١

3.8K 38 1
                                    


في الدنيا الغريبة بنمر بحالات مختلفة وزمانات مختافة وشخصيات مختلفة .. ممكن تمر باسوأ حالة .. كيف تتصرف عشان تحافظ على اصالتك .. اما العواصف لاتكن عنيدا فتنكسر ولاتهرب فتخسر .. ولكن تكون مرن .. وتتعامل معها زي مابتتعامل المركب مع الامواج .. وزي مابتتعامل البانة مع الرياح ..
.. الاصيل دايما بتلقاهو ياهو البتعرفو .. في كل الحالات ..
الزمن البتغير كل يوم.. بغير شكل المعيشة وشكل الناس وشكل التعامل .. والاصيل ثابت ياهو في كل زمن .. كريم وهاش وباش ..
بتلاقي في الدنيا الانسان الطيب ..ابدا ماتستغلو .. خليك معاهو .. واسيهو سامحو اذا غلط .. واثني عليه اذا احسن .. احسن صحبته ..
واستشف من طيبتو.. اذا ربنا وقفك بصداقتو فانت الربحان لامحاله ..
وبتلاقي السئ لاتسمح ليهو يغير من اصالتك .. والسفيه ماتنزل معاهو للمستنقع اللفظي والفعلي .. خليك عالي فوق ..
تصرفاتو السيئة ماتغرك ولاتعجب بيها لانك بكرة ح تعملا .. وتفقد اصالتك وتبقى زيو ..
الفاظو المامحترمه ماتعجب بيها ولاترد عليها .. ابعد منه .. اذا كنت بعيد منه عشرة امتار ابعد زيادو كيلو .. لو سمعت بيهو موجود مع ناس اعتذر ماتمشي ليهم .. ده انسان ممكن يعاديك باسوأ المراض .. تعلم الصمت اذا كان الكلام يضر .. واختار احسن اكلام اذا كان الصمت يضر ..
انسانه بتحكي اعجب قصة تابعوها ..
قالت ..انا اسمي مهج .. ابوي اسمو فيصل .. امي اماني نور الكون ..
حكايتي معقدة شويه . ماعارفة احكيها بياتو طريقة .. انا واحدة عند امي وابوي .. ماعندي اخوان ولا اخوات ..افظع احساس ممكن تحسو لم تكون وحيد امك وابوك .. ودي ذاتها كانت عندها حكاية غريبة احكاها لي ابوي ..
بحكيها ليكم بعدين ..
ابوي اصلا كان متزوج قبل امي .. من منطقتهم في النيل الازرق .. انا ماشفت الحتة ..بس بسمع ابوي دايما بتكلم ..انو من هناك .. وبتكلم عن طفولته وجمالها .. وعن حكاياتو مع اصحابو في الحلة .. وعن جدي كان نفسي اشوف الحلة ..واشوف ناس جدو وحبوبه ..لكن ربنا ماقسم لي .
ابوي عنده اخو واحد ..دايما بقول اخوي فتح .. برضو ماحصل شفتو انا .. كلما اقول لابوي انا عايزة اشوف الحلة . ماشة اشوف اعمامي .. ماشة اشوف بلدنا .. ابوي بغير لي الموضوع ..
يتخيلي من انا صغيرة انو في مشكلة بين ابوي وعمي ..بس هي شنو ح تعرفو معاي لقدام ..
من حكاية ابوي ....
المهم ابوي طلق المراة ..الكان قعد معاها تلاتة سنه.. وماجاب منها جنى .. وهي بتبقى ليهو بت عمتو بي اللفه ..
بعد داك ابوي جا الخرطوم اشتغل فترة واتزوج امي .
.. وبرضو قعد معاها 7 سنة وماأنجبو ..الحمد لله في النهاية جابوني انا .. عديت اجمل سنين حياتي بين امي وابوي انا طفلة لست سنوات .. وكنت سلطانه ابوي وامي .. كل طلباتي مجابة .. بنوم بين امي وابوي .. وسعيدة سعادة ما في زول بتخيلها ..
لكن اصلا السعادة مابتدوم .. انا امي عيت عيا.. ومرضت مرض لايعلمو الا الله .. انا عمري سته اوسبع سنه .امي كانت بتشكي من معدتها .. وانا بتذكر انها كانت بتستفرغ دم .. وكانت الليل كلو بتتقلب من الالم .. وانا كنت ببكي معاها وخايفة انو امي تموت . وابوي خايف اكتر مني .. لانو ابوي ماعنده سند من الناس غير امي  .. ابوي كان وحيد ..كأنه مقطوع من شجرة . بس كان بحبنا انا وامي ..محبة انا ماشفت زيها في حياتي .. امي عندها اخت واحدة  اسمها اميمة ساكنة في الحاج يوسف.. ونحن كنا ساكنين في امبده ..
لمن امي عيت شديد خالتي اميمة جاتنا.. في امبدة مع بتها الصغيرة اللهي قدري اسمها سلمى .. وقعدو معانا ..وامي كل يوم تعبانة اكتر من اليوم القبلو.. ورقدت المستشفى 15 يوم .. وتاني كل مرة بقو يودوها . لمستشفي في الخرطوم .. قالو بتعمل جلسات كيماوي .. وامي دي تعبت تعب غايتو الحمد لله .. لغاية ماشعر راسها ده اتحته.. وبقت صلعة قالو ده من العلاج .. يوم من الصباح ابوي ساقها للجلسة بتاعة العلاج .الكيمائي .
.. ونحن قاعدين في البيت انا وخالتي اميمة وبتها سلمى .. ابوي اتصل على خالتي ..واتكلم معاها ..وانا بس بعاين لخالتي ..عشان توريني امي جاية متين ..
بس فجأة خالتي صرخت شديد وقعدت تبكي .. وتقول كرعلي يا اختي الوحيدة .. اوبعلي يا بت امي .. انا قلت ليها مالك ياخالتو؟؟ امي مالا؟
قالت لي امك ماتت يامهج ..
ودي كانت اكبر جمله غيرت حياتي ..ونفسياتي وتاني مافي اي كلمة سمعتها في حياتي اكبر منها ..امك ماتت يامهج .. امك ماتت يامهج ..
انا حسيت في اللحظة ديك .. اني ماقادرة اتحرك ولا اتنفس ..
لدرجة اني اتبولت على نفسي.. وعيوني بقو ماشايفين .. وتاني ماحسيت بي نفسي .. زي الكأني نمت ..ولا اغمي علي ولاشنو ماعارفة .. صحيت لقيت البيت ملان والجيران يبكو ..
المهم الواقع والصدمة انو امي ماتت .. والحصل اليوم داك لابيتحكي ولابتقال .. كل البعرفو اني ماكنت مستوعبه .. والدنيا اتغيرت وكل شي اختلف والحاصل كان اكبر من طاقتي .. واكبر عمري حتى .
اكتر حاجة بتذكرها ..انو امي جابوها في نقالة ودخلوها الاوضه الغربية .. وتاني طلعوها في سرير مكفنه ..بهدوم بيضا .. وشالوها الرجال رفعوها في البوكسي ومشت تاني ماجات .
وانا حسيت بانو روحي وسعادتي وحياتي كلها ..ركبت مع امي في البوكسي ..وتاني مارجعت لي ..
نحن كنا اكتر اسرة سعيدة ..ومتحابين ابوي معجب بي امي ..ولغاية تاريخ اللحظة بتذكر لحظات الصباح لمن ابوي بعاين ليها هي داخلة ومارقة .. والاعجاب ظاهر في عيونو .. وانا كنت الاميرة المدلله بين امي وابوي ..
كل الناس بقولو انا جميله .. وانا لمن اعاين لنفسي في المراية بعجب بملامحي جدا.. لاني بشبه امي لدرجة كبيرة ..
الحمدلله الذي لايحمد على مكروه سواه .. امي خلت البيت مشلول وشكله غريب غرابة لاتوصف.. قدر ما احكي ليكم النفسيات الانا عشتها في فقدان امي ..وانا عمري خاشي على سبع سنوات ما ح تصدقوا .
ابوي كان سندي وكان هو امي وهو ابوي واخوي وصاحبي .. فعلا بذل كل مافي وسعو ..عشان يسد لي فرقة امي .. لكن والله ياجماعة فرقة الام مابتتسد الحمد لله غايتو .. ابوي طبعا شغال فران .. ورئيس عمال في الفرن . حق واحد اسمو حاج حسين المبروك ..
وكان ابوي طلب منه ..انو يشتغل دورية الليل..
عشان بالنهار يكون معاي .. ولمن يطلع بالليل برقدني عند جيرانا .. ناس من على دنقلا .. ولمن يجي  الصباح بجي البيت اول يجهز لي الشاي ويجي يصحيني.. ويمشي نشرب الشاي يلبسني ويوصلني المدرسة .. ويجي راجع البيت يطبخ ويغسل العدة ..ويعمل كل الاعمال البتقوم بيها النسوان .. وانا لمن اجي من المدرسة ..بقعد يراجع معاي الدروس .. ولمن ينعس بنوم  وهو قاعد والقلم يقع من يدو وتاني يفتح يقول لي نحن وقفنا وين؟.. لانه بكون مساهر الليل كله في الفرن..
يقوم ياخد ليهو نومة ..من بعد صلاة العصر لغاية مايأذن المغرب.. يقوم يصلي ويذاكر معاي .. بعد صلاة العشا يقوم يعمل لي العشاء..ويعشيني  ونتونس شوية ويسوقني يوديني لناس جيرانا ناس نعمة . ويمشي الشغل .. ده البرنامج الانا بتذكروا ..
انا وابوي اتأقلمنا علي حياتنا كدا ..ورضينا بقدر ربنا .. وبنحاول نصنع السعادة لبعض ..وابوي بحاول يسعدني بكل السبل.. ودايما بحكي لي الحكايات المضحكة والنكات عشان ما احس بالملل واعيش حياة ناقصة .. وبذل كل جهوده عشان فقدان امي ما يأثر علي حياتي .. وفعلا انا حسيت انو ابوي هو حياتي .. وعوضني عن مكان امي بحق وحقيقة .. وكنت فعلا سعيدة ومعجبة بابوي ..
لكن برضو الدنيا مابتدوم فيها سعادة تعالو شوفو الحصل علينا .. 
في ..يوم من الايام السوداء في حياتي.. وانا كنت في رابعة اساس. عمري حوالي 9 سنوات.. وانا كنت نايمة عند جيرانا ..صحوني من النوم  ..انا اصلا كنت برقد قريب لي خالتو نعمة ..اها من الصباح صحوني ..قالو لي ابوك ده اتأخر.. والمدرسة وقتها فات ..امشي شوفي ابوك بكون لسع نايم من التعب ..
انا مشيت اصلا بيتنا قريب منهم .. لقيت الباب مقفول من جوه ..جيت راجعة قلت ليهم ابوي قافل الباب من جوة .. جات معاي خالتو ..ودقت الباب شديد مافي حركة جوة البيت .. انا عاينت لي خالتو نعمة كدا ..لقيتها خايفة كانها حسيت باحساس غريب ..
قلت ليها في شنو ياخالتو ؟؟ قالت لي مافي حاجة يامهج انتظري شوية ..
اها في اتنين شباب كدا .. جو مارين بالشارع خالتو نعمة قالت ليهم .. تعالو يا اولادي.. عمكم فيصل ده جوه والباب مقفول ..نحن ماعارفن الحاصل عليهو.. واحد فيكم يطفر بالحيطة دي يشوفو ..
انا طبعا قلبي داير يتقلع من مكانه .. لانه حسيت انو ابوي يكون مات في سريرو ..ولا حراميه كتلوهو .ولا الحاصل شنو ياربي؟ ..
بس بقيت ساكتة وعيوني كابات .. وخاتة يدي فوق خشمي .. وقلبي يضرب ضرب غريب ..
الى اللقاء .

متعة الصمت .. طارق اللبيب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن