كلها بتاعتي ..
متبصليش كدا كله بفضل الله ...
واعرفى الغنى هو الله .. مهما الواحد يبقي معاه فلوس كتير ... هيفضل فقير .. لحاجات كتير اوووى يابنتي ..
كان جوزى... الله يرحمه كان يقولهالى ..
دلوقتى حسيت بيها وتأكدت ...
ربك كريم ...سمي وانت داخلة ...
تنصت جيهان الى السيدة بغرابة وتمشي معها حتى دخلت الى شقتها الكبيرة ذات الأثاث الفخم ..كلما تنظر في عين تلك العجوز وتسمع حديثها تعلم أن رحمة الله تأتى على هيئة أشخاص ذات قلوب رحيمة طيبة .. تحب مساعدة غيرهم ..
_ بصي انا وحدانية زيك .. جوزي توفي من عمر .. وابني مبيجيش ليا الا مرة واحدة في الأسبوع وبياخدني على شقته ساعات .. يعني خدي راحتك على الاخر .. ويابنتي لما تلاقى مكان كويس ابقي روحي شوفى حالك ... واجرنا على الله ..
_ ربنا يكرمك ياست يا اصيلة .. ويجبر بخاطرك ..
_روحي اجرى كلى .. التلاجه عندك اهي ..
وشوفى ابنك ...أنا داخله اوضتي ..اقرأ قران وانام واستكشفي الشقة براحتك .. ونامى في أي اوضة ..عندك اوض كتير .....تقولها العجوز وهى تربت على ظهر جيهان بحنان ..
بكت جيهان وهى ترى تلك العجوز اللطيفة تكلمها بحنان .. حتى رأت بعيناها الأمومة التي حرمت منها طوال حياتها ..
***.                     
علت أصوات البهجة في السرايا بترانيم ونغمات لم تزورها من قبل .. فكان يوما عجيبًا ، بل شديد العجب .
فلم يصدق الجميع أن أماني قد توافق على الزواج من ابن عمها والذي لم تراه من قبل سوي مرة واحدة ..
ذهبت مونى الي أماني في صالة السرايا المجتمع فيها النساء ، وجلست بجانبها ونظرت الى فستانها الأبيض والذي لا يشبه امانى ابدًا .. والى شعرها القصير جدا .. وقالت بغرابة وهى تقرب عيناها منها حتى تلتقط منها بعض الخبايا المدفونة بعيناها ..
_ أنا مش مصدجة عنيا الاتنين...بنت ابوي توافق على واحد زي ده .. هو فعلا ولد مز وصاروخ ... بس أمانى لاااع أم التكبر والغرور لاااع.. اكيد في حاجة ورا الجوازة دي صوح يابت ... جولى ...
لم تعلق أمانى على كلام مونى ، فالجميع ينظر اليها بغرابة يريد أن يصلوا الى معلومة واحدة ، فالفتاة التي كانت تحارب الجميع منذ الصغر لكى تكون ابنة القاهرة .. تعود فجأة لكى تتزوج من رجل بدوى ..
وتقبل بالعيش بالصعيد .. !!
اعتقد الجميع أن شيء ما مُخفي ... الا السيدة منى التي كانت تنزل الدموع من عيناها على ابنتها التي وافقت من أجل المال والسلطة ... تعلم أن نوايا زوجها ليست سليمة ..
وبالرغم من رجائها لابنتها لكى تهرب ،الا ان امانى كانت متصلبة الفكر .. تلمع عيناها بمكر .. شديد ..
فاستسلمت للأمر الواقع.. ودعت الله .. بان ييسر لها أحوالها ..
_ العريس عاوزك يا أمانى جومى روحى الاوضة واصل يا بتي ...
انصدمت أمانى من كلام أمها والى تسرع العريس بإنهاء الذفاف، فلم تنصت الي والدتها وظلت جالسة ..لم تمر ثوانى حتى ذهلت من دخول مالك على النساء بهذا الشكل .. ومن اشارته لها بأن تاتى تحت نظراته الجريئة ..
حاولت أن تخفى قلقها الشديد وتوترها منه بان تضع قناع الصرامة ..لكنها فشلت أمام عيناه وهو يمسك بيدها أمام الجميع ويسحبا الى الغرفة وما إن وصل أوصد الباب صافقا إيه بعنف ..
شهقت وهى تراه يقوم بإزالة عباءته العلوية وعمامته فدهشت من طول شعره الاملس الثقيل
_ شخبارك يابنت عمي .. شبيك خايفة ؟؟
منى أنا ...؟؟
أنا زوجج ..
يقولها مالك وهو يقترب منها ويلزق وجه بوجنتيها ، فتشمئز أمانى وتبتعد عنه وجسدها يرتعش بخوف من يديه القوية التى تجذبها بسهولة بدون إرادة منها ....
فهتفت
_لا مش خايفة ..وهخاف من ايه ..
_ أشوفج تتحدثين مثل الأفلام ..
اقترب منها اكثر وهمس وهو يمرر يده داخل خصلات شعرها.
_ماكنت أعرف ان بنت عمى جميلة ...
راح اخليج كل يوم تحسي أنك اخترتي زين.. لما تشوفيني بعاملج مثل الحشرة.
نطق اخر كلمة ببطء شديد تحت نظراتها الصادمة بنبرة متملكه مليئة بالكره والغل ، فجأة قام بجذب شعرها بقسوة بيده بعد ما كان يمررها بلطف داخله ،لتصيح أماني بقوة... ثم القاءها على الفراش بعنف.. وضغط على معصمها الضعيف وفى نيته يريد كسره بدون رحمة .. وبقي يحدق بها طويلا وهى تصرخ بألم شديد... لكى يشبع كرهه برائحة خوفها .. فقام فجأة بتكميم فمها ومنع صرخاتها ..مهما تنزل دموعها الخائفة على يده لا يبعدها ..
شعرت أن السماء سقطت على رأسها دفعة واحدة ، دون أن تعطي لها فرصة بأن تصرخ من الألم .. كل شيء يجعلها تكتم داخلها ..حتى بقي قلبها يحتوى على صخور صلبة .. ودمائها تتحول الى وحل أسود يعم داخله سمًا بكل نظرة حقد وكره ..
علمت أن والدها من طلب منه ذلك ...لكن كلماته التي تخرج منه ..ضاعت بها الى عالم لم تراه من قبل .. وبقت نجدتها تُحسها على النطق باسم واحد فاهتفت به داخل أنفاسها المكتومة ..وبقت دموعها شاهدة على نطقها به ....
_ ابوك سمم ابوي قتله عشان الورث . تريدي أتركك .. لازم تموتى الليلة ..لازم ينحرق دم ابوك عليك...يا معيوبة ...
لا تعلم كيف تَمزق رباط قيدها حول فمها فجأة فصرخت باسم جدتها ... ربما هو لايعرف بما فعل والدها معها .. ربما ان كان يعرف ما اختارها هي ابدا لكى ينتقم منه .
_ اخرسي ياملعونة ..
فجأة ظهر دخان بلهب أزرق يملأ الغرفة بالكامل ويلتف حول جسد مالك .. فشعر بتشنج عضلات جسده وارتمي بجانب امانى كالجثة الهامدة .. يتلقط اخر أنفاسه تحت نظرات أماني المصدمة
_ امااااانى ... نجيتك اليوم يابت منى .....
تهتف بها سيدة عجوز تعلمها أمانى جيدًا .. فزادت في البكاء أكثر ..
فانفك قيد جسدها بالكامل وأصبحت حرة ... ولم تتوقف شهقات بكائها بحسرة .....
جحظت عيناها وبدأت شفتاها ترتعش من الخوف وهى ترى أن جسد مالك يهيم في الهواء حتى وصل الى النافذة وسقط منها ..فصرخت أمانى باعلى صوتها ... وفقدت الوعي ..
****                  
تململت جيهان على الفراش وقد استيقظت على بكاء طفلها .. فقامت تأخذه في أحضانها لكى يهدأ
فلم يتوقف، فقامت بخلع عباءتها وبقت ببجامتها لكى ترضعه.. وما إن انتهت، خطت الى المطبخ لكى ترطب جفاف حلقها بالماء..
اخذت ابريق الماء من الثلاجة ..ووضعته على الطاولة ، وجلست وهى تتأوه بتعب ..وتهمس وهى تنظر الى صغيرها وتضمه داخل صدرها بحنان وشفقة على نفسها
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك ياماهر ....
في تلك اللحظة علا صون رنين هاتفها المحمول.
_ غلط تحطي الموبايل هنا ...
قامت جيهان بإخراج الهاتف .. وهى تشير بلا مبالاه بيد وبيديها الأخرى تحمل صغيرها حدقت الى رقم المتصل بأعين ناعسة ،.. لتجدها أختها الصغيرة اسراء فتقوم بالرد على الاتصال ...فيخرج صوت أختها من سماعة الهاتف مقاطعًا ..
_ جيهان انا محتجاكي ..
أطلقت جيهان زفرة طويلة .. قبل أن تقوم بالرد على اختها ولكن ..كُتمت الزفرة داخلها حين تذكرت سماع صوت رجولى منذ قليل ولم تنتبه له !! ..فظهر صوت أنفاس حولها ..فصمتت بخوف .. ورفعت رأسها تنظر أمامها لتجد رجلا يجلس أمامها على الطاولة وينظر اليها بعيون لامعة يتفرسها بدقة.
_ ...(تنهيدة )....انت بقي جيهان ...
وقفت جيهان اثر صدمتها تصرخ وهى تلقى ابريق الماء على هذا الرجل الغريب كرده فعل صادم .. وتهرول الى غرفتها ..
يتبع ...

#سارةمنصوردوارالشمس
#مئةقبلةمع_عدوى

مئة قبلة مع عدوي "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن