16..رهان..و تهديد

2.4K 73 28
                                    

نظرت نازلي الى ياغيز و سألته بفضول" أنت هنا و أنا أبحث عنك في كل مكان؟" رد بعصبية" خيرا؟ لماذا تبحثين عني؟" تعلقت بذراعه و هي تقول" لكي تراقصني قبل نهاية الحفل..ألم تلاحظ بانك لم تدعني بعد الى الرقص؟" قال" و هل رأيتني راقصت احدا منذ بداية الحفل؟ لا مزاج لدي لذلك" ربت جواد على كتفه و قال" هيا ياغيز..لا تكسر بخاطر حبيبتك..ثم والدك هو من يسأل عنك..هي كانت تمازحك فقط" هز ياغيز برأسه و غادر الشرفة صحبة نازلي و جواد..اما هزان فاختفت لوقت ليس بالقصير داخل الحمام..كان جسمها ما يزال يختلج جراء اقتراب ياغيز منها..كانت تشعر بأن الدماء تغلي في عروقها و بأن قلبها يكاد يغادر صدرها..مالذي أصابهما؟ متى كانا قريبين الى هذه الدرجة؟ متى كان واحدهما يؤثر في الآخر الى هذه الدرجة بمجرد اقترابه منه؟ اهي المذنبة بعد أن تجرأت و قبلته قبل السفر؟ هل ستدفع ثمن غباءها ذاك غاليا؟ هل هي من أثارت هذه المشاعر الغريبة بينهما؟ لا..لا يجب أن يحدث ذلك..ياغيز رجل مرتبط و على وشك الزواج من حبيبته و لا يجب أن تتورط فيه و معه أكثر من ذلك..رفعت عيونها و نظرت الى نفسها في المرآة..وجهها محتنق و عيونها ذابلة و تنفسها سريع..سحبت نفسا عميقا الى أعماقها و اعادت ترتيب هيأتها ثم خرجت..رأت ياغيز يراقص نازلي التي كانت عيونها متعلقة بوجهه و الابتسامة لا تفارق وجهها..أشاحت هزان بنظرها بعيدا و انظمت الى حازم و سيفنش..اقترب منها جواد و سأل" هزان..هل أنت بخير؟" رسمت ابتسامة على شفتيها و ردت" أنا بخير..شعرت ببعض الصداع فقط..لقد كان يوما متعبا جدا" وضع جواد يده على ظهرها تحت أنظار ياغيز الذي كان يراقبهما و قال" بإمكاني إيصالك الى المنزل ان كنت تريدين ذلك" هزت هزان برأسها و قالت" لا داعي لذلك..لا عليك..لم يبقى الكثير على نهاية الحفل..استطيع المواصلة" ابتسم جواد و سأل بحماس" ما رأيك اذا أن نختتم السهرة برقصة؟" ردت" بكل سرور" و تبعته الى الحلبة فاحتواها بين ذراعيه و راحا يرقصان معا..قال جواد و هو يشير الى ياغيز و نازلي" انظري الى عصافير الحب..انهما رائعين..أليس كذلك؟" نظرت هزان اليهما فالتقت عيونها بعيون ياغيز الملتهبة و همهمت بالايجاب ثم قالت بصوت عالي لكي تُسمعه" و كأنهما خُلقا لأجل أحدهما الآخر..انهما مثاليين" حدجها ياغيز بنظرة حادة اما نازلي فابتسمت و شكرتها ثم عقبت" و أنتما ايضا رائعين..ألا تنويان الارتباط بصفة رسمية؟" تعلقت عيون ياغيز بهزان ينتظر اجابتها..صمتت هي فأجاب جواد" لم لا؟ أيام قليلة و نتخذ قرارا بخصوص ذلك.. أليس كذلك حبي؟" و قبل أن تتمكن هزان من الاجابة دفع ياغيز نازلي تجاه جواد و سحب هزان من يدها نحوه و هو يقول" حان وقت تغيير الشركاء" ..ارتبكت هزان و اضطربت أنفاسها و هي تشعر بيد ياغيز تلامس ظهرها العاري..قربها منه كثيرا فهمست محتجة" لا تفعل ذلك..الجميع ينظرون الينا" رد بعصبية" فلينظروا..و مالغريب في رقصنا معا؟ ألسنا...إخوة؟" هربت هزان بعيونها منه فقرب فمه من أذنها و همس" لا تهربي بعيونك مني..انظري الي..أحتاج أن تجيبيني و أنت تنظرين داخل عيني" نظرت اليه فسأل بلهفة" هل صحيح ما قاله جواد؟ هل سترتبطان قريبا؟" تنفست هزان بعمق قبل أن تجيبه" و لم لا؟ أعتقد بأننا أخذنا الوقت الكافي في التعرف على بعض و حان موعد اتخاذ خطوة رسمية..أليس كذلك؟" ابتسم ياغيز و قال" أراهنك بأنك لن تفعلي..انت لن ترتبطي بجواد" رفعت هزان حاجبها استغرابا و سألت" و لماذا؟ مالذي سيمنعني؟ أنت؟" قرب ياغيز فمه من أذنها من جديد و همس قائلا" لا..لست أنا..قلبك هو الذي سيمنعك" شعرت هزان بأنفاسه الدافئة تلفح بشرتها فأغمضت عيونها بشدة قبل أن تفتحهما من جديد و تقول" لا..لن يفعل..أراهنك بأنه لن يفعل" نظر اليها و قال" حسنا..و أنا قبلت الرهان..ان ارتبطتي بجواد تستطيعين عندها أن تطلبين مني ما تشاءين" سألت" و اذا ربحت أنت؟ ماذا ستطلب مني؟" غمزها بخفة و قال" يستحسن ألا تعرفي..هذا أفضل لك" سارعت هزان الى الابتعاد عنه فور انتهاء المعزوفة و تبعها هو في صمت..اعترضته جيداء و أمسكته من يده و هي تسأل" سيد ياغيز..حمدا لله على سلامتك..أين اختفيت كل هذه المدة؟" سحب يده منها و رد ببرود" عفوا.و ما شأنك أنت؟ لماذا تسألين؟" نظرت اليه بتحدي و همست" لأنني أعلم بأنك كنت تهرب..و سفرك لم يكن سوى هربا مما رأيته في عيونك الليلة..لقد نجحت في ايقاعك في شباكها أليس كذلك؟" أنشب ياغيز أصابعه في ذراعها العاري و سأل بعصبية" من تقصدين؟ عمن تتحدثين يا هذه؟" ابتسمت بسخرية و اجابت" أنت تعرف جيدا من هي..غريب أمرك..بعد كل ما أخبرتك اياه عنها..ألم أحذرك منها؟ ستحترق بنارها كلما اقتربت أكثر..لن تجني منها سوى الألم و العذاب..انها مؤذية..أنت لا تعرفها مثلي..انها.." قاطعها ياغيز بعصبية" اخرسي يا هذه..و توقفي عن نفث سُمّك هنا و هناك..هزان أشرف منك و لن أسمح لك بأن تقولي عنها أية كلمة أخرى..يكفيني كذبك الذي كاد يحطم حياتي و حياتها..أنا المغفل الذي سمع أكاذيبك و صدقها..لكن ليس بعد الآن..من الأفضل لك أن تبتعدي عني و عن هزان و الا ستدفعين ثمن كذبك و افترائك غاليا جدا..هل فهمت؟" ضحكت جيداء بطريقتها المستفزة و ردت" نعم..فهمت ذلك جيدا..لنرى سيد ياغيز الى متى ستنجح في اخفاء هذه النيران الملتهبة التي تطل من عينيك كلما نظرت الى..أختك..يا للفضيحة..أقسم بأن جسدي اقشعر بمجرد نطقي للكلمة..فماذا ستكون ردة فعل والديك و المجتمع و الناس عندما يرون ما أراه..عن اذنك سيد عاشق" و تحركت مبتعدة عنه فيما بقي هو واقفا للحظات قبل ان ينظم الى أبويه..أعلن حازم انتهاء الحفل بتوزيع مكافآت مالية على جميع العاملين في الشركة و المصنع ثم بدأ الضيوف يغادرون فرادى و جماعات..ودعت هزان بتول و أوصتها بأن تعطي لنفسها فرصة العيش بسعادة بعد كل العناء الذي لقيته و بأن تفتح أبواب قلبها لأنور الذي يستحق حبها و اهتمامها ثم غادرت صحبة جواد..اتجه ياغيز الى سيارته فرأى نازلي تنتظره هناك..سألها" ماذا تفعلين هنا؟" ردت" انتظرك..سأذهب معك الى شقتنا..يجب أن نتحدث" قال" نازلي..انا متعب من السفر و أريد أن أرتاح..سآخذ أغراضي من الشقة و أعود الى القصر..لن أبقى هناك" سألته" ياغيز..ماذا يجري؟ لماذا تعاملني بهذا البرود؟ لم تكن علاقتنا هكذا في السابق..كنا أقرب و .." قاطعها" نعم..معك حق..يجب أن نتحدث..تعالي معي" ركبا السيارة و انطلقا معا الى الشقة..هناك..فتح ياغيز الباب و سحب نازلي من يدها الى الداخل..قالت" هلا اخبرتني لو سمحت مالذي يجري؟ أهذا كله لأنني اعتذرت عن السفر معك..انت كنت تعلم بأنني ملزمة بإنهاء  مجموعتي قبل العرض..لم اكن قادرة على السفر و ترك كل ذلك ورائي..و أنت؟ مالذي منعك من حضور العرض بدل ارسال باقة ورود و زجاجة عطر؟ كنت انتظر حضورك بفارغ الصبر..لكنك خيرت البقاء بعيدا و تركتني لوحدي.." قاطعها" حقا؟ هل كنت لوحدك؟ و هذا الذي كنت معه في هذه الصورة؟ من يكون؟ هل كان مجرد علاقة عابرة لليلة واحدة؟ ها نازلي..أجيبي" و رمى ياغيز أمامها صورة لها ليلة العرض و هي تقبل رجلا على شفتيه..الصورة لم تظهر وجه الرجل لأنه كان يقف في الظلام..اما وجهها هي فكان واضحا..ارتعشت يد نازلي و هي تأخذ الصورة من على المنضدة و تتأملها لوهلة قبل أن تمتلئ عيونها بالدموع..نظر اليها و قال" لا داعي للبكاء الآن..اخبريني..من يكون هذا الذي تقبلينه؟ و لماذا فعلت هذا؟ هل تلعبين علي نازلي؟ هل هذا هو الرجل الذي يشاركني فيك؟ اياك أن تنكري لأنني كنت أشعر بذلك في كثير من الأحيان..كنت أراك بعيدة عني و شاردة في عالم آخر..كنت أشعر بأن قلبك ينبض من أجل شخص آخر..لكنني كنت أكذب نفسي و أطمئن عندما أراك و أنت تغدقين علي من حبك و حنانك و اهتمامك..كفي عن البكاء الآن و صارحيني..ان كان هناك أمر كهذا فأخبريني..و اياك أن تستغبيني..أخبريني الحقيقة فقط و سأحررك مني" نظرت اليه نازلي و سألت" أبهذه البساطة تتخلى عني ياغيز؟ لمجرد صورة تافهة أستطيع تبريرها لك..كيف تشك في حبي لك؟ ليتك كنت هنا طيلة الفترة الماضية لترى ما فعله غيابك بي؟ كنت منهارة و وحيدة الى درجة أنني ثملت ليلة العرض..و لم أعد أرى أمامي..الرجل الذي في الصورة هو ماهر مساعدي في دار الأزياء..كنت أتخيله أنت..و لم أدري كيف حدث و اقتربت منه و قبلته..و سرعان ما ابعدني المسكين عنه و طلب من جواد و هزان ان يصطحباني الى المنزل..هزان هي من أعدت لي القهوة ليلتها..تستطيع أن تسألها ان كنت لا تصدقني..المسكينة..لقد هذيت أمامها كثيرا و بكيت على كتفها و أنا أشكو لها شوقي لك و انهياري في غيابك..آسفة لأنني خيبت أملك و فاجأتك بهذا التصرف الأخرق لكنني لم أقصد ذلك..كنت وحيدة جدا في غيابك..و أنت..انظر الى نفسك..تعود بعد غياب طويل لكي تتهمني بخيانتي لك و ترفض النظر الى وجهي طوال السهرة..ألست أنت من تغير يا ترى؟ ألست أنت البعيد و البارد؟ لماذا لم تتصل بي و لم تسألني؟ ثم هل تراقبني؟ هل وضعت شخصا يتجسس علي؟ ألهذه الدرجة اختفت الثقة بيننا؟ ألهذه الدرجة تغيرت مشاعرك تجاهي؟ لا أصدق بأنك أنت من فعل ذلك..لا أصدق" أخفت نازلي وجهها بين يديها و واصلت بكاءها أما ياغيز فبقي واقفا بجانب النافذة للحظة ثم جلس بجانبها على الأريكة و وضع يده على كتفها و هو يقول" نازلي..لا تبكي..أنا آسف..لكن الشك كان ينخر رأسي و لم أكن قادرا على اسكات صوته..شعور غريب استبد بي و لم أستطع مقاومته..أعتقد بأن كلينا يحتاج الى فترة لوحده..هناك الكثير من الأمور التي علينا أن نعيد النظر فيها..و.." قاطعته" تقصد أن تنفصل عني..اليس كذلك؟ قلها صراحة..سفرك ابعدنا كثيرا و عودتك ستبعدنا أكثر على ما يبدو..أنت الذي لم يعد يحبني..و تريد أن تتخلص مني و تعيش حياتك أليس كذلك؟ أهناك امرأة أخرى؟ من هي؟ هيا..أجبني..كن شجاعا و أخبرني الحقيقة..لا داعي للف و الدوران" انتفض ياغيز واقفا و هو يقول" نازلي..لا تهذي..أنا و أنت نحتاج هذه الفترة..لتقييم العلاقة من جديد..ليس من السهل علي أن أتصرف بطريقة طبيعية بعد أن شككت فيك..و أنت..أسيكون سهلا عليك أن تكوني على طبيعتك معي بعد أن علمت بأنني وضعت شخصا يراقبك؟ بحق الله نازلي..فكري بعقلك..و سترين بأن معي حق..خذي وقتك و فكري مليا و أنا سأفعل نفس الشيء..و سنقرر معا ماذا سيحدث" حملت نازلي حقيبتها و خرجت..حاول هو ايقافها لكنها لم تتوقف..جمع أغراضه و عاد الى القصر..في سريرها..اغمضت هزان عيونها و هي تسمع وقع خطواته على الدرج..كانت تعلم بأنه سيعود الى القصر هذه الليلة..سمعت وقع أقدامه يقترب من غرفتها..توقف لوهلة أمام الباب قبل ان يبتعد الى غرفته..
في منزل ناظم..دخلت نازلي الى غرفتها فوجدت جواد ينتظرها هناك..سألها" ماذا حدث؟ لماذا عدت؟ ألم يكن من المقرر أن تقضي الليلة مع ياغيز في الشقة؟" اغلقت نازلي الباب و ردت" لم يحدث ذلك..السيد ياغيز يشك بي و وضع شخصا يراقبني طيلة غيابه..تخيل" سأل جواد بعصبية" ماذا؟ كيف عرفت ذلك؟ هل اخبره هذا الشخص بشيء؟" ابتسمت بسخرية و اجابت" لم يخبره..بل اعطاه صورة لنا..انا و أنت..و أنا أقبلك" أمسك جواد نازلي من ذراعيها و هزها بعنف" ماذا تقولين؟ هل علم بنا؟ هل أخبرته عني؟ قولي..أجيبي" ابتعدت نازلي عنه و قالت" لا لم أخبره..فعلت ما اجيد فعله..كذبت..ليلة العرض عندما قبلتك و أنت أبعدتني عنك..هناك من التقط صورتنا..وجهك لم يكن واضحا..اخبرته بأنه ماهر مساعدي و أنني كنت ثملة و كنت أتخيله هو..و الباقي ما حصل فعلا..اخبرته بأنك أعدتني الى المنزل صحبة هزان..و بأنها هي من أعدت لي القهوة و أنا أخبرتها بأنني أشتاق اليه و و و ..هذا ما حدث" صاح بها جواد" غبية..حمقاء..اخبرتك بأن تبتعدي عني و بألا تتصرفي بغباء..لست مستعدا لخسارة هزان لأي سبب كان..هل فهمت؟ اياك أن تقتربي مني مرة ثانية..أعيدي ياغيز اليك بأية طريقة كانت..هو خيارك الوحيد الآن..اذا لم تستعيديه فستخسرين كل شيء..و ستبقين لوحدك..أنا احب هزان و سأتزوجها" نظرت اليه و سألت" و ماذا اذا علمت بأنك ستتزوجها طمعا بمالها؟ هل ستقبل بك؟" لف جواد يده حول عنق نازلي و خنقها و هو يقول بغضب" هل تهددينني يا هذه؟ سأتزوجها لانني أحبها..مالها لا يعنيني..اياك ان تفتحي فمك بحرف و الا..انت تعلمين جيدا ما أنا قادر على فعله..هل فهمت؟" احتنق وجه نازلي و ضاق تنفسها فأطلق جواد سراحها و قال" لن أكرر كلامي مرة أخرى..لن تقتربي من هزان أبدا..استعيدي ياغيز و تزوجيه..انه يحبك و ستكونين سعيدة معه" قالت بصوت ضعيف" لكنني لا أحبه..أحبك أنت..و أنت تعلم ذلك جيدا" نظر اليها و قال" و أنا لا أحبك..و أنت تعلمين ذلك جيدا..ابتعدي عني و عن هزان لكي لا أؤذيك" ثم خرج و صفق الباب وراءه بقوة..

لَسْنا إخوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن