29..ماذا حدث ؟؟؟

2.7K 65 24
                                    

نظرت هزان الى ياغيز ثم قالت بصوت لاهث" أرأيت ما يفعله عشقي الجنوني الذي أكنه لك؟ انه يفقدني صوابي و يجعلني أقدم على أشياء لم أتخيل يوما بأنني سأكون قادرة على فعلها..لقد تحوّلت فجأة من فتاة خجولة الى إمرأة جريئة و مندفعة..و أنت السبب في هذا" سألها بصوت مبحوح" هل أنت نادمة؟" وضعت يدها على وجهه و همست و هي تقبل ذقنه" أبدا..آخر ما يمكن أن أفكر فيه و أنا معك هو الندم..على العكس..أنا ممتنّة لك لكل ما أعطيتني اياه من حب و حنان و اهتمام..و ممتنّة لك أكثر لأنك جعلتني هذه المرأة التي أنا عليها اليوم..معك أعيش حبّا جارفا تحلم به كل فتاة..أعيشه بكل تفاصيله و جنونه و اندفاعه..أعيشه بسعادة و اطمئنان..لأنك معي..و لأنني واثقة تمام الثقة بأنك لن تفلت يدي مهما حصل..شكرا لك حبيبي..من كل قلبي..لأنك معي..و لأنك أنت أنت" ابتسم ياغيز و طبع قبلة رقيقة على جبينها ثم همس" أنا الذي يجب أن أشكرك لأنك جعلتني أسعد رجل في هذا الكون..ماذا كنت قبلك أنا؟ هل كنت على قيد الحياة؟ هل كنت أعرف ما معنى العشق و الشوق و اللهفة و الجنون؟ هل كنت أعرف ما معنى ألا أكتفي من الحب و من المرأة التي أحب و أعشق؟ لا..لقد كنت بعيدا تمام البعد عن كل هذا..كنت أقنع نفسي بأنني أحب و بأن الحالة الجامدة التي كنت عليها كانت تسمى عشقا..أنت من علّمني العشق و الجنون..أنت من أراني ما معنى أن أحترق من الغيرة و أن أشتاق للشخص و أنا معه..أنت من جعلتني أفهم نفسي و أتعرف عليها من جديد..أنت من اكتملت معها و بها..و صرت رجلا يحمل امرأته في قلبه و عقله و روحه و بين طيّات جسده..يحبّها دون اكتفاء أو تعب أو ملل..يحبّها و حبّها هو ما جعله هذا الانسان الذي هو عليه اليوم..و لهذا أنا ممتنّ لك أيضا..و أعشقك بكل جوارحي" تجمّعت الدموع في عيون هزان فسألها ياغيز بقلق" تبكين؟ لماذا؟ هل قلت شيئا أزعجك؟" هزت رأسها بالنفي و ردت" على العكس..لقد أسعدني ما قلته..و هذه الدموع هي دموع الفرح و السعادة..جعلتني أشعر بأنني امرأة خاصّة جدّا و مميّزة" قال" لأنك فعلا كذلك" احمرّت وجنتاها خجلا فقبّل خدّيها و أضاف" أريد أن أستحمّ..هلاّ ساعدتني؟" أجابت" نعم..بكل تأكيد..لكن دون نشاطات جانبيّة..اتفقنا؟" ابتسم و قال" أعلم ذلك" ..ساعدته على النهوض و أدخلته الى الحمام حيث استحمّا معا و ارتديا ملابسهما و ساعدته على النزول الى الأسفل لكي يمشي قليلا..كانا يمشيان معا في الخارج عندما رأيا سيارة حازم تتجاوز البوابة..و ما ان توقفت حتى ترجّل منها كل من حازم و سيفنش و تقدّما نحو ياغيز و هما يسألان بقلق" هل أنت بخير يا بنيّ؟" رد" نعم..أنا بخير..لماذا أتيتما؟ ألم تخبركما هزان بأنني بخير؟" قالت سيفنش" أنا السبب..لم أستطع البقاء في اسطنبول دون أن أراك و أطمئن عليك..لم يغمض لي جفن طوال الليل و أنا أفكّر فيك..هزان..هلا أخبرتني عن وضعه؟ هل هو فعلا بخير؟" ابتسمت هزان و أجابت" نعم..انه بخير..وقوعه عن الحصان تسبب له في كسور في أضلاع صدره و بعض الرضوض البسيطة الأخرى..بقي ليوم كامل مستلقيا على ظهره و هذا ساعد كسوره على الالتئام..و هاهو يقف على ساقيه كما ترين..لا تقلقي..لقد اعتنيت به كما يجب" قال ياغيز و هو يغمزها" نعم..لقد فعلت بكل تأكيد" نظر اليهما حازم بشيء من الشكّ و الريبة ثم قال" الحمد لله..المهم أنك بخير..سأقوم بجولة تفقدية في المزرعة..عن اذنكم" رافقت سيفنش ياغيز و هزان الى الداخل فيما اتجه حازم نحو الاسطبلات حيث وجد علي يطعم الخيول..حيّاه قائلا" مرحبا علي..كيف حالك؟" رد الرجل" أهلا سيد حازم..أنا بخير..و أنت؟" قال حازم" بخير..أخبرني علي..كيف هي الأمور في المزرعة؟ هل كل شيء على ما يرام؟" رد" نعم سيدي..لقد شفيت الخيول من المرض الذي أصابها بفضل الآنسة هزان..انها طبيبة بارعة..و تعرف جيدا كيف تقوم بعملها على أحسن وجه" ربت حازم على كتفه و سأل من جديد" ألا يوجد أي وضع يدعو للاستغراب؟ كيف رأيت علاقة هزان بياغيز؟ هل لاحظت بينهما شيئا يدعو للريبة؟" صمت الرجل قليلا ثم أجاب" اعذرني سيدي على وقاحتي..لكنهما يبدوان كيافعين عاشقين..عيونهما لا تنفصل عن بعضها..و لو رأيت لهفتها و خوفها عليه عندما وقع عن الحصان..تحسّ بأنه كل حياتها..لا أعلم..هكذا أحسست..و ربما أكون مخطئا" طأطأ حازم رأسه و تمتم بقلق" هذا ما كنت أخشاه" سأله علي" هل قلت شيئا سيدي؟" ابتسم حازم و رد" لا..عملا موفقا..عن اذنك" و مشى عائدا نحو المنزل ثم أخرج هاتفه من جيبه و فتح تلك الرسالة التي وصلته بالأمس و التي جعلت النوم يفارق جفونها..لقد كتب فيها" سيد حازم..لقد أخطأت خطئا فادحا عندما أدخلت هزان الى عائلتك..انها فتاة سيئة السمعة..تسعى الى اسقاط ابنك في شباكها..تمثّل دور أخته و هي تغويه بكل الطرق الممكنة..أنقذ ابنك منها قبل فوات الأوان..انها لا تستحق أن تحمل اسم عائلتك..و لا تستحق أن تضعها مكان ابنتك المرحومة..لقد حذّرتك..و أنت أدرى..فاعل خير" ..أعاد حازم الهاتف الى جيبه و بقي واقفا لبعض الوقت قبل أن يدخل الى المنزل..كان ياغيز جالسا صحبة أمه أما هزان فكانت تقف بجانب النافذة..اقترب منها و وقف بجانبها ثم سأل" هزان..كيف حالك يا ابنتي؟ لا بد أنك متعبة بعد سهرك على راحة ياغيز و حرصك على تعافيه" ابتسمت و ردت" أنا بخير حازم بابا..لا تقلق علي..ثم لا تنسى..أنا لم أقم سوى بالواجب..ياغيز ابنك و يجب علي.." قاطعها" و أخوك أيضا..أليس كذلك؟ من الطبيعي أن تعتني الفتاة بأخيها" تجهم وجه هزان و صمتت قليلا ثم قالت" حازم بابا..هناك أمر كنت أريد محادثتك فيه..هل لديك بعض الوقت لي؟" أجاب" نعم..بكل تأكيد..رافقيني الى المكتب" صعدا معا الى الطابق العلوي تحت أنظار ياغيز القلقة..فتح حازم باب المكتب و انتظر دخول هزان ليغلقه خلفها..قالت" حازم بابا..لا أدري كيف أشكرك لأنك منحتني فرصة أن أكون ابنتك و أن أحمل اسم عائلتك و أن أحلّ محلّ ابنتك المرحومة..مهما قلت لشكرك يبقى قليلا عليك صدقني..لكنني ممتنة لك من كل قلبي..لولاك لم أدري مالذي كان سيحدث لي و كيف كانت ستكون حياتي..أعلم بأنك حققت لي كل ما أبغيه..و لم تبخل علي بشيء..لا بعطفك و لا بحبّك و لا بدعمك المادي أو المعنوي..لكن..هناك طلب أخير سأطلبه منك..و أتمنى بأن تحققه لي" نظر اليها حازم و سأل" و ما هو؟" طأطأت رأسها و ردت" أريد أن أستعيد كنية عائلتي بعد اذنك..أريد أن أعود هزان شامكران كما عرفتني من قبل..أريد أن أحمل اسم عائلتي..و أتمنى ألا تفهمني بطريقة خاطئة..أنا لا أرفض اسم العائلة لأنه أستصغره أو أحقّر من شأنه..لكن.." قاطعها بعصبية" أعلم ما هو السبب الحقيقي..طبيعي أن ترفضي اسم العائلة..و أن ترغبي باستعادة اسم عائلتك..لأن اسم عائلة ايجمان سيعيق ارتباطك بالرجل الذي تضعين عينك عليه و تحاولين الايقاع به..أليس كذلك؟" حملقت فيه هزان و قالت بصوت مرتعش" حازم بابا..ما هذا الكلام الذي تقوله؟ عم تتحدث؟ أنا لا أفهم شيئا" ضرب حازم الطاولة بيده و صاح بها" بلى تفهمين جيدا ما أعنيه..هل ستنكرين بأنك على علاقة بياغيز؟ هل تنكرين بأنه هو سبب رغبتك في استرجاع اسم العائلة؟ فيم فكّرت عندما أغويته و أوقعت به في شباكك؟ ألم تفكري للحظة بأنكما إخوة..حتى و لو كان ذلك على الورق فقط..أنتما الآن اخوة بصفة قانونية و في عيون المجتمع..أهكذا تكافئينني لأنني استأمنتك على ابني و وضعتك مكان أخته؟ كيف سأواجه المجتمع اذا انتشر خبر كهذا؟ ها؟ و المضحك في الأمر أنك تلومين نازلي على عيش علاقة مع جواد و هما بمثابة الاخوة..و ماذا فعلت أنت؟ هل أنت أفضل منهما؟ لا..أبدا..أنت أسوأ منهما..لم يكن ينبغي أن تضعي عينك على أخيك..لم يكن ينبغي أن تعيشا علاقة كهذه..لا أعلم ماذا أقول لك..لكن كوني مطمئنة آنسة هزان..سأعفيك في أقرب وقت من حمل اسم عائلتي..ليس لأنها رغبتك و أنا تعودت على تلبية رغباتك..بل لأنك لم تعودي تليقين بحمل اسم عائلة ايجمان..يا أسفي عليك..ظننت بأنك أفضل من هذا بكثير..لكنك مصرّة على تخييب أملي" امتلأت عيون هزان بالدموع و اقتربت من حازم و همت بالكلام لكنه رفع يده في وجهها و هو يقول" لا تقولي شيئا..لا أريد أن أسمع كلامك و لا أن أرى وجهك..اخرجي و اتركيني لوحدي" انفجرت هزان بالبكاء ثم خرجت مسرعة من المكتب و اتجهت مباشرة الى غرفتها..في غرفة الجلوس..نظر ياغيز حوله و سأل بقلق" أين اختفى أبي و هزان؟ أمي..هلا ساعدتني لكي أذهب اليهما" ربتت سيفنش على يده و قالت" لا تقلق بني..سيأتيان بعد قليل..لا بد بأن لديهما ما يتحدثان عنه..أخبرني أنت..لماذا تقلق على هزان الى هذه الدرجة؟ علاقتكما أصبحت غريبة بعض الشيء..بدأ الأمر بشيء من العداوة و الامتعاض ثم صرتما مقربين بطريقة غريبة..مالذي يحدث ياغيز؟" نظر ياغيز الى أمه بعيون لامعة و أجاب دون تردد" أحبها أمي..نعم..لا تنظري الي هكذا..أحبها كما لم أحب امرأة من قبل..أعشقها و لا أتخيل حياتي من دونها..أنا" انتفضت أمه واقفة و صاحت به بعصبية" ماذا؟ ماذا تقول أنت؟ هل جننت؟ ياغيز..هزان أختك..انها أختك..ألا تفهم ما يعنيه هذا؟" رد بإصرار" هزان ليست أختي..نحن لسنا إخوة..لا يمكن أن نكون اخوة و بيننا كل هذه المشاعر و هذا الحب..نحن لا نحمل نفس الدماء..نحن.." قاطعه أبوه الذي انظم اليهما للتو بلهجة صارمة" لكنكما تحملان نفس الكنية..نفس إسم العائلة..أنتما إخوة بصفة قانونية..ألم تفكر بهذا و لو لوهلة واحدة قبل أن تفقد صوابك و تتحدث بلا حياء عن الحب و العشق..نعم سيد ياغيز..هذه العلاقة لا تجوز..و لا يمكن أن أسمح بها..فلتضع هذا في عقلك..ستنفضح عائلتنا أمام الناس اذا عرف أحدهم عن هذه العلاقة" استند ياغيز على ذراع الأريكة و وقف و هو يقول" أبي..اهدأ لو سمحت..و لا تبالغ في رد فعلك..لن يعرف أحد بعلاقتنا قبل أن تتخلى هزان عن اسم عائلتنا و تستعيد اسم عائلتها و عندئذ لن يمنعني أحد من اعلان علاقتنا أمام الجميع..هزان ليست مجرد امرأة أعيش علاقة عابرة معها..انها المرأة التي أريد أن أتزوجها و أريدها أن تكون أم أطفالي..هي المرأة التي أريد أن أكمل حياتي معها..لهذا لا داعي لهذا الكلام الفارغ الذي تقولانه..من الأفضل لكما أن تتقبلان علاقتنا و أن تباركاها لأنني لن أنتظر اذن أحد لكي أختار المرأة التي أتزوجها" رمقه أبوه بنظرات غاضبة و قال" ياغيز..ماهذا الهراء الذي تقوله؟ أتتذكر رد فعلك على علاقة جواد و نازلي؟ أليسا بمثابة الاخوة هما أيضا؟ ألم تجن و تفقد صوابك عندما عرفت بعلاقتهما؟ لماذا تحلل لنفسك ما تحرمه عليهما؟" رفع ياغيز حاجبه استغرابا و سأل" ماذا؟ هل تقارن فعلتهما القذرة بعلاقتي الرائعة بهزان؟ هما كذبا علي و خدعاني أنا و أختي المرحومة و استغلانا أبشع استغلال..أما نحن فلم نؤذي أحدا بعلاقتنا..نحب بعضنا و ننوي اعلان علاقتنا أمام الجميع بمجرد انتهاء هذا الرابط القانوني الذي ورطتنا أنت فيه بلا داعي..ليتك لم تصر على منحها اسم العائلة..لكان الأمر أسهل علينا" رد أبوه" لم أفعل هذا من أجلي..بل من أجل أمك..و من أجل العائلة..ظننت بأنها ستكون خير خلف لأختك المرحومة..لكنها خيبت ظني..و وضعت عينها على ابني و أوقعته في شباكها..نعم لقد أخطأت ف عندما أدخلت هذه الفتاة الى عائلتنا..لم أكن.." قاطعه ياغيز بعصبية" ماذا تقول يا أبي؟ عمن تتحدث أنت؟ هل قلت هذا الكلام لهزان؟ هل سمعت هذا الهراء منك؟ أجبني لو سمحت" هز الرجل برأسه و أجاب" نعم..لقد سمعت مني ما يليق بها..لقد طلبت مني أن ألغي أمر التبني القانوني لكي تستعيد اسم عائلتها فأخبرتها بأنني سأفعل لأنها لا تليق بإسم عائلتنا" احتقن وجه ياغيز و بدا الغضب جليا على ملامحه و حملق في أبيه و كأنه لا يصدّق ما سمعه منه ثم قال" كيف تفعل هذا بها يا أبي؟ ألا تعلم كم سيسوءها الأمر و كم ستنجرح مشاعرها؟ كيف فرطت بها بعد كل ما فعلته لأجلنا؟ هل نسيت ما فعلته هزان مع أمي؟ و كيف وقفت معها و ساعدتها على تجاوز أزمتها النفسية؟ هل نسيت بأنها كانت نِعم الإبنة لكما؟ ألم تعتني بكما و تحبكما و تعاملكما كما تعامل الابنة أبويها؟ هل نسيت كل هذا؟ كيف تقول لها هذا الكلام الجارح؟ لا أكاد أصدق ما أسمعه منك..ثم على ماذا تلومها؟ على مشاعرها الصادقة تجاه ابنك؟ على حبها الكبير له؟ على اعتناءها به عندما كان على وشك أن يموت؟ متى كنت أعمى هكذا يا أبي؟ متى كنت قاسيا و بلا قلب هكذا؟ هزان لا تستحق هذا منك أبدا..و لتسمعها مني جيدا..لن أسمح لأحد بأن يؤذيها أو أن يجرح مشاعرها بعد اليوم..حتى لو كنت أنت يا أبي..هزان كل حياتي..أحبها و أعشقها و لست خجلا بهذه المشاعر الصادقة التي أكنها لها..و مستعد أن أواجه العالم بأسره من أجلها" و تحرك ليخرج فاقتربت منه أمه لكي تساعده لكنه أبعدها و هو يقول" أستطيع أن أمشي لوحدي..بفضل هزان التي تجاوزتم في حقها و أهنتموها..دعيني لو سمحت" و مشى و هو يتكئ على الحائط حتى وصل الى غرفتها..طرق الباب بخفة و قال" هزان..حياتي..هل أنت هنا؟" لم يسمع جوابا ففتح الباب و دخل..نظر يمنة و يسرة لكنه لم يجدها..أطل من النافذة و صاح بأعلى صوته" علي..أين أنت؟" ظهر الحارس في الأسفل و أجاب" نعم سيد ياغيز..أنا هنا" سأله بقلق" هل رأيت هزان في الأسفل؟ أين هي؟ هل هي في الاسطبل؟" رد علي" لا..لقد غادرت بالسيارة قبل قليل..و كانت مسرعة جدا" قطب ياغيز جبينه و أخرج هاتفه من جيبه و اتصل بها..رن الهاتف مطولا قبل أن تجيب..قال بلهفة" هزان..حبيبتي..أين أنت؟" ردت" خرجت بالسيارة..لم أكن قادرة على البقاء في المنزل بعد..المهم..لن أتأخر..لا تقلق علي" قال" و كيف لا أقلق عليك؟ أرجوك حبي..لا تهتمي لما قاله أبي..لقد أوقفته عند حده..و لن أسمح لأحد بأن يهينك أو يقلل من احترامك..أنت حبيبتي و ستكونين زوجتي قريبا أمام الجميع..لا تحزني و لا تهتمي..سيكون كل شيء على ما يرام..اتفقنا؟" سمع صوت بكاءها فهمس بحنان" حياتي..لا أستطيع تحمل دموعك..لا تبكي يا روحي..أقسم لك بأننا سنتجاوز كل هذا معا..توقفي عن البكاء و عودي الى هنا سريعا و سنحلّ كل شيء معا" تمتمت بصوت مخنوق" حسنا..لن أتأخر" قال" هزان..لا تنسي بأنني أحبك..أكثر مما تتصورين" ردت" و أنا أيضا أحبك..الى اللقاء" و أنهت المكالمة..على جانب الطريق..رأت كلبا صغيرا مجروحا و ساقه تنزف..أوقفت السيارة و نزلت لكي تراه..أخرجت قطعة قماش صغيرة لفت بها ساقه و هي تقول" أيها الصغير الجميل..من فعل بك هذا؟ و أين أمك؟ هل بقيت لوحدك؟ لا تخف يا صغيري..سأعتني بك و .." لم تستطع هزان انهاء كلامها لأن شخصا يقف خلفها..وضع منديلا على وجهها به مادة مخدّرة تسبب في فقدانها الوعي و سقوطها أرضا..
في المزرعة..كانت الساعة تشير الى السادسة مساء..ذرع ياغيز غرفة الجلوس جيئة وذهابا و هو ينتظر قدوم هزان التي كانت قد أخبرته بأنها ستعود منذ أكثر من أربع ساعات..و لعل ما جعله يقلق أكثر هو أن هاتفها مغلق..حاول أن يخرج للبحث عنها لكن أمه منعته متحججة بإصابته التي لم تشفى بعد..فطلب من علي و أدهم عمال المزرعة بأن يخرجوا للبحث عنها..لكنهما عادا من دونها..لم يعد ياغيز قادرا على الانتظار أكثر و قد استبد به القلق و الخوف عليها من أن تكون ظلّت الطريق أو ضاعت في الغابة القريبة..فخرج و توجه الى السيارة لكي يذهب بنفسه للبحث عنها عندما رأى سيارة الشرطة تتجاوز المدخل و تدخل الى المزرعة..انقبض قلبه بشدة و شحب وجهه شحوب الموتى و هو يرى الضابط يقترب منه و يقول" مرحبا..هل هذه مزرعة عائلة ايجمان؟" رد ياغيز" نعم..انها هي..و أنا ابنهم ياغيز..خيرا سيادة الضابط؟ مالذي أتيت لتخبرنا اياه؟" قطب الضابط جبينه و أجاب" مع الأسف سيد ياغيز..أنا لا أحمل أخبارا جيدة..بلغتنا منذ ساعة تقريبا اخبارية مفادها بأن سيارة انجرفت و وقعت في الهاوية الجبلية القريبة من هنا و انفجرت بشدة جراء سقوطها..ذهبنا للمعاينة و سألنا شاهد عيان رأى ما حدث فأخبرنا بأنه سمع دوي انفجار و رأى السيارة و هي تهوي الى الأسفل..و بعد الفحص تأكدنا بأن السيارة على ملك عائلتكم..و أن من كانت فيها هي الآنسة هزان ايجمان..أختكم سيد ياغيز..آسف..تعازي الحارة" حملق فيه ياغيز لوهلة ثم راح يهز رأسه بالنفي و يردد" لا..لا..هذا ليس صحيحا..هزان لم تمت..أنت تكذب..هذا لم يحدث أبدا..مستحيل..لا يمكن..أنت تهذي..ليست هزان..كيف عرفتم بأنها هي؟ لربما كانت السيارة لشخص آخر..لا..مستحيل..هزان لم تمت" اقترب منه الضابط و أعطاه قلادة ذهبية وضعها في يده و هو يقول" وجدنا هذه القلادة..و هذا الهاتف..و هذا الوشاح الصوفي..لمن هذه الأغراض سيد ياغيز؟ هلا تعرفت عليها؟" ارتعدت يد ياغيز و هو يرى أغراض هزان بين يديه..القلادة التي أهداها اياها بعد عودته من السفر..هاتفها..و وشاحها الصوفي..انها أغراض هزان..امتلأت عيون ياغيز بالدموع و لم يعد قادرا لا على استيعاب ما يحدث و لا على الرؤية بوضوح..سالت دموعه غزيرة على خديه و هو يشعر بأن روحه تسحب منه على مهل بعد الخبر الصاعق الذي نزل عليه قبل قليل..

لَسْنا إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن