25..الأول..و الأخير

3.5K 74 35
                                    

نظر ناظم الى ياغيز و قال محاولا تهدأته" ياغيز..بني..اهدأ لو سمحت..لا بد من وجود خطأ في الموضوع..أنت تبالغ بردّ فعلك هذا..ابني جواد لطالما أحب أختك المرحومة..و كانا سيتزوجان لولا الحادث المروّع الذي حصل..و نازلي تحبك كثيرا و .." رفع ياغيز يده في وجهه مقاطعا" عمي..هذا يكفي..لن أسمع هذا الكلام الذي تقوله بعد كل الأدلة التي أحضرتها..هذين الاثنين على علاقة و لا أعرف منذ متى..لا تحاول أن تبرر لهما..لأنني لن أغفر لهما خيانتهما القذرة..مؤلم أن تأتيك الخيانة من أقرب الناس اليك..كنت أظن أن جواد ابن عمي و سيكون حريصا على أختي و أمينا عليها..لكنه لم يكن أهلا لحبها..لم يصنها و لم يحفظها و لم يحافظ عليها..بل آذاها بخيانته و باستهتاره بمشاعرها..و ليته خانها مع شخص غريب..بل خيّر أن يوجعها بخيانته لها مع خطيبة أخيها..اعذرني عماه..لا أريد أن أقلل من احترامك..لكن اسمح لي بأن أقول أنك أسأت تربية ابنك..و الآن ..عن اذنك" و تحرك خارجا و قد بدا الارتياح جليا على ملامحه و كأن جبلا انزاح من على كتفيه..لحقته نازلي و أمسكته من يده و هي تقول" ياغيز..انتظر قليلا لو سمحت" انتشل يده من يدها بعنف و رد" ماذا تريدين يا هذه؟ ألا يكفيك ما فعلته؟" قالت" أريد..فقط..أن..أعتذر منك..آسفة لأنني كذبت عليك و استغليتك..أنت لم تستأهل هذا مني..أنت أحببتني و منحتني كل الاهتمام و العطف الذي تحتاجه أية امرأة..لكنني كنت عمياء..لم أستحق حبك يوما..و لا وفاءك لي..كنت خائنة و حقيرة..لكنني..أحب جواد..و حبي له هو سبب كل ما فعلته..أعلم بأنك غاضب مني..و تحتقرني كثيرا..لكنني أتمنى بأن تغفر لي يوما ما..مع أن ما فعلته لا يغتفر..لكن.." قاطعها" المهم بالنسبة الي ألا أرى وجهك مرة ثانية..و ألا تقتربي مني او من عائلتي..و الا سيكون لي تصرف آخر معك عندئذ..افعلي بحياتك ما تشائين..لا يهمني ذلك أبدا..و لا أنت تهمينني..لكنني أحذرك..اياك أن تقتربي مني أو من أي شخص يخصني..لا أريد أن أراك مرة ثانية" و ركب سيارته و انطلق بها مسرعا..وقف جواد أمام نازلي و سألها بعصبية" ماذا قلت له؟ بم أخبرته؟ هل اعترفت له بأنك بقيت معه من أجل أمواله؟ قولي..ماذا قلت له؟" ردت" لم أخبره بشيء..قلت له الحقيقة فقط..أنني أحبك..و أنتي فعلت كل شيء لأنني أحبك..و طلبت منه أن يسامحني..لكنه لن يفعل ذلك..و معه حق..هو لم يستحق ما فعلته به..ياغيز لم يكن يوما سيئا معي..أنا من كنت حقيرة معه" ثم التفتت اليه و سألت" ماذا سنفعل الآن؟" صمت قليلا ثم رد" لا أعلم..ما أريده فقط هو هزان..هي المرأة التي أحب..و لن أخسرها لا من أجلك و لا من أجل هذا الجنين الذي لا أريده" حملقت فيه نازلي و سألت" ماذا يعني هذا؟ ألن تتزوجني؟" انفجر ضاحكا و رد" لا..لن أفعل..لست مضطرا لذلك أبدا..ستجهضينه..و سيكون كل واحد منا حرّا فيما يفعله في حياته..أخبرتك أنني لن أتخلى عن هزان..و لن أخسرها تحت أي ظرف من الظروف" أمسكته نازلي من يده و قالت" و أنا؟ ألا تفكر بي أبدا؟ ألا أعني لك شيئا؟ و هذا الطفل البريء..ما ذنبه لكي تتخلى عنه؟ انك والده..كيف تفعل هذا به؟ لن أسمح لك بهذا..سنتزوج..أنا و أنت..سنتزوج..و ستكون والدا لطفلي..و لن تكون مع امرأة غيري ما دمت حيّة..هل فهمت؟" احتنق وجه جواد غضبا و استدار نحوها..لفّ يده حول عنقها و راح يضغط عليها بكل قوته و هو يقول" ستموتين اذا..و عندئذ سأكون حرا في فعل ما سأفعله..لن تقفي حاجزا بيني و بين هزان..لا أنت..و لا هذا الصغير الذي تحملينه..هل فهمت؟ لن أسمح لأحد بأن يبعدني عن هزان أو بأن يأخذها مني..سأقتل كل من يفكر مجرد تفكير في تفريقنا..هل فهمت؟" تخبطت نازلي و هي تحاول ابعاد يده عن عنقها و قد ضاق نفسها و احتنق وجهها..ابتعد جواد عنها فراحت تسعل بقوة و تدلّك جلد رقبتها..نظر اليها و قال" أعتقد بأن كلامي واضح..و لا داعي لتكراره..لا أريد هذا الطفل..و ستنهين الحمل برضاك..أفضل من انهاءه غصبا عنك..أنت فتاة عاقلة و تعرف ما يليق بها..لا تجبريني على فعل ما لا أريد فعله..اتفقنا يا حلوة" و تحرك مبتعدا عنها فيما بقيت هي جاثية على الأرض تسعل بقوة و قد تجمعت الدموع في عينيها..اعترض ناظم ابنه و دون مقدمات صفعه بقوة على وجهه حتى كاد يسقط أرضا ثم صاح به بصوت مخيف" أحمق..غبي..أضعت كل مخططاتنا هباء..لقد خسرنا من الجهتين..ماذا سنفعل الآن؟ البنك أعطى مهلة قصيرة قبل أن ينفذ قرار الحجز على ممتلكاتنا..جد حلا سريعا أيها الفاشل و الا وجدنا أنفسنا بفضلك في الشارع و دون سقف يؤوينا..لم يكفك بأنك خسرت يلدز في البداية..و ها أنت تخسر هزان..و هاهي نازلي تخسر ياغيز..كلاكما غبيان و بلا عقل..أخبرني هيا..ماذا سنفعل الآن؟" وضع جواد يده على خده و رد ببرود" لم أخسر هزان..و لن أخسرها..هزان لي..و لن تكون الا لي..برضاءها او غصبا عنها..و سآخذ ما أريد..عاجلا أم آجلا..كن واثقا من هذا..و لا تنسى يا أبي..لست أنا سبب هذا الوضع المزري الذي نحن فيه..أنت السبب لأنك قامرت بحياتنا و بممتلكاتنا..فلا تلمني على أخطاءك..كل ما يهمني الآن هو هزان..و لن أخسرها تحت أي ظرف من الظروف" ..
في قصر الايجمان..كان حازم جالسا صحبة سيفنش يشربان قهوتهما عندما دخل عليهما ياغيز و قال" صباح الخير..أريد أن أتحدث معكما في أمر مستعجل جدا" نظر اليه حازم بقلق و سأل" خيرا ان شاء الله يا بني؟ مالأمر؟" جلس ياغيز و أجاب بهدوء" عداني بأنكما لن تقاطعاني أبدا..أعلم بأن ما سأقوله سيفاجئكما..لكنه حقيقي مع الأسف" قالت أمه" نعدك يا بني..لكن أخبرنا لو سمحت..مالأمر؟ هل نازلي و الطفل بخير؟" ربت ياغيز على يدها و أجاب" بخير..لا تقلقي..أعلم بأن ما سأقوله سيحزنك أنت أكثر الشيء..لكن..لا عليك..لقد تخلصت من ورطة كبرى و من عصابة تريد القضاء علينا..نازلي حامل ..نعم..لكن ليس مني..ابنها ليس ابني..انها حامل من جواد..لقد خططا معا للايقاع بنا من أجل المال..هي و جواد على علاقة منذ زمن..و أختي يلدز اكتشفت أمرهما و هي من دلّتني عليهما..هذا التقرير يثبت بأنني لست والد الطفل..و هذه الصور تثبت علاقتهما ببعض..لقد خدعانا جميعا..طمعا بالمال..لقد فعلت اللازم معهما و طردتهما من حياتنا نهائيا" تجهم وجه حازم و قال" ما هذا الكلام يا بني؟ لا أكاد أصدق ما أسمعه؟ هل أنت واثق مما تقوله؟" قالت سيفنش" يالله..كيف حدث هذا؟ انهما بمثابة الاخوة؟ كيف يحصل هذا بينهما؟" اجاب ياغيز" لكنهما ليسا اخوة..و تورطا معا في علاقة..و هذا ما حصل..أمي..أبي..ما يعنيني فعلا هو أنني تخلصت من شخصين كاذبين و مخادعين لا أريد أن يستمر وجودهما في حياتي..لا تحزنا..افرحا لأننا اكتشفنا أمرهما قبل فوات الأوان" اقترب منهما و عانقهما بقوة و هو يضيف" ليرحم الله أختي الحبيبة..ليتها وجدت الفرصة لاخباري بما عرفته لكنت تخلصت منهما في وقت أبكر من هذا..لكنها مشيئة الله..رغم أنني أشك.." قطع كلامه رنين هاتف أبيه..أجاب حازم" نعم علي..مالأمر؟ ..حقا..و أين الطبيب البيطري؟ أليس موجودا هناك؟ حسنا..سأرسل اليك ياغيز و هزان..و هما سيهتمان بالموضوع..لا تقلق..الى اللقاء" سألت سيفنش بقلق" خيرا حبيبي..مالأمر؟" اجاب" انه علي حارس المزرعة..يقول بأن حصانا توفي قبل قليل و بأن بعض الأحصنة الأخرى تعاني من أمراض مختلفة..و الطبيب البيطري مسافر..ياغيز..خذ هزان و اذهبا الى هناك..دعها تهتم بالحيوانات المريضة..و لتحرص على فحصها جيدا..أريد أن أعرف مالذي أصاب الأحصنة" رد ياغيز" حسنا أبي..سأذهب اليها الآن الى العيادة و نذهب معا..اذا تأخرنا في العودة فسنبيت هناك..لا تقلقا علينا" قالت سيفنش" انتظر لحظة بني..سأعطيك حقيبة صغيرة فيها بعض ملابس هزان لكي تغير ثيابها اذا قررتما النوم هناك" هز ياغيز برأسه و ذهب الى السيارة و ما هي الا لحظات حتى انطلق بها مسرعا بعد أن أعطته أمه الحقيبة..
في العيادة..جلست هزان صحبة صديقتها بتول التي أحضرت لها قطا جريحا من الحي لكي تعالجه..أنهت هزان تضميد جرح الحيوان المسكين ثم اعادته الى قفصه و هي تقول" بتول..اعتني به جيدا..لن يستطيع تحريك ساقه ليومين على الأقل..أنت مسؤولة عنه الآن" ابتسمت بتول و ردت" حسنا يا صديقتي" ثم اقتربت منها و أمسكت يدها و هي تضيف" هزان..اعذريني على رد فعلي القاسي ليلة البارحة..لقد أخبرني أنور بكل شيء..و أعلم بأن نازلي و جواد متورطان في علاقة..و أرادا خداعكما..أتمنى أن تغفري لي خوفي عليك..تعلمين جيدا بأنني اعتبرك اختا لي..و أخشى أن ينجرح قلبك بطريقة او بأخرى..لهذا خفت عليك من حبك لياغيز و من علاقتك به" نظرت هزان الى صديقتها و قالت" أعلم أنك تخافين علي..و أعلم جيدا بأنك تحبينني..مثلما أحبك تماما..لكن صدقيني بتول..حبي لياغيز هو أفضل ما حدث في حياتي..حبي له غير كل حياتي..و أعطى معنى آخرا لوجودي..و أنا واثقة بأنني بأمان معه..ياغيز لن يجرحني..و لن يؤذيني..انه يحبني و يخاف علي مثلك تماما..لا تقلقي علي أختاه..سأكون بخير" عانقتها رفيقتها بقوة و هي تقول" هذا كل ما أريده" سمعا وقع خطوات و التفتتا لتجدا ياغيز يقف أمامهما و يقول بنبرة مازحة" من هذه التي تسرق مني حبيبتي؟ من سمح لك بمعانقتها آنسة بتول؟ يجب أن تأخذي اذني من الآن فصاعدا" ضحكت بتول و ردت" لن أفعل هذا..انها اختي قبل أن تكون حبيبتك..اهلا بك ياغيز..كيف حالك؟" صافحها و هو يجيب" أنا بخير..شكرا لك" ثم التفت الى هزان و أضاف" حياتي..استعدي..نحن ذاهبان معا الى المزرعة..الأحصنة مرضى و توفي أحدها صباح اليوم..لقد أعدت لك أمي حقيبتك..هيا لكي لا نتأخر" ودعتهما بتول و غادرت فقالت هزان" ياغيز..أتمنى ألا يكون في الأمر خدعة منك لكي نكون لوحدنا..أنا.." قاطعها" لا..ليس الأمر كذلك..الحارس علي اتصل بأبي..و هو من طلب مني اصطحابك الى هناك فأعدت أمي حقيبة ملابسك في حال اضطررنا الى المبيت هناك..لكن يبدو بأنك لا تريدين أن تكوني معي..سآخذ أي طبيب بيطري آخر..آسف على الازعاج آنسة هزان" و هم بالمغادرة لكنها لحقت به و وقفت أمامه و هي تقول" حبيبي..لماذا غضبت هكذا بسرعة..أنا اريد أن أكون معك دائما..لكنني ظننت أن في الامر خدعة مثل المرة الماضية..هذا كل ما في الأمر..سآخذ حقيبتي و ألحق بك" سبقها الى السيارة و تبعته هي بعد لحظات..كان صامتا و عابسا و هو يقود و يولي كل تركيزه للطريق..كلمته اكثر من مرة لكن ردوده كانت مقتضبة و باردة..مضت ساعة تقريبا و هما في الطريق و الاجواء بينهما باهتة و كئيبة..نظرت اليه هزان و قالت" ياغيز..اوقف السيارة" سأل" لماذا؟" ردت بعصبية" أوقف السيارة..لو سمحت" توقف على جانب الطريق و التفت اليها و سأل من جديد بعصبية" خيرا آنسة هزان؟ ماذا تريدين؟" احتوت وجهه بين يديها و قالت" أريدك أن تسامحني..و ألا تغضب مني..و ألا تعاملني بهذا البرود القاتل..قلبي لا يحتمل هذا منك" ازاح ياغيز يديها عن وجهه و رد" و أنا أيضا لا أحتمل منك هذا هزان..لماذا تشعرينني بأنني شخص منحرف كل همه أن يختلي بك في أي مكان لكي يأخذ ما يريده منك؟ لقد فكرت لوهلة بأنني أتحجج بالذهاب الى المزرعة لكي أكون لوحدي معك و لكي .." وضعت هزان يدها على فمه و قالت" اصمت ياغيز..لا تنهي كلامك القاسي هذا..لم افكر بهذا..كل ما في الأمر أنني خشيت أن يكون في الموضوع خدعة قد تضعنا في موقف محرج أمام أبويك اذا انكشفت..لا تنسى بأنك أنهيت علاقتك بنازلي للتو..و لن يكون منطقيا في نظرهم أن تدخل علاقة جديدة على الفور..هذا ما فكرت به..أما ما تقوله فليس صحيحا أبدا..ياغيز..انظر الي..حبيبي..لو سمحت..انظر الي" رفع ياغيز عيونه اليها فأضافت" أتعتقد حقا بأنني أخاف على نفسي منك؟ هل تعتقد بأنني لا أريدك كما تريدني؟ هل تظن بأنني لا أفكر في اقامة علاقة معك؟ أحبك كثيرا ياغيز و أريدك أيضا..و لا يهمني المكان..المهم أن نكون سوية..هذا كل ما أفكر فيه..فلا تبتعد عني أرجوك حبيبي..و لا تضع مسافات بيننا نحن في غنى عنها" صمت ياغيز قليلا ثم قال" هزان..و أنا أحبك كثيرا..و وعدتك سابقا بأنني لن أستعجلك أبدا..و لن أطالبك بشيء..و لن أجبرك على القيام بأي شيء لا تريدينه..كوني معي على طبيعتك التي أعشقها..لا أريدك أن تتوتري أو تفكري في أي خوف و أنت معي..أرجوك هزان..دعينا نستمتع بيومي الأول و أنا رجل حر بعيدا عن الكذب و الخداع" قربت هزان فمها منه و طبعت على شفتيه قبلة رقيقة ثم ابتعدت عنه و فتحت الراديو و راحت ترقص على أنغام اغنية خفيفة فانفجر ضاحكا و واصل القيادة و هو يقول" مجنونة" ..بعد حوالي الساعة..وصلا الى المزرعة..ترجلا من السيارة فأسرعت هزان نحو الأحصنة تفحصها و تطمئن على صحتها..كانت الحيوانات المسكينة مصابة بفيروس موسمي اذا لم يعالج بسرعة فإنه يقضي على سلالة بأكملها..انشغلت هزان طيلة النهار باعطاء الادوية و اللقاحات اللازمة للاحصنة..و وجدت فرسا على وشك الولادة فساعدتها على وضع مهر بني جميل يتمتع بصحة جيدة..قام ياغيز بجولة تفقدية في المزرعة صحبة العمال و اطمئن على سير العمل ثم عاد ليساعد هزان..سأل" كيف حال الأحصنة؟" ردت" انها تحتاج الى الراحة و التغذية الجيدة..أعطيتها الدواء اللازم..لكن نتائجه لن تكون واضحة الا في الغد..لذلك أعتقد بأننا سنضطر الى البقاء هنا هذه الليلة" قال" حسنا..لا مانع لدي..لكن يجب أن ترتاحي..انها السادسة مساء..لقد قضيت نهارك كله و أنت تعتنين بالحيوانات..حقيبتك صارت في غرفتك..اصعدي و استحمي..و سأطلب من الخدم أن يعدوا لنا العشاء" قالت" حسنا..سأوافيك بعد ساعة او أكثر..أحتاج فعلا الى الراحة" ..في غرفتها..نزعت هزان ثيابها المتسخة و دخلت الى الحمام..وجدت المغطس ملآنا بالمياه الدافئة فاستلقت وسطها و استسلمت لها..في الخارج..كان الظلام قد بدأ يلف المكان و الهواء صار باردا..في غرفة الطعام..اهتم الخدم بإعداد الطاولة و ملأها بما لذ و طاب من المأكولات و المشروبات اضافة الى شموع حمراء جميلة طلب ياغيز أن تزين الطاولة..و ما ان انهى الخدم عملهم حتى صرفهم ياغيز الى منازلهم القريبة من المزرعة..نظر الى ساعته..انها الثامنة..هم بالصعود الى الطابق العلوي لاستدعاء هزان لكنه سمع وقع خطواتها على الدرج الخشبي..اقتربت منه بفستانها الأبيض القصير المزين بورود مختلفة الألوان..تقدم نحوها و عانقها بقوة و هو يقول" اشتقت اليك" ابتسمت و ردت" لم يمضي سوى ساعتين على افتراقنا..كم أنا محظوظة بك..هل ستشتاق الي دائما هكذا؟ ألن يأتي يوم و تملّ منّي؟"  سحب رائحتها الى أعماقه قبل أن يجيب" لن يحدث هذا أبدا..لن أملّ منك أبدا..سأحبك دائما و سأشتاق اليك دائما حتى و أنت معي و بين ذراعي" ثم سحبها من يدها لكي تجلس و أخذا يتناولان طعام العشاء..أكلت هزان بشهية كبرى فيما بقي هو يراقبها..كان الطعام لذيذا و كانت هي جائعة جدا..رفعت عيونها فوجدته يتأملها فقالت" ياغيز..لا تنظر الي هكذا..انك تربكني" رد" لا أستطيع ابعاد عيوني عنك..أعشقك أنا الى هذه الدرجة..فماذا أفعل؟" احمرت وجنتاها خجلا فضحك ياغيز و هو يقول" ها قد خجلت طفلتي الصغيرة..لو تعلمين كم أحبك أيتها الخجولة الجميلة" وقف ياغيز و فتح الراديو فانبعثت منه أنغام أغنية رومانسية هادئة..مد يده نحو هزان و هو يسأل" هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟" وضعت هزان الشوكة و السكين من يدها ثم وقفت و سلمت نفسها له ليحملها الى الغيوم على أنغام الموسيقى الرائقة..وضع يده على خصرها و قربها منه كثيرا حتى صارت تشعر بأنفاسه الحارة تلامس وجهها و بتفاصيل جسديهما المتلاصقين..لفت هي ذراعيها حول عنقه و تبعت خطواته المتأنية..قرب فمه من أذنها و همس" أحبك" رفعت عيونها نحوه و ردت بثقة" و أنا أحبك أيضا..و كثيرا..أنت لا تعرف كيف تغيرت حياتي منذ أحببتك..كل شيء أصبح له طعم مميز و مختلف..و صرت أرى الأمور بطريقة أخرى..لم أعش يوما فيض المشاعر الذي أعيشه اليوم..لم يسبق لقلبي أن نبض بهذه الطريقة المجنونة..الكلام لا يكفي لوصف حبي لك ياغيز..يكفيني أن تعرف بأنني أحبك و بأنني أعشقك و لن اكون لشخص سواك أبدا" وضع ياغيز جبينه على جبينها و همس" أعلم..و أريدك أنت ان تعلمي بأن اسمك صار محفورا عميقا في قلبي و في عقلي..ظهورك في حياتي جاء متأخرا قليلا لكنه اتى لكي يكون مسك الختام..ستكونين أنت فقط من الآن فصاعدا..أنت امرأتي و حبيبتي و كل ما أملك و كل ما أريد" داعب أنفها بأنفه للحظات قبل أن يأخذ شفتيها بين شفتيه في قبلة رقيقة تداخلت فيها المشاعر و ارتبكت لها خفقات القلوب..ثم تحولت الرقة الى شيء من العنف و القوة و الجنون..استسلمت هزان لسيل القبلات التي أمطرها به ياغيز و حاولت أن تبادله جنونه بجنون يليق به..

لَسْنا إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن