27..مجرم خطير

2.6K 67 24
                                    

في الخارج..و في غابة كثيفة الأشجار غير بعيدة عن المزرعة..كانت هناك سيارة جيب سوداء بزجاج عازل للرؤية..و في داخلها..جلس جواد و في يده زجاجة مشروب شارفت على الانتهاء..كانت عيونه حمراء و نفسه متسارع و كأنه كان يركض و الغضب و الحقد باديان بوضوح على ملامحه..قالت المرأة الجالسة بجانبه" جواد..هلا هدأت قليلا لو سمحت..و هلا توقفت عن احتساء المشروب..كل هذا الغضب لن يهدأ اذا شربت كل الكحول التي على وجه الأرض..ها قد رأيت بعيونك ما أخبرتك اياه..و تأكدت بأن كلامي صحيح و ليس مجرد ادعاء أو افتراء..انهما على علاقة غرامية منذ مدة..و أنا أول من انتبه اليهما" المتكلمة هي جيداء..
فلاش باك:* في الليلة الماضية..كان جواد جالسا في أحد النوادي الليلية يحتسي كأسا من النبيذ عندما اقتربت منه فتاة ترتدي فستانا خليعا و وضعت يدها على كتفه و سألت بصوت مائع" لماذا يبدو الوسيم متضايقا؟ مالذي يزعجك الى هذه الدرجة؟" رفع جواد عيونه نحوها و رد" أهذه أنت؟ أنا أعرفك من مكان ما..لكنني لا أذكر أين التقينا" ضحكت جيداء بصوت عالي و قالت" أنا جيداء..صديقة هزان..لقد التقينا في عيد ميلاد بتول و في الحفلة السنوية للشركة..هل تذكرتني الآن؟" ابتسم جواد و مد يده يصافحها و هو يقول" نعم..تذكرتك..أهلا جيداء..كيف حالك؟" ردت و هي تجلس بجانبه و تشير الى النادل بأن يعطيها كأسا من نفس ما يشربه جواد" شكرا لك..أنا بخير..لكن..أعتقد بأنك أنت من لا تبدو بخير أبدا..تستطيع اخباري بما يزعجك..أنا رفيقة جيدة بالمناسبة" تأفف جواد بضيق و قال" و ماذا سأخبرك؟ لا أعرف من أين أبدأ..لقد خسرت المرأة التي أحبها..حدثت ظروف جعلتني أبتعد عنها رغما عني..أتعلمين..انها المرة الأولى التي أحب فيها من كل قلبي..لم يسبق لي أن شعرت بهذه المشاعر الجياشة..تأسرني بكل ما فيها..صوتها..ضحكتها..هدوءها..كل شيء فيها ساحر..أعشقها و لا أريد أن أخسرها" احتست جيداء كأسها دفعة واحدة و قالت بسخرية" ليت من تعشقها و تحبها تكنّ لك ذات المشاعر..مسكين أنت..مخدوع" رمقها جواد بنظرة غاضبة و سألها بعصبية" ماذا تقولين؟ هل تعلمين عمن أتحدث؟" هزت برأسها بالايجاب و ردت" نعم..انك تتحدث عن هزان..علمت بأن نازلي حامل منك..و أن هذا هو الأمر الشنيع الذي تظن أن سيحرمك من هزان..لكن الحقيقة أمر آخر تماما" أنشب جواد أصابعه في ذراعها العارية و جز على أسنانه و هو يقول" ماذا تقصدين يا هذه؟ عم تتحدثين؟" أبعدت يده عنها و قالت" اهدأ أولا..و تعلم أن تضبط أعصابك..و الا خسرت الكثير..ليس حمل نازلي هو من يبعد هزان عنك..بل قلبها المشغول بغيرك..انها تحب رجلا آخرا" حملق فيها جواد لوهلة ثم ابتسم ساخرا و قال" لا..لا..أنت تهذين..قلب هزان مايزال فارغا..و لا مكان فيه لأحد..و أنا واثق بأنني اذا تخلصت من حمل نازلي..هزان ستكون لي..و ستسمح لي بأخذ قلبها..أنت تهذين يا هذه" همت جيداء بالوقوف و هي تردد" حسنا..كما تريد..أنت أدرى" استوقفها جواد قائلا" جيداء..لا تذهبي..هل أنت واثقة مما أخبرتني به؟ من يكون هذا الذي يحتل قلب هزان؟ هل أخبرتك هي بهذا؟ كيف عرفت؟ أجيبي لو سمحت" نظرت اليه جيداء و أجابت" حسنا..سأخبرك..هزان لم تخبرني بشيء..أنا من اكتشفت الأمر بنفسي..هزان عاشقة..انها تعشق ياغيز..أخاها القانوني..تخيل..بينهما علاقة منذ مدة..ليلة عيد ميلاد بتول..رأيتهما و هما يتبادلان القبل في الحمام..نعم..لا تنظر الي هكذا و كأنك لا تصدقني..أنا أخبرك فقط بما رأيته..هزان و ياغيز على علاقة..و جاءت حقيقة حمل نازلي منك كخشبة الخلاص لكل منهما..و الآن هما يعيشان غرامهما دون مانع" هز جواد رأسه بالنفي و أخذ يردد" لا..لا..مستحيل..لا أصدق هذا..أنت تكذبين..أنت تكرهين هزان و تحاولين تشويه سمعتها..انك تغارين منها..لهذا تفترين عليها..أنت كاذبة حقيرة..و أنا لن أسمع كلمة أخرى من أكاذيبك" و تحرك خارجا فصاحت بأعلى صوتها من خلفه تقول" اسأل أين هما الآن..و ستعلم بأنني أقول الحقيقة..ستصدقني..و ستعتذر مني على اهانتك لي..ستأتي الي جواد..هل سمعتني؟ ستأتي الي..و أنا من سيساعدك" ثم التفتت نحو النادل و طلبت منه أن يملأ كأسها من جديد فاحتسته دفعة واحدة و هي تقول" الآن جاء وقتي..سأمسك خيوط اللعبة في يدي..و سأتلذذ بالانتقام من تلك العاهرة و ذلك الحقير ياغيز..ستريان ماذا سأفعل بكما أيها السافلان" ..بعد ذلك..هجم جواد على قصر الايجمان و راح يصيح و يسأل أين ياغيز و هزان فأخبره حازم بأنهما معا في المزرعة..جن جنونه و راح يهدد و يتوعد ثم عاد الى النادي فوجد جيداء تنتظره هناك..و ما ان رأته حتى قالت بثقة" ألم أخبرك بأنك ستعود الي..ماذا سنفعل الآن؟" رد" سنذهب الى المزرعة..لن أصدق حرفا مما قلته الا اذا رأيت بعيني" ..و هذا ما حصل فعلا عندما أخذ ياغيز يقبل هزان في المطبخ..و هو مشهد رآه جواد الذي تسلل خلسة الى المزرعة و أسقط صندوقا خشبيا و هو يتحرك مسرعا من أمام النافذة..كان كالثور الهائج و هو يذهب و يجيء أمام جيداء و يقول بعصبية" أنت صادقة..انهما معا..رأيتهما معا..هزان لن تكون الا لي..و ان لم ترضى بذلك فلن أتركها لغيري..سأتزوجها لكي أقهر ياغيز..او لماذا أقهره..سأقتله و أرتاح منه..ثم آخذ هزان..ما حدث مؤقت..و سينتهي..قريبا جدا..هزان ستكون زوجتي أنا..هذا ما سيحدث" اقتربت منه جيداء و سألت" و مالخطة الآن؟ ماذا سنفعل؟" صمت جواد لوهلة و كأنه يفكر ثم ركب السيارة و أشار اليها لتركب ثم انطلق مسرعا الى أقرب صيدلية و من هناك اشترى الدواء المهيج الذي حقن به حصان ياغيز في محاولة واضحة لقتله و التخلص منه* نهاية الفلاش باك..
في السيارة..ضرب جواد المقود بيديه عدة مرات و هو يردد" اللعنة عليه..أردت أن يموت..لكنه كالقط..بسبعة أرواح..لن أتوقف قبل أن أنهي أمره..و عندها ستكون هزان لي وحدي" وضعت جيداء يدها على كتفه و قالت" اهدأ أولا..يجب أن تفكر بطريقة منطقية لكي تنجح في الحصول على ما تريده..دعنا نفكر معا و سنجد طرقا أفضل من القتل..لا تنسى بأنك الوحيد الذي سيشكون في أمره و الذي سيوجهون اليه أصابع الاتهام..عليك أن تكون أذكى و أكثر هدوءا..لا تسمح لغضبك بأن يعمي عينيك و أن يوقف عقلك..لنبتعد من هنا أولا..و لنجد مكانا هادئا نجلس فيه و نتحدث مطولا..هيا" نظر اليها للحظات قبل أن يشغل السيارة و ينطلق بها بعيدا عن المزرعة..
في غرفته..كان ياغيز ينام بهدوء على سريره و قد خفّت آلامه بفعل الدواء الذي أعطته اياه هزان..فتحت هزان الباب و دخلت و هي تحمل طبقا عليه الطعام الذي أعدته له..وضعت الطبق على الطاولة و جلست بجانبه على حافة السرير..تأملت وجهه الطفولي الملامح بعيون خائفة..انها تخشى عليه من هذا الحقد الأسود الذي يحيط به و ينوي ايذاءه..نظرت الى التورم الذي احتل وسط صدره جراء الاصابة..أغمضت عيونها بشدّة و كأنها شعرت لوهلة بذات الألم الذي شعر به..مررت أصابعها على خصلات شعره الذهبي و همست بصوت خافت" لا أفرط بك عشقي..كيف طاوعهم قلبهم لكي يؤذونك بهذه الطريقة؟ ليت الألم لقلبي و عيوني..ليت.." قاطعها دون أن يفتح عيونه" لا قدر الله..ليحميك ربي لي دائما..ثم إن الألم يهون ما دمت معي و بجانبي" وضعت هزان يدها على يده و قالت" و أنت أيضا..أدعو الله ألا يريني فيك مكروها أبدا..لكن.." قطبت جبينها و عبست فجأة و سرعان ما امتلأت عيونها بالدموع فسألها بقلق" ماذا حدث حياتي؟ لماذا عبست فجأة؟ عم كنت تتحدثين قبل قليل؟ من يحاول أن يؤذيني؟" أخرجت هزان زجاجة الدواء من جيبها و أظهرتها له و هي تجيب بصوت مخنوق" انظر ماذا وجد الخدم في الاسطبل..انه دواء مهيّج..أعطي لحصانك خصيصا..بنيّة سيئة..ياغيز..حبيبي..هناك من يحاول ايذائك..و هذا ما لا أستطيع تحمله" لامس ياغيز وجهها بأصابعه و مسح دموعها ثم همس بحنان" لا تبكي..أفدي دموعك الألماسية تلك..لا تخافي..أنا بخير..انظري الي..لم يصبني شيء" قالت" لكن لا يجب أن تستهين بما يحدث..يجب أن نعرف من هذا الذي يحاول قتلك..و الا لن أنام مرتاحة بعد اليوم..هذه المرة لم ينجحوا و الحمد لله..أخشى أن..اوف يا الله..لا سمح الله..حبيبي..لا تسمح لهم بأن يأخذوك مني..و الا أفقد عقلي و أجنّ" ابتسم ياغيز و قال يطمئنها" حسنا..أعدك بأنني لن أترك الأمر..اطمئني أنت..و لا تبكي..هيا..ابتسمي" رسمت هزان ابتسامة على شفتيها ثم سألت" ألم تجع؟ لقد جهزت لك الطعام بنفسي..يجب أن تأكل و تشرب الدواء" رد بخبث و هو ينظر الى فتحة فستانها التي أظهرت نهديها المتكورين"نعم..جعت كثيرا" همت بالنهوض و هي تقول" سأحضر الطبق..الطعام الذي .." قاطعها و هو يجذبها نحوه في حركة فجائية تسببت له بألم فظيع" لقد جعت..لك أنت..و ليس للطعام..آااااخ" نهرته هزان قائلة" ألم أخبرك بألا تتحرك بطريقة فجائية كهذه؟ ها قد تسببت لنفسك بألم مفاجئ..أيها المشاغب الشقي" ثم تحركت نحو الطاولة..حملت الطبق و عادت به اليه و هي تضيف" و الآن يجب أن تأكل و تشرب الدواء..و يمنع منعا باتا أن تقوم بأية حركة مفاجئة..سأطعمك بيدي" و سوّت له الوسادة بطريقة تساعدها على اطعامه دون أن يتحرّك او يجلس بطريقة غير مريحة..اقترابها منه جعله يشتم رائحة جسدها المثيرة و رائحة عطرها الذكي..خصلة من خصلات شعرها لامست وجهه فتنهد بعمق و همس" اللعنة على من تسبب بهذا الحادث..ما يزعجني فعلا ليس الألم..بل الحرمان" ضحكت هزان و نظرت اليه و ردت" لن تتوقف عن مشاغبتك..أليس كذلك؟ ثم على ماذا تتذمّر؟ انا و أنت معا..و لن نفترق أبدا بإذن الله..الأيام أمامنا..و الوقت كله ملكنا..فلتتحسن صحتك أولا..ثم سنعوّض هذا الحرمان الذي تتحدث عنه" سأل بلهفة" هل تعدينني بذلك؟" قربت فمها من شفتيه و طبعت عليهما قبلة رقيقة ثم همست" نعم..أعدك بذلك..المهم أن تبقى عاقلا..اتفقنا؟" هز برأسه فجلست بجانبه و راحت تطعمه..
في الأستوديو..كان أنور يقوم بعمل جلسة تصوير خاصة لعارضة الأزياء الاسبانية الشهيرة ألما رودريغز

لَسْنا إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن